أرنولد توينبي والتفسير المادي للتاريخ

أرنولد توينبي والتفسير المادي للتاريخ

جواد التباعي
تعد المادية التاريخية من أهم النظريات في فلسفة التاريخ، إضافة إلى أن شهرة توينبي اعتمدت بشكل أساسي على كتابه"دراسة التاريخ".فالمفهوم الذي اعتمده توينبي هو المدنية أو المجتمع، وهي الوحدة الأساسية للدراسة التاريخية، وهذه تدرس مجموعة من العينات من البشر والتي يطلق عليها، اسم"المجتمع"إذ أن الذي يجمع بين عناصرالمجتمع هو العامل الديني

كما قال أيضا بأن تاريخ البشرية يتغير باستمرار، بل يسير في خط متعرج غير مستقيم ويتكون من مجموعة من المدنيات حيث كل منها تمر بمرحلة الميل، ثم النمو فالإنهيار، كما أشار توينبي إلى التناقض الموجود بينه وبين المادية التاريخية، هذه الأخيرة التي ترفض فكرة التكرار الدوري للتأريخ للمدنيات، وترفض كذلك الفكرة التي تقول بأن التقدم يكون في خط مستقيم إذن فإن العملية التاريخية واتجاهاتها تكمن في التقدم التكنولوجي، الذي يختلف من مجتمع إلى أخر طبقا للنظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية هذه الأخيرة هي المؤثرات الحقيقية على إبداع الإنسان، لذلك فالحضارات شهدت تطورا من حالة السكون إلى حالة الحركة وهي عملية انتقال من السلب إلى الإيجاب.
يرجع البعض هذه العوامل، إلى الجنس والبعض الآخر أرجعها إلى البيئة الجغرافية. توينبي يرفض هذا التفسير حيث قال بأن تحول المجتمعات البدائية إلى الحضارة يكون عندما تواجه المجتمعات بعض المشاكل التي يطلق عليها لفظ (التحدي) لذلك فإن المدنيات لا تظهر إلا بعدما تشكل الظروف الطبيعية تحديا ينبغي قبوله.
كما توينبي حاول البحث في مراحل التطور التي تمر بها الحضارات، والتي تعرف النشأة ثم النمو وأخيرا تدخل مرحل الانهيار، إضافة على أن هناك ثلاث عوامل رئيسية تساهم في انهيار الحضارات وهي كالتالي:
-انعدام الإبداع وإخفاق الأقلية المسيطرة في ذلك، هذا الشيء يؤدي إلى عدم التجانس بين أغلبية الشعب والفئة الحاكمة، مما ينتج عنه انعدام، ورأى أن معظم المجتمعات عرفت الانهيار سوى المجتمع الغربي، إضافة إلى هذا فتوينبي يفسر انهيار الحضارات وذلك بتحليله للارتقاء، الذي ينتج عن الشخصيات المستنيرة ورأى أن معظم المجتمعات عرفت الانهيار سوى المجتمع الغربي، إضافة إلى هذا فتوينبي يفسر انهيار الحضارات وذلك بتحليله للارتقاء، الذي ينتج عن الشخصيات المستنيرة وكذلك عند عجز العقلية على قيادة المجتمع، أنذاك يحدث الانهيار، وأن الانهيار يحصل عندما تتفكك رابطة المدينة. إذن فالسؤال الذي يطرح هو: ما هو مؤشر هذا التحلل؟ أرنولد يرى أن السبب الرئيسي لهذا الانحلال يتمثل في حدوث الانيهار الذي يبدأ قبل مرحلة التحلل وأساس ذلك يتجلى في فقدان تقرير المصير، الذي ينتج عنه سيادة الخلافات الداخلية وهذا يؤدي إلى انعزال المجتمعات عن بعضها البعض.
يرى توينبي أن العوامل الأساسية التي تؤدي إلى التحلل هي:
- وجود أقلية مسيطرة.
- البروليتاريا الداخلية.
- البروليتاريا الخارجية.
ويعرف البرولتاريا الداخلية، بانها تلك الجماعة التي تكون داخل مجتمع وتشعر بانتماءها لهذا المجتمع بالجسد فقط وهذا يجعلهم يشعرون بالحرمان، إضافة إلى أن هناك علامات تحدد فترة التحلل والتي ظهرت في المجتمع الغربي المعاصر، وهي سيادة الاضطرابات والفوضى إلى جانب الخلافات الداخلية والخارجية، كما يقول بأن العلاقات بين الغرب وبقية أنحاء العالم هي في حالة حرب دائمة ومستمرة، إذن نرى أن هناك رأي متناقض في شخصية توينبي، فإذا كانت المدينات العالمية المعروفة تمر بدور التحلل والتدهور فإن هذا الأمر سينطبق بدوره على الحضارة الغربية،
كما أن المؤرخ تريفورروبو يعتقدأن توينبي تأثر بالكتاب المقدس وبكتابه دراسة التاريخ، من هنا يتجلى لنا التناقض الموجود بين مفهوم توينبي للتاريخ وأساس الحركة التاريخية، ومفهوم المادية التاريخية التي تضع مفهوم التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية. بدل مفهوم الحضارة عند توينبي الذي يصور التاريخ على شكل شجرة تنمو عليها الحضارات كالغصون ولكل حضارة مميزاتها وخاصيتها التي تنفرد بها، فمن وجهة نظر المادية التاريخية، أن مرحلة التمدن هي بمثابة مرحلة تحضيرية للتاريخ الحضاري الحقيقي، بينما يشكل هذا التناقض الصفة المميزة لمفهوم المدنية عند توينبي، مفهوم التشكيلة في المادية التاريخية، في حين كتب انجلر عن مراحل المدنية المتشكلة بواسطة خمسة أشكال وهي: النظام المشاعي البدائي، المجتمع البدائي العبودي، الإقطاعية، الرأسمالية، الشيوعية، بيما كل مادية تنشأ عن طريق أسلوب إنتاج محدد.
وفي النهاية تود أن نشير إلى أن نولد توينبي، يختلف تماما في فهم عملية التاريخ، بيد أنه يرى أن الطريقة الوحيدة هي اللجوء إلى الثقافة والحضارة و القيم الأخلاقية والروحية، فالشعوب مختلفة من ناحية التفكير وكذلك في محاولة الوصول إلى الحقيقة.

عن موقع الحوار المتمدن