كيف عرفت الأدارات المحلية في العراق

Monday 17th of April 2023 12:49:55 AM ,
5412 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

.د.قحطان حميد كاظم

لم يكن اصطلاح(الإدارة المحلية)حديثاً بالنسبة للقوانين الإدارية فــي العراق ففي أثناء الحرب العالمية الأولى(1914-1918) قسم العراق إلــــى ثلاث ولايات هي: بغداد والبصرة والموصل وكان بكل ولاية منها ثلاث سناجق(متصرفيات)،

كما ورد فــــي القانون الأساسي العراقي(الدستور) الذي صدر عام 1925 فـيالباب السابع منه ما يتعلق بإدارة الأقاليم واستناداً إلى المادة(109)مـن هذا القانون صدر قانون إدارة الألوية رقم(58)لسنة 1927 الذي قسم العراق إلى أربعة عشر لواء،واللواء إلى أقضية،والأقضية إلى نواحٍ، ويرأس اللواء المتصرف كما يرأس القضاء القائممقام وعلى رأس الناحية مدير الناحية،وأهم ما امتاز به هذا القانون الذي بقي نافذ المفعول حتى عام 1945 انه قد أخذ بمبدأ وحدة النظام الإداري(النظام المركزي)فيما يختص بإدارة الألوية والأقضية والنواحي،وعدّ القانون الموظفون الإداريون(المتصرف والقائممقام ومدير الناحية)ممثلين للسلطة المركزية في وحداتهم الإدارية وقد ورد اصطلاح الإدارة المركزية فيه والذي عدّ مفهومها بموجب القانون المذكور ينصرف إلى وظائف السلطات الإدارية في الأقاليم ووظائف المجالس الإدارية في الألوية والأقضية،والتي تعدّ من الوظائف الاستشارية للسلطة المركزية التي لم يمنحها القانون الشخصية المعنوية.

ثم شرعتْ الحكومة قانون إدارة الألوية رقم(16)لســــنة 1945الذي ألغي بموجبه قانون إدارة الألوية السابق لسنة 1927، وقد صدرت الإرادة الملكية بتنفيذه اعتباراً من شهر شباط عام 1946بسبب تهيؤ الحكومة لتنفيذ ما يتطلب الباب الرابع منه والذي استحدثت فيه الإدارات المحلية لتخصيص المبالغ اللازمة لهذه الإدارات، والتوفيق بين الأحكام القانونية القائمة والأحكام التي تضمنها هذا الباب فيما يختص بالصلاحيات التي تمارسها الإدارات المحلية في الألوية0وقد تناولها الباب الرابع وبحث عن الإدارات المحلية وكيفية تشكيلها وصلاحياتها ووظائفها ومدى ارتباطها بالسلطة المركزية.ويبدو مــن هذا القانون انه نص صراحة على الإدارة المحلية بمفهومها اللامركزي في العراق،لكن الإدارات المحلية لم تزاول أعمالها ووظائفها إلا في حدود عام 1950.عَدّ القانون المذكور رؤساء الوحدات الإدارية الموظفين الإجرائيين الذين عليهم تنفيذ القوانين والأنظمة والتعليمات والأوامر التي تشرعها الدولة والتي أصدرها مجلس الوزراء أو الوزراء في وزاراتهم، وحقيقة الأمر فان الإدارة المحلية ما هي إلا هيئات استشارية لا تتمتع بالنظام اللامركزي المحلي،وبتعبير آخر أنها لا تتمتع بالاستقلال الإداري،وبذلك كانت الإدارات المحليــــــة عبارة عن هيئات أدارية استشارية تمثل السلطة المركزية في العاصمة بغداد وتنفذ أوامرها وقوانينها وتعليماتها،ولم يشـــــهد العراق حتى نهاية العهد الملكي إدارة محليـــــة ذات استقلال ذاتي وإنما كانت أشبه ما تكون بإدارة أو حكومة الظل تمثل الحكومة المركزية.

