مشاهد من الانتخابات النيابية في السليمانية في العهد الملكي

مشاهد من الانتخابات النيابية في السليمانية في العهد الملكي

■ سالار عبد الكريم الدوسكي
بعد أن أكمل المجلس النيابي دورته الانتخابية التاسعة، صدرت إرادة ملكية تقضي بحل مجلس النواب في التاسع من حزيران سنة 1943، والشروع في الانتخابات العامة لمجلس جديد، وبعد عدة أيام أصدر صالح جبر وزير الداخلية تعليماته إلى متصرفي (محافظي) الألوية كافة، ومنها لواء السليمانية، للاستعداد لاجراء انتخابات جديدة، وعلى هذا النحو جرت انتخابات المجلس النيابي للدورة الانتخابية العاشرة، عندما تم انتخاب الناخبين الثانويين في أواخر شهر آب 1943، كما تم انتخاب النواب في الخامس من تشرين الأول من العام نفسه.

لم تخل انتخابات المجلس النيابي للدورة العاشرة من السلبيات التي رافقت الانتخابات النيابية السابقة، إذ تعاون نوري السعيد مع وزير الداخلية صالح جبر لإعداد قوائم المرشحين، وتمكنا من استحصال موافقة السفارة البريطانية على هذه القوائم، لكنهما فوجئا بوجود قائمة مستقلة أعدها الوصي بنفسه ضمت أسماء خمس من الشخصيات المعارضة لوزارته،ولشخص صالح جبر، وأصدر تعليمات تقتضي بعدم السماح للوزراء وكبار الإداريين باختيار أقاربهم، وكاد إصرار الوصي أن يؤدي إلى وقوع أزمة وزارية لو لم يتدارك نوري الموقف بتنازله أمام رغبات عبد الإله.
من هنا فان نتيجة الانتخابات كانت متوقعة،والذين فازوا عن لواء السليمانية كان اغلبهم من نواب الدورات السابقة ممن حظوا بتأييد الوصي والحكومة وتزكيتها، وهم:
محمد أمين زكي، عزت عثمان، احمد حمه آغا، احمد مختار بابان، احمد توفيق، روؤف الشيخ محمود، وكان الأخير قد تم انتخابه بالتزكية لانتمائه إلى أسرة الشيخ محمود الحفيد.
بدأ المجلس الجديد دورته بعقد اجتماع غير اعتيادي بعد مرور أربعة أيام على انتخابه،أي في التاسع من تشرين الأول 1943، واستمرت جلساته حتى 31 تشرين الثاني من العام نفسه، وبلغ عدد جلساته ثماني جلسات. فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي الأول في الأول من كانون الاول1943، واستمرت جلساته حتى الحادي والثلاثين من أيار 1944، وبلغ عدد جلساته (29) جلسة. ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الثاني الذي بدأ في الثاني من كانون الاول1944، واستمر حتى الحادي والثلاثين من أيار 1945، وبلغ عدد جلساته ثلاث جلسات.وبدأ الاجتماع الاعتيادي الثالث في الأول من كانون الأول 1945، واستمر حتى الحادي والثلاثين من أيار 1946، عندما صدرت الإرادة الملكية بحله، وبذلك بلغ عدد جلساته (41) جلسة. مما يعني أن مجموع جلسات المجلس في دورته الانتخابية العاشرة بلغ مائة و ثلاثا وعشرين جلسة.
أما انتخابات الدورة الحادية عشرة (17آذار 1947-22 شباط 1948)، والتي جرت في عهد الوزارة السعيدية التاسعة (12 تشرين الثاني 1946 – 29 آذار 1947)، فقد جرت طبقاً لأحكام قانون انتخاب النواب الجديد رقم (11) لسنة 1946،والذي بموجبه أصبح اللواء أكثر من دائرة انتخابية، إلى جانب اعتماده أسس جديدة كالترشيح والتزكية، فضلاً عن زيادة عدد المقاعد النيابية من (115) مقعد إلى (138) مقعد، نتيجة الزيادة الحاصلة في عدد سكان العراق إذ ارتفع عدد الأفراد من (3.380.533) استناداً إلى إحصاء عام 1934، إلى (4.816.185) استناداً إلى إحصاء عام 1947ومن الطبيعي أن الزيادة المذكورة شملت لواء السليمانية، إلا أن عدد مقاعد نواب السليمانية بقيت على حالها،ولم تشملها الزيادة، كما في الدورتين السابقتين.

