هل أن نسب الإنجاز للمشاريع تتناسب مع معطيات الواقع؟

هل أن نسب الإنجاز للمشاريع تتناسب مع معطيات الواقع؟

تحقيق/ المدى الاقتصادي
تعد نسب الانجاز في المشاريع المخصصة ضمن الموازنة الاستثمارية للدولة، مرآة لمجمل وضع الاقتصاد الوطني بمجمل مشاكلها، (المدى الاقتصادي) سبرت أغوار نسب الانجاز لعام 2010 عبر التحقيق التالي:

دون الطموح
الخبير الاقتصادي باسم جميل انطون قال: قد يتحدث المسؤولون عن نسب انجاز عالية نسبة الى السنوات السابقة لكنها ليست بمستوى الطموح والمسألة الاساسية، هل استطعنا ان نوقف آفة الفساد المالي والاداري في هذه المشاريع؟
واضاف انطون: نسب الانجاز لغاية الان ليست بمستوى الطموح فعند النظر الى بعض المواقع في الارض لانرى الانجازات التي تستحق التضخيم وهي ليست بمستوى ماصرف من مبالغ.
وتابع انطون: إن الانجازات تقاس من خلال التحديات التي يواجهها البلد في ازمات السكن والكهرباء والبطالة والخدمات وعلينا ان نحدد نسب الانجاز في هذه الازمات والارقام الرسمية تتكلم عن ان نسب البطالة تتجاوز 15%
وقال انطون: هنالك مؤتمر عقد لحل ازمة البطالة وخلق فرص عمل للتشغيل في ارض الواقع لتشير إلى انجازات كبيرة سواء في بغداد او المحافظات.
ولفت انطون الى ان الحكومة خلال السبعة اشهر الماضية كانت مشلولة لضعف الرقابة والمشاريع الاستثمارية ستعاني لاحقاً من مشاكل كبيرة لان الموازنة لم تقر حتى الان وهذا يتكرر في كل عام.
و اشار انطون الى عدم تقدير الحسابات الختامية لغاية الان لكي تقيم مدى الانجازات والمشاريع.
و قال انطون: توجد حيلة حسابية من قبل بعض مجالس المحافظات والوزارات تسحب نسب الانجاز بناءً على ما انجز من المبالغ المعروفة.
و عن اسباب تدني نسب الانجاز ذكر انطون: ان العراق عاش خلال الاشهر الماضية حكومة تصريف اعمال مما انعكس سلباً على الجوانب الادارية والمالية ومتابعة ومراقبة تنفيذ الاعمال.
و اضاف: ان الفساد المالي والاداري واعطاء تنفيذ بعض الاعمال الى مقاولين من غير ذوي الاختصاص، بدليل ان الشركات تأخذ مبالغ اكثر من نسب انجازها ولا تنجز العمل وتوجد مشاريع وسط بغداد شوارع بائسة كالبتاوين وحي الوحدة.
مقياس النسب
الخبير الاقتصادي د ماجد الصوري:قال ان نسب الانجاز من الناحية المالية هي ليست المقياس الاساسي لمعرفة مدى تطور المشاريع وان نسب الانجاز الحقيقي والمادي لهذه المشاريع لم تصل الى النتائج المرجوة لا من حيث الاداء ولا الهدف ولا التقييم الفعلي لها.
و اضاف الصوري:لا بد من دمج او مراقبة العملية في جميع المجالات من ناحية التنفيذ المالي والمادي والهدف المرجو تحقيقه ولذلك جميع الارقام التي تعلن منذ 2003 هي ارقام غير مراعية للواقع الفعلي للتنفيذ ولا تعكس الواقع العملي للمشاريع لان النسب المعلنة لا تعني ابداً نسب الانجاز الحقيقية لانه قد يكون هنالك إنفاق مبالغ كبيرة ولكن في الواقع العملي لم يتم انجاز اي شيء ولذلك لا بد من متابعة عملية الانجاز اضافة الى الانفاق.
و لفت الصوري: هنالك احتمال كبير الى ان الكثير من المبالغ صرفت في غير مجالها فلا بد من تقييم اي مشروع.
