لا توجد سوى مشكلة فلسفية واحدة، هي السعادة

Tuesday 11th of April 2023 10:21:49 PM ,
5409 (منارات)
منارات ,

علي حسين

لم يخطر بباله انه سيموت مسموماً على يد طبيب مقرب منه ، ظل اصحابه يحذرونه من التجوال وحيداً في الاسواق خوفا من أن تنتهي حياته على يد قاتل متحمس ، ولم يكن احد منهم يتوقع ان الطبيب الاندلسي الشهير أبو العلاء بن زهر يتفق مع احد العاملين في منزل " ابن باجه " ليدس السم في طعامه بعد ان اختلف معه في بعض الامور الطبية والمنطقية ، ويبدو انه كان على علم بما يخطط له ابن زهر ـ فكتب فيه بيتا من الشعر :"

ياملك الموت وإبن زهر جاورتما الحد والنهاية

ولم يكن ابن زهر العدو الوجيد لابن باجة ، فقد شاركه كثيرون غيره في ملاحقة الفيلسوف بسبب آراءه الجريئة في مخالفة ابو حامد الغزالي واصراره على ان سبيل المعرفة هو النظر العقلي فقط ، ونراه يقول ان الطريق الصوفي الذي اتبعه الغزالي يجعله فيلسوف من الدرجة الثانية ، لا يمكن ان يصل الى الحقيقة كما يدعي ، ويسخر في " رسالة الوداع " من كتاب الغزالي " المنقذ من الضلال " الذي يصفه بانه مليء بالاوهام الباطلة .ويذكر ابن ابي اصيبعة ان ابن باجة تعرض الى اتهامات عديدة من اعدائه وانهم حاولوا اغتياله في مناسبات عديدة – عيون الانباء في طبقات الاطباء تحقيق عامر النجار -

قبل وفاته باسابيع اشار الى احد تلامذته ان يحتفظ باخر كتبه " رسالة الوداع " – تحقيق ماجد فخري ضمن كتاب رسائل ابن باجة الإلهية - ، وكأنه يريد أن يقدم وصيته للعالم ، حيث احتوت رسالة الوداع على معظم آرائه الفلسفية ولا سيما دعوته لاعلاء شأن العقل ، فالمعرفة الحقيقية يمكن تحصيلها من خلال العقل ، ومن خلال العقل يمكن ان ندرك جميع الموجودات ، ومن شأن العقل ان يعرف بنفسه ، لا بتاثير روحاني يفد عليه من الخارج .

ابن باجه المغرم بارسطو ظل يؤكد ان الانسان في خطر، ولا بد تغيير نمط الحياة والرأي ليتبنى الناس الحقيقة ويسعون نحو حياة افضل . ونجده عندما يبحث عن تعريف للانسان يتوصل الى ان ما يميز الانسان هو عقله .فالمعرفة العقلية هي وحدها التي تقود الانسان الى اكتساب السعادة ، وهي وحدها التي توصلنا الى معرفة الله .فهو يرى ان العقل اهم جزء في جسم الانسان ، وان المعرفة الصحيحة انما تتم عن طريق العقل الذي يعيننا وحده على الظفر بالرخاء وبناء الخلق. في وسع الانسان ان يدرك بعقله الموجودات كلها من ادناها الى اعلاها . كان ارسطو قد كتب في " الاخلاق " ان الانسان الذي يحيى ويعمل بعقله ، ويعتني بتثقيف عقله ، احسن الناس نظاما ، وييدو ان هذه الكلمات دفعت ابن باجة ان يؤلف كتابه " " تدبير المتوحد " – تحقيق معن زيادة وهناك نسخة اخرى بتحقيق ماجد فخري ضمن كتاب " رسائل ابن باجة الإلهية " - ، والذي حاول فيه ان يرسم نظام لـ " الانسان " الذي يحيى ويعمل بعقله ، وسيكون هذا الانسان احسن الناس نظاما واحبهم الى الله .