إنّ إدارة اللواء المحلية تدار من قبل المتصرف(المحافظ)ومجلـــــس اللواء العام(مجلس المحافظة حاليا)وهما اللذان يمثلانه،وان المادة(60)قانون إدارة الألوية رقم(16)لسنة 1945 عدّت إدارة اللواء المحلية شخصية معنوية،وتناولت المواد الأخرى مـــن البـــاب الرابع علاقة الإدارة المحلية بالســلطة المركزيـــــــةوتشكيلات الإدارة المحليـــة ووظائفها وماليتها.وفيّما يتعلق بتشكيلات الإدارة المحليـة فقد أوضحتها المواد 61و69بانها المتصرف ومجلس اللواء العام واللجنة الثلاثية التنفيذية،أما المتصرف فهو ممثل السلطة التنفيذية في اللواء وممثل مع مجلس اللواء العام في إدارة شؤون اللواء المحلية ويمكن تحديد أهم وظائف المتصـــرف بوظائف تتعلق بإصدار القرارات وتنفيذها ووظائف تتعلق بالميزانية وأمور الصرف ووظائف تتعلق بمجلس اللواء العـــام – أهمها إدارة المجلس وانضباطه وتأجيل انعقاده والمصادقة على مقرراته – ووظائف تتعلق بموظفي الإدارة المحليــــة مثل التعيين والترفيع والتثبيت والنقل،أما مجلس اللواء العام فانه يجتمع مرة واحدة في السنة فـــــي أول آذار ومدة الاجتماع شهر واحد وللمتصرف حق تمديد مدة الاجتماع لمــــدة أسبوعين ويخبر وزير الداخلية بأسباب ذلك،وقد ارتأت وزارة الداخلية جواز اجتماع المجلس في غير شهر آذار إذا وجدت أسباب قهرية لذلك.وحدد القانون- النافذ المفعول- وظائف مجلس اللواء العامـــــة بالمذاكرة بالأمور التي تعرض عليه وواجبات تتعلق بالإدارة المحلية نفسها وواجبات تتعلق بالميزانية والأمور الأخـــــرى التي تهم الإدارة المحلية وواجباته في تقديم الاقتراحات في الأمور التي تدخل في الخدمات المحلية إلـــــى مختلف الجهات والدوائر الرسمية. وأجاز القانون المذكور حل مجلس اللواء العــام بمجلس الوزراء وذلك فيما إذا وجد المتصرف ضرورة مبررة لحله،وفي هذه الحالة عليه أن يقترح ذلك إلى وزير الداخلية مشفوعاً طلبه بالأسباب الموجبة وعند موافقة وزير الداخلية يعرض الاقتراح على مجلس الوزراء لإقراره فـــــي هذا الشأن،وفي هذه الحالة يجب المبادرة بإجراء انتخابات لجمع مجلس جديد على أن يجتمع خلال ثلاثة أشهر مــــــن تاريخ قرار مجلس الوزراء بحل المجلس السابق.ومما يجدر ذكره إلى أن هذه المادة ألغيت سنة 1959بعد صدور القانون رقم (36) لسنة 1959بعد أن تم حل مجالس الألوية كافة وأعيد تشكيلها مــــن الأعضاء الدائمين فقط وهم ممثلي الوزارات من الموظفين وهم((مدير التربية والتعليم ورئيس الصحة وموظف يحمل أعلى درجة وظيفية يمثل كل مـــن وزارة الزراعة ووزارة الاقتصاد ووزارة الأشغال والمواصلات،وممثل عن كل وزارة مــــن الوزارات الأخرى ذات العلاقة بالإدارة المحلية ورئيس بلدية مركز اللواء،وفــي لواء بغداد احد أعضاء مجلس أمانـــــة العاصمة الذي يرشحه مجلس الأمانة)).وخولت المادة الأولى من القانون رقم(36)لسنة 1959(قانون تعديل قانون أدارة الألوية رقم(16)لسنة 1945)الموظفين الإداريين فـــــي((الحالات التي يتعرض لها أمن وسلامة الوحدة الإدارية للخطر الشديد حق إصدار أوامر بإلقاء القبض على الفاعلين أو المحرضين مـن المدنيين وتوقيفهم لمدة لا تتجاوز ثلاثة أيام على أن تحال قضاياهم فوراً إلى الجهة القضائية المختصة للنظر فــــي أمرهم وعلى المتصرف إشعار وزيري الداخلية والعدلية بهذه الإجراءات والأسبــــاب المبررة لهــــا بالحال،أمـــــــا العسكريون فتطبق عليـــــهم القوانيـــن العسكرية)).أما اللجنة التنفيذية الثلاثية فهي تتألف مـــن ثلاثة أشخاص يجري تعيينهم بمـــوافقة مجلس اللواء العام تساعد المتصرف في تنفيذ القرارات التي يصدرها مجلس اللواء العام.