و قال الصوري:الفساد المالي والاداري وعدم وجود مشاريع مدروسة ودراسة للجدوى وعدم وجود دراسة زمنية للانجاز من الناحية المالية والمادية، وعدم وجود المهنية في التعامل مع المشاريع وهذا ناجم بشكل اساسي عن الضعف في طريقة اعداد الموازنة وعن الضعف في المراقبة او الضعف في تحديد المسؤولية، والفوضى الموجودة في عملية ادارة المشاريع من قبل الوزارات والمحافظات وعدم التنسيق بين المشاريع المختلفة.
هدر الوقت
الخبير الاقتصادي د.علي الفكيكي قال: ان العامل الاكبر في خفض نسب تنفيذ الموازنة هو التأخير الزمني في اكمال ومصادقة الموازنة العامة للدولة، فما ينبغي عمله هو ان تكتمل الموازنة ويصادق عليها من منتصف السنة التي تسبق الموازنة كأن تكون في حزيران او تموز في السنة السابقة لسنة الموازنة وهذا ما حصل في الولايات المتحدة الامريكية في العام الحالي حيث صادق الكونكرس على موازنة عام 2011 في حزيران 2010 وان هذه الطريقة ستتيح للدوائر التنفيذية وقتاً كافياً للتحضر والتهيئة لسنة الموازنة البداية والتهيئة للسنة القادمة في حين ان ما يحصل لدينا فعلياً هو تأخر المصادقة على الموازنة حتى بداية السنة الجديدة وبالتالي نخسر وقتاً ثميناً كان ممكناً ان يستغل في اعمال التهيؤ والتحضير للانطلاق حال بداية سنة الموازنة وهذا سيساعد في رفع نسب التنفيذ.
و اضاف الفكيكي:من ثم ينبغي على وزارة المالية ان تأخذ هذا الدرس بالنسبة لموازنة عام 2012 لان ما يخص موازنة عام 2011 فات أوانه ومن ثم عليها ان تتحضر منذ الان وتأخذ العبرة.
و تابع الفكيكي: عندما يصادق على الموازنة ويصدر الامر بتنفيذها فأن مراكز المحافظات تبدأ معها المشكلة في التأخر عندها وكذلك الدوائر التنفيذية في باقي المؤسسات، وهكذا تبدأ المشاكل بين مراكز المحافظات والاقضية والنواحي.
و قال الفكيكي: ان التعجيل بإنفاق المبالغ وصرفها واستغلال الزمن هو قضية على درجة عالية من الاهمية ذلك بأن الزمن بحد ذاته ثروة لما تترتب عليه من نتائج فأضافة الى كونه من ذهب فهو كالسيف ومن لم يقطعه قطعه، وفي تراثنا كان الامام علي ابي طالب (ع) ادراكاً منه لأهمية الذهب الاقتصادية في مضاعفة الثروة يعجل بصرف موارد بيت المال وذلك لما للصرف السريع من اثر في تعجيل وتشغيل عوامل الانتاج المعطلة وتحقيق مضاعفة الناتج المحلي الاجمالي بفعل ما يدعى في علم الاقتصاد (الاثر المضاعف) وتعجيل الاستفادة ورفع نسب استغلال الموارد المعطلة وتوليد الثروة وخلق فرص العمل والقضاء على البطالة.
نموذج وزاري
وكيل وزارة الاعمار والاسكان استبرق الشوك قال:لغاية بداية الشهر الحالي فأن نسب الانجاز في مشاريع وزارة الاعمار والاسكان تجاوزت الـ75% لمختلف القطاعات كالطرق والجسور والابنية السكنية والابنية العامة ويؤمل ان تزداد هذه النسبة في السنة المالية الحالية لوجود سلف الاعمال المنجزة.
و اضاف الشوك: ان نسب الانجاز جيدة هذا العام قياساً لعدد المشاريع التي تنفذها الوزارة.
و تابع الشوك:وزارة الاعمار والاسكان الان تنفذ بحدود 35 مجمعاً سكنياً بواقع مجمعين سكنيين او اكثر في كل محافظة اضافة لمشاريع الطرق والجسور في تنفيذ جسور جديدة على نهري دجلة والفرات واستبدال الجسور القائمة بجسور ثابتة اضافة الى انشاء الطرق الجديدة وصيانة الطرق الشريانية بين المحافظات بالاضافة الى الاسراف على تنفيذ الطرق الريفية لصالح مجالس المحافظات في تنمية الاقاليم وكذلك تقوم الوزارة بأعداد المشاريع المختلفة للابنية والمجمعات السكنية والطرق والجسور والاعمال الخدمية لصالح الوزارات.
