رحيل أحدأكبر الأصوات الأدبيةفي هذا القرن..ألفارو موتيس: لتباغِتك المنيّة..فيما لا تزال أحلامك متقدة!

Tuesday 1st of October 2013 07:24:38 PM ,

منارات ,

مكسيكو/ رويترز
قال المجلس الوطني للثقافة والفنون بالمكسيك عبر تويتر «نأسف لوفاة الكاتب ألفارو موتيس ونتقدم بالتعازي إلى عائلته وأصدقائه».
وأوضحت كارمن ميراكله زوجة الكاتب أن «الوفاة أتت بعد مرض خطير أدّى لدخوله إلى المستشفى الأحد الماضي أي قبل أسبوع على ما ذكرت الصحيفة المكسيكية «لا خورنادا».

وألفارو موتيس المقرب من الكاتب غابرييل غارسيا ماركيز ولد في بوغوتا عام 1923 لكنه أمضى طفولته في بلجيكا حيث كان والده دبلوماسيا حتى عام 1932. وكان يقيم في المكسيك منذ عام 1956.

ماركيز: جعلني أكتب من جديد!
«موتيس». كلمة واحدة أوردها الروائي الحاصل على نوبل الآداب، غبريال غارثيا ماركيز، على حسابه الرسمي على موقع «تويتر»، بعدما وصله خبر وفاة صديقه الكاتب.
والكاتب الكولومبي الحائز على جائزة نوبل في الآداب، أنه ما كان له أن يكتب أي عمل من أعماله الأدبية الناجحة لولا أنها لم تحظ منذ البداية بتزكية صديقه ألفارو موتيس منذ أمد بعيد، حيث كان ماركيز يقوم بقراءة بواكير أعماله عليه أو يقصها له ثم بعد ذلك يعمل على نشرها فيما بعد.
ولقد أهداه ذات مرة قصة «بيدرو بارامو» للكاتب المكسيكي خوان رولفو وهو يقول له «خذ وتعلم!».
واعترف بعد ذلك غارسيا ماركيزبأنه منذ قراءته لرولفو استفاد الكثير حيث يعترف صراحة في أحد عروضه عن الفارو موتيس بمناسبة بلوغ هذا الأخير السبعين من عمره، إنه بقراءة رولفو لم يتعلم فقط كيف يكتب بشكل آخر، بل تعلم كذلك أن تكون عنده دائما قصة جاهزة مغايرة حتى لا يحكي ما كان قد كتبه من قبل.
يقول غابرييل غارسيا ماركيز: «وكما أدخلني ألفارو موتيس في هذه المحنة فقد أخرجني منها كذلك حيث إنني منذ أن كتبت «مئة سنة من العزلة"كان يتردد على منزلي كل ليلة تقريبا على امتداد 18 شهرا، وكنت أحكي له الفصول التي أنهيت كتابتها وألمس انطباعاته وانعكاسات ما قرأته عليه، حيث كان يصغي إليّ باهتمام وحماس بالغين، وكنت أغير. وكان أصدقاء موتيس يقصون عليّ هذه القصص بنفس الطريقة التي حكيتها له، وفي بعض الأحايين كن أنسب لنفسي بعض إضافاته».
أشار ماركيز إلى أن موتيس منذ ذلك الوقت «كان أول قارئ لأصول أعماله وكانت بعض أحكامه عليه قاسية ولكنها في الوقت نفسه كانت معقولة.
ولقد أفضت هذه الأحكام في بعض الأحيان إلى موت أو هلاك ثلاث قصص من قصصي في سلة المهملات»! ويضيف أنه يجد في العديد من أعماله كثيرا من تأثيرات ألفارو موتيس، بل إنه يجد فيها موتيس نفسه.

