كيف نجذب رؤوس الأموال؟

كيف نجذب رؤوس الأموال؟

علي نافع حمودي
كيف ننظر لخروج العراق من طائلة البند السابع من الناحية الاقتصادية؟ وكيف يمكننا استثمار هذا بشكل إيجابي؟من خلال متابعاتنا الكثيرة للندوات النقاشية التي تناولت موضوع رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على العراق منذ عام 1990

وما يترتب على ذلك من نتائج إيجابية كانت أم سلبية من الناحية الاقتصادية، إذ إن العقوبات وان كانت بقرار سياسي إلا إنها شكلت بعدا اقتصاديا كبيراً تأثر فيه الشعب العراقي ومصانعه وتقدمه في مختلف المجالات.

ورغم ان الكثير من أبناء الشعب العراقي كان يتصور بأن إلغاء العقوبات من عدمها في مرحلة ما بعد سقوط النظام في نيسان 2009 سيان، إلا إن الأمر يختلف من حيث الطبيعة القانونية لهذه العقوبات والتي التزمت بها كافة دول العالم بطريقة أو بأخرى حتى ما بعد 2003 وانعكس ذلك على جانب مهم من جوانب تدعيم الاقتصاد العراقي والذي يتمثل بمخاوف سادت الكثير من المستثمرين من إدخال أموالهم ومعداتهم الحديثة جدا والتي تحظر قرارات مجلس الأمن دخولها العراق.
لهذا فإن الشركات الأجنبية وكما هو معروف لا تستطيع صرف مليارات الدولارات في دولة تقع تحت طائلة البند السابع للأمم المتحدة، ولا تمتلك سلطة كاملة على شؤونها، وتعاني من مشكلات سياسية حقيقية، ولذلك فان إخراج العراق من طائلته سيكون له تأثير كبير في إنعاش البلاد ودخول رؤوس الأموال الأجنبية إليها واستقدام التكنولوجيا الحديثة والمتطورة في هذا الميدان الحيوي والمهم خاصة وان الكثير من المعدات المستخدمة في العراق قديمة جدا وبعضها يعود لخمسينيات القرن الماضي خاصة في ما يتعلق بإنتاج النفط.
ولكن نجد بأن أغلب السياسيين في البلد والكثير من وسائل الإعلام المحلية نظرت للأمر من الناحية السياسية فقط دون أن تنتبه للجوانب الاقتصادية وكيفية تهيئة الأجواء المناسبة لتحقيق الغاية الأساسية من إلغاء العقوبات.
فنجد للبعض نظرة لما سموه باستخدام الطاقة النووية، ورغم ان هذا الحق مكفول للعراق بموجب القرارات إلا أنه لا يمكن أن يمثل هدفاً ستراتيجياً في المرحلة الحالية لكونه يحتاج لموارد كبيرة جدا قدرها البعض بعشرين مليار دولار ولسنوات عديدة تصل لعقد من الزمن في ظل عدم استقرار سياسي حقيقي وبناء مؤسساتي متكامل للدولة العراقية.
أما البعض الآخر فقد نظر من منظار آخر تمثل بإعادة تسليح الجيش العراقي وهذا ما يتطلب إنفاق الكثير من الموارد في هذا الميدان في ظل الفساد الإداري المتنامي والمستفحل في الكثير من المفاصل.
لكن ما نريد أن نطرحه هو كيفية استثمار هذا الإلغاء للعقوبات؟ وكيف نتصرف؟
علينا أن نشرع القوانين ذات الطبيعة الحديثة التي من شأنها أن تشجع وتحفز المستثمر المحلي والأجنبي معا، وهذه القوانين أو حزمة متكاملة من القوانين من شأنها أن تجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعيد الكثير من رؤوس الأموال العراقية التي تم استثمارها في الخارج بعد عام 2003 خاصة في مصر والأردن وسوريا.
الجانب الآخر والمهم جدا إيجاد علاج فوري وسريع للفساد الإداري والترهل البيروقراطي المستشري في مفاصل وهيكلية البناء الوظيفي والإداري للدولة، عبر تثقيف موظفي الدولة العاملين في الدوائر ذات الصلة بعملية الاستثمار، تثقيفهم بإيجابيات الاستثمار وتأثيره على رفع مستوى المعيشة والقضاء على البطالة وتحقيق نسب نمو عالية في الاقتصاد العراقي الذي لا زال يعتمد بنسبة عالية جدا على إيرادات النفط والغاز.
وبطبيعة الحال هذا لن يتحقق بمجرد رفع الشعارات بل يحتاج لخطة عمل ومتابعة خاصة وإن هيئة الاستثمار تحولت لوزارة ليس من منطق الحاجة العملية للوزارة بل اقتضتها ضرورات استحداث وزارات سميت بوزارات (ترضية الشركاء السياسيين) ولكن مع هذا جاءت وزارة الاستثمار في توقيت يبدو مناسبا لكي تنهض بمهمتها الاقتصادية بالتزامن مع إلغاء العقوبات عن العراق بعد عقدين من الزمن.
وهذا كما يعرف الجميع يمثل إعادة الثقة الدولية بالنظام السياسي والاقتصادي العراقي، وسوف يشجع كبريات الشركات العالمية للتوجه والعمل فيه لأنه دولة تتمتع بالاستقلالية ويفترض انها لا تعاني من المشاكل السياسية والأمنية ولا تتفاقم فيها حالات الفساد الإداري وما يترتب عليه من جزئيات تؤثر ليس على جانب الاستثمارات فقط بل مجمل الاقتصاد العراقي.