100 عام على تأسيسها (2) .. من تاريخ أمانة العاصمة في عهدها الأول

Sunday 5th of March 2023 11:15:10 PM ,
5383 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

رفعة عبد الرزاق محمد

في عام 1925 صدر القانون الأساسي العراقي، وقد أكد هذا الدستور لغرض تنظيم المشهد الأداري في البلاد، على فك إرتباط البلديات الثلاث عن متصرفية لواء بغداد، وإنشاء بلدية موحدة في بغداد بأسم (أمانة العاصة. وبعد صدور قانون إدارة البلديات رقم (48) لسنة 1931، قرر مجلس الوزراء ان تكون أمانة العاصمة من الدرجة الأدارية العليا، وان تكون السلطة الأدارية لأكبر موظف إداري وهو أمين العاصمة.

ويُذكر ان البلدية التي تكون وارداتها (200) الف روبية }الروبية تساوي 75 فلساً{ فأكثر تعد من الصنف الأول. وقد الغى قانون إدارة البلديات قانون الولايات العثماني لسنة 1877 مع جميع الأنظمة والتعليمات والبيانات الخاصة بالعمل البلدي في العهد الذي سبق تأئسيس الحكومة العراقية، ومنها تغيير منصب رئيس البلدية الى منصب امين العاصمة.

تولى السيد رشيد الخوجة منصب أمين العاصمة للمدة من 15 أيلول 1924 لغاية 30 حزيران 1925، بعد إستقالته وزارة عبد المحسن السعدون وتأليف وزارة جعفر العسكري التي أصبح صبيح نشأت وزير الأشغال والمواصلات فيها، وقد أوعز وزير الداخلية الجديد علي جودة الأيوبي بإسناد أمانة العاصمة الى رشيد الخوجة لأنه كان رئيساً للبلدية سابقاً.

ورشيد طه الخوجة من اسرة بغدادة قديمة في الكرخ، ولد سنة 1884 واكمل دراسته العسكحرية في اسطنبول في المدرسة الحربية، ونال شهادة الأركان من مدرسة اركان الحرب، وفي الحرب العالمية الاولى اشترك في معاركها في القفقاس وجيان قلعة، وبعد إنتهاء الحرب ذهب الى سوريا مشاركاً في القضية العربية فعين مستشاراً للحكومة العربية في دمشق. وفي عام 1920 عاد الى العراق، فعهد اليه بمنصب متصرفية لواء بغداد في 10 كانون الأول 1920 بايعاز من صديقه طالب النقيب وزير الداخلية في الحكومة العراقية المؤقتة.

ولنفس المنصب أختير في 25 تشرين الثاني 1923 قبل ان يعيش أميناً للعاصمة في 15 ايلول 1924، وكان قد عين متصرفاً للواء الموصل في الفترة بين عمله متصرفاً لبغداد.

ثم تولى مناصب مختلفة من مدير المعارف العام ورئيس الديوان الملكي ومواقع دبلوماسية عديدة، اما استيزاره فقد عين وزيراً للدفاع في وزارة ناجي شوكة عام 1932 ووزارة جميل المدفعي الثانية عام 1934 والثالثة عام 1935. ونشير ايضاً الى انه اصبح نائباً عن لواء الرمادي عام 1925 وعن بغداد عام 1933 و1936 و1937، وأنتخب رئيساً للمجلس النيابي عام 1933 وعام 1934. وفي عام 1941 اعتزل العمل العام وانصرف الى أعماله الخاصة الى ان توفي في 5 شباط 1962.

أشتهر رشيد الخوجه برسمة خارطة تفصيلية لمدينة بغداد عام 1908 بحجم (124×91سم)، وقد طبعت مراراً لأهميتها الجغرافية والتاريخية.ولم تزل معولاً عليها في دراسة تطور بغداد..

التحق رشيد الخوجة بمنصبه أميناً للعاصمة يوم 20 ايلول 1924، وقد قام اولاً بدراسة شاملة لجميع المشاريع التي تحتاجها العاصمة، وقام بتشكيل محكمة أمانة العاصمة للنظر في الدعاوى والمشاكل المتعلقة بعمل الأمانة ولاسيما قضايا استيفاء الغرامات والضرائب والرسوم والتجاوزات على ممتلكات الأمانة. وقد نشرت الصحف البغدادية لشهر تشرين الاول ان تلك المحكمة خلال شهر واحد نظرت في (435) دعوى، وقد بلغت الغرامات التي استوفيت خلال ذلك الشهر (2419) الف روبية.

