جولة في شارع (النهر) في الجيل الماضي

Sunday 7th of May 2023 09:30:13 PM ,
5423 (ذاكرة عراقية)
ذاكرة عراقية ,

عزيز عودة الناشي

اسمي عزيز عودة المنصور الناشي مواليد 1932 في العزيزية ـ الكوت. انتقلت الى بغداد سنة 1944 وكانت بداياتي مع عمي أبو سعيد ـ جودة الرشم ثم انتقلت للعمل مع ناصر وياسر صكَر كعامل فضة مبتديء (صانع)، وكان أخي صبري ـ أبو سلام ـ قد سبقني بالمجئ الى بغداد وعمل مع الشيخ عنيسي الفيّاض. ثم بقيت مع شدود نعاس وعودة جابر ـ)دكانهم كان في واجهة كازينو الفردوس الذي تحول الى غرفة تجارة بغداد الحالية).

كيف كان شارع النهر (المستنصر) في تلك الأيام؟

إذا تخيلنا أنك تدخل شارع النهر من بداية جسر مود أي جسر الأحرار الحالي وأيضاً يسمى جسر الصالحية ستلاقي على يمينك مطعم وبار شريف وحداد وعلى يسارك فندق بابل يجاوره محل دانيال رومايا للمشروبات الروحية، ثم تلاقيك بناية صبري طعيمة وفيها محل للملابس الراقية المستوردة ـ (تحولت هذه البناية الى مصرف الرافدين، فرع شارع النهر. ثم بناية تابعة لوزير المالية العراقي اليهودي ساسون والتي تم هدمها بقرار من أمانة العاصمة).

وفي بداية شارع النهر كان عدد من الفنادق المشهورة مثل اوتيل تروكاديرو واوتيل فلوريدا وفندق الرافدين ـ (أيوان لاحقاً). ويأتيك محل شهير اسمه BGSS يبيع كافة أنواع المعلبات المشهورة المستوردة من كافة انحاء العالم. بجانب هذا المحل كان يقع كازينو الفردوس وفي واجهته محل سعد رهيّف ومحل شدود وقبالة الكازينو كان يقع بيت لنج الشهير ـ شركة ستيفن لنج وشركاه ـ وكانت شركة متخصصة بالتجارة النهرية والنقل النهري وتصليح المراكب. وكان مدير الشركة يمتلك سيارة فارهة من نوع رولس رويس الأنجليزية وكان المارة ينبهرون لرؤيتها. ثم يأتي محل نجارة ميساك الشهير وصانع الأحذية بطمانيان، ويعمل معه ابن عمه، وكان يصنع الأحذية لضباط الجيش والقصر الملكي.

بعد بيت لنج يأتي محل عالم الأطفال لصاحبه عبد العزيز البغدادي وكان محلاً متميزاً ببضاعة الخاصة بالأطفال. صائغ الذهب الوحيد كان يهودياً روسياً يدعى سيكَال يعمل معه أسطه روسي أرمني اسمه ارشاويل (اسمه الحقيقي ارشافير سهاكيان) ـ انتقل للعمل مع خليل مال الله ـ بعد هجرة اليهود ـ وبقى معه الى آخر عمره. محل الصائغ سيكَال أصبح مطعم الشموع الحالي المقابل لعمارة ابو شيبة جنب مكتبة مكنزي الشهيرة.

ثم يأتي محل خابط ـ أبو زكي ثم محل بقال (بكَال). [بقال أبو توفيق] كان يعمل في محل سبتي زهرون الذي كان في لبنان، وعند عودة سبتي من لبنان استلم محله ثانية من بقّـال. واجهة حمام حيدر للرجال كانت تضم محل رجل ارمني يدعى ليون يبيع لوازم الخياطة مثل الأبر والأزرار (الدكَم) وغيرها وكان محلاً صغيرا ولكنه كان مشهوراً وفيه أيضاً محل مروكَي يبيع المشروبات الروحية وكنا متعودين عليه.

(سبتي هو والد الفنانة المعروفة سهام السبتي ـ في استراليا الآن).

