كنت اول فتاة دخلت الجامعة

كنت اول فتاة دخلت الجامعة

كنا خمس فتيات، ظمئت نفوسنا الى ارتياد مناهل العلم في الجامعة.. غير اننا خشينا اثارة الرجعيين.. اولئك الذين نصبوا انفسهم حماة التقاليد المزعومة..
ورأينا ان نلجأ الى استاذنا الدكتور طه حسين بك... فما ان وقف على رغبتنا حتى وعد بتحقيقها، ونصح الينا ان نلتزم الصمت وتجنب اذاعة الخبر حتى لا تخوض فيه الصحف، فيتعذر عليه المسعى.


وعملنا بنصيحة استاذنا، وكانت"مؤامرة"ناجحة، اذ فوجئ الرأي العام بنبأ قبولنا في الجامعة، ولكن بعد ان اصبح القبول نهائيا.
كان الجو الجامعي غريبا علينا، وكنا غرباء فيه.. كان الجميع يرقبون حركاتنا وسكناتنا.. واينما اتجهنا احاطت بنا الانظار، كأننا مخلوقات عجيبة تظهر على الارض للمرة الاولى.
وكنا نتحاشى ان نتحدث الى الطلبة، او نقترب من الاماكن التي يكثر وجودهم فيها، واذا حيانا احد تجاهلنا التحية. وهكذا امضينا وقتا طويلا، في شبه عزلة، حديثنا همس، وخطواتنا استراق.
وكانت المرة الاولى التي سمع فيها الطلبة صوتي، حينما اعتدت السلطات على استقلال الجامعة، فثرت مع الثائرين، ووقفت اخطب في نحو 1800 طالب وبدت الدهشة على وجوه الطلاب وهم يسمعون صوتي للمرة الاولى.. وراحوا يتضاحكون قائلين:"نطق ابو الهول"!
وتوليت قيادة الطلبة، خارج حجرات الدراسة، واستمر الاضراب عن تلقي الدروس زهاء ثلاثة اسابيع. وكم كانت غبطتي حينما دعاني العميد ذات يوم، وطلب الى ان اعمل على اعادة الطلبة الى الجامعة، كما عملت على اخراجهم.. بعد ان زالت اسباب الاضراب..
وجاشت في نفوسنا – خلال سني الدراسي – امنية التبريز في ضروب الرياضة، لكننا لم نجسر على الافصاح عن هذه الامنية.. فظلت حبيسة في صدورنا والان، وبعد ان عجنا الحياة، حلوها ومرها، استطيع ان اقول ان اختلاط الطلبة بالطالبات، لا ينجم عنه اي ضرر بل على العكس.. انه يكسب الفتاة حصانة ومناعة.. اذ ان الحجر لا يحمي الفتيات ولا يصونهن.. ويجب ان تشعر الفتاة انها مسئولة عن نفسها، وان لها من اخلاقها خير حصن..