فيصل الأول ويهود العراق

فيصل الأول ويهود العراق

مازن لطيف
تمتع يهود العراق في عهد الملك فيصل الاول ، بعد تسلمه العرش، بالمساواة وحصولهم على امتيازات وحقوق كما سنها الدستور العراقي، وعند وصول الامير فيصل قادما من سوريا قامت مجموعة يهودية عراقية حفلا مرحبة بقدومه بتاريخ 18 تموز عام 1921 اي قبل تتويجه بأكثر من شهر وكانت الحفلة من اروع ما يكون

وكانت الجماعة اليهودية قد وضعت على حاشية علم الثورة العربية الذي رفعه الامير فيصل عبارة من التوراة ، وتقدم الحاخام باشي الى الامير بأهدائه نسخة من التوراة المذهبة كتبت عليها عبارة "بارك يارب قوته، وارتضي بعمل يديه، وحطم متون مقاوميه ومبغضيه حتى لا يقوموا" فتسلمها فيصل وقَبلَها وتشكر منهم ثم ألقى سليم أفندي معاون رئيس الحاخامات اليهود كلمة ترحيبية, وقام بعده الشاعر أنور شاؤل فألقى قصيدة وكذا فعل الزهاوي فألقى أبياتا وكلمة فلسفية في ضرورة الاتحاد بين البشر، وبعدها أخرجت التوراة الأصلية من موضعها وهي لا تخرج إلا للملوك والعظماء. مما لفت انتباه الأمير إلى هذه المبادرة الطيبة وارتجل كلمة قال فيها :" إني لا أريد أن اسمع كلمة مسلمين ومسيحيين وإسرائيليين، فالعراق وطن القومية وليس فيه سوى أمر واحد هو أن يقال عراقيون فقط "
كان يهود العراق يتقربون لفيصل لضمان حقوقهم ومصالحهم وقد اكد فيصل قبل تتوجيه انه لايفرق بين المسلم والمسيحي واليهودي في الدولة العراقية لأنهم عراقيون من اصل واحد.
لقد قام فيصل برعاية خاصة وواضحة ليهود العراق لكي يضمن ولاءهم للعراق للحفاظ على الهوية الوطنية العراقية، يذكر ان فيصل اقام خلال فترة حكمه في النظارة الخاصة ، فكان فكتور بحوش ، ونوئيل لورنس وتوماس منسي موظفين فيها ، وكذلك استخدم ساسون عزرا مأموراً للتليفون الخاص به ، وكان مقدم الطعام له اليهودي داود جرجس وسائقه الخاص ابراهيم كاهن .
وفي مصايف الملك فيصل في سرسنك كان يديرها عبد يشوع برفقة موظفين هما جوسون بنيامين وزيا لزسي ،
وشهدت الطائفة اليهودية في العراق عام 1921 نهضة ملموسة في تدريس اللغة العبرية ، خاصة بعد ان منح الملك فيصل الاول قدرا كبيرا من الحرية ليهود العراق في مجالات مختلفة . حيث اصبحت اللغة العبرية في عهد فيصل مادة اساسية في مناهج التعليم بالمدارس اليهودية الحديثة .
من الشخصيات الشهيرة والتي مازال اسمه يضرب به المثل الشخصية اليهودية العراقية " موشي منش شعشوع" صاحب القصر الذي ارتبط بأسمه وذاع صيته في بغداد . فاليهود في بغداد كانوا ملوكاً غير متوجين.سكنوا احلى القصور حتى ان التاجر اليهودي شعشوع تبرع بقصره على نهر دجلة لسكن الملك فيصل حينما قدم الى العراق ليكون ملكاً ولم يجد له سكنا
شعشوع هو احد اثرياء يهود بغداد قرر عام 1910 شراء قطعة ارض مساحتها اكثر من 5000 متر مربع في منطقة الكسرة من اجل بناء قصر فخم وصمم القصر في وقتها على احدث التصاميم . وعند وصول الملك فيصل الأول لبغداد اخلي القصر للملك ليقيم فيه لأن القصر الملكي لم يتم بناؤه بعد ، وفي القصر استقبل فيصل الوزراء ورجالات الدولة .قرر شعشوع بيع الدار فكان من نصيب جعفر ابو التمن.