وزارة التخطيط
مدير عام دائرة التخطيط والتشييد والاسكان والخدمات انوار جميل بني قالت: ان نسب الانجاز في العام الحالي تعد جيدة اذا ما قورنت بالعام الماضي 2009.
مضيفةً: برغم ان المواطنين يرون ان نسب التنفيذ منخفضة سيما بعد اقرار مشاريع البترودولار لبعض المحافظات منذ شهر التاسع في عام 2010 حيث تأثرت نسب الانجاز والتنفيذ لان القرار جاء متأخراً وقد يلاحظ وجود نسب تنفيذ متدنية في بعض المحافظات لانها ادرجت في وقت متأخرة في هذا العام.
وتابعت: هذا في ما يخص المحافظات كتشييد وبناء واعمار بما يشمل المدارس والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية والطرق الصحية والريفية والطرق داخل المدن وهي مشروعات مختلفة وموزعة في كل انحاء العراق وتضم القضاء والناحية وقد تكون بعض الصعوبات والمشاكل في التنفيذ التي لا يمكن ان تطلب من المنفذ في وقت واحد اذ تعيق التنفيذ.
و بشأن حديث بعض المراقبين عن النسب المتدنية في الانجاز قالت بني:ان بعض المراقبين لا يمتلكون تماساً مع واقع التنفيذ فهم يعتمدون على بعض الارقام والعقود التي توقع والمبالغ التي تصرف ولكنهم لا يضطلعون على الواقع الميداني الفعلي للمشروع ولم يشاهد المشاكل التي تحيط به وبتنفيذه ومشاكل المواطنين مع المشروع نفسه وقد تطرأ مشاكل امنية لا تخطر على البال موجودة والان تؤثر على كثير من المشاريع في العراق.
و عن طبيعة المشاكل التي تعيق الانجاز في المحافظات قالت بني: انها مشاكل تصميمية وفنية اضافة الى ضعف المكاتب الاستشارية والان في العراق.
و ذكرت بني ان الوزارة لديها صلاحية في الموازنة اذ ان الوزارات التي لم تستطع ان تستغل الاموال المخصصة لها تحول الاموال الى وزارة اخرى تحتاج لهذه الاموال بموافقة الجهتين وبيان الاسباب فوزارة البلديات مثلاً ستكمل 100% من تخصيصاتها بنسبة صرف ووزارتي الاسكان والتعليم العالي كذلك وهكذا ينطبق على بعض المحافظات التي بدأنا نناقل لها.
و كشفت بني ان ارقام المصروف الفعلي من تخصيصات برنامج تنمية الاقاليم برغم كونها غير محدثة منذ شهور عدة الا انها ممكن أن تعطي تصوراً فمثلاً بغداد نسبة صرف موازنتها لغاية 31/8/2010 كانت 67% ومحافظة ذ ي قار كانت 70% وميسان 91% اذ انها ستفوق المحافظات اضافة الى البترودولار يتوقع ان تكون صرفها 100% اما نينوى فكانت نسبة صرفها 6.6% وكركوك كانت 32.7% بينما ديالى كانت 9.3% اما الانبار فكانت نسبة المصروف الفعلي فيها 48.8% وبابل كانت 33.9% بينما كانت كربلاء 20.7% اما واسط فكانت 17.1% وصلاح الدين فكانت 19.2% اما النجف فكانت 42.7% والديوانية كانت 1.9% والمثنى كانت 40.2% والبصرة كانت 14.6%.
و بناء على كلام بني فأن مجموع نسبة صرفيات المحافظات كانت 34.9%.
و بخصوص نسب دقيقة في الانجاز قالت بني انها غير متوفرة حالياً واننا نطلب بيانها من المحافظات والوزارات بعد الشهر الواحد من العام التالي.
و اوضحت بني ان ما حصل هو مصادقة الخطة التنموية في الشهر الرابع واعطاء الاموال في الشهر الخامس والبداية في الشهر السادس والعمل يكون تصاعدياً برغم ضيق المدة.