المعارف في العراق قبيل تاسيس وزارة المعارف سنة 1920

المعارف في العراق قبيل تاسيس وزارة المعارف سنة 1920

■ د . عدنان هرير الشجيري
شهد مؤتمرالصلح الذي أنعقد في باريس ( 18كانون الثاني1919-21 كانون الثاني1920) تضاربا في الأطماع والمصالح الأستعمارية بين الدول الغالبة في الحرب العالمية الاولى بريطانيا وفرنسا من جهة والولايات المتحدة الامريكية من جهة اخرى ، وبينهما وبين الامم المنسلخة عن الدول المغلوبة(ألمانيا والدولة العثمانية والنمسا والمجر)، والتي كانت تجد في الشعارات المطروحة حول "تقرير المصير "و"الحكم الذاتي" وحقوق الامم الصغيرة " أملا في تحقيق طموحاتها الوطنية والقومية.


وقد سارع رجال الموتمر الى الأخذ بمقترحات الجنرال جان سمطسJen Smuts (1870 - 1950) ، ممثل جنوب أفريقيا في المؤتمر، والتي طرحها قبل أنعقاد المؤتمر وأقترح فيها وضع الأمم المنسلخة تحت أنتداب دولة راقية الى حين بلوغ تلك الأمم القدرة على ادارة نفسها بنفسها. إذ وجدوا فيها حلا توفيقياً بين مطامح الدول الاستعمارية وأمال الأمم المنسلخة، وبعد تعديل بسيط في تلك المقترحات، أقرت في المادة (22) من ميثاق عصبة الامم. لتتخذ منها الدول المنتصرة غطاء شرعيا لحماية مصالحها.
أن تحديد مهمة الدولة المنتدبة بتطوير الدولة الخاضعة لأنتدابها وأيصالها إلى حد القدرة على أدارة نفسها بنفسها وحماية أستقلالها يعني ضمنياً أقامة سيادة مشتركة بين ألدولة ألمنتدبة وبين الدولة الخاضعة للأنتداب، وعلى هذا الأساس شرعت الحكومة البريطانية بعد تفويضها بالأنتداب على العراق بموجب مقررات موتمر سان ريمو 24 نيسان 1920 الى وضع نظام الأنتداب موضع التطبيق، ولم يكن نظام الأنتداب المزمع اقامته في العراق يتطلب أتخاذ تدابير استثنائية لان العراق محتل من قبلها،ولم ينقصها سوى تشكيل ألواجه العربية ليتم تحويل سلطةالاحتلال وموظفيها الى سلطة وموظفي انتداب( مستشارون ومشاورون ومفتشين) وان كانوا في حقيقتهم حماة المصالح البريطانية، وعليه امرت الحكومة البريطانية في السابع عشر من حزيران1920 وكيل الحاكم العام أرنولد ولسن بان يعلن عن عودة برسي كوكس الى العراق في الخريف القادم، كممثل أعلى( مندوب سام) للحكومة البريطانية وأنها أوكلت له مهمة تشكيل حكومة مؤقته، تتولى الحكومة البريطانية فيها مسوولية الأمن الداخلي والخارجي.وكذلك وضع قانون اساسي باستشارة مجلس منتخب.
وعلى الرغم من الهيجان الشعبي الرافض للوجود البريطاني ، وتحوله الى ثورة مسلحة عمت العراق من اقصاه الى أقصاه والتي عرفت في تاريخ العراق الحديث بثورة العشرين، عاد برسي كوكس الى العراق في الاول من تشرين اول 1920 ليضع السياسة المذكورة التي رسمت أبعادها سلفا موضع التنفيذ ، وبعد ثلاثة أسابيع ونيف من الاتصالات واللقاءات مع ساسة ورجال دين ووجهاء وشيوخ قبائل من أطياف الشعب العراقي المختلفة نجح في أختيار هيأة الوزارة بما فيهم رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب الذي تسلم منه يوم الخامس والعشرين رسالة تكليف رسمية دعاه فيها للتشرف برئاسة مجلس الوزراء. بناء على موافقة مسبقة من قبله قد افضى بها اليه عند أجتماعه به قبل يومين من تاريخ التكليف.