كتب ابن طفيل وكان ابرز تلامذة ابن باجة وهو يشرح تطور الفلسفة في بلاد الاندلس :" ثم خلف من بعدهم خلف آخر احدق منهم نظرا وأقرب إلى الحقيقة . ولم يكن فيهم أثقب ذهنا ولا أصح نظراً ولا اصدق رؤية من رؤية ابي بكر الصائغ (ابن باجة) " .- حي بن يقظان تحقيق احمد امين - .

تبدو حياة ابو بكر محمد بن يحيى بن الصائغ الملقب بابن باجة في ظاهرها حياة مترفة ، ولد في مدينة سرقسطة التي تقع شمال شرق اسبانيا عام 1061 ميلادية وكان الابن الثالث لعائلة ثرية تمتهن الصياغة ولذلك لقب بابن الصائغ ، ويذكر ابن خلكان في كتابه " وفيات الاعيان " ان لقب " ابن باجة " جاء من عمل عائلته بصياغة الفضة ، حيث كلمة " باجة " بالاسبانية تعني " الفضة " – ابن خلكان وفيات الاعيان تحقيق احسان عباس – ، وقد احتلت اسرته مكانة مرموقة في المجتمع الاندلسي ، لم تكن بعيدة عن بلاط " سرقسطة " . كان الاب يطمح أن يُصبح ولده اديبا ، وجد في مكتبة والده الكثير من كتب الفلسفة والشعر والعلوم ، فاهتم بقراءة كتب الطب والفلك والهندسة ، دخل قصور الامراء ليطلع على المكتبات التي كانت تضم مئات المجلدات ، ويبدو ان صلة عائلته بالبلاط اتاحت له حضور جلسات العلم ، فكان شغوفا بالاستماع الى دروس الشاعر والفيلسوف ابن جيرول ، ويداوم على حضور مناظرات الطبيب والموسيقي " ابي الفضل عداي " ، ولم يدرس ابن باجة العلوم الدينية والادب فقط ، بل تفرغ لدراسة العلوم الفلسفية والطب والكيمياء والفلك والرياضيات ، كذلك درس الموسيقى والموشحات ويصفه ابن خلدون بـ" صاحب التلاحين المعروفة ". في الخامسة عشر من عمره قرأ ارسطو ، وقد وجد ابن باجة ان ارسطو يواجه باسئلته الفلسفية مجتمعا تسيطر عليه الخرافة والحكايات ، فقرر ان يتفرغ لدراسة اعمال الفيلسوف اليوناني .وبرغم علاقة اسرته بالسلطة ، إلا ان حياة ابن باجة كانت حافلة بالمحن ، حدثنا هو بذلك ، وكثيرا ما تمنى الموت ليجد فيه الراحة الاخيرة ، والى جانب موقف بعض رجال الدين والفقه منه ، كان يعيش في وحدة عقلية :" ولم يجد انيسا يشاطره آراءه ، وما خلص الينا من كتبه يدل دلالة قوية على انه لم يكن يأنس الى عصره ولا الى بيئته " – دي بور تاريخ الفلسفة في الاسلام ترجمة عبد الهادي ابو ريدة – اضف الى ذلك كان اول المشتغلين بالفلسفة في بلاد الاندلس ، كما ان دفاعه عن الانسان وحرية الارادة والاختيار ، واعتبار العقل قيمة مطلقة ، ودعوته الى الفصل بين العلم والدين في كتابه " تدبير المتوحد " ، حيث اكد ان مجال البحث العلمي يقوم على التجربة والبرهان ومجال الدين يقوم على الايمان والغيبيات ، وخلافا لكثير من الفلاسفة كان ابن باجة يرى ان الفلسفة لجميع الناس ، وان غايتها تحقيق سعادة الانسان ، وهذه السعادة تتحقق عندما يصل الانسان الى اعلى مراحل العقلانية ، سعى الى الربط بين سعادة الانسان والعقل وحرية الإرادة .

