فاتن حمامة تكتب: قيراط حظ ولا فدان شطارة!

Monday 7th of October 2013 08:38:28 PM ,

كان زمان ,

رغم ان الفنانة الكبيرة فاتن حمامة تؤكد على انحيازها للحظ، لا للجهد والشطارة، فانها دون شك كانت دؤوبة في مطاردة الحظ، ودائما كانت تمسك به وبيدها سلاح الموهبة والمثابرة. وهنا نص المقالة التي كتبتها قبل نصف قرن ونشرتها مجلة الشبكة.

يختلف الناس في نظرتهم الى موضوع الحظ، او البخت كما يقولون.. فبعضهم يرى ان الجهد والاجتهاد هما مفتاح النجاح والوصول الى المجد والشهرة.. وبعضهم الآخر يعتقد ان البخت وحده هو الذي بيده كل شيء يرفع ويخفض، ويعز ويذل.
وانا ـ مع الاسف ـ من رأى هذا البعض الاخر.. اليكم قصتين واقعيتين تؤيدان رأيي:
كنت وزوجي نصلح سيارتنا في ورشة ميكانيكية كبيرة يشتغل بها اكثر من مائة عامل.. ودفعنا اجرة التصليح وتسلمنا السيارة، وقال لي زوجي اثناء انصرافنا: تعرفي حكاية الرجل صاحب الورشة دي ايه يافاتن؟
فلت له ابدا، فقال: ده تخرج هو واخوه الاصغر من كلية الهندسة سنة واحدة، كان اخوه من النوابغ المتقدمين فرفض الاشتغال في الحكومة وفتح محلا صغيرا لتصليح السيارات. اما الاخر الاكبر فقنع بالاشتغال في هذه الورشة وكان صاحبها رجلا المانيا، وفي اوائل ايام الحرب الماضية كتب الالماني ورشته باسم هذا المهندس بطريقة البيع الصوري، ثم اختفى ولم يظهر له اثر الى اليوم!...
وبذلك استولى صاحبنا على الورشة بلا جهاد ولا عناء!.. وفي هذه الاثناء فلس الاخ النابغة فأغلق محله الصغير ولم يجد امامه الا ان يشتغل عند اخيه مهندسا اجيرا وهو الذي كان يشرف على اصلاح سيارتنا".
وقلت وانا اضرب كفا على كف: صحيح.. قيراط بخت ولا فدان شطارة!.
ومنذ اسابيع زارتني صديقة عزيزة وهي انسانة مثقفة تشغل مركزا حكوميا لا بأس به. وجرى الحديث بيننا فاعترفت لي صديقتي بضيقها بهذه الحياة التي اصبحت تمقتها وتفضل عليها الموت.. قالت:
- انت تعرفين انني نشأت طموحة كبيرة الآمال.. وقد جاهدت في دراستي حتى ظفرت بشهادتي الجامعية وظللت انتظر تحقيق الشطر الهام من امنياتي بالزواج من رجل عظيم ممتاز.. ثم التحقت اخيرا بوظيفتي الحالية.
ولي شقيقة تكبرني وليس لها شيء من صفاتي، فقد رضيت بالجهل فلم تتعلم ولم تدرس، واطمأنت للخمول والكسل فلم تغادر البيت.. ومع ذلك فقد واتاها الحظ المدهش.. فظفرت بزوج ممتاز ثري يشغل مركزا ممتازا في الهيئة الاجتماعية.. والعجيب في الامر انه كان يتردد على عائلتنا لمعرفته بي..
ومع ذلك فها انا حتى الان حائرة تعسة لم ألتق بعد الزواج المنشود وربما لن ا لتقي به بعد ان ذبل جمالي وأرهقني الجهاد والقيام بالعمل.. لقد ا صبحت اتمنى ان يتقدم لخطبتي رجل معقول حتى ولو كان موظفا في الدرجة السابعة او الثامنة!.
وهنا لم يسعني الا ان اطيب خاطر هذه الصديقة العزيزة واشجعها، ثم ارى في مشكلتها ما يدعوني للايمان بالحظ والبخت.. وعندي حق..!