قروض الإسكان والفوائد الكبيرة

Monday 18th of July 2011 05:31:51 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

إيمان محسن جاسم
أحد الحلول التي طرحتها الحكومة العراقية للتغلب على مشكلة السكن تكمن في منح موظفي الدولة العراقية قرضاً يعادل 100راتب لغرض السكن،ورغم إن هذا الإجراء يحمل دلالات ومعاني كثيرة جداً ويحدث نقلة كبيرة في حياة موظفي الدولة العراقية،إلا انه في نفس الوقت يمثل تناقضاً كبيراً مع الدستور العراقي

الذي التزم في أكثر من مادة من مواده على إن السكن إحدى ضروريات الحياة للمواطن العراق وحق من حقوقه، فكيف إذا كان هذا المواطن موظف خدمة عامة في الدولة العراقية،ونحن هنا نتحدث عن نسبة الفائدة والتي حددتها التعليمات الصادرة عن وزارة المالية العراقية بنسبة 8% قابلة للزيادة والنقصان وبشكل سنوي وليست نسبة تدفع على أصل المبلغ مرة واحدة،وبالتالي فإن هذا يتعارض أيضا مع الشريعة الإسلامية التي حرمت الربا والعراق بلد إسلامي لا يمكنه أن يتجاهل هذا الوضع خاصة وإن هذه المبالغ تُدفع من الميزانية العامة للدولة أي من واردات البلد.
وقد يقول البعض بأن هذه الإرباح تستخدم في تطوير الخدمات والبنى التحتية الأخرى وتشكل أحد موارد الدولة وقد يكون هذا مقنعاً لو أخذت لمرة واحدة ولكن علينا أن نتصور بأن حجم الفوائد على مبلغ القرض سيكون كبيرا جداً وقد يعادل نصف المبلغ وحسب عدد سنوات الدفع، وفي كل الأحوال فإن الفوائد بحد ذاتها سترهق كاهل الموظف أكثر مما تسعده أو تخفف عنه حيث سيقضي سنوات عديدة من عمره الوظيفي وحتى تقاعده يسدد مبلغا كبيراً مما يحد من تنفيذه لمتطلبات الحياة الأخرى.
ومن الضروري هنا أن نشير إلى أن حاجة الموظف لمبلغ القرض من أجل تشييد وحدة سكنية قد تجبره على التعاطي مع هذا النوع من القروض ولكن في نفس الوقت يجب على الحكومة عدم استغلال تلك الحاجة في عملية تشبه إلى حد كبير الابتزاز خاصة وان المال المستخدم في منح هذه القروض كما قلنا هو مال عام للمواطن سواء أ كان موظفاً أم قطاعا خاصا، حق طبيعي فيه أو على أقل تقدير أن تسعى الحكومة لمنح هذه القروض بدون فوائد لأسباب عديدة أولها، إن الغاية منها هي تشييد وحدة سكنية لعائلة عراقية، والجانب الثاني يتمثل بأن الحكومة ستقضي على ظاهرتين معاً، الظاهرة الأولى أزمة السكن، والثانية البطالة من خلال تنشيط دورة العمل سواء لعمال البناء أو النجارة، الحدادة، وغيرها من المهن التي تتحرك جميعها بتحرك قطاع البناء والإسكان.
وعلينا هنا أن نؤشر أن ما تقوم به وزارة المالية العراقية يعد سابقة في تاريخ الإسكان وقروضه في العراق منذ عقود طويلة خاصة وإن كل أبناء الشعب العراقي يدركون جيداً بأن كافة الحكومات التي تعاقبت على العراق لم تأخذ فوائد كهذه على قروض الإسكان بما فيها النظام السابق رغم كل مساوئه وأخطائه إلا أنه لم يضع فوائد كهذه على قروض الإسكان.
لهذا نجد بأن الكثير من موظفي الدولة في حالة تردد من المضي قدماً في بناء وحدة سكنية لأسباب عديدة أهمها الفوائد الكبيرة،والسبب الثاني إنها تدخل ضمن الربا الذي منعه الإسلام، والأهم من كل هذا وذلك هو تخلي الدولة عن واجباتها الرئيسة في توفير السكن الملائم للمواطن العراقي في هذه الظروف.
وقد يقول البعض بأن هذه الشروط ربما وضعت من قبل مسؤولين في صندوق النقد الدولي وكذلك البنك الدولي من أجل إنعاش الاقتصاد العراقي بشكل أو بآخر، وقد يكون هذا صحيحا ولكن هنا نسأل عن دور الحكومة العراقية في التخفيف عن كاهل المواطن الموظف والذي ما زال دخله محدوداً مهما أرتفع هذا الدخل يبقى محدود في أرقامه وسط تزايد متطلبات الحياة اليومية.
لهذا نتمنى أن تراجع وزارة المالية شروط منح السفلة خاصة ما يتعلق منها بنسبة الفائدة.