ناصر حكيم.. أحد أعمدة الغناء الريفي

ناصر حكيم.. أحد أعمدة الغناء الريفي

يعد الفنان الراحل ناصر حكيم اخر فرسان رواد الاغنية الريفية، فقد كانت مسيرة ناصر حكيم حافلة بالعطاء قدم خلالها أعذب وأجمل الاغاني اضافة الى تشكيله مدرسة فنية نلمس اثارها واضحة في اكثر من جيل.

ولد الفنان الكبير ناصر حكيم عام 1910 في ناحية (عكيكة) التي تقع في قضاء سوق الشيوخ في ذي قار تلك المحافظة التي انجبت كبار الفنانين سواء على صعيد الغناء أو التمثيل.
كان الفنان الراحل مولعا بالغناء منذ الصغر حيث كان يغني بين اصدقائه وأهله في المناسبات، وفي العام 1925 لاحت له أول فرصة لاثبات الوجود حيث شهدت الناصرية احتفالا كبيرا ضم اكثر من ثلاثين مطربا وعندما غنى ناصر حكيم لفت اليه الانظار بصوته الجميل والحرفنة التي امتلكها آنذاك فجاءه (نسين الساعاتي) وهو أحد الحاضرين وطلب منه ان يسجل اسطوانة عند صاحب شركة اسطوانات (بلفون) في البصرة، وفعلا سافر الفنان الى فرع الشركة في البصرة وسجل سبع اسطوانات قدم فيها عدة اطوار من الغناء الريفي ومنها (الشطراوي، الحياوي، الصبي، الجادري وغيرها).
أما أبرز الاغاني التي سجلها هي (بولفي سبع أوصاف ـ سوده شلهاني ـ ورديبو زويني) وقد منحته الشركة آنذاك (50 روبية) كأجور على كل اسطوانة وفي العام التالي استدعته الشركة الى مقرها الرئيس في بغداد مع زميليه (مله شنين ـ وخضير حسن) وسجل ناصر حكيم في بغداد أغاني جديدة منها (بالراض ـ وبهيه ـ وبطل يدالي) التي غنتها من بعده صديقة الملاية.
في العام 1927 تعاون الفنان ناصر حكيم مع شركة (بيضافون) لتسجيل الاسطوانات حيث سجل للشركة العديد من الاغاني مع الفنانين حضيري ابو عزيز وخطار جابر.
أما في العام 1948 ذهب الى فلسطين مع مجموعة من المطربين لاحياء عدة حفلات للقوات المسلحة العراقية. كما سجل أغاني لشركة محطة الشرق الاوسط في بيروت مع ناظم الغزالي ووحيدة خليل وداخل حسن وجواد وادي وحسن خيوكه.
بعد عودته الى بغداد دخل الفنان ناصر حكيم الى الاذاعة واستقر في بغداد مع عائلته أثر ذلك ولكن الاجور في الاذاعة لم تكن تكفي للمعيشة فعمل على افتتاح مقهى له في الكرخ تحولت فيما بعد الى مدرسة فنية في الغناء تخرج منها العديد من الفنانين الذين كانوا يتعلمون الغناء فيها على أيدي كبار رواد الاغنية العراقية وكان من أبرز الطلاب الذين حضروا الى المدرسة عبدالامير الطوير ومسعود العمارتلي وشخير سلطان وداخل حسن واخرون. أما الآلات الموسيقية التي استخدمت فلم تتعد الطبلة والعود والكمان احيانا. كانت المدرسة أو المقهى واجهة كبيرة في مسيرة الاغنية العراقية لا سيما اللون الريفي منها.
كان الراحل يكتب ويلحن أغانيه بنفسه لانه يشعر انه اكثر صدقا وتعبيرا من غيره في هذا المجال. في احدى الطرق التي كان الفنان الراحل يرددها دائما هو أنه كان يقابل حبيبته صباح كل يوم وكانت الاشارة بينهما صوت الرحى عندما تبدأ بطحن الحنطة.
وذات يوم شتائي بارد عبر ناصر النهر بالبلم وهو يرتدي مقطع (زويني) وقبل وصوله الى مكان الحبيبة جاء أولاد عمها فصاحت بصوت عال وقريب الى الغناء:
رد يابو زويني عدوانك مغربين
لنته جنيني ولنته لي واساك
فرمى ناصر بنفسه في الماء وعاد سباحة الى مكانه الاول ورد عليها بصوته الشجي:
حجلي اللي وياج يا من تطحنين
يتفسر البولاذ بس لا تونين
لشرك ضلوعي كون بيهن واخليج
خلهه اتهجع وتنام روحي التهم بيج
وكانت هذه مقاطع لاحدى اغانيه التي غناها فيما بعد وقد أسلفنا ذكرها.
رحل ناصر حكيم لكنه ترك ارثا هائلا من الاسطوانات والتسجيلات ستجعله خالدا في ضمير واذهان محبيه.
عن موقع زرياب