عندما باشرت الحكومة بإجراء الانتخابات الأولية في الخامس والعشرين من كانون الثاني سنة 1947 بدأت بالتدخل في مرحلة الترشيح، وهذا ما حدث للمرشح علي كمال الذي كان يروم الترشيح للانتخابات، والذي أكد قائلاً: " فوجئت بمعارضة الحكومة لي حينما علمت (الحكومة) أنني سأكون الفائز الأول في الانتخابات ... (فقررت) بان انسحب من الترشيح خشية إراقة دماء الشباب"، وبسبب التدخل الحكومي المكشوف في الانتخابات قرر الحزبان الوطني الديمقراطي، والأحرار الانسحاب من الوزارة والانتخابات، بعد أن تبين لهما أن الوزارة خرقت الشروط التي تم الاتفاق عليها عند موافقتهما على الاشتراك في الوزارة.
وبدوره وقف الحزب الديمقراطي الكردي موقفاً معارضاً من الانتخابات، وأعلن عن ذلك في صحيفته الرسمية ( رزگارى )، في عددها (13) والصادر في أيلول عام 1947: " إن الانتخابات كانت مزورة فلم ينتخب الشعب نواب هذا المجلس، بل عينوا فيه تعيناً خاصاً من قبل نوري السعيد".
وهكذا كان للحكومة الدور البارز في ترشيح وفوز مرشحيها في اللواء، وفاز في هذه الدورة عن لواء السليمانية كل من:( جمال بابان، بهاءالدين نوري، أنور جميل الجاف، بابا علي الشيخ محمود الحفيد، سليم محمد عبدالله بشدري، عبدالحميد الجاف).
في السابع عشر من آذار 1947 بدأ الاجتماع غير الاعتيادي للدورة الحادية عشرة، واستمرت جلساته حتى العشرين من تموز من العام نفسه، وبلغ عدد جلسات المجلس أربعا وأربعين جلسة.فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي الأول من الدورة الانتخابية الحادية عشرة في الأول من كانون الأول 1947،واستمر حتى الثاني والعشرين من شباط 1948،عندما صدرت الإرادة الملكية بحله، بعد أن عقد اثنتا عشرة جلسة فقط.ويكون بذلك مجموع جلسات المجلس في دورته الانتخابية الحادية عشرة قد بلغ ستا وخمسين جلسة.
وكان السيد محمد الصدر،الذي ألف الوزارة بعد يومين من سقوط وزارة صالح جبر في السابع والعشرين من كانون الثاني قد اضطر الى حل المجلس النيابي بعد طعن الأحزاب السياسية في شرعية انتخابه. وفي هذا الصدد نددت مجلة نزار الكردية، في عددها الرابع، الصادر في 15 ايار1948 بالمجلس النيابي المنحل، وأفسحت عن أمانيها في رؤية مجلس نيابي حقيقي في ظل حكومة الصدر قائلة:
" أما الآن وقد أنخذل الاستعمار ومؤيده وانتصر الشعب في انتفاضته المجيدة ووثبته المباركة، وتم دفن المجلس النيابي المزيف وأهيل على قبره التراب، وان الشعب يريد أن لا تتكرر الماسي السابقة وان لا تمثل المهازل العهد البائد مرة أخرى ... آما إذا كانت الانتخابات صورة طبق الأصل من الانتخابات السابقة فسيكون المجلس حتماً ومن دون شك نسخة مكررة من مجالس العهد البائد... إن الأمة تريد أن تجرب نفسها بممارسة حقوقها الدستورية في انتخاب النواب وتريد أن تكون هذه الانتخابات خالية من كل شائبة بعيدة عن كل تدخل فأنها لأول مرة في حياتها تريد أن تمارس حقها هذا بحرية تامة فهل ستحقق هذه ألاماني، وهل سيكون المجلس المنتظر وفق ما يطلبه الشعب وحسبما تريده الأمة، وهذا ما نتركه الآن للمستقبل لتدل عليه الأيام القادمة وليبرهنه المجلس المرتقب".
