قانونان خطيران

Sunday 28th of November 2010 06:40:59 PM ,

ذاكرة عراقية ,

د. قاسم جبر السوداني
القانون الأول
قررَ مجلس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة في 6/تشرين الثاني 1930 ما يلي:
تخفيض رواتب الموظفين ومخصصاتهم بنسبة (آنة) واحدة من كل (ربية) عن كل راتب لا يتجاوز المائة (ربية) و(آنة) ونصف من كل (ربية) عن كل راتب يتراوح بين 100-300 (ربية) و(آنتين) من كل (ربية) عن الرواتب التي تتجاوز الـ(300) (ربية) تخفيضاً للضائقة الاقتصادية.

وهذه العملية توفر للخزينة العراقية نحو 20 (لكاً) من الربيات في السنة وقد وضعت الحكومة لائحة قانونية بهذا التحقيق ورفعتها إلى المجلس النيابي لإبرامها، واقرها المجلس النيابي بجلسته في 27/تشرين الثاني 1930 ثم أرسلت إلى مجلس الأعيان ليقرها.
وقد احتج (المعتمد السامي البريطاني) على تشريع هذا القانون لشموله رواتب بعض الموظفين الأجانب الذين يخدمون بعقود خاصة، والتمس من الملك فيصل ان لا يقر القانون.
وأعاد الملك فيصل القانون إلى الحكومة لتعيد النظر فيه ووضعت الحكومة قانونا بدلاً ينص على تخصيص الرواتب والمكافآت التقاعدية بنسبة 5 في المائة الأولى و6 في المائة الثانية و8 فما فوق ذلك. على ان يسري مفعول هذا القانون لمدة خمسة اشهر تنتهي في 13 آذار 1931 ولا يشمل رواتب الموظفين الأجانب.
وأعلن وزير المالية في الجلسة النيابية أن صاحب الجلالة الملك تبرع بقطع عشرة في المائة من مخصصاته ليسهم في التخفيف عن الخزينة وناشد النواب والأعيان بوجوب الاشتراك في هذا التخفيف فأعلن النواب انهم يضحون بـ 6% من مخصصاتهم ثم تقدمت الحكومة بلائحة جديدة في 1931/3/31 تقضي بتخفيض الرواتب التقاعدية والمخصصات بنسبة 5% فقبلت اللائحة واستمرت نافذة المفعول الى 1941/3/31 فكان لهذا العمل بعض التأثير على تخفيف الضائقة المالية التي كانت تشكو ها البلاد.
القانون الثاني
استخدمت (حكومة الاحتلال البريطانية) عدداً كبيراً من العراقيين في الوظائف والمنشآت على عهد الحكومة المؤقتة المؤلفة عام 1920 دون أن تكون لدى هؤلاء المستخدمين المؤهلات اللازمة للتوظيف، سواء اكان ذلك من الوجهة العلمية ام الأخلاقية لان معظم ابناء الطبقة المتعلمة والأسر من ابناء البلاد كان (يستنكف) الخدمة في الحكومة التي أنشأها الاحتلال، والبعض الآخر كان لايزال خارج العراق وقد زاد هذا العدد زيادة كبيرة على عهد الانتداب يوم كان التلويح بكرسي الوظيفة يفقد الرزين رزانته وينسي التاجر
تجارته.
ويهمل المزارع زراعته فامتلأت دوائر الدولة بأناس لايمتون إلى العلم والفضيلة والكفاءة بشيء وصارت الوزارات المتعاقبة تفكر في ضرورة تطهير دوائر الدولة من الذين اثبتت التجارب عدم لياقتهم للخدمة وكذلك من الذين لم تبرهن الايام على نزاهتهم وصادق المجلس النيابي يوم 1931/1/22 على قانون (ذيل قانون انضباط موظفي الدولة) وقد نصت مادته الأولى على ان: “لمجلس الوزراء بناء على توصية الوزير المختص ان يصدر قراراً بفصل اي موظف يعتقد المجلس بعد تدقيق سجله أن بقاءه في الوظيفة مضر بالمصلحة العامة بسبب سلوكه الشائن او تمرده او كسله غير قابل الاصلاح او اهماله المتكرر او عدم مقدرته الثابتة على القيام بواجباته”.
وكان هذا القانون أفضل وسيلة لتطهير دوائر الدولة من الاردان التي التصقت بها، لو جرى تطبيقه بعدل وانصاف، ولكن الأهواء السياسية والمصالح الشخصية لعبت فيه دوراً خطيراً، ففصل من الخدمة عدد كبير من الأبرياء الذين اضطرت الوزارات المتعاقبة إلى أن تعيدهم إلى الخدمة بأساليب مختلفة.