تأميم الكهرباء في الخمسينيات..الأسباب والتداعيات

Sunday 9th of April 2023 11:43:58 PM ,
5407 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

إعداد: ذاكرة عراقية

تحدثنا في مناسبة سابقة عن بداية تأسيس خدمة الكهرباء وتوفيرها في عهد الاحتلال البريطاني بعد توقف العمل بأمتياز الكهرباء الممنوح لمحمود جلبي الشابندر عام 1912 .

وفي عام 1928 أتفقت الحكومة العراقية مع شركة بريطانية لتوفير الكهرباء في بغداد هي شركة (مانجستر) بأسم شركة (التنوير والقوة الكهربائية المحدودة لمدينة بغداد) التي قامت اولاً بشراء إمتياز الجلبي ، ثم بدأت بتنوير بعض الدوائر الحكومية وكبار المسؤولين وبعض الاهالي ، وكانت تستوفي (28) فلساً من كل وحدة كهربائية .

وكان هذا المبلغ لايتناسب وحالة الشعب المعاشية المتدنية . فوقع الأضراب العام وحملة مقاطعة شركة الكهرباء عام 1933 ، فأضطرت الشركة الى تخفيض سعر الوحدة الى (26) فلساً ، وفي الوقت نفسه سعت الشركة الى تتطوير عملها فزادت من طاقة محطتها الرئيسة في الصرافية الى (5000) كيلو واط ، غير ان استعمال الكهرباء أخذ يشيع في بغداد منذ منتصف الثلاثينات ، فأنيرت الشوارع والأفرع والأزقة ، وغابت مهن (اللمبجي) من الأنظار نهائياً . كما اسست محطات أخرى في الاعظمية والكاظمية والكرخ تعمل بالديزل .

ولما كانت بعض المحطات تنفق اكثر من وارداتها ، فقد أصدر وزير الداخلية بالأتفاق مع أمانة العاصمة تعليمات جديدة لتعيين المبالغ التي يمكن للجنتي الماء والكهرباء صرفها ، استناداً الى قانون البلديات رقم (84) لسنة 1931 وتعديلاته ، وقد اجازت هذه التعليمات لأمين العاصمة صرف المبالغ التي لا تتجاوز الـ (40) ديناراً لتحسين الشبكة الكهربائية .

أزدادت شكاوى اهالي بغداد من تصرفات الشركة وضعف خدماتها وضخامة أجورها ، فقرر مجلس الوزراء في 25 ايلول 1948 توجيه كتاب الى وزارة الداخلية بهدف إنهاء إمتياز شركة الكهرباء الأجنبية استناداً الى المادة (98) من الأتفاقية المعقودة بين الحكومة العراقية والشركة التي تنص على إنتقال ملكية المؤسسات والمكائن جميعاً الى الحكومة العراقية بعد عشرين عاماً من عقد الاتفاقية سنة 1928 ، اذا ما رغبت الحكومة العراقية .

وقررت الحكومة تشكيل لجنة خاصة لمفاوضة الشركة حول تأميمها بعد إنذارها بشكل تحريري ، وبسبب الوضع المالي للحكومة تأجل تنفيذ هذا التأميم . وفي عام 1955 استأنفت المفاوضات مع شركة الكهرباء لأجل تنازلها عما تبقى لها من مدة الامتياز الذي يمتد لخمسين سنة من عام 1928 ، لقاء مبلغ قدره (2,400.000) دينار , وتم نقل ملكية الشركة الى الحكومة العراقية ، فألف مجلس ادارة جديد يتألف من خمسة خبراء برئاسة المدير السابق للشركة وهو بلجيكي الجنسية مع خمسة مهندسين أجانب لحين توفر مهندسين عراقيين .

وفي يوم 28 أيلول 1955 أصدرت الحكومة العراقية بيان نقل ملكية (شركة التنوير والقوة الكهربائية المحدودة) للحكومة العراقية ، ثم صدر مرسوم ملكي بتأسيس دائرة بأسم (مصلحة كهرباء بغداد) ترتبط أدارياً بوزارة المواصلات والأشغال ، وتقوم بتوليد وتوزيع وبيع القوة الكهربائية ضمن حدود أمانة العاصمة ، برأسمال قدره (4) ملايين دينار .

في عام 1940 أفتتح ولي العهد الأمير عبد الأله محطة جديدة لتوليد الكهرباء في معسكر الرشيد بسعة (8000) كيلو واط ، وفي السنة التالية تم نصب محطة بخارية حديثة في منطقة الصرافية بسعة (125000) كيلو واط ، ثم زيدت الطاقة الأجمالية لها الى (355000) كيلو واط .

ورغم هذا التطور الكبير في خدمة الكهرباء ، فقد استمرت شكاوى الاهالي من ترديها او انقطاعها في بعض الأماكن ، حتى وصل الامر الى التشكيك بعملية التأميم ، ومن ذلك ما قاله الشيخ جلال الحنفي:

أتراكم أممتم الكهرباء أم تراكم بدلتم الأسماء

قال (إيزاك) انما الامرين قبل ومن بعد لايزال سواء

عن (أمانة بغداد في 100 عام)