وقد تالفت هيأة الوزراء فضلا عن رئيس الوزراء من ثمانية وزراء أصليين ، واثنى عشر أخرين من دون حقائب وزارية. واستناد الى البند الرابع من المادة (22) من ميثاق عصبة الامم (نظام الانتداب) عين برسي كوكس لكل وزراة مستشار بريطاني ، نظمت العلاقات بينهما بموجب بروتوكول خاص سمي بـ"لائحة التعليمات لهيأة الادارة العراقية" وقع يبن الطرفين العراقي والبريطاني في العاشر من تشرين الثاني 1920 في أجتماع مشترك ضم هيأة الوزراة العراقية والمندوب السامي كونه ممثلا للحكومة البريطانية في العراق، وبموجبه أقرت صلاحيات مجلس الوزراء وعلاقة الوزير بالمستشار، فعد البروتوكول هيأة الوزراء مسؤولة عن أدارة شؤون الحكومة كل حسب أختصاصها الافيما يتعلق بالامور الخارجية والعسكرية فهما من اختصاص المندوب السامي وبما ان كل عضو في الهيأة الوزارية هو رئيس دائرة، فعليه أن يخضع الى:أ.أشراف مجلس الوزراء.ب.مشورة المستشار.ج.سلطة المندوب السامي.
لقد أوجب هذا الترتيب على الوزير ان يعرض جميع الامور الرسمية للوزراة على مجلس الوزراء عن طريق المستشار، وان تنتقل مقررات مجلس الوزراء الى الوزير عن طريق المستشار، ونص ايضا على أن من حق المستشار حضور جلسات مجلس الوزراء التي يبحث فيها امورالوزراء المعين فيها وله حق النقاش دون التصويت، وخول البروتوكول مجلس الوزراء تعين الموظفين العراقيين بموجب توصية من الوزير المختص، على ان تحظي بمصادقة المندوب السامي على اعتباره المرجع الأعلى في الأمور كافة.
لقد عد البروتوكول أحد أهم وثائق نظام الانتداب على العراق بعد المادة 22 من ميثاق عصبة الامم لتضمنه على خطة العمل السياسي والاداري المشترك بين العراق وبريطانيا في عهد الانتداب 1920-1932.
وبمناسبة الذكرى الثانية لنهاية الحرب العالمية الاولى، والتي تصادف في الحادي عشر من تشرين الثاني 1920، اكتسبت الهيأة الادارية صفتها الشرعية ببيان اصدره المندوب السامي وجاء فيه"… بناء على ماورد من المنشور الصادر في 17 حزيران1920 بان حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا اذنت بتشكيل مجلس نيابي منتخب لسن قانون اساسي للعراق فالى أن يتم تاليف هذا المجلس يجب ان تدير دفة الامور في البلاد حكومة وطنية موقتة بنظارتي وارشادي…وبناءاً عليه انا الميجر السير برسي كوكس … اعلن مايلي:
اولا – تؤلف هيأة أدارية مؤلفة من رئيس وزراء ووزراء للداخلية،والمالية، والعدلية، والاوقاف، والمعارف والصحة، والدفاع، والاشغال العمومية، والتجارة، ووزراء اخرين ليس لهم وزارات خاصة بهم.
ثانيا- ستقع مسؤولية ادارة شؤون الحكومة – ماعدا الأمور الخارجية والحركات الحربية والامور العسكرية الاما يعود الى القوات الوطنية –على هيأة الوزارة،وستجري اعمال الهيأة بنظارتي وارشادي. وعلى الرغم من صدور البيان المذكور فأن عمل الادارة الانتدابية لم يبدا رسميا الا في 3 كانون اول 1920 عندما اعلن المندوب السامي".. بأن جميع الحقوق والصلاحيات والواجبات التي كانت منوطة بالحاكم المدني العام والسكرتير العدلي، ستنتقل الى المندوب السامي ووزير العدلية والداخلية بالتعاقب…."
وبهذا انطوت صفحة الحكم البريطاني المباشر لتبدا صفحة جديدة في تاريخ النظام الاداري العراقي عرفت بنظام الانتداب اختلف عن النظام السابق في الشكل والى حد ما في المضمون والتقى معه في الهدف إذ صب الإثنان في خدمة المصالح البريطانية .

التشكيلات الادارية في عهد الانتداب:
بموجب خطة تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة التي أعدها برسي كوكس تألفت الحكومة المذكورة من مجلس وزراء وثمانية أدارات (وزارات) تنفيذية، وهي الداخلية، والعدلية، والدفاع، والمعارف والصحة ، والنافعة ، والتجارة، والاوقاف.
وقد أقر الرقم تسعة في القانون الاساسي(الدستور) كحد اعلى للوزارات العراقية ، كما نص على ان لايقل عددها عن ستة بضمنهم رئاسة الوزراء.

