الاستثمار الأجنبي في البصرة يواجه بعضَ المشاكل

Monday 15th of August 2011 05:49:53 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

ترجمة: المدى الاقتصادي
كانت البصرة دائما مركزا للإعمال الرئيسة في العراق، و هي المنفذ الوحيد الى الخليج العربي،إضافة الى كونها تحتوي على النسبة الاكبر من نفط البلاد و احتياطيها من الغاز.

اما اليوم فانها تستقطب اكثر بقليل من ثلث الاستثمارات في البلاد. المشكلة هي ان الكثير من هذه الصفقات لم تثمر شيئا بسبب غلق الحكومة و الافتقار الى التنسيق و القدرة المصرفية المحدودة و الفساد.
في شباط 2011 نشرت شركة " واجهة دنيا " تقريرا بان الاستثمارات الخاصة (الأهلية) في العراق تضاعفت في 2010. و في العام الماضي تعهدت 156 شركة بمبلغ 42,668 مليار دولار للعراق، اي بزيادة 48,7 % عن مبلغ 28,7 مليار دولار لعام 2009. ابرز القطاعات التي وضعت فيها الشركات الأجنبية أموالها كانت العقارات، النقل، الكهرباء، الصناعة، و النفط و الغاز. حصلت بغداد على 39,8 % من هذه الاستثمارات، تليها البصرة بقيمة 14,702 مليار دولار او 34,5 % من مجمل الاستثمارات. في مايس 2011 اعلنت لجنة استثمارات البصرة استثمارا بقيمة 174 مليون دولار في المحافظة. هذه التقارير تغطي فقط الاموال الموعودة و ليس الفعلية. ان مشكلة الاعلانات الكثيرة عن الاستثمارات في البصرة و في العراق بشكل عام هي انها تفشل في تحقيقها فعليا و ذلك يعود لعدة أسباب. ففي حزيران 2011 مثلا، قالت لجنة استثمار البصرة أنها وافقت على 40 مشروع تطوير منذ تأسيسها في 2008، الا ان اكثر من نصفها لم يتم تنفيذها ابدا. و ذكرت اللجنة أن احدى المشاكل الرئيسة هي ان الشركات لا تتمكن من الحصول على أراضٍ مخصصة للاستثمار فيها. في البصرة، تمتلك وزارة النفط معظم الأراضي بسبب الخزين الكبير للنفط و الغاز في المحافظة. كما ان القانون العراقي يمنع الشركات الاجنبية من امتلاك الأراضي في معظم الحالات. لقد حاولت الحكومة تغيير هذا التشريع الا انها فشلت في ذلك. في ت2/ 2006 مرر البرلمان مشروع قانون يسمح للمستثمرين باستئجار الارض لمدة 50 عاماً، و تبع ذلك تعديلا على قانون الاستثمار لسنة 2006 الذي يسمح للشركات الأجنبية بامتلاك الارض من اجل مشاريع الاسكان. في ك1 2010 صدر امر مشابه يسمح للمستثمرين بامتلاك الارض من اجل الاسكان و تأجيرها لأنواع اخرى من الاستثمارات. الا ان اياً منها لم ينفع بسبب وجود قوانين اخرى تقيد استخدام الارض من قبل المستثمرين. كما ان الحكومة تفتقر الى ترتيبات مناسبة بشأن النزاع حول الارض، وتفتقر ايضا الى كادر متدرب لتنفيذ القوانين الجديدة. مشكلة اخرى مع الجهات الحكومية هي انها بطيئة جدا في اصدار تأشيرة الدخول للعمال الاجانب. حيث قال مهندس استشاري يعمل في المحافظة بان القضية الاخرى هي الافتقار الى التنسيق بين الحكومتين المحلية و المركزية. في نيسان 2011 وقعت وزارة الكهرباء صفقة بقيمة 204,4 مليون دولار مع شركة المكننة و الاستيراد و التصدير الصينية، لبناء مصنع للطاقة الكهربائية بقدرة 500 ميكاواط في البصرة خلال 19 شهرا، و قد اعلن ذلك في المحافظة الا ان رئيس لجنة الكهرباء في مجلس المحافظة اكتشف ان بغداد لم توقع الصفقة النهائية بدون ذكر الأسباب، لذلك لم تبدأ الشركة بعملها. و مثلما يحدث في بقية أجزاء البلاد، فان الفساد هو العائق الرئيس. المئات من شركات الإنشاءات ظهرت في البصرة منذ سقوط النظام عام 2003، و ادعت غرفة تجارة البصرة بان هناك الف شركة إنشاءات مسجلة في المحافظة. المشكلة هي ان معظم هذه الشركات هي شركات وهمية مرتبطة بالسياسيين مما يؤذي الاستثمار لأن هذه الشركات ينظر اليها المستثمرون الاجانب على شركات وساطة (تعاقد فرعي) تقوم بانجاز العمل الا ان معظمها هي ببساطة شركات لسرقة الأموال. أخيرا، فان القطاع المصرفي في العراق محدد بشكل كبير. في تموز 2011 اشتكت وزارة الكهرباء بان المؤسسات المالية في البلاد تفتقر الى المدخرات اللازمة التي تستخدمها الشركات الاجنبية. القضايا الاخرى تشمل معظم التعاملات يجب ان تجري نقدا، و الافتقار الى الاعمال المصرفية الالكترونية و عدم وجود تداخل مصرفي و مدفوعات دولية. كل ذلك يعني ان الشركات لا تتمكن من الحصول على التمويل الذي تحتاجه و لا يمكنها تحويل اموالها بسهولة. كل هذه المشاكل مجتمعة تفسر فشل العديد من الصفقات في البصرة. فالحكومة و القوانين لا تقدم الدعم، و الفساد مستشرٍ، و مصارف البلاد لا يمكنها توفير متطلبات الأجانب.
البنك العالمي يضع العراق كواحد من الدول الاقل ودا مع الشركات الاجنبية في العالم، و البصرة هي مثال حي على ذلك، فالكثير من الشركات تهتم في الاستثمار هناك الا ان الكثير منها يفشل في انجاز اهدافه بسبب وجود عوائق كثيرة تعيق اكمال الصفقات.
المواطن العراقي هو الذي يعاني من ذلك لأن البلاد بحاجة ماسة للتطوير، فاقد عانت من ثلاثين عاما من الحروب و العقوبات و الحرب الاهلية. و بالنتيجة تهدمت البنية التحتية، و ازدادت نسبة البطالة خاصة بين الشباب. و هذا هو السبب في حاجة البصرة و بقية مناطق العراق الى الاموال الاجنبية. و حتى تغير الحكومة ممارساتها، فان الكثير من الشركات و من العراقيين يشعرون بخيبة امل كبيرة لأن الاتفاقيات ستستمر بالفشل في جلب الاعمال و تحسين الخدمات.
عن: أفكار عن العراق