يصف لنا ابن باجة معالم مسيرته الثقافية في رسالة وجهها الى صديقه "يوسف بن حسداي " ، حيث يخبرنا انه بدأ حياته بقراءة الشعر ونظمه وبالموسيقى التي شغف بها صغيرا ، ثم انتقل الى علم الفلك فقرأ مؤلفات ابن الهيثم ، وتفرغ لدراسة كتاب " المَجَسْطي." لبطليموس . في اشبيليه ، توطدت علاقته بالفلسفة حيث وجد ضالته في كتب ارسطو التي تبحث في شؤون العقل والنفس وفي تأملات افلاطون عن العدالة ، وفي مدينة الفارابي الفاضلة .واذا تصفحنا كتابات " ابن باجة " سيلوح لنا ارسطو الحقيقي المهتم بالعلوم ، صاحب كتاب الحيوان والنفس والطبيعة ، وسنلتقي بالفارابي المعلم الثاني ، الامر الذي سيجعل ابن رشد يعلن ان ابن باجه قدم فلسفة جديدة لم تكن موجودة عند الذين سبقوه من فلاسفة العرب . في سرقسطة اصبح وزيرا في بلاط الحاكم " ابن تفلويت " ، وكان يرسله في مهام دبلوملسية ، إلا ان الحظ لم يحالف ابن باجة طويلا ، اذ القي به في السجن بسبب وشاية بعض علماء الدين ، وعندما خرج كان " ابن تفلويت " قد توفى وتعيرت احوال سرقسطة حتى استولى عليها الاسبان عام 1118 ، فقرر الرحيل الى الجنوب حيث سكن في مدينة " المرية " بعدها سافر الى شاطبة وهناك تعرض الى محنة جديدة فقد اتهم من جديد بالزندقة ،القي به في السجن ، حتى جاء يوسع بن تاشفين حاكما فاطلق سراحه ، ونال عنده التقدير وعينه وزيرا وتوطدت علاقته بالوزير ابو الحسن بن الامام وكان من اشد المعجبين بفكر ابن باجه وكان له الفضل في حفظ ما تبقى من تراث ابن باجة ، في هذه الفترة قام برحلات الى اشبيلية وغرناطة ووهران . بعدها قرر التفرغ لمشاريعه الفلسفية فطلب اعفاءه من المنصب ، وانشغل باكمال كتابه " تدبير المتوحد " ، يقررالسفر الى مصر ، لكن الرحلة لم تتم حيث انتهت حياته في مدينة فاس في الثامن من ايار عام 1139 ، بعد ان قدم له السم في الطعام .

كان ارسطو بالنسبة للفلسفة العربية منهجا للتعليم ، وقد اطلق عليه الفلاسفة العرب لقب " المعلم الاول " وكان ابن باجة المهتم بالفلسفة اليونانية يعزو لارسطو قدرته على تنوير العقول ، ولهذا نجده يهتم بكتب ارسطو عن النفس والطبيعة ، ويقول عبد الرحمن بدوي في موسوعته الفلسفية ان ابن باجة اهتم بفلسفة الانسان ، لان ما تناوله يدور معظمه عن الانسان ، فصحيح ان الانسان يشارك الحيوان في بعض الافعال التي يقوم بها والتي لا اختيار له فيها كالاحساس .لكن الانسان يمتاز عن الحيوان وعن الجماد والنبات بالقوة الفكرية . وهو لا يكون انسانا إلا بها ، وهو له افعال لا توجد لغيره من الموجودات :" والافعال الانسانية الخاصة به هي ما يكون باختياره . فكل ما يفعله الانسان باختيار فهو فعل انساني . وكل فعل انساني فهو فعل اختيار واعني بالاختيار : الإرادة الكاملة عن روية " – ابن باجة تدبير المتوجد تحقيق معن زيادة - .

ويذهب ابن باجة الى ضرورة دراسة علم النفس ، فليس بمقدورنا ان نفهم مبادئ العلوم ما لم نفهم ما هي النفس . فمن لا يعرف نفسه لا يعرف العالم المحيط به ، ومثلما اطلق سقراط شعار" اعرف نفسك " نجد ابن باجة يؤكد على ان :" العلم بالنفس يكسب للناظر قوة على اخذ مقدمات لا يكمل العلم الطبيعي دونها ، واما الحكم المدنية فلا " – ابن باجة كتاب النفس تحقيق محمد صغير حسن المعصوي – .