وعلى غرار الانتخابات السابقة تفننت الحكومة في استخدام الأساليب التي من شأنها إبعاد المرشحين غير المرغوب فيهم، عن طريق رفض استلام التأمينات خلال المدة القانونية، فضلاً عما رافقت الانتخابات من أساليب ضغط وتهديد وشدة ومصادمات دموية أودت بحياة الكثيرين، والتي يعتقد المؤرخ عبد الرزاق الحسني صاحب الوزارات العراقية، إن أصابع الاتهام موجهة إلى الوصي عبدالاله الذي كان وراء تلك الحوادث، مما دفع وزير التموين محمد مهدي كبة (رئيس حزب الاستقلال ) إلى تقديم استقالته، احتجاجاً على تدخل الحكومة في الانتخابات المذكورة. ومرة أخرى جاء تعليق مجلة نزار في عددها الصادر في الثلاثين من حزيران1948 صورة حقيقية إلى ما آلت إليه نتيجة الانتخابات، والظروف التي رافقت العملية الانتخابية بقولها:
"... ولا نود الإطالة في الكتابة على كيفية إجراء الانتخابات وموقف الحكومة منها لان هذا الموقف وتلك الطريقة كانتا مكشوفتين للجميع ولكننا نقول لأننا لا يمكننا أن نبرئ موقف الحكومة السلبي عن مسؤولية المقومات الدموية التي وقعت في بعض المناطق الانتخابية مما أدى إلى قتل بعض الأبرياء وجرح الكثيرين دون أن نجن من ذلك غير إضعاف الإيمان بحرية الانتخابات وتشجيع بعض المرشحين على التزوير واستعمال وسائل وطرق بوليسية مخزية جداً للفوز على خصومهم، فاضطر بعض المرشحين إلى الانسحاب من المعركة الانتخابية لأنهم لا يقبلون لأنفسهم مواجهة خصومهم بمثل هذه الوسائل البعيدة كل البعد عن روح الديمقراطية والتي لا يمكن فسح المجال بأتباعها إلا في البلاد المتأخرة جداً في الحياة الديمقراطية ".
لم يختلف الأمر في لواء السليمانية عن بقية الألوية الأخرى، ومما يؤكد تدخل الحكومة هو دعمها للمرشح بهاء الدين نوري عندما طلب وزير الداخلية مصطفى العمري من وكيل متصرف السليمانية بالقيام بما يلزم للمرشح المذكور، رغم كونه من سكنة بغداد، وفعلاً فاز المرشح في انتخابات الدورة الثانية عشرة (21حزيران 1948-30حزيران 1952) بعد تدخل حكومي لصالحه.
وفاز في هذه الدورة الانتخابية عن لواء السليمانية كل من: علي كمال، بهاء الدين نوري، حسن الجاف، عبد الحميد الجاف، إبراهيم رشيد، احمد برزنجي.
في الواحد والعشرين من حزيران 1948 بدأ الاجتماع الاعتيادي الأول للدورة الانتخابية الثانية عشرة، واستمرت جلساته حتى التاسع والعشرين من تشرين الثاني 1948.وبلغ عدد جلساته سبعا وعشرين جلسة.فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي في الأول من كانون الأول العام نفسه، وانتهى في الثلاثين من حزيران 1949،وبلغ عدد جلساته ستا وخمسين جلسة.ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الثاني في الأول من كانون الأول 1949، واستمر حتى الخامس عشر من تموز 1950، وبلغ عدد جلساته اثنتان وخمسين جلسة.فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي الثالث في الثاني من كانون الأول 1950، واستمرت جلساته حتى الحادي والثلاثين من آيار1951، وبلغ عدد جلساته ثماني وخمسين جلسة.ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الرابع في الأول من كانون الأول1951،واستمرت جلساته حتى الثلاثين من حزيران 1952.وبلغ عدد جلساته اثنتين وأربعين جلسة. مما يعني أن مجموع جلسات المجلس في دورته الانتخابية الثانية عشرة بلغ مائتين و خمسا وثلاثين جلسة،وبذلك تسجل هذه الدورة الرقم القياسي في عدد جلساتها في تاريخ المجلس النيابي العراقي في العهد الملكي.
أما انتخابات الدورة الانتخابية الثالثة عشرة، فقد بدأ التحضير لها في أواخر عام 1952 في عهد وزارة نور الدين محمود العسكرية وتم في السابع من كانون الثاني 1953، في ظل الأحكام العرفية المعلنة، ووفق مرسوم الانتخاب المباشر الجديد(مرسوم رقم 6 لسنة 1952). وشهدت تدخلات حكومية باستخدام أساليبها المعروفة السابقة، ولاسيما انه لم يرد في المرسوم ما يشير إلى أن الطعن في النيابات،بعد تصديق المضابط الانتخابية على انه جرما يلزم العقاب. من هنا جاءت نتيجة الانتخابات بفوز الحزب الدستوري بأغلبية المقاعد النيابية،ولاسيما بعد مقاطعة الأحزاب المعارضة الوطنية الثلاثة (الحزب الوطني الديمقراطي،حزب الاستقلال،وحزب الأمة) للانتخابات.
