سميرة احمد تنضر الى الساعة كل 5 دقائق

Monday 15th of April 2013 07:44:09 PM ,

كان زمان ,

لم تبدأ السلم من قمته، ولم تلمع في صفوف الممثلات اللاتي ظهرن فجأة، وإنما بدأت من أول درجة، ولمعت بين الكومبارس، وواجهت العقبات، وسارت في الطريق رويدا رويدا، ولا يزال يسير في وجدانها أمل وعلى شفتيها ابتسامة.

إن سميرة احمد تتمنى أن يصادفها الدور الذي يلائم مواهبها لتثبت جدارتها، كانت تدخل البلاتوهات ساهمة فيخيل إليها أنها ترى غيرها يحتل المكان الذي يجب أن توضع فيه، وكلما حاولت ان تحتج منعها الخجل، وكلما اقتربت من الكاميرا أعادها المخرج الى صفوف الكومبارس، ورغم ذلك لم تيأس بل وقفت أكثر من مرة مع الكومبارس تبتسم.
في أول السلم
وكان يظن الذين من حولها أنها مبتهجة لأنها حققت أقصى أمانيها كهاوية حالمة بالكاميرا، ولكنها كانت تبتسم لتدفع عن نفسها الشعور بالفشل وتجمع طاقتها لتتخطى العقبات وتصعد السلم.. وأمسكت السلم بيدين مرتعشتين وصعدت أول درجة، وقال المخرج، برافو.. واحمر وجهها الناعم من فرط الخجل فخرجت من الأستوديو وطافت في الشوارع بلا وعي، وذهبت الى بيتها في ساعة متأخرة.. ونظرت إليها أسرتها نظرات ذات مغزى، فاحتدمت في البيت أول معركة واصرت الأسرة على منعها من الذهاب للاستوديوهات.

مكتشف الفاتنات
أول من اكتشفها هو الأستاذ قاسم وجدي، الريجير الذي يكتشف الفنانات ويحول آمالهن الى حقائق، رآها مع أختها خيرية احمد، فلمح فيها شيئا يصلح للكاميرا، وصارح خيرية، فصارحت سميرة..
وشعرت سميرة بان الدنيا فتحت لها ذراعيها، وبدأت تدبر مع أختها. خطة لإقناع الوالدين.. واستيقظت سميرة في الخامسة صباحا مفزوعة، رأت في المنام انها على البلاج وسمعت صوتا يناديها بين الامواج بالغام رخيمة، فترددت اولا، ثم توغلت في البحر مسافة طويلة، وفوجئت بسمكة ضخمة تفتح فمها وتريد ابتلاعها فصرخت، وفتحت عينيها فوجدت نفسها تحت اللحاف.. وروت لامها هذا الحلم فقالت اللهم اجعله خيرا.
عشرة على عشرة
وذهبت الى المدرسة وهي لا تدري لماذا يتجه كل تفكيرها الى الكاميرا.. ترى هل ستنجح في إقناع أبيها، وما تفسير هذا الحلم المزمع، وهل سيحقق الريجير احلامها.. ولاحظت المدرسات شرود ذهنها ونظراتها فسخرن منها، وعادت الى البيت وكان في جسدها ألف شحنة من الديناميت، وعندما التقت بأختها انهارت امالها، لم يوافق أبوها على ظهورها أمام الكاميرا لانها ستشغلها عن الدراسة برغم انها اقسمت له انها ستأخذ 10 على 10 في الجغرافيا.
وعادت تدير مع اختها خطة جديدة، فكرتا في مصاحبة أبيها الى مكتب الريجيسير، فنجح في إقناعه بان سميرة ستصبح نجمة، ستصبح مثل الوزة تبيض الذهب لان الكاميرا تبيض مئات الدولارات في الفيلم الواحد.
سمكة في المنام
واطرق الرجل يفكر، واشتركت زوجته في التفكير، وسمعتهما سميرة يتفقان حينا ويختلفان حينا آخر، ونامت ليلتها بدون عشاء فرأت في المنام انها بين الامواج مرة اخرى، ولكنها في هذه المرة هجمت على السمكة واكلتها لولا ان سمكة أخرى أضخم من الأولى احاطت بها وحاولت ابتلاعها فصرخت.. وروت لامها هذا الحلم فقالت خيرا...
وكان خيرا فعلا.. وافق أبوها على دخولها البلاتو، ومثلت دور خادمة في فيلم "حكم القوى" فلفتت أنظار بعض المتفرجين، وتمنوا ان تصبح كل خادمة كهذه الخادمة في دلال ابتسامتها وقوة جاذبيتها وسقاء نظراتها.

بشرة خير
وبدأت الخادمة الفاتنة تصعد درجات السلم بجرأة بعد ان نجحت نسبيا في فيلمها الأول، وازدادت جرأة في فيلمها الثاني "بشرة خير" لان عنوان الفيلم يوحى بتحقيق بشرة الخير التي نشأت بها، ودخلت البلاتو في دور خادمة ايضا فتركزت العيون في ملامحها الدقيقة، وخرج المتفرجون وهم يتوقعون ان يروها في دول البطولة. وصدقت الظنون، قفزت سميرة عشر درجات دفعة واحدة، ومثلت دوراً اكبر في فيلم "من سرق حبيبتي"، ولكن السمكة التي افزعتها بين الامواج وقفت في طريقها، وأوشكت ان تبتلعها، فلما فشلت ابتلعت فلوس المنتج فباع القصة والمناظر التي تم تصويرها الى زربانللي.

في المحيط الزربانللي
وشعرت سميرة بأن الامواج تتقاذفها في عاصفة جامحة، ورأت نفسها وحيدة بين التيارات التي ابتلعت كل ما في البحر من اسماك غير انها لم تستطع ابتلاع زربانللي، ومنذ هذه اللحظة بدأت صفحة جديدة في سجل سميرة السينمائي.. سقط الفيلم ونجحت سميرة، وخرجت من المحيط الذي عاشت فيه باحلامها لتدخل في المحيط الزربانللي!!
كانت تعمل بلا تدريب فبدأ يدربها ويرعاها ويرسم لها مستقبلها – كما يراه – ويصاحبها الى المجتمعات والاندية لتزداد خبرة الحياة واشتياقا الى استثمار إمكانياتها.. ولدت سميرة في سنة 1936 وانما يبدأ ميلادها كنجمة سينمائية منذ وقع اختياره عليها، فتعاقد معها على العمل في أفلامه لمدة خمس سنوات، وعندئذ اخذت تغير تفكيرها في كل شؤونها، في حياتها وفي علاقاتها وفي زواجها وفي آمالها.. شعرت بأجواء جديدة نظرات جديدة وإشاعات جديدة أيضا.. لم تعد الخادمة الفاتنة ولا الكومبارس الصغيرة ولا الطفلة المساهمة، بل تحولت الى فتاة تعرف معنى الدلال والجاذبية، وتفكر في الماضي وفي المستقبل، وتستعد للفرصة التي تقفز بها فوق السلم دفعة واحدة، ومن اجل ذلك تراها تنظر الى ساعتها كل خمس دقائق تستعجل الزمن.

في الوقت المناسب
انها تحاول ان تشغل فراغها بالصيد، وكلما أمسكت بندقيتها أسقطت حمامة ثم هرعت إليها تتأكد من انها عرفت كيف تطلق البندقية في الوقت المناسب.
ولا تزال تترقب ان ترى في أحلامها السمكة التي تحاول دائما ان تبتلعها لتطلق عليها ببندقيتها في الوقت المناسب!!
ترى هل تنجح!! من يدري!!