تزخر الأعمال التي وصلتنا من ابن باجه على قلتها ، حيث فقدت العشرات من مؤلفات بسبب ما تعرض له من مضايقة واتهام بالالحاد ، ويقال ان الكثير من كتبه احرقت ، بحيوية فائقة تخلقها الافكار الجريئة التي طرحها والموضوعات التي تناولها والتي تبرهن على اهتمامه بالفلسفة العقلية في في محيط كان يؤمن بالتصوف والروحانيات ، وتثبت ان اهمية ابن باجة في تاريخ الفكر الفلسفي العربي لم تكن مقصورة على كتبه في الكون والنفس والحيوان وشرحه لارسطو والفارابي ، بل ان اهميته تتمثل في ذلك الكتاب الفلسفي المدهش والذي اشاد به ابن رشد وقرر ان يضع شروحا له وهو كتاب " تدبير المتوحد " ، حيث رأى فيه ابن رشد عملا فلسفيا جديدا لا شبيه له عند افلاطون في " الجمهورية " ولا عند الفارابي في " آراء اهل المدينة الفاضلة " ،وتبرز اهمية " تدبير المتوحد " باعتباره اول كتاب فلسفي في المغرب والاندلس يقدم نظرية سياسية متكاملة ، وفيه يشدد ابن باجة على كلمة تدبير والتي يشير من خلالها الى مفهوم ترتيب الافعال الانسانية حسب الغاية المستهدفة . فالتدبير هو الذي يسمح لنا ان نقول عن " الله " انه مدبر العالم ، ولان نتحدث عن ضرورة تدبير المدن ، وان القانون يدبر افعال البشر . في " تدبير المتوحد " يطرح ابن باجة نظريته السياسية ، فيفترض وجود مدينة فاضلة او كيان سياسي هو المثل الاعلى للدول ، ويصف ابن باجة المدينة الفاضلة بانها لا تحتاج الى اطباء ولا قضاة ، فذلك لان اهلها متسامحون ، يحبون بعضهم بعضا فلا يقع الخلاف بينهم ، وهم يمارسون الرياضة ولا يتناولون الاطعمة الضارة ، ولهذا لا يمرضون ولا يحتاجون الى الطب ، وآراء اهل المدينة الكاملة كلها صادقة وافعالهم فاضلة ولا يسمح بهذه المدينة بالكذب والخداع ، وفي هذه المدينة يمارس كل مواطن العمل الذي يجيده ، والانسان يهدف الى الخير ، ذلك لأن المواطن الفاضل جزء لا يتجزأ من المدينة الفاضلة .

يذهب ابن باجة مذهبا اقرب الى افلاطون في القول بالمدينة الفاضلة مقابل المدن غير الكاملة ، وهو يؤكد ان مدينة افلاطون الفاضلة هي المدينة التي يستطيع فيها الفيلسوف ان يحقق غايته ، لكنه لم يطالب بان يكون الحاكم فيلسوفا ن بل اكتفى بان اشار الى اوصاف المثل الاعلى للسعيد . ويبدي اهتماما بـ" الفيلسوف المعتزل " ، المتوجد ذو استقلال تام ، لكنه ليس فردا انانيا لا يبحث إلا عن مصلحته ، بل هو يهدف الى مصلحة ذات قيمة اخلاقية وروحية عالية . انه يوجه جميع معارفه من اجل بلوغ ذروة الكمال الانساني ، وهذا الكمال يكمن في اثمن شيء عند الانسان وهو قوته الفكرية ، ويسمي ابن باجة في " تدبير المتوحد " الناس الذين يمتلكون مثل هذه الصفات " النوابت " وهم " الذين يقعون على رأي صادق لم يكن في تلك المدينة " - تدبير المتوحد تحقيق معن زيادة – ويؤكد على أن " النوابت " يجب أن يعيشوا وفق ما يقتضيه العقل ليمكن لهم الوصول إلى السعادة الروحية التي يراها أسمى مظاهر الحياة الدنيا. وخلافاً لكثير من الفلاسفة، يرى ابن باجة أن الفلسفة هي لجميع الناس ، لذا اعتبر أن الفلسفة أو التدبير شأن خاص بالإنسان، لأن الإنسان وحده يتميز عن سائر الكائنات الحية بالفكر، والإنسان في رأيه يسعى بشكل دائم لتحقيق السعادة، ومن هنا يرى أن الفلسفة تحمل غاية عملية هي تحقيق سعادة الإنسان، وهذه السعادة تتحقق عن طريق وصول الإنسان إلى أعلى مراحل التعقل التي يجسدها العقل الفعال. لقد ربط ابن باجة بشكل وثيق سعادة الإنسان بالعقل وبحرية الاختيار.