وفيما يخص وظائف الإدارة المحلية بحسب قانون إدارة الألويــــــة رقم(16)لسنة 1945وتعديلاته حتى سنة 1961 فكانت كالآتي:فتح وإنشاء الطرق والمعابر الكائنة داخل اللواء وصيانتها عدا ما يعود الإنفاق عليه إلـــى وزارة المواصلات والأشغال والبلديات بموجب أحكام القوانين المرعية،إصلاح وتجفيف البرك والمستنقعات،تصديق ميزانيات البلديات فــــي اللواء والإشراف على تنفيذها وإذا كانت البلدية مدينة فينبغي مصادقة وزير الداخليةعلى ميزانيتها وإذا كانت مدينة لخزينة الدولة أو بكفالتها فينبغي مصادقة وزير المالية أيضاً،تقرير استيفاء الرسوم والأجور البلدية المبينة في قانون واردات البلدية،تأسيس وإدارة الغرف الزراعيـــة ومزارع وحقول نموذجية وتجريبية ومدارس زراعيــــة ومخازن للآلات الزراعية وتوزيع بعض الآلات الزراعية والبذور مجــــاناً والقيام بكل ما من شأنه ترقية الزراعة والنهوض بها نحو الأفضل،تأسيس وإدارة المستوصفات البيطرية والقيام بكل ما مــن شأنه تحسين نسل الحيوانات وإقامة مسابقات للخيل ودفع جوائز للفائزين،العمل على تأسيس وصيانة الأحراش والغابات في الأماكن القابلة لذلك وتحسين نوع الأشجار،تأسيس وإدارة المؤسسات الصحية والخيرية في اللواء،تأسيس وإدارة غرف ومدارس صناعيـــة ومعاهد مهنية ومصانع تتطلبها الحاجة المحلية وإقامـــــة أسواق ومعارض وإعطاء الجوائز للفائزين،تأسيس وإدارة المدارس الابتدائية ورياض الأطفال ومراكز التربية الأســـاسية ومكافحة ألاميــة وفق قانون المعارف العامة،تأسيس غرف تجارية وفتح معارض وأسواق والعمل على توسيع أمور التجارة وتزيّد الثروة المحلية،تأسيس مصالح لنقل الركاب وصناديق التوفير،إدارة جميع العقارات والأموال المنقولة العائدة إلى أدارة اللواء المحلية،إدارة المؤسسات التي تنشأ لمصلحة أدارة اللواء المحلية والإشراف عليها،تشييد المساكن وبيعها وإيجارها،تأسيس صندوق احتياط لمستخدمي الإدارة المحليـــــة وإدارته وفق أحكام قانون صندوق احتياط مستخدمي الحكومة.كما أنجزت الإدارة المحلية خلال السنة(1960-1961)الأعمال الآتية:الأعمال التكميلية:أضافت(96)صفاً إلــــى المدارس وشيدت(32)سياجاً و(7)قـــــاعات ورممت(3)مدارس وأسست(6)مخازن ومعملاً للألبان فــــي كربلاء واصطبلين لمعامل الألبان واصطبلاً ثالثاً فــي البصرة،كما أضافت(21)غرفة جديدة للمدارس وأنشأت(8)طارمات وحفرت بئراً ارتوازياً فــــــي لواء الحلة وأنشأت حماماً شعبياً في لواء الناصرية وأسست مستشفى للطوارئ في بغداد،فتحت(11)مدرسة وأنشأت(36)مدرسة جديدة في عموم الألوية العراقية، فتحت (3)طرق وبلطت(19)طريقاً آخر وأنهت تسوية أربعة طرق أخرى،المستوصفات والعيادات الخارجية:أسست(47)مستوصفاً وأنشأت(250)داراً للسكن،القناطر والجسور:أنشأت(7)جسور وقناطر،الإنعاش الريفي:أسست متصرفية لواء كركوك– الإدارة المحليــــــة – مركزاً لإنعاش الريف فـــــي قرية دارامان الكبير لتطوير وإنعاش القرية العراقية،الإنشاءات الأخرى:انشيء ملعب في لواء الديوانية،وموقفان لمصلحة نقل الركاب في كركوك والناصرية،ومعمل للألبان في كربلاء وآخر في أربيل، وأسست أربع مكتبات فـــــــي كل من السليمانية والحلة وأربيل والعمارة وثلاث مكتبات في بغداد، كما شيد مقهى عصري في السليمانية وآخر فـــــي الرمادي، وتم توسيع ثلاث مدارس في كل من السليمانية والناصرية والديوانية،وأنشأت مدرجات لملعب الموصل، فضلاً عن ذلك فقد صرفت الإدارة المحلية في كركوك(8500)دينار على العجزة والأحداث واليتامى وفتح معهد خيري فـــــــي الرمادي ومعهدان مهنيان فــــــي بغداد، كما وزعت وزارة الداخلية مبلغ(3835)ديناراً على الجمعيات الخيرية والثقافية والدينية في مختلف الألوية.كما رَصدت الادارة المحلية مبالغَ ماليةً كبيرةً لدعم الاتحادات والجمعيات الفلاحية وأفراد العشــــائر الرحل والبدو في ألوية الموصل والديوانية وكربلاء والرمــــادي لقلة الأمطار الساقطة في موسم سنة 1960-1961وكذلك مساعدة الخيول المتضررة بســــــبب مرض الطاعون.وبهذا توسعت مهام وواجبات وزارة الداخلية في مختلف مفاصل الحياة وقدمت العون للعديد مـــــن شرائح المجتمع العراقي الذي كان شديد المعاناة بسبب الفقر والأمراض والجهل.