جائزة سرفانتيس
أما الباحث الإسباني خوسي غارسيا فيلاسكو فقال عنه: «إنه أحد أكبر الأصوات الأدبية في هذا القرن، وأنه لشرف كبير أن تجرجر جائزة سرفانتيس أذيالها إليه وليس العكس»!
ويقول الناقد فيكتور يانو غارسيا، الذي كان عضوا في لجنة التحكيم كذلك: «إن أسطورة بطله ماركول، الذي مازال يسبح في بحر مغامراته تلخص لنا مفاتيح وأسرار أدب موتيس وهي: اللغة الشخصية الخاصة به التي يتميز بها هذا الكاتب الحماسي والملحمي والروائي، ثم قدرته الفائقة على الخوض في عالم الخيال الذي يتحول على يديه إلى واقع معيش ملموس، أو على العكس من ذلك، قدرته على سبك وتشكيل الواقع وتحويله إلى خيال طليق ومجنح قادر على التأثير والأخذ بمجامع القراء من أي نوع أو في أي صقع كانوا، هذا إضافة إلى تكوينه الثقافي الواسع والمتنوع الذي يثري به عالمه الروائي الذي يتجلى لنا فيه بشكل واضح انعكاس لشخصيات شكلت نوعا من الانشغالات لدى الكاتب، حيث نجد في هذا العالم سان لوي عاهل فرنسا، نابليون، فليبي الثاني، وفراديسه بولينسا، الساحل الإغريقي، مرآة الأندلس وإشعاعها الحضاري الوهاج».
المغامرات الإنسانية
وقال الشاعر المكسيكي خوسي إميليو باشيكو عنه: «لعله الكاتب الأميركي اللاتيني الوحيد الذي أمكنه أن يضع عملا أدبيا رائعا في قطري الشعر والرواية، فقد أمكنه أن يواجه أو يستكمل في آن واحد هذا العالم أو ذاك، بل لقد أمكنه أن يزيد هذين العالمين ثراء وإشراقا، ذلك أن القول بأن جميع أعمال موتيس شعرية يعني ذلك أننا ننتقص من الرواية والعكس صحيح، هو روائي من طراز رفيع، كما أنه أحد كبار شعرائنا المحدثين في الوقت ذاته.

كتاباته تتميز بنزعة ملحمية
وأضاف «إننا منذ المأساة الإغريقية نعرف أنه ليس هناك مفر ولا مهرب لنا من التعاسة والشقاء، إن الروائي مارسيل بروست، الذي يحظى بإعجاب موتيس نفسه، كان يتحدث عن الزمن كما لو كان يتحدث عن وحش ذي رأسين، فهو خالق ومدمر في آن واحد حيث كل شيء يتقدم نحو نهايته المحتومة، إلا أننا نعيش قبل ذلك لحظة ازدهار وإشراق لا يمكن قنصها أو تصويرها إلا من طرف فنان مبدع مثل ألفارو موتيس». وفي مقال «حوار الطُرش» نشره في صحيفة «إيل باييس"في 1986، كتب ألفارو موتيس «على رغم كل ما قيل، لم يخلق الإنسان ليتصالح مع أشباهه. قدره أن يغدو أسوأ خصم للآخرين».

لم يخلق الإنسان
ليتصالح مع أشباهه
كانت بدايات ألفارو موتيس الأدبية في الشعر وقد استحدث شخصية ماغرول المغامر والبحار الذي ظهر عام 1953 في الديوان الشعري «لوس ايليمنتوس ديل ديساستري» (عناصر الكارثة) واستوطن كل رواياته بعد ذلك اعتبارا من السبعينيات.
وحصل ألفارو موتيس على أول مكافأة عام 1974 مع الجائزة الوطنية للآداب في كولومبيا ومن ثم عدة جوائز عالمية وصولا إلى جائزة ثيرفانتيس عام 2011 وهي أعرق الجوائز لكتاب باللغة الأسبانية. وفي فرنسا حاز جائزة ميديسيس للكتاب الأجانب عام 1989 عن روايته «ثلج الأميرال».

إنقاذ طفولتنا
عندما سئل موتيس عن راهنه وعن صلاته بالماضي وإذا كنا نتعلّم منه، أكّد انه ينبغي لنا إنقاذ لحظات من طفولتنا، عبر إدخالها الحاضر. دعا الى أن يستعيد الراشد تلقائيةً فقدها، لعلّه يقبض على العالم ونداءاته، وفي إحدى قصائده: «لتباغِتكَ المنيّة.. فيما لا تزال أحلامك متّقدة».