في الرابع والعشرين من كانون الثاني 1953 بدأ الاجتماع الاعتيادي الأول للدورة الانتخابية الثالثة عشرة، واستمر جلساته حتى الثالث والعشرين من تموز من العام نفسه، وبلغ عدد جلساته أربعين جلسة .ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الثاني في الأول من كانون الأول 1953، واستمرت جلساته حتى الثامن والعشرين من نيسان 1954، وبلغ عدد جلساته إحدى وثلاثين جلسة،عندما صدرت الإرادة الملكية بحل المجلس. مما يعني إن عدد جلسات المجلس في الدورة الانتخابية بلغ إحدى وسبعين جلسة.
ومثلّ لواء السليمانية في هذه الدورة كل من : إبراهيم سعيد، حسن الجاف، علي كمال، عمر خدر، ماجد مصطفى، عبدالحميد الجاف.
أما انتخابات الدورة الرابعة عشرة (26 تموز 1954 – 3 آب 1954) فقد جرت على عهد وزارة أرشد العمري الثانية، والذي ألفها في (29 نيسان 1954-3 آب 1954)، بعد استقالة وزارة محمد فاضل الجمـالي الثـانية في التاسع من نيسان، فكانت باكورة أعمالها هو حل المجلس النيابي في أول أيام تشكيلها.
وقد واجهت حكومة أرشد العمري معارضة واسعة من قبل القوى الوطنية، لاسيما بعد إعلانها عن إجراء انتخابات جديدة في حزيران 1954، على أساس إن " تاريخ رئيسها وأقطابها زاخر بالأعمال الاستفزازية ضد الشعب وحرياته" وقد استغلت الأحزاب المعارضة العلنية منها، والسرية هذه الفرصة للإعلان عن مشاركتها فيها، و تمكنت هذه الأحزاب(الاستقلال،الوطني،الشيوعي،وبعض المستقلين) من صياغة برنامج عمل سياسي مشترك أعلن عنه في الثاني عشر من أيار 1954، والذي أصبح فيما بعد أساسا " لميثاق الجبهة الوطنية " الانتخابية.ومن المفيد الإشارة إلى أن الجبهة المذكورة تجاهلت الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما انه جاء خاليا من الإشارة إلى الحقوق القومية للشعب الكردي.
وكشفت الحوداث والوقائع على إن هذه الانتخابات لم تخل بدورها من مداخلات غير مشروعة من قبيل التزوير والتوجيه الحكومي، ولا سيما كان من المقرر أن تسفر الانتخابات عن أكثرية تأتمر بأمر البلاط وتسير وفق توجيهاته. إذ تصاعدت المقاومة الحكومية لمرشحي الجبهة الوطنية في مختلف مناطق البلاد، وفي السليمانية ألقت الشرطة القبض على إبراهيم احمد وعمر مصطفى و ستة عشر شخصاً آخرين ولم تطلق سراحهم إلا بعد انتهاء الانتخابات. وكان الحال كذلك في سائر أنحاء البلاد.
أجريت انتخابات الدورة الرابعة عشرة في موعدها في جميع المناطق العراقية في التاسع من حزيران 1954، و فازت المعارضة ( الجبهة الوطنية) بأحد عشر مقعداً، وعلى أثرها وردت إلى وزير الداخلية عدة شكاوى حول التدخلات الحكومية وصفتً الانتخابات "بالغير الحرة"، ومتهمة الحكومة "بالتدخل السافر"، واتهامها بإيقاف ومطاردة بعض وكلاء المرشحين على الصناديق، رغم وجود وكالات مصدقة لديهم فضلا عن تعرض بعض المرشحين للضغوطات من قبل السلطات الحكومية.وكذلك وجدت بعض اللجان الانتخابية عند فتحها للصناديق إنها مملوءة بالأوراق قبل وقت الانتخابات، وتعرض بعض وكلاء المرشحين للاعتداء بالضرب، مثلما حدث لوكيل مرشح الجبهة الوطنية عبدالكاظم عبد الرضا في الديوانية.