وفي عهد أمانة رشيد الخوجة وصل الامير غازي ولي العهد غازي ولي العهد الى بغداد فأعد له استقبال حافل في حديقة الصالحية (المتحف العراقي حالياً) نصبت فيها الخيام ودعي اليها وجهاء المدينة وأعيانها، كما زينت بغداد بما يليق وهذه المناسبة، كما رافق الخوجة الأمير غازي في جولاته للتعرف على العاصمة، ومنها زيارته للمدرسة الجعفرية برفقة وزير المعارف محمد رضا الشبيبي ومتصرف بغداد ناجي شوكة ومدير المعارف العام ساطع الحصري.

وعلى أثر بدء انتخابات المجلس النيابي في حزيران 1925. قدم رشيد الخوجة استقالته من منصب امين العاصمة، وذكر في طلبه انه راى ان دوره في المجلس النيابي يعبر بشكل اكبر عن طموحاته السياسية. وقد وافقت وزارة الداخلية على طلبه، وأودعت منصبه وكالة الى وكيل متصرف بغداد الحاج سليم بك. ويذكر ان الخوجة تمكن من الفوز بانتخابات المجلس النيابي.

رشح مجلس أمانة العاصمة أحد اعضائه وهو اسماعيل كنه، لكن وزير الداخلية رشح نشأت السنوي لمنصب الأمين واستطاع اقناع الملك فيصل الاول بذلك، فصدرت الادارة الملكية بتعيين السنوي في 23 تموز 1925، وعندما استقال حكمت سليمان من منصب وزير الداخلية وأنتخب رئيساً لمجلس النواب اسند منصب وزير الداخلية الى عبد العزيز القصاب الذي أيد ابقاء نشأت السنوي اميناً للعاصمة، فبقى بهذا المنصب نحو خمسة اعوام، حتى 8 نيسان 1930.

ويبدو ان هذه الفترة الطويلة نسبياً التي تسنى للسنوي فيها أن يبقى اميناً للعاصمة، قد أظهرت مؤهلاته الفائقة في ادارة هذه المؤسسة الكبيرة، ومنها استحداث منصب مهندس الأمانة، والغى منصب معاون أمين العاصمة في جانب الكرخ والأبقاء على معاون واحد للأمين. غير ان أهم اعماله كان إنشاء بناية جديدة للأمانة تضم جميع دوائر الأمانة بما فيها الأطفاء، وقد أنشئت بجوار مقر بلدية بغداد القديمة مقابل بناية القشلة في شارع السراي.

ولد أحمد نشأت عم 1893 في أسرة علمية معروفة في العراق، نسبت الى مدينة (سنفدج) وكان ابوه عبد الرؤوف بن الشيخ طه السنوي من القضاة الشرعيين الذين عملوا في مدن مختلفة من العراق، كما كان جده الشيخ طه من مشاهير العلماء وتولى منصب قاضي الموصل.

درس أحمد نشأت دراسته الأولية في بغداد، ثم سافر الى اسطنبول فدرس في المدرسة الملكية فيها عام 1913، كما دخل مدرسة الحقوق وتخرج فيها فعين موظفاً في وزارة الداخلية التركية، ثم أسند اليه منصب المدعي العام في النجف عام 1914، ثم عضوية محكمة استئناف بغداد فرئيس محكمة استئناف الموصل فالمدعي العام فيها عام 1918.

بعد إنتهاء الحرب العالمية الولى، عُين محامياً حكومياً ثم معاون مدير مدرسة الحقوق في تشرين الثاني 1919، فمدعي عام بمحكمة الاستئناف عام 1921، فحاكم جزاء بغداد عام 1922 ثم عضواً في محكمة الاستئناف في آذار 1923. أختير لمنصب أمين العاصمة في 23 تموز 1925 وبقي بهذا المنصب خمسة أعوام. ثم اصبح مديراً للداخلية في 8 نيسان 1930 ووكيلاً لرئيس كلية الحقوق في شباط 1931، فمديراً عاماً للداخلية فمفتشاً في الوزارة نفسها، وعهد اليه منصب مدير البلديات العام عام 1935، ثم منصب مفتش وزارة المالية في السنة التالية.

وبعدها ترك الوظيفة الحكومية وانصرف الى الاعمال التجارية، وتوفي في اواخر عام 1974.

في 23 آذار 1930 تألفت وزارة نوري السعيد الاولى خلفاً لوزارة ناجي السويدي، وكان في مقدمة اهدافها إجراء انتخابات نيابية جديدة ليتسنى لها عقد المعاهدة العراقية البريطانية الجديدة، فتولى السعيد ايضاً منصب وزير الداخلية للسيطرة على الأضاع العامة. وقد أختار السعيد لمنصب امين العاصمة السيد محمود صبحي الدفتري لخبرته واسرته في العمل البلدي منذ تأسيسه في بغداد عام 1868.

صدرت الأرادة الملكية بتعيين الدفتري أميناً للعاصمة في 9 نيسان 1930 واستمر بمنصبه حتى 6 ايلول 1931، وهي المرة الاولى له بهذا المنصب اذ تولاه مرة ثانية بعد نحو سنتين.