الشالجي يوثق المنطوق في الحياة اليومية

الشالجي يوثق المنطوق في الحياة اليومية

كوثر جاسم
هذا كتاب جامع في الكنايات العامية البغدادية، وكنايات كل قوم تشتمل على اخبار ماضيهم، واحداث حاضرهم، وتشير الى مايحبون ومايكرهون، وما يحترمون وما يحتقرون، ويتبين منها مايدل على طبيعة اهلها، وسلوكهم، في مختلف ظروفهم واحوالهم.

وكان المؤلف المحامي عبود الشالجي، الذي الف كتاب(موسوعة الكنايات العامية البغدادية) بجزئه الاول، الذي يعد من خزائن دار الكتب والوثائق، قد جمع في سنة 1976 موجزا في الكنايات العامية البغدادية، وكان يقيم انذاك في مدينة بحمدون من لبنان ، وألجاته ظروف الامن الى ان يترك بحمدون الى زحلة ، حيث مكث فيها عشرين يوماً بلا عمل ، فآثر ان يشتغل بجمع مااستوعبته ذاكرته من الكنايات العامية البغدادية وجمع ما امكنه جمعه منها ، ولما عاد الى بحمدون اضاف اليها بعض مارضي اضافته. واخرجها في كتاب سماه كتاب الكــــــنايات العامية البغدادية ، وذكر في مقدمته بأنه قد دون، لما كان في بغداد، مجموعة من الكنايات العامية البغدادية ، وحالت كثرة اشغاله دون اتمامها، ولما قام بتحرير ذلك الموجز ، كانت المجموعة التي حررها في بغداد بعـــــــيدة عنه، وتأخر وصولها اليه ، فاخرج الموجز على مافيه من نقص ، عملا بقول الامام علي (عليه السلام) : لاتستح ِ من اعطاء القليل فإن الحرمان اقل منه، ثم وصلت اليه مجموعة الكنايات التي خلفها في بغداد، فاعاد تنظيمها وترقيمها ، واضاف اليها ما أضافه من اخبار واشعار ، فجاء كتابا جامعا في الكنايات العامية البغدادية، ولذلك وسمه بالموسوعة ، وقد حرص على ان يجمع فيه ما امكنه جمعه من الكنايات العامية البغدادية ، مع استقصاء اصولها ، وتفسير غريبها ، وايضاح معانيها ، وذكر المناسبة التي قيلت فيها ، مع مقابلتها بما يماثلها او يقاربها من الكنايات القديمة ، وقد استشهد في ثنايا الكنايات بأبيات من القريض وبأبيات من الشعر العامي ، من نظم الشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي رحمه الله ، وربما كرر اثبات البيت من القريض او العامي اكثر من مرة ، لضــــــرورة اقتضت تكرار اثباته ، اذ يجد ذلك اجدى من الاشارة الى الفقرة التي اثبت فيها ذلك.
والكنايات العامية البغدادية ، تنقسم الى اقسام ، منها الكنايات العامة، التي يشارك البغداديين فيها اي جميع الناس، مثل قولهم : سفينة نوح، او برج بابل، ومنها الكنايات العربية، مثل قولهم: حرب البسوس، او دم كليب، او قفا نبك، ومنها الكنايات الاسلامية، مثل قولهم: شعرة معاوية، او اقتلوني ومالكا، او ابن ملجم، او ظلم الحجاج، ومنها الكنايات العراقية، مثل قولهم: بعد خراب البصرة، او بين العجم والروم، او قانون عفج، او ولاية بطيخ، او برمكي، او ابو ناجي، ومنها الكنايات البغدادية، مثل قولهم: بزونة حسين الطعمة، او خان جغان، او اخباري، او صندوق الولايات، او تعال فهم الاغا، او ابيض وبيض، او خبز باب الاغا.
وأدرج المؤلف فيه جميع ماوعته ذاكرته في حينه من الكنايات، وفيها الغث وفيها السمين، في بعضها ماينجذب اليه الطبع، وفي البعض الاخر ماينبو عنه السمع ، وقد رأى ان اثبات بعضها ، واغفال البعض الاخر يخل بأمانة النقل، فاوردها بعجرها وبجرها (كناية قديمة) واثبتها بصوفها ولبنها (كناية موصلية) وساقها بتبنها (كناية بغدادية) لكي لايوجه اليه عتب بأنه قد اورد البحث ناقصا، وقد وجد ان البعض من المؤلفين يتحاشون ايراد الالفاظ التي تذكر فيها العورات تحرجا، او خوفا من اللوم، او رغبة في وصفهم بالتقوى، لكن مؤلف هذا الكتاب ليس من رأي هـــــــؤلاء ذلك أنه رأى أن اثبات الكل يمكن الباحث من الاطلاع اطلاعا تاما على واقع الحال ، اما اثبات البعض وترك الباقي فهو افتئات على الحقيقة التي يجب ان تحترم.