وعلى ما يظهر فان الانتخابات في لواء السليمانية كانت تجري دائماً وفقا لإرادة الحكومة التي كانت تسيطر على مجرياتها بشكل كامل. وفاز في هذه الدورة الانتخابية كل من: إبراهيم سعيد، احمد محمد صالح، با بكر حسن، جلال عبدالحميد، ماجد مصطفى، وعلي كمال.
جرى افتتاح المجلس النيابي بتاريخ 26 تموز 1954، للاستماع إلى خطاب العرش، وانتخاب ديوان رئاسة المجلس، وقد ظهر إن عدد المعارضين للمجلس بلغ 32 نائباً (أحد عشر نائباً من الجبهة الوطنية، فضلا عن عدد آخر من المعارضين)، وهم الذين صوتوا ضد مرشح الحكومة لرئاسة المجلس عبدالوهاب مرجان، وكان هذا الاجتماع هو الأول والأخير، إذ صدرت الإرادة الملكية بتعطيل مجلس الأمة حتى أواخر تشرين الثاني من العام نفسه، ولم تمض أيام قلائل على تأليف نوري السعيد وزارته الثانية عشرة، حتى صدرت الإرادة الملكية بحل مجلس النواب تمهيدا لانتخاب مجلس جديد له. وهكذا فان هذا المجلس لم يعقد سوى جلسة واحدة فقط هي جلسة الافتتاح.
أصدرت وزارة الداخلية أمراً بالشروع في انتخابات الدورة الخامسة عشرة في الثاني عشر من أيلول 1954، فقاطعتها بعض الأحزاب السياسية (حزب الأمة الاشتراكي، الحزب الوطني الديمقراطي)،وقرر الاشتراك فيها البعض الأخر (حزب الاستقلال).
ومنذ البداية ظهر تدخل السلطة في هذه الانتخابات وبشكل سافر حيث اخذ الموظفون الإداريون يتدخلون في أمر لجان التفتيش وفي اختيار المحلات لها، وقد حدث في السليمانية في الثالث عشر من أيلول إضراب عام احتجاجاً على نتائج الانتخابات فيها، وكان يبدو إن هذا الإضراب سينتهي بسلام عندما عاد الناس إلى مزاولة أعمالهم،ولكن وبعد مرور ثلاثة أيام، أي في السادس عشر من أيلول، عادت المظاهرات من جديد، مما اضطرت قوات الأمن إلى أن تتصدى للمتظاهرين، فسقط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين الشرطة والأهالي، وقد القت الحكومة كعادتها ذلك الأمر على مجرمين هاربين من وجه العدالة. جرت انتخابات الدورة الخامسة عشرة (16 أيلول 1953-27 آذار 1958)،و فاز معظم النواب بالتزكية، الأمر الذي وصفه محمد حديد "بمهزلة لم يشهد لها العراق مثيلا" ، وبذلك لم يكن المجلس الجديد بأفضل من المجالس السابقة، ولا انتخاباته بأفضل من انتخاباتها، حسب رأي سياسي آخر معاصر للانتخابات.
وقد فاز في هذه الدورة الخامسة عشرة ستة نواب من لواء السليمانية من مجموع مائة وخمس وثلاثين نائبا، إذ فاز بالتزكية عن قضاء شهربازار النائب إبراهيم الشيخ سعيد الحفيد كونه المرشح الوحيد لتلك المنطقة، وهو العدد الذي يساوي لما هو مخصص من مقاعد لمجلس النواب لذلك القضاء. والأمر نفسه ينطبق على كل من :عبد الحميد الجاف، وحسن فهمي علي الجاف، اللذين فازا بالتزكية عن قضاء حلبجة، بعد أن انسحب المرشح الأخر عزت محمد صالح واسترد تأميناته، وبذلك أصبح عدد المرشحين يساوي عدد نواب المنطقة. كما فاز بالتزكية أيضا رسول حسن عن المنطقة الانتخابية لقضاء بشدر بعد انسحاب احمد حمة آغا، وبذلك أصبح المرشح الأول الوحيد لتلك المنطقة الانتخابية، وهو يساوي العدد المخصص لمقاعد مجلس النواب لذلك القضاء دون خوض الانتخابات كما فاز نائبان عن مركز قضاء السليمانية وهما: سعيد قزاز، وعلي كمال ، وحصل الأول على 92٪ من الآراء الصحيحة، فيما حصل الثاني على 80٪ من الآراء الصحيحة في المنطقة الانتخابية قضاء مركز السليمانية،بعد انسحاب عزيز ياملكي من الانتخابات في تلك المنطقة الانتخابية.