ثم يأتينا اورزدي باك ـ سوق حيدر الحالي ـ وخلفه التحقيقات الجنائية التي تطل على نهر دجلة. إلى اليمين من شارع النهر كانت محلات باتا الشهيرة للأحذية وتقع فوقه عيادة وارطان لتداوي الأسنان. وإلى الأمام كانت عيادة طبيب الجلدية جوبانيان. بعد محلات باتا يلتف الشارع التفافة صغيرة يقع على ناصيتها جامع صغير (الباججي على ما أتذكر) وبجنبه محل لبيع الفاكهة. يلاقيك بعد ذلك محلات الشرق للأقمشة ومحلات الأفراح التي تبيع كل ما يتعلق بزينة المرأة من عطور وماكياجات وملابس داخلية وغيرها وكانت محلات معروفة جداً باستيرادها للبضائع الفاخرة.

ينتهي شارع النهر بسوق الصرافين المعروف بشارع السمؤال اليوم. المصارف الموجودة اليوم هي بنايات حديثة. ثم يأتي خان الزهور وسوق الأقمشة الممتد الى الجسر العتيق (الشهداء) ثم سوق السراي وبجانبه سوق السراجين. من سوق السراي ندلف الى خان الشاه بندر ـ سوق صاغة الذهب الشهير. وكان مبارك مال الله الصائغ الوحيد في منطقة المدرسة المستنصرية مقابل ابو الطرشي.

أقدم صائغ عمارة عودة ثم شدود نعاس و جودة الرشم وياسر وناصر صكَر، سالم اشهيّب، شاطي ابو عبد الأمير، حوزي صالح حاجم، غريب السداوي، زيدان خلف ـ أبو فوزي ـ ودايل عبد الحسن و غالب (كان نقاش). كان سالم اشهيّب وحوزي وصالح معيلو بجانب النجار ميساك. جودة السهر في محل لوحده يقابلهم ناصر وياسر صكَر (وكانوا استاديتي). أما محلات كازينو الفردوس فكان فيها: شدود وعودة وعمارة وسعد رهيّف. كلهم قبل أن يأتيك محل شيخ عنيسي وكان هناك في الركن كما قلنا محل GBSS لبيع الكرزات والمعلبات الفاخرة. كما كانت هناك محلات اقمشة وستائر كاظم مكية وكنا أنا وأخي أبو سلام مستأجرين منهم دكاننا. ثم يأتيك في هذا الفرع المؤدي لشارع الرشيد مطعم نادر ـ تحول وبعض المحلات الأخرى الى عمارة ابو شيبة الحالية. اذا عدنا لشارع النهر نجد الى اليسار دايل عبد الحسن مع والده ثم الشيخ عنيسي الفياض. وفيما بعد جاء صائغان أرمنيان لبنانيان هما ليون، وكان محله في شارع الرشيد ثم انتقل الى شارع النهر وكذلك الصائغ جان (وكان اعرجاً). كل الصاغة الصابئة كانوا صاغة فضة. من محل شيخ عنيسي والى حمام حيدر (وكان هناك حمامان: حمام حيدر للنساء بجانب سوق دلة ثم حمام حيدر للرجال) لم يكن صاغة. مقابل محل خليل مال الله ـ سوق دلة ـ كان أبو علي يبيع [أبيض وبيض] ودكانه عبارة عن طبق (صينية) كبير من الخشب يضع عليه قدر اللوبية والبيض والخبز والزلاطة والخضرة ـ الوجبة بدرهم والبيضة الأضافية 10 فلوس مع الصمون والطرشي والزلاطة.

نجم عبد الله لم يكمل الطبية فصار يستورد الفضة والنحاس والبواتق وغيرها وقد عمل في محل خلف ثم اشتراه منه. في سنة 1949 كان جميل ناجض وعبود مهودر (صاغة فضة) الى جانب ابراهيم وهام، وكان قبله خياط وأيضا كان أنيس خماس. برأيي أول صائغ ذهب في شارع النهر كان خليل مال الله وكان فناناً في مهنته وتعلم صنعته من اليهود في الثلاثينات خاصة الكَص (التخريم) والنقش وتركيب المينة الملونة.

من لقاء اجراه الدكتور صباح خليل مال اللهفي موقع (اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر).