مشكلة المياه وتأثيراتها

Monday 12th of September 2011 05:55:43 PM ,

ملحق الاقتصادي ,

إيمان محسن جاسم
هنالك أزمة مياه، لا أحد يمكنه أن يتجاهل هذه الحقيقة، وهذه الأزمة ليست مقتصرة على بلد دون سواه، ولكنها بالتأكيد تختلف من بلد لآخر، والعراق في مقدمة البلدان التي تعاني من أزمة مياه، لأسباب عديدة أهمها وجود منابع الأنهر خارج حدود العراق مما يعرض كمية المياه

لمخاطر كثيرة برزت بشكل واضح في السنوات الأخيرة.
ويعرف جميع الخبراء بأن منطقة الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم ندرة في المياه. فعلى مستوى العالم، يبلغ متوسط كمية المياه المتاحة للفرد سنوياً نحو 7000 متر مكعب، بينما يبلغ متوسط كمية المياه المتاحة للفرد سنوياً في منطقة الشرق الأوسط حوالي 1200 متر مكعب فقط. ويعاني نصف سكان هذه المنطقة من أوضاع مائية صعبة للغاية، مع توقع نمو سكاني من حوالي 300 مليون نسمة في الوقت الحالي إلى زهاء 500 مليون نسمة في العام 2025.
ووفق هذه الرؤية تقدر بعض الجهات الخبيرة في المياه كمية المياه المتجددة المتاحة في الوطن العربي بنحو 265 مليار متر مكعب في السنة وهذا أقل من حد الفقر المائي الذي يقدر وفقا لمعايير عالمية، بنحو 1000 م3 للفرد في السنة. الأسوأ من ذلك هو أن الدراسات تتوقع تناقص هذا النصيب إلى أقل من 500 م3 في معظم دول المنطقة بحلول العام 2025. وأخطر ما في الأمر هو أن نصف هذه المياه تنبع من مصادر خارج المنطقة العربية وقد تؤدي مشروعات استثمار مياه الأنهار في منابعها خارج الوطن العربي إلى تناقص الموارد المائية الواردة إليها وهذا ما يحدث حالياً في تركيا وإيران المجاورتين للوطن العربي.
وتختلف مصادر المياه من بلد إلى آخر. فبعض البلدان، مثل مصر والعراق، يعتمد أساساً على المياه السطحية من أنهار دولية كبيرة. وتعتمد بلدان أخرى، مثل اليمن وجيبوتي ودول مجلس التعاون الخليجي العربية، اعتماداً كلياً تقريباً على المياه الجوفية وتحلية مياه البحر، بينما تستخدم بلدان أخرى مزيجاً من المياه السطحية والجوفية. وتستغل معظم البلدان كل المياه السطحية المتاحة تقريباً، ولا تصل مياه الكثير من الأنهار الرئيسية إلى البحار والمحيطات.
لهذا نجد بأن الكثير من بلدان المنطقة شرعت للتصدي لمشكلة ندرة المياه عن طريق ضخ استثمارات في البنية التحتية. وزاد نطاق تغطية إمدادات المياه زيادة ملحوظة وقد قام العديد من البلدان بإنجاز استثمارات كبيرة في البنية التحتية لتخزين المياه و بالاستثمار الكثيف في توسيع شبكات الري. علاوة على ذلك، تتصدر هذه المنطقة بلدان العالم في تطبيق تكنولوجيات غير تقليدية في مجال المياه مثل تحليّة مياه البحر وإعادة استخدام المياه المستعملة.
وللمياه علاقة قوية جداً بالأمن الغذائي والحفاظ على معدلات التشغيل في المناطق الريفية لحماية قطاع الزراعة. وقد أدى هذا إلى استخدام حوالي 85 % من المياه المتاحة في هذه المنطقة لأغراض الزراعة، ومنها زراعة محاصيل قد يكون أفضل للبلدان المعنية استيرادها في بعض الأحيان. وغالباً ما يستلزم تحويل المياه لأغراض الزراعة استثمارات باهظة لضمان توفير إمدادات المياه للاستهلاك المنزلي والتجاري. كما أن السياسات الخاصة بتسعير المياه والتي تحركها اعتبارات اجتماعية تحول دون استرداد التكاليف والحد من الصيانة اللازمة وتدهور جودة الخدمة المقدمة وتهديد الاستدامة المالية للمرافق في العديد من بلدان المنطقة.
وما يهمنا هنا وضع العراق في ظل تنامي هذه ألأزمة خاصة بعد قطع إيران المياه عن الأنهار العراقية وما يترتب على ذلك من خسائر كبيرة في قطاعات مهمة كالزراعة والبيئة والصحة وغيرها، وهذا يتطلب إستراتيجية مواجهة هذه المخاطر بشكل جدي وليس عبر تصريحات بعيدة عن المعالجات.
وعلينا أن ندرك بأن هذه المخاطر تزداد يوميا خاصة بانخفاض معدلات سقوط الأمطار في السنوات الأخيرة بصورة كبيرة مقارنة بالعقود الماضية، حتى تحولت بعض المناطق لشبه صحراوية، فمن الممكن أن تتعرض حالة مرافق البنية التحتية الخاصة بتخزين المياه للتدهور في ضوء كمية المياه المتاحة. كما أن عدم الانتظام في إمدادات المياه للمناطق الحضرية يؤدي إلى تسريع وتيرة التدهور في مرافق البنية التحتية.
لهذا فإنه من الضروري جداً أن نسعى لمواجهة هذه المخاطر بشكل يؤمن حاجة العراق من المياه وفق الاتفاقيات الدولية التي تحفظ حقوق الدول في حصتها المائية حتى لا نضطر لتبادل النفط بالماء مستقبلاً.