في السادس عشر من أيلول 1954 بدأ الاجتماع غير الاعتيادي للمجلس، وقد أنتهى هذا الاجتماع بعد جلسة الافتتاح مباشرة، فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي الأول للدورة الانتخابية الخامسة عشرة في الأول من كانون الأول 1954، واستمر جلساته إلى الحادي والثلاثين من أيار 1955، وبلغ عدد جلساته تسعا وثلاثين جلسة، ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الثاني الذي بدأ في الأول من كانون الأول 1955،واستمر جلساته إلى الحادي والثلاثين من أيار 1956، وبلغ عدد جلساته أربعا وأربعين جلسة .وفي الأول من حزيران 1956 بدأ الاجتماع غير الاعتيادي، واستمر إلى الثالث عشر من الشهر نفسه، وبلغ عدد جلساته أربع جلسات.فيما بدأ الاجتماع الاعتيادي الثالث في الأول من كانون الأول 1956، واستمر إلى الثلاثين من حزيران 1957، وبلغ عدد جلساته واحدا وعشرين جلسة، ثم تلاه الاجتماع الاعتيادي الرابع في الأول من كانون الأول 1957، واستمر إلى السابع وعشرون من آذار 1958، وبلغ عدد جلساته سبع وعشرون جلسة، مما يعني إن مجموع جلسات المجلس في الدورة الانتخابية الخامسة عشرة بلغ ستا وثلاثين ومائة جلسة.
وقد أصدرت وزارة نوري السعيد الرابعة عشرة (3 آذار 1958 – 19 أيار 1958) إرادة ملكية بحل المجلس في اليوم التالي،بسبب قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن في السابع عشر من اذار 1958،مما استوجب تعديل الدستور العراقي وحل مجلس النواب، وعلى اثر ذلك أصدر سعيد القزاز وزير الداخلية بيانا حدد فيه يوم الخامس من أيار 1958 موعداً لإجراء الانتخابات العامة للدورة الانتخابية السادسة عشرة في جميع المناطق الانتخابية في العراق،ولم تتميز هذه الانتخابات عن سابقاتها،إذ فاز فيها بالتزكية (118) نائبا من اصل (148) نائبا.
ومن الملاحظ ان عدد مقاعد المجلس النيابي قد زاد في غضون هذه الفترة نتيجة الزيادة الحاصلة في عدد سكان العراق، إذ بلغ (6.339.960) مليون نسمة، استناداً إلى إحصاء عام 1957.ومن الطبيعي أن تشمل هذه الزيادة عدد سكان لواء السليمانية، إذ ارتفع عدد سكانها من (226.400) نسمة استناداً إلى إحصاء عام 1947 إلى (304.895) نسمة، استناداً إلى إحصاء عام 1957، أي أن الزيادة بلغت (78.495) نسمة. ويلاحظ بان الزيادة الحاصلة في عدد السكان قد أثرت أيضا على زيادة عدد المقاعد المخصصة للواء السليمانية، حيث زاد العدد من ستة إلى سبعة مقاعد أي بزيادة مقعد واحد. وقد مثلّ لواء السليمانية في هذه الدورة كل من: سعيد قزاز وعلي كمال عن مركز قضاء السليمانية وجلال عبد الحميد الجاف وحسن علي بك الجاف عن قضاء حلبجة، أما إبراهيم سعيد الحفيد فقد مثل قضاء شهر بازار، في حين مثل كل من بايز بابكر قضاء بشدر، وسامي فتاح عن قضاء رانية، وقد فاز الجميع بالتزكية.
يظهر مما تقدم إن تدخل الحكومات العراقية في سير العملية الانتخابية، وخلال ستة عشرة دورة انتخابية، وفي جميع الألوية العراقية، ومن ضمنها السليمانية، جعل من السهل على تلك الحكومات المتعاقبة ترشيح نوابها في المجلس، الأمر الذي ترك أثرا سيئاً على الحياة النيابية في العراق، وغدا المجلس عرضة للحل من قبل الحكومة التي أقدمت على حل المجلس ثلاثة عشرة مرة.