اوراق من تاريخ العراق الحديث..تمثال الملك فيصل الاول

Sunday 30th of October 2011 06:09:19 PM ,

ذاكرة عراقية ,

د. محمد حسين الزبيدي
امرت الحكومة العراقية عام 1933 باقامة تمثال للملك فيصل الاول اعترافا بفضله وتقديرا لجهوده المضنية التي بذلها خلال الفترة التي سبقت دخول العراق عصبة الامم في 30 تشرين الاول 1932.
وقد استقدمت الحكومة المثال الايطالي (بياتروكا فونيكا) الى العراق لصنع التمثال وقد ذكر ناجي شوكت الجهود التي سبقت قيام التمثال فقال:


عندما دخلت وزيرا للداخلية في وزارة نوري السعيد الثانية في 19 تشرين الثاني 1931 زرت الملك فيصل وشرحت له الفكرة التي تراودني بخصوص اقامة تمثال لجلالته، فظهرت اسارير الارتياح على وجهه وسألني قائلا: ولكن من اين ستأتي بالمال اللازم؟ فاجبته، انكم اذا استصوبتم الفكرة فان ايجاد المال سهر. وبعد ان رجعت الى ديوان الوزارة بهذه النتيجة المسرة اتصلت بمتصرفي الالوية كافة وطلبت الى كل متصرف ان يبعث بمبلغ يوازي خمس ميزانية البلدية كمساهمة لاقامة تمثال لجلالة الملك فلما تم جمع هذه الاخماس اضافت امانة العاصمة مالزم من المبالغ لاكمال الكلفة التيبلغت حوالي (خمسين الف روبية) وكنت اعرف فنانا ايطاليا بارزا سبق له ان تحت عدة تماثيل لكمال اتاتورك فاعجبتني هذه التماثيل لانها كانت في غاية الجمال والروعة وكان ذلك النحات هو (كاتونيكا) فقررت استدعاءه الى بغداد بواسطة القنصلية العراقية في روما للقيام بالعمل المطلوب ولكن الانكليز ارادوا ان يكون النحات بريطانيا ولكني لم التفت الى ذلك.
وقد استغرق العمل فيه ثمانية عشر شهرا في ايطاليا، وكانت قد استقالت وزارة نوري السعيد الثانية واستقالت وزارة ناجي شوكت التي اعقيت وزارة السعيد، ثم تالفت وزارة رشيد عالي الكيلاني وتم فيها ازاحة الستار عن هذا التمثال.
وقد تم عمل التمثال على مرحلتين:
المرحلة الاولى: بناء قاعدة التمثال، فعملت من المرمر الايطالي وارسلت الى بغداد لاشادتها.
المرحلة الثانية: ارسل فيها التمثال من ايطاليا فوصل بغداد في 25 نيسان 1933.
وقد اقيم في الساحة المسماة باسمه انذاك (ساحة الملك فيصل الاول) في الصالحية بجانب الكرخ.
وفي 20 ايار 1933 ازاح رشيد عالي الكيلاني رئيس الوزراء الستار عن التمثال في حفل كبير اشتركت فيه مختلف طبقات الشعب وفي مقدمتهم اركان الدولة ورجال الحكومة والهيئات الدبلوماسية ، وقد القى كل من رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب كلمة بالمناسبة، ثم القى الشاعر جميل صدقي الزهاوي قصيدة قال فيها:
حبذا تمثال سما وتعالى
يملأ العيون روعة وجلالا
ند حكي فيصل المعظم الا
نطقه امرا به والمقالا
ولو ان العيون ترمي استعدت
لبنى الشعب فوقها التمثالا
صور النحات الملامح منه
فقران وراءهن الخلالا
هو مغناطيس القلوب اليه
انجذبت اسرابا تريد اتصالا
خالد فوق مرقب من رخام
يعرض الدهر تحته الاجيالا
ملك الرافدين قد عقد الناس
عليه في نفسها الامالا
شاء فيه النبوغ ان يتعالى
متعالى وان يطول فطالا
ذب عن حق الشعب ذب قدير
يوم لا تنصرااليمين شمالا
***
ما ترى اليوم غير طرف قرير
وفؤاد افراحه تتوالى
اظهر الشعب ماله من ولاء
بهتاف من قلبه يتعالى
كان في ظل عرشه يتمنى
ان يكون انتدابه استقلالا
ولقد صح ما تنمناه قبلا
بعد ان كان في الرؤى خيالا
فهذا اليوم قد اصاب بك السؤال
جديرا وحقق الامالا
ليس بدعا من امة قد رعاها
فيصل ان يكسر الاغلالا
الى من عب الرافدين بارض
شب فيها لا يشرب الاوشالا
يا ابا الشعب ان الشعب بعد الله
في امره عليك اتكالا
انما انت للعراق طبيبا
بك يرجو من دائه ابلالا
عش لشعب يحب فيك السجايا
فائقات فيمحض الاجلالا
ايها الملك انت في ذمة السيف
صقيلا فلا لقيت زوالا
واذا ما ارض سقت تربها حرية
فهي تنبت الابطالا
نحن قوم سرنا الى المجد تعدو
في الدياجي ولا تخاف ضلالا
والى السلم قد نزعنا وان كا
ن على الارض السلم شيئا محالا
واذا فكر المفكر لايلقى
حياة الشعوب إلا نضالا