جماليات الأزياء المسرحية

جماليات الأزياء المسرحية

تأليف:
د. حيدر كاظم جواد العميدي
إصدار: دار الرضوان للطباعة والنشر في عمان 2014
قراءة: د. عامر صباح المرزوك
شاع في الدراسات الأدبية والفنية المعاصرة، لاسيما المسرحية منها، استخدام المفاهيم النقدية وتوظيفها مفاهيميا ً في تحليل النصوص – العروض المسرحية، وإمكانية تطبيقاتها والاستفادة منها بوصفها منهجا ً نقديا ًتحليليا ً، محايثة الاستخدام لمثيلاتها في مجالات الأدب والفن والجمال ،

ومن هذه المصطلحات - دراسات هذا الكتاب – (التاريخانية، التورية الزمكانية، التواصلية، السيميائية، المسافة الجمالية)، كمصطلحات نقدية فعالة، اتخذ المؤلف من معناها الاصطلاحي منهجا ً قرائيا ً جديدا ً في تحليل عنصر تبوأ منصبا ً في العروض المسرحية المعاصرة ، والدراسات المسرحية الحديثة، إلا وهو (الزي المسرحي)، وما يمكن أن يؤديه من وظيفة التعدد المعنائي والقرائي المستمر له – السيرورة المعنائية – في العرض الواحد وفي كل مشاهدة من المشاهدات المتعددة له.
يقول المؤلف الكريم في مقدمة الكتاب: في دراسات هذا الكتاب، ودراساتي السابقة، لاسيما كتابيّ الموسومين (تأويل الزي في العرض المسرحي) و (الأزياء المسرحية....المضمون والدلالة في العرض المسرحي التاريخي)، لم ولن أتعامل مع الزي المسرحي، بوصفه خامة وملمسا وخطا ولونا وشكلا وفضاء، ملبسياً (موضة) ومسرحيا ً، تصميما ً – تفصيلياً. بل تعاملت وأتعامل معه بوصفه حامل لمزاج وتاريخ وحضارة شعب، انطلاقا ًمن إن الأزياء ماهي إلا انعكاس لحضارة الشعوب تفصح عما يعجز عنه الكتاب والمؤرخون، أتعامل معه بوصفه لغة بصرية مقروءة، لغة إخبارية، أتعامل معه بوصفه شخصية مضافة إلى شخصيات العرض، تشارك الممثل حواره وصراعه تقيم معه علاقة وطيدة قائمة على احترام الجسد الإنساني، أتعامل معه بوصفه منظومة علاماتية السنية، نسق سيميولوجي يشتمل على مجموعة أنظمة متعددة، انطلاقا من أن اللغة الكلامية لم تعد لغة التواصل الوحيدة في المجتمع العصري، بل أضحت الوسائل السمعية والبصرية القيام بهذه المهمة.
حوى هذا الكتاب في ثناياه خمس دراسات، تعنونت الأولى منها: (التاريخانية في أزياء العرض المسرحي)، والتي قرأ فيها المؤلف الحدث التاريخي قراءة ممحدثة، قراءة معصرنة، من خلال الزي المسرحي، من خلال إدماجه وتداخله ونقله للأفكار التاريخية والمعيشة في الحقب التاريخية الموغلة في القدم إلى الآنية المعيشة (ها هنا الآن)، محققا ً مفهوم (تاريخانية الزي) في العرض المسرحي، مؤكدا الزي في العرض المسرحي على وحدة الانتماء، وهذا الانتماء هو الذي يؤسس التاريخانية الأصيلة القائمة على الانتماء المتبادل بين الحقيقة التاريخية وحقيقة الفهم التاريخي.
أما الدراسة الثانية فجاءت بعنوان (التورية الزمكانية في أزياء العرض المسرحي)، والتي تمت فيها قراءة المعاني المضمرة، المستترة، المسكوت عنها في خطاب الزي في العرض المسرحي والموارى عنها بالمعنى القريب، انطلاقا ًمن إن الزي المسرحي يستبطن جدلا ًمستمرا ً بين الأوجه الخطابية أي السكت المسرحي، مما يولد دلالات هي عبارة عن دورات أوجه خطابية ظاهرة ومحتملة تستلزم رتبا ًهرمنيوطيقية تأويلية وتفسيرية، لعب معنائي حر يتحرك ذهابا ًوإياباً على خشبة المسرح، ممتلكا ًزمكانه الخاص في الحاضر وان كان يرتدى في عمل مسرحي قديم.
بينما تعنونت الدراسة الثالثة (التواصلية في أزياء العرض المسرحي)، والتي تم فيها قراءة مفهوم المسافة الجمالية في الزي المسرحي، الذي لا يصوغ معناه بنفسه، انه لا يتألف ولا يتكون في دلالة عرضية – من العرض – إلا عن طريق فعل المشاهدة – التلقي – التواصل -، إذ يضع تفاعل الزي والمتلقي له في العرض المسرحي مسائل التلقي والتأويل في إطار أكثر سعة لقضية التواصل، حيث المتلقي والتواصل يؤلفان عناصر قضية تواصلية أكثر سعة.
في حين جاءت الدراسة الرابعة موسومة بـ(دلالات ملمس الزي في العرض المسرحي) والتي تم فيها قراءة عنصر من العناصر البنائية – التكوينية (الجزء)، الداخلة في تكوين وتكاملية الزي المسرحي (الكل)، إلا وهو الملمس، محاولا ً فيه المؤلف الإجابة عن تساؤل: هل بالإمكان قراءة أفكار العرض المسرحي، من خلال جزء من أجزاء المكون الملبسي مسرحيا ً، فجاء المدرك البصري (الملمس)، متمكنا ًمن حمولته لنسق من التشفير (نعومة وخشونة)، مما أتاح للمتلقي – المؤلف – تحميله عدة دلالات أو استنطاقه ضمن سياقه، مضيفاً لمضمون العرض (كلا ً) وللزي (جزءً)، قيماً معنوية – من المعنى – غنية الإثراء الإيحائي والدلالي.
أما الدراسة الخامسة فتعنونت بـ(جماليات السينوغرافيا في الفضاءات المفتوحة)، والتي تمت فيها قراءة السينوغرافيا – المشهد في لحظة ثبات الصورة – لكن هذه المرة في الفضاءات المفتوحة، من النواحي النفسية والدلالية والدرامية، منطلقا ًمن أداء السينوغرافيا في الفضاءات المفتوحة دورا ً مهما ً في بعث الجمال في العرض المسرحي من خلال احتفائها بالشكل وما ينطوي عليه من علامات سيميائية بصرية ذات دلالات تعبيرية تعمل لإنجاز وتنمية الذائقة الجمالية الداخلة في العرض والتي تزيده غنى ًوقوة تأثيرية.
نبارك للدكتور العميدي نتاجه الاكاديمي النقدي الذي درس فيه جمالية الأزياء في العرض المسرحي، وهو بذلك يرفد المكتبة المسرحية بنتاجات ثرة تدرس التقنيات المسرحية وما أحوجنا بمثل هكذا دراسات نقدية على أمل ان ننتظر منه دراسات جديدة في عالم المسرح.