في ذكرى إعدامه عام 1949..هكذا أعدم يوسف سلمان (فهد)

Sunday 12th of February 2023 09:56:11 PM ,
5368 (ذاكرة عراقية) (نسخة الكترونية)
ذاكرة عراقية ,

هاجر مهدي النداوي

ظهر من سير التحقيق الذي قامت به الشعبة الجنائية ووفقاً لاعترافات مالك سيف ويهودا صديق أنهما تلقيا تعليمات وأوامر بواسطة رسائل سرية يرسلها زعيم الحركة الشيوعية يوسف سلمان (فهد) من سجنه مع عــوائل الــحزب وتــكتب بماء البصل أو أخبــار شفهيـــة كـــان يــــزود بهــا الــخارجين مـــــن السجن وإن جميع الإضطرابات والمظاهرات التي أحدثها الحزب كانت على وفق أوامر تصدر منه يساعده في ذلك زكي بسيم،

وفضلاً عن اعترافات لمالك سيف ويهودا صديــق، أثبتت ذلك الرسالــة التــي أظهرها يهودا صــديق والــمرسلة اليــه من فهد والمكتوبة بخط يد زكي بسيم، فضلاً عن اكتشاف دوره بالتشجيع على انتفاضة كانون الثاني 1948عن طريق تشجيعة للعناصر الشيوعية الموجودة خارج السجن المتواجدة على شكل تنظيمات، لذلك تم استدعاؤهم للتحقيق بعد نقلهم من سجن الكوت إلى أبو غريب في كانون الأول 1948، وبعد تأليف نوري السعيد الوزارة العاشرة في السادس من كانون الثاني عام 1949 تم إعادة محاكمة فهد و رفاقه.

عقب اعترافات يهودا صديق المسؤول الأول عن الحزب بعد فهد الذي سبق واعتقل في 18 تشرين الأول 1948 عن طريق مداهمة الشرطة لداره الواقعة في محلة البتاويين في بغداد عقب استمرار البحث عن أوكار الحزب الشيوعي العــراقي، ومــالك سيف ســكرتـير اللجــنة المــركزية للــحزب الشــيوعي الــعـراقــي، الـــــذي اعتقل في 18 تشرين الثاني 1948 من قبل الشرطة في كركوك، واللذين اعترفا بتلقيهما تعليمات أوامر من قبل يوسف سلمان يوسف (فهد) وهو في داخل السجن وما أثبت ذلك الرسالة التي أظهرها يهودا صديق والمرسلة من فهد والتي كانت مكتوبة بخط زكي بسيم، ووفق هذه الأدلة سنحت لحكومة نوري السعيد العاشرة القضاء على الشيوعيين، فإعيدت محاكمة فهد ورفاقه في 6 كانون الثاني عام 1949 من قبل مديرية التحقيقات الجنائية موجهة اليهم تهمة قيادة الحزب من داخل السجن، والتي كانت أمام محكمة عسكرية شبه ميدانية برئاسة بهجت العطية الذي كان صديق فهد في مدرسة الرجاء الصالح في البصرة، إلا أن فهد ورفاقه رفضوا هذه التهم ناكرين أن يكون لهم اتصال بالحزب من داخــل السجـن.

وبعدها انتقلت قضية محاكمتهم إلى المجلس العسكري يوم 10 شباط، وتم توجيه التهم التي سبق ووجهت إليهم من قبل إلا أنهم رفضوها معللين انهم داخل السجن ولا يمكن إدارة الحزب من داخل السجن، إلا أن جميع الأدلة كانت تدينهم الأمر الذي دفع المجلس العسكري برئاسة العقيد عبد الله رفعت النعساني في 10 شباط 1949 إلى إصدار حكم الإعدام شنقاً بحق كل من فهد وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي.

ثارَ الشيوعيون بعد صدور حكم الإعدام بحق فهد وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وحاولوا إنقاذهم عن طريق المظاهرات وإصدار البيانات لتتراجع الحكومة عن تنفيذ حكم الإعدام إلا أنهم لم يجدوا اذاناً صاغية إذ كانت الحكومة مصرة على إعدامهم فتم في 14 شباط عام 1949 قرابة الفجر اقتيد فهد من المعتقل لتنفيذ حكم الإعدام بحقه وامرَ آمر المعتقل الريس حمدون وكان أحد ضباط الحرس الملكي من أهالي الموصل أن يسأل فهد عن اختياره لشخص يروم مقابلته قبل إعدامه فطلب فهد رؤية رفيقه المحكومين بالاعدام (زكي بسيم وحسين محمد الشبيبي) وأخيه المعتقل داوود، وارسل الى امه برسالة شفهية مع أخيه قائلاً (انك ستذهب اليها وبلغها ان يوسف قد عذبك كثيراً واتعبك الا انه لم يكن ثمة طريق اخر سوى هذا الطريق 000 طريق النضال الوطني في سبيل التحرر من الاستعمار)،ثم سئل عن وجبة الطعام الذي يشتهيها فأجاب أي طعام متيسر لديكم،

