مأساة آرثر، ملك بريطانيا لآرثر فيليبس

Saturday 17th of December 2011 07:50:49 PM ,

منارات ,

ترجمة: هنادي نجم
"نيولي كوريكتد آند أوغمينتد"* لوليم شكسبير كتاب ملفت للنظر. المسرحية الضائعة نفسها بطول 110 صفحات، وهي أطول من مسرحية "ماكبيث" وتقترب من طول مسرحية "روميو وجولييت". إن أعظم جزء في الكتاب هو المقدمة الطويلة للروائي آرثر فيليبس وفيها يشرح

متابعته للمسرحية منذ اكتشافها ولحين طباعتها. وهناك أيضا هوامش رائعة لشيكسبير نفسه مقتبسة عن رونالد فير- بالرغم من أن البحث عن اسم هذا الباحث على الجوجل لا يثمر عن شيء. صدرت مأساة آرثر في أمريكا ووصفها كاتب ما بعد حداثوي، مولود في مينيابوليس ومن مرتادي جامعة هارفرد، على أنها تقليد ممتع. جاءت الردود ايجابية ولكنها نادراً ما كانت جدية بما فيه الكفاية.
بعد بحثي المنهك في أرشيف جريدة "الجارديان" على الانترنت تمكنت من العثور على مقالة يعود تاريخها إلى سنة 1599 تستعرض مسرحية مأساة آرثر لشكسبير، فعدّلت لغتها القديمة إلى لغة حديثة لتكون كما يأتي: "في تاريخ 4 أكتوبر في مسرح الجلوب يقوم الممثلون بعمل محترم فيؤدون أعمالاً متقطعة وغير مثيرة للاهتمام. وعلى الكاتب هنا أن ينتبه إلى وحدة النص الدرامية وأن تقتصر أعماله على الكوميدية. وتقييمي لها إنها تستحق نجمتين."
سيكون لهذا العرض القصير وقع مفاجئ على فيليبس الذي كانت لديه شكوكه الخاصة حول صحة المخطوطة منذ البداية. فأنْ ينتهي المطاف بالنسخة الوحيدة للمسرحية إلى يدَي والد فيليبس هو أمر بحد ذاته مثير للشكوك. وكون مقدمته تتّبع أسلوب غاريسن كيلر أمر غريب ومبالغ به ومليء بالدراما المحتملة اجتماعيا، ومع هذا أقول: ولم لا؟ قد حدثت أشياء أكثر غرابة، ولو كنت محل فيليبس لأخذت المال وابتسمت لكاميرات التلفزيون.
ولنبدأ الان من البداية. في أوائل الستينيات ولد توأم لأب وأم متزوجين حديثاً. الزوجة كانت فتاة شابة وجميلة من شمال مينيسوتا ولديها طموح في التمثيل. أما الزوج فهو رسام موهوب أكبر منها بقليل وداهية وبالغ في الفصاحة ويفخر بأنه قد علّم نفسه بنفسه. إن التوأم متشابهان بصورة كبيرة، وهما مقرّبان جدا كما هو الحال مع فيولا وسباستيان في مسرحية "الليلة الثانية عشرة". الاختلاف الوحيد بينهما في السنوات السبع عشرة الأولى هو أن دانا كانت تشارك والدها حبه وشغفه بمسرحيات شكسبير. أما آرثر فكان يحلم بوضع الشاعر في المكان الذي ينتمي إليه، فيتخيل بأنه مجبر على مجالسة كاتب المسرحيات: "فأشرح له كل شيء (نشافات الملابس، والسفر جواً، وماكينات البيع، والتطعيمات)، وكان هذا كله أشبه بالواجب المنزلي. كنت أمقت مجالسة هذا الرجل ذي الخمسين عاماً والشعر المنسدل الذي يدفئ ظهر عنقه فوق ياقته الصلبة". ثم يقرر أن يستمر في اللعبة منزعجاً: "سخرت منه وقلت يا له من عبقري، بعدما طلبت منه أن يقطع الشارع والاشارة حمراء فدهسته شاحنة". لا يتأثر آرثر بحكايات طفلّي شكسبير التوأم بينما تُصدم دانا بمعرفة ان ابن شكسبير مات وهو صغير، فبقيت البنت وحدها.
هناك صفة لا يتشارك بها آرثر الأب مع مثله الأعلى شكسبير، وهو أنه عندما يقرر استخدام مواد تخص غيره يعتبر هذا احتيالاً بدلاً من أن يكون عبقريةً، الأمر الذي يُدخله السجن عدة مرات. للأسف فإن المدعي المحلي هو والد الصديق المقرب لآرثر الابن. عندما يتم اتهام آرثر الأب بالأذى المتعمد (قطع المحاصيل بشكل دائري في حقل ما) يتهم ابنه بإيقاع الفاصوليا التي تقود إلى الامساك به.
قد لا يكون آرثر الابن مذنباً في ذلك الوقت، ولكن نسيج الأكاذيب والعواطف التي يتداولها عن طفولته تبدأ في التأثير فيه، فيبعد نفسه عن أبيه وبصورة مؤلمة عن دانا أيضاً ليلجأ إلى بوهيميا (براغ)، وينجبان هو وزوجته توأماً. ويبدو أنه، وبعد سنوات من انعدام ثقته بوالده وولائه التام لاخته، يخضع في النهاية. يحتفظ والده بمخطوطة لمسرحية تُعزى لشكسبير في صندوق في مكتب محاميه العجوز، ويظن آرثر الابن بأنها شيء مهم جدا. دانا على الأقل تظن بأن قصة حصول والدها على المخطوطة قابلة للتصديق وترى أن لا ضرر في التصديق بذلك. يعمل آرثر جاهداً لنبذ المسرحية، وبينما يعمل الباحثون جاهدين للتحقق من صحة المخطوطة يخضع هو فيوافق على بيعها لدور النشر. عندما يبدأ بكتابة مقدمة الكتاب ينفر من هذا الواجب المعين له ولكن "الاعتراف هو قول خادع"، كما يقول هامليت.
قد يغرق آرثر فيليبس في الشك، ولكن الرواية التراجيدية-الكوميدية مع بطل مثير للاهتمام، وكما قد يعرف أي شخص في السادسة عشرة، هي أكثر جاذبية من مسرحية مرقّعة من الدرجة الثالثة مكتوبة بأبيات شعرية تعود لرجل متوفٍ. أما بالنسبة للمال الذي سيجنى من هذا كله.. يا آرثر: اتصل بي!

*كتاب لشكسبير مصححاً ومضافاً إليه