يريد ابن باجة ان يُظهر كيف يمكن مثل هذا " النابت " ان يبلغ السعادة القصوى عبر نفي روحي ضروري للترقي بفضل معرفة نقية خالية الشوائب . هكذا يطرح ابن باجة موضوعة فلسفية مهمة ، هي موضوعة " الاغتراب " وغربة المفكرين في اوطانهم بسبب آرائهم .رفض ابن باجة فكرة الغزالي من ان السعادة تكمن في اللذة ، بل اصر على انها تكمن في العلم ، والمتعة ليست هدف العلم ، واتهم الغزالي باحلال ملكات غيبية محل الملكة العقلانية .واذ يجابه المتوحد مشكلة الحياة في المدن الناقصة او الفاسدة التي يتعذر عليه فيها بلوغ غاياته العقلية ، يجد نفسه مضطرا الى الهجرة الى احدى المدن الفاضلة ، فاذا خلا عصره منها ، لم يكن لديه بديل عن اعتزال الناس وترك مخالطتهم إلا في الامور الضرورية . والتدبير يهدف الى ان يحقق الانسان كماله ، ومهما تعددت معاني التدبير فان غايته واهم انواعه ، هو تدبير الانسان لنفسه ، والذي به يكون تدبير المنزل وتدبير المدينة ، فلا جدوى من الحديث عن تدبير المدينة ان لم يسبق ذلك تدبير الانسان لنفسه ، ويرفض ابن باجة ان يكون سبيل التدبير عن طريق المواعظ والوصايا ، لأن الاساس الذي يقوم عليه تدبير الانسان لنفسه إنما يقوم على العلم والاخلاق . ويرى ابن باجة ان المتوحد هو الذي يكون فعله فعلا انسانيا كاملا ، اي يصدر عن فكر ورؤية .

والهدف من التدبير هدف مزدوج : فمن جهة يهدف الى تدبير العقل ، عقل الانسان للبلوغ به الى الوجه الاكمل ، اي الارتفاع الى مستوى من الحياة العقلية ، الى درجة الفيلسوف الذي ينظر الى كل شيء بعين العقل ، فيرى العقل في كل شيء ، وتلك هي السعادة ، ومن جهة ثالنية يهدف التدبير الى ايجاد المدينة الكاملة ، ذلك ان التدبير يكون داخل المدينة لا خارجها ، فالانسان مدني بالطبع والمتوحد انسان قبل كل شيء وهو يريد ان يستكمل افضل معاني وجوده ليس العقلية فقط بل والمدنية والاجتماعية ايضا ، ن وفيما انه يعيش في مدينة ناقصة وهو فيه مثل " المتوحد " فعليه ان يسعى الى ان يجد نماذج مثله حتى تتحول المدينة الى مدينة كاملة اذ ان " وجودهم سبب حدوث المدينة الكاملة " – تدبير المتوحد – .

أدرك ابن باجة حقيقة عالم السياسة المخيف ، وُجد ان البلدان لكي تستقيم امورها عليها ان تعزز العقل وتحارب الخرافة ، وقد أيقن أن رجالا كثيرين سيموتون بسبب افكارهم ، لأن كل التاريخ هو تاريخ مواجهة ، لكن الخلاص يكمن في العلم والمحبة لبناء " الدولة السعيدة " .