وجيء له برجل دين مسيحي (قس) وطلب منه الاعتراف فأجاب « لم ارتكبِ من الخطايا ما يدعوني للاعتراف» وبعدها اقتيد فهد لإعدامه في ساحة المتحف في جانب الكرخ وكانت الساحة محاطة بالعسكر، وقال فهد قبل إعدامه «الشيوعيــة أقــوى من الموت وأعلـى من أعواد المشانق هي الحياة فكيف يمكن ان تموت « ونفذ به حـكم الإعـدام.

وفي يوم 14 شباط عام 1949 أخرجَ زكي بسيم من السجن وفي أثناء سيره قال «أودعكم يا رفاقي وأنا في طريقي للمشنقة «، وبعدها أعدم في ساحة التحرير(الباب الشرقي)،وفي 15 شباط عام 1949 تم إعــدام حسـين محمد الشبيبي في ساحة بــــاب المــعظم، وبــعــد إعــــدام الثــلاثــــة بــقــيت جثـــــثهــم مــعلقـــــة مــــدة مـــــن الزمن بوصفهاإنذاراً لمن يزاول هذا العمل، وبعدها تم تسليم جثتي زكي بسيم ومحمد حسين الشبيبي إلى ذويهم أما جثة فهد فقد دفنت من قبل السلطات في مكان مجهول من مقبرة باب المعظم.

كان لإعدام فهد وزكي بسيم وحسين محمد الشبيبي وقعاً شديد على الشيوعيين لأنهم فقدوا قادتهم إذطالب بعضهم بإعدام مالك سيف بسبب خيانته للحزب وقادته، أما البعضالآخر فقد طالبَ بقتل نوري السعيد مع انتقادهم قيادة الحزبالشيوعي في تقصيرها في إنقاذ فهد ورفاقه.

وما بين هذا وذاك لا ينفع الانتقاد بشيء فحياة يوسف سلمان يوسف (فهد) قد انتهت، ليختم بذلك سنوات عمره ببضع دقائق، وعلى الرغم من موته إلا أن فكره ظل حي لدى محبيه ومن آمنَ به.

ومن الملفت للنظر أن الحكومة العراقية وفي عهد عبد الكريم قاسم أصدرت قرار في 24 كانون الثاني 1959 عدت فيه الأعمال لفهد وحسين محمد الشبيبي وزكي بسيم أعمالاً تستحق تقدير الوطن وفيما يلي نص القرار « أصــدرَ المـجلس الــعـسكــري الأول ببـغــــداد بتــــاريـــخ 10 و12/2/1949 بــــالإضـبارتيــن 54، 55-49 حكماً يقضي بإعدام كل من يوسف سلمان يوسف و زكي بسيم و حسين محمد الشبيبي شنقاً حتى الموت وفق الفقرة الثالثة من المادة الأولى من ذيل ق. ع.بورقة 51 لسنة 1938 بدلالة المواد 53، 54، 55، 68 من القانون المذكور ونفذ الحكم فيهم في 13،14،15 / 2/ 1949، ولدى التدقيق تقرر ما يليلما كانت الأفعال التي لجأ إليها المواطنون يوسف سلمان يوسف (فهد) سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي و زكي بسيم و حسين محمد الشبيبي ابتغاء تحرير الوطن وإصلاح نظام الحكم والتي جرموا عنها في العهد الفاسد في القضيتين 54،55/ 49 والتي أدت إلـــى الحكم عليهم بـــالإعدام شنقاً حتى الموت من اعمال الكفاح الوطنـي،

لذا تقرر بالاتفاق عفواً شاملاً وفق المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 23 لسنة 1958، وصدور القرار بالاتفاقفي 24 /1/ 1959، العضو الحاكم عبد الباقي المتولي، العضو المشاور العدلي بوزارة الدفاع عبد الخالق الدوري، العضو مدير الحقوق بوزارة الداخلية إبراهيم حمودي، و المدعي العام عبد الأمير العكيلي «.

عن رسالة: يوسف سلمان يوسف «فهد» ودوره السياسي والفكري في العراق 1901-1949