أدمجت نظارة المعارف والصحة العمومية بوزارة واحدة من وزارات الحكومة العراقية المؤقتة ( 25 تشرين الاول1920 –10 ايلول 1921) وهي وزارة المعارف والصحة العمومية، وقد تألفت النظارة من مقر عام أشتمل فضلا عن الوزير على كل من البريطانيين مستشار الوزير لشؤون المعارف المستر نورتون E.L.Norton ووكيل نظارة المعارفLionele, Smithوعندما ترك نورتون العمل في العراق في اوائل 1921 عين وكيل النظارة مستشارا بالوكالة وبسبب مرض الاخير وسفره الى لندن حل محله في الاستشارة والوكالة الكابتن جيروم فارل Jerume Farell حتى عودته الى العراق في بداية سنة 1923 ، كما تألفت من معاون وكيل المستر ج.أي.كان G.A.Cane ورئيس هيأة التفتيش المستر ج.سمرفيل G.Samerfiel كما أشتمل على سكرتير عراقي وهو السيد مصطفى على السيد مسعد، وكان يشرف على الاقسام الادارية للنظارة التحرير والذاتية والمحاسبة والتعريب والمخازن. وللنظارة ثلاث ادارات تنفيذية من أصل خمس كانت موجودة في العراق قبل ثورةالثلاثين من حزيران 1920 . وقد الغيت منها أثنان بسبب الاضطرابات التي حدثت في مناطقها من جراء الثورة المذكورة. والادارات الثلاثة هي :
1.منطقة معارف بغداد ، وتولت ادارة معارف ضمت الوية بغداد والدليم وديالى والكوت، وكانت تشرف ايضاً على معارف الوية المنطقة الغربية الملغاة والتي تشمل كل من كربلاء والنجف والحلة والديوانية ، وكان يديرها العراقي يوسف عز الدين ، وضم ملاكها مديرا للالعاب الرياضية ورئيس كتاب ومحاسب وكاتب طابعة وكاتب السجلات وكاتب الذاتية.
2.منطقة معارف الموصل، وتولت ادارة معارف لواء الموصل وحدة وكانت تشرف على معارف الوية المنطقة الشرقية الملغاة كركوك واربيل والسليمانية وكان يديرها البريطاني و.و.ج. برايورO.O.G.Braioure، وضم ملاكها مفتش اللغة النكليزية البريطاني و.ج. كاليل O.G.Kaliyle ،ومفتش معارف الموصل العراقفي سبيم حسون، ومفتش مدارس كركوك والسليمانية واربيل محمد شبعه،وضم الملاك رئيس كتاب ، ومحاسب وكاتب طابعة ومامور مخزن وكاتب الذاتية.
3.منطقة معارف البصرة وتولت أدارة معارف الوية البصرة والعمارة والمنتفك وكان يديرها البريطاني، اف،بي رايلي F.B.Raielyوضم ملاكها عددا من العراقيين كمفتش اللعاب الرياضية ومفتش اللغة الانكليزية ورئيس كتاب ومحاسب وكاتب طابعة وكاتب الذاتية ومامور مخزن.
وقد الحقت دائرة الاثار بعد تأسيسها في اواخر 1921 بالمعارف . ولكن اعيد فصلها ثانية في سنة 1922 ، كما الحق بها كلية الحقوق في 4 اذار 1924 .
وعلى الرغم من عد سلطة الأنتداب الادارة التعليمية من الادارات الثانوية فان الاستشارة البريطانية حاولت أن تسير بالعملية التعليمية بعيداً عن طموحات العراقيين ومع ذلك فقد حظي التعليم باهتمام رسمي وشعبي ملحوظ، على اعتبار الثقافة الدعامة التي يستند عليها الاستقلال الحقيقي للبلاد، وانها من الوسائل الفعالة في نهوضه ورفع مستواه.
وفي ضوء هذا الادراك لاهمية التعليم قام عبد الرحمن النقيب باستحداث وزارة مستقله للمعارف في حكومته الثانية ( 12 ايلول 1921 –19 اب 1922 ) للاشراف على رسم السياسة التعليمية وتنفيذها من اعلى المستويات ، وبعد ان تسلمت الوزارة لمسؤولياتها الادارية أعادت العمل بمجلس المعارف المركزي(تألفت مجلس المعارف المركزي من اكثر من عشرين شخصية عراقية، منهم على سبيل المثال محمدرضا الشيبي والاب انستاس الكرملي وجميل صدقي الزهاوي ويوسف ابراهيم ومحمد شكري الالوسي والسيد محمد خليل وساطع الحصري وسليمان فيضي)، الذي كان معمولا به في العهد العثماني، لغرض الاستئنساس باستشارته والتحرك على الاهالي لحثهم على أرسال ابنائهم الى المدارس والتبرع بالمال لصالح حملة بناء المدارس. ولكن المجلس الغي بعد مرور اقل من سنة على تأسيسه بموجب قانون مجالس المعارف الصادر في 6 حزيران 1922 والذي تقرر فيه تاسيس مجلس معارف في كل لواء من الالوية العراقية ويكون برئاسة متصرف اللواء وعضوية كل من مديرالمعارف وعالمين من علماء المسلمين ومديرين من مدراء المدارس الاولية والابتدائية ومدير المدرسة الثانوية واربعة من الاهالي يتم انتخابهم بواسطة المجلس البلدي ، وفي حالة عدم وجودمدير معارف او مفتش في اللواء يقوم مقامة مدير اكبر مدرسة في اللواء، وعلى مدير المعارف او من يقوم مقامة ان يقدم الى المجلس كل ثلاثة اشهر تقريرا مفصلا عن سير العملية التعليمية لدراستها واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.على ان ترسل نسخة من تلك القررات الى ديوان الوزارة.
