المخترع توماس إديسون والسينما

Tuesday 30th of May 2023 11:10:50 PM ,
5440 (منارات) (نسخة الكترونية)
منارات ,

محمود الزواوي

يعد المخترع األميريك توماس إديسون أشهر مخترع وصاحب أكبر عدد من االختراعات في التاريخ. وسجل باسمه 1093 براءة اختراع في الواليات المتحدة، باإلضافة إلى عدد آخر من براءات الاختراع التي قام بتسجيلها في بريطانيا وفرنسا وألمانيا.

وكان لتوماس إديسون باع طويل في اختراع الاجهزة السينمائية أو المرتبطة بصناعة السينما وفي الانتاج السينمائي في الايام الاولى لنشوء صناعة السينما الاميركية في مدينة نيويورك وفي ولاية نيو جيرزي المجاورة. وكان من أقدم اختراعاته جهاز الفونوغراف أو الحايك في العام 1877. ومن اختراعاته السينمائية المفصلية جهاز الكينتوغراف أو الكاميرا السينمائية، وجهاز الكينتوسكوب، أو جهاز العرض السينمائي في العام 1891.

وقام إديسون في العام 1892 بتصنيع وتسويق جهاز كينتوسكوب ثوري جديد للمخترع توماس أرمات، وكان أول جهاز يستخدم لعرض الفلم على الشاشة في مدينة نيويورك. وانتشر استخدام هذا الجهاز في عدد من الدول الاوربية في العام 1894. وتم استخدام هذا الجهاز في ما بعد في عرض الافلام بالتزامن مع التسجيلات الصوتية. ودخل إديسون ميدان إنتاج الافلام القصيرة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، قبل انتشار الافلام الروائية، في العام 1894 لعرضها بواسطة جهاز الكينتوسكوب، بغية ترويج استخدام هذا الجهاز في الاماكن الشعبية. ومن المفارقات أن إديسون، المخترع والعالم ورجل الاعمال العبقري، كان تلميذا مشوشا، كما وصفه أحد معلميه، واقتصر تعليمه الرسمي على ثالثة أشهر فقط، فصل بعدها من المدرسة. وتولت والدته بعد ذلك مسؤولية تعليمه في المنزل، حيث تابع القراءة والتزود بالمعرفة.

من المفارقات أيضا أن إديسون فقد معظم قدرته على السمع في طفولته بعد إصابته بمرض الحمى القرمزية ثم تعرضه لالتهاب الاذن الوسطى بشكل متكرر دون أن يتلقى العالج اللازم. ونشأ إديسون في أسرة فقيرة، وعمل كبائع للحلوى والجرائد في القطارات وكبائع للخضار. لعبت الصدفة دورا كبيرا في المسيرة المهنية لتوماس إديسون. فبعد أن أنقذ طفلة أمام قطار مسرع، قام والد الطفلة باحتضانه وعلمه اإلارسال البرقي وحصل على وظيفة كعامل تلغراف في شركة وسترن يونيون ثم في وكالة أنباء األسوشييتدبرس التي طرد منها بسبب إهماله. وتعلم من الإرسال البرقي أسس الكهرباء والاتصالات التي لعبت دورا بالغ الاهمية في اختراعاته المستقبلية.

تحفل حياة إديسون بالمفارقات. فقد أسس هذا الفتى الفقير في الكبر إمبراطورية شملت 14 شركة بينها شركة جنرال إليكتريك العمالقة، وهي من أكبر شركات العالم في هذه الايام. وعمل في مختبراته ومصانعه مئات العلماء والمخترعين الذين كان يقوم بتوجيههم ثم يسجل معظم اختراعاتهم باسمه. وواجه إديسون في تسعينيات القرن التاسع عشر عشرات القضايا في المحاكم في مواجهات مع موظفيه السابقين أو مع شركات منافسة. في العام 1902 قام وكلاء إديسون بدفع رشوة لصاحب دار سينما في لندن وحصلوا منه على نسخة من فيلم الخيال العلمي الفرنسي الشهير رحلة إلى القمر للمخرج الرائد جورج ميلييه. واستنسخ إديسون مئات النسخ من هذا الفيلم وقام بعرضها في مدينة نيويورك، وذلك دون أن يحصل ميلييه على أي تعويض. وكان ميلييه يعول على عرض فيلمه بنفسه في الولايات المتحدة ليستعيد التكاليف الضخمة التي أنفقها على إنتاج الفيلم قبل أن يكتشف أن إديسون سبقه إلى ذلك. وتسبب ذلك في إفلاس المخرج ميلييه. وانتشرت عملية نسخ الافلام بصورة غير شرعية بين أصحاب دور السينما في نيويورك على أثر ما فعله إديسون. ومن المفارقات أن إديسون، الذي قام بانتهاك حقوق المخرج الفرنسي ميلييه والعديد من المخترعين الذين عملوا في مختبراته، كان شديد الحرص على الافلام التي قام مفارقات هوليوودية بإنتاجها، وعمل على حمايتها عن طريق نقلها على قطع ورق تصوير وتسجيلها في مكتب حقوق النشرالامريكية. كما قام بتأسيس وترؤس شركة براءات الاختراع السينمائية التي ضمت تسعة استوديوهات سينمائية رئيسة، وأصبحت تلك الشركة تعرف باسم وديعة إديسون. وهيمنت هذه الشركة على الانتاج السينمائي وفرضت قيودا مشددة ورسوما باهظة على الشركات السينمائية المستقلة الصغيرة التي اضطر بعضها إلى الفرار إلى ولاية كاليفورنيا للتخلص من تلك القيود. كما وجدت الشركات الصغيرة العمل في كاليفورنيا على مقربة من حدود المكسيك ميزة إضافية ألن ذلك أتاح لها فرصة الفرار بمعداتها وافلامها عبر الحدود إلى المكسيك هربا من تسلط شركة الاختراعات السينمائية، إذا دعت الضرورة. وقامت الحكومة الامريكية بحل تلك الشركة في العام 1917 تطبيقا لقانون محاربة الاحتكار.

كان الفيلم الصامت الشهير مولد امة) 1915) الفيلم المفضل لدى توماس إديسون الذي اتخذ موقفا متشددا ضد األفالم الناطقة التي قال عنها إنها أفسدت كل شيء بالنسبة له. ومما قاله بعد ظهور األفالم الناطقة قبل مماته لم تعد هناك براعة في التمثيل على الشاشة، فالممثلون يركزون اآلن على الصوت ونسوا كيف يمثلون. وأنا أشعربذلك أكثر منكم ألنني أصم.