رباعيات الخيام.. لا رباعيات أخرى

رباعيات الخيام.. لا رباعيات أخرى

فائز الحداد
الرباعيات اصطلاحا وعلى مر التاريخ، اشتهرت شعريا باسم شاعر أوحد كبير، هو في تقديري سيد الشعراء وأمير أمرائهم.."عمر إبراهيم الخيّام"، وباسمه اقترنت بيانا وحكمة وستظل كذلك حتى تصيح الساعة، وكل ما كتب ويكتب من تجارب شعرية، أجزم بأنها لن تلتحق في ميدان الأهمية ولا حتى على سبيل المقارنة بها، رغم أن التجريب وارد على صعيد المحايثة أو المضارعة.. وهو حق لأي شاعر ولكن.. على شرط أن يبلغ ما بلغه المقارن به في الهدف كشعر وحقيقة.

فهل ما ينشر الآن وما نقرأه.. هو بحق رباعيات شعرية ترقى إلى ما كتبه للخيام العظيم.. هنا السؤال جدوى الحاسم؟
والجواب: دون أدنى مواربة أو تزلف ودون أدنى عناء ولا مماحكة.. لا.
السبب في ما أرى ليس في الشعر إنما في الشاعر، ذلك الذي طرق الرباعيات سبيلا مقترنا باسم شاعر كبير كالخيام، ولم يفلح في بلوغ حواشيها حتى في أدنى المعاني أو السمات.. والسبب الآخر هي رباعيات الخيام لا رباعيات زيد أو عمرو.
فهل هذا يعني أن على الشاعر المجرب أن يكون له غير الذي كان في التعريفة والتعريف.. أي أن ينتهج الشاعر المجرّب غير الرباعيات ويجد سبيلا لشعره آخر في التسمية كالثلاثيات أو الخماسيات مثلا؟
المسألة أحسبها كقارئ.. تتعلق بمقدار الشعرية المبثوثة في التكوين الشعري المنشأ، وبخلافه يكون الشاعر قد جرب التعكز على الخيام شخصا واسما ومنجزا وتاريخا، وهذا هو جزء من التجني الشعري السلبي المتعمد.. بمعنى آخر: هو السعي إلى تهميش تجربة الخيام الكبيرة من خلال الرباعيات"البديلة"المفترضة.. وإلا بماذا نفسرها أو نحسبها تأويلا.!؟
فإذا كان بمقدور شاعر أن يأتي بمستوى ما كتبه الخيام في الرباعيات عنوانا و شعرا.. لماذا يسلك ذات المنحى ليعرف شعره بتعريف ليس له كرباعيات.. (وليس له ما به ولو ضمنا)؟.
إن الخيام كان مختلفا.. أختلف في كل ما جاء به في رباعياته المتفردة.. لذلك أهتم بها وبه النفاد والباحثون وشاع صيته شعريا وتاريخا.. وفي مقدمة الذين اهتموا به شعرا وترجمة هو الشاعر الانكليزي ادوارد فيتز جيرال، ومثله أيضا ما قيل ويقال عن المتنبي الكبير وأبي تمام وأبي العلاء والجواهري وشكشبير ورامبو وغيرهم تمثيلا لا حصرا.

وتبقى الترجمات علة العلل بين ما هو شعري ونثري فيما نقل عن هذه الرباعيات الخالدة.
أما عن هذه الترجمات يقول الناقد العراقي د علي عباس علوان (أن أكثر الترجمات شاعرية هي ترجمة الشاعر الكبير أحمد رامي، لكنها قصرت الدقة في نقل المعنى ألخيامي، لكن شاعرية الصافي ألنجفي كانت أقل من شاعرية رامي من حيث العذوبة والرقة وجماليات القصيدة العربية. وتبقى ترجمة أحمد حامد الصراف أدق وأشمل وأوفى من كل الترجمات التي قدمت باللغة العربية، لكنها نثرية وتحمل عيوب النثر وقصر الموسيقى)
وفي هذا الصدد يجب أن نذكر ترجمات الرباعيات ومن نظمها شعرا كالذي فعله الزهاوي عام1928، ولو سبقه في ذلك الشاعر أحمد رامي عام 1924، غير أن أول ترجمة للرباعيات كانت عام 1912 من قبل الشاعر اللبناني وديع البستاني ثم تتالت ترجمات كثيرة.. منها ترجمة محمد السباعي ومحمد الهاشمي وعبد الحق فاضل واحمد زكي وتوفيق مفرج عن اللغة الإنكليزية وأخرها ترجمة الشاعر المجيد محمد محسن ألسيفي"والتي أعتمد فيها على الترجمة النثرية للأستاذ أحمد حامد الصراف في كتابه"الخيام"إذ ترجمها ترجمه نصية بحته ارتكزت على نص الرباعية الفارسية المكتوبة على وفق بحر الدوبيت وهذا يجعل نص الترجمة صعبا جدا، ولكن الشاعر ألسيفي استطاع بمقدرته الشعرية أن ينشئ (101) من الرباعيات في كتابه الأثير"رباعيات الخيام"على غرار النص النثري دون خلل في المعنى أو الأسلوب.) حسب ما يرى.. أ د علي عباس علوان.
أما عن موضوع التجريب شعرا كرباعيات، والذي طرقه بعض الشعراء فهذا ما سنأتي إليه تفصيلا في التقييم والبحث في كتابة قادمة كأهمية وحقيقة شعر مقارنة في ما تركه لنا عمر الخيام في رباعياته الخالدة.. والله من وراء القصد.