وقد وافق مجلس الوزراء في 26 شباط 1922 على أستحداث وظيفة معاون وزير حصرا في وزارة المعارف، نزولا عند رغبة الملك فيصل بتعيين مستشاره الخاص لشؤون المعارف ساطع الحصري. في تلك الوظيفة ليتولى تنظيم امور المعارف. ولكن الوظيفة والدرجة وبتحريض بريطاني الغيتا من الملاك في اوائل سنة 1923 بموجب مقررات الجنة الاقتصادية التي شكلها مجلس الوزراء في سنة 1922 برئاسة وزير المالية ساسون حسقيل لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور الناجم عن أزمة الركود الاقتصادي العالمية، ان الغاء وظيفة المعاون لم يرق للملك فيصل في أن يرى صديقه ومستشاره خارج ادارة المعارف فطلب من مجلس الوزراء استحداث مديرية المعارف العامة لتتولى رسم وتنفيذ السياسية التعليمية وترشيح ساطع الحصري رئيسا لها ، وقد وافق مجلس الوزراء على مقترح الملك ، وبناءاً عليه صدرت ارادة ملكية برقم 245 في 18 كانون الثاني 1923 قضت بتعين الحصري مديراً للمعارف.
وقد أدرك القائمون على الادارة التعليمية وعلى رأسهم ساطع الحصري أهمية تحرير الادارة التعليمية من سيطرة الموظفين البريطانين وما سيتركه من اثر ايجابي على سير سير العملية التعليمية وعليه وضعت خطة محكمة لتحجيمهم ثم اقصائهم. فاصدرت في كانون أول 1922 تعليمات خولت بموجبها مدراء المعارف صلاحية تعيين ونقل المعلمين ، وتقدير راتب المعلم المعين حديثا من دون الرجوع الى الوزارة. كما تم اقصاء مستشار الوزارة بالوكالة المستر فارل وسبعة موظفين اخرين من وظائفهم .
إذ لم يبقى في الوزارة سوى أربعة بريطانيين وهم كل من مفتشي الوزارة ليونيل سمث وسمرفيل ، مدرس اللغة الانكليزية في ثانوية بغداد وبرايور ، ومدير مدرسة الصناعة سايتل ، اذ منحا الاثنان الاولان عقدي عمل لمدة عشر سنوات، اما الاخران فقد منحا عقدي عمل لمدة خمس سنوات بموجب اتفاقية الموظفين البريطانيين لسنة 1924. ولكن وجود البريطانيين في وزارة المعارف لم يستمر الى اكثرمن 27كانون الاول 1932 ، حيث تم اقصاء اخر بريطاني من الوزارة وهو المستر سمرفيل لتصبح المسؤولية الادارية في وزارة المعارف مسؤولية عراقية مائة بالمائة.
وقد شهدت الادارة التعليمية بعد قيام المؤسسات الدستورية تحسنا ملحوظا بسبب الضغوط والانتقادات التي وجهها البرلمانيون للحكومة بغية حملها على تحسين مؤسساتها التربوية، ففي جلسة المجالس النيابي المنعقدة بتاريخ 17 اب 1925 وجه نائب الموصل ثابت عبد النور أنتقادا شديدا لوزارة المعارف على تباطها في تنفيذ خطتها المتعلقة بالتعليم الالزامي في المدارس الابتدائية. وفي جلسته المنعقدة في 14 تشرين الاول 1925قدمت لجنة معارف المجلس والتي كانت برئاسة نائب الحله عبد اللطيف الفلاحي تقريرا مسهبا الى المجلس عن الاوضاع غير الطبيعية التي يعيشهاالتعليم في ظل انعدام الابنية المدرسية الملائمة وقله التجهيزات ونقص الكادر التدريسي. ونتيجة لهذه الضغوط وافقت حكومة جعفر العسكري الثانية( 21 اب 1926-14 كانون الثاني 1928 ) في سنة 1927 على مقترح وزيرماليتها ياسين الهاشمي باستحداث مديرية في وزارة المعارف باسم" مفتشيه التدريسات" لتاخذ على عاتقها جزءاً من المهام الادارية لمديريةالمعارف العامة، وقد تألفت من شعب الميزانية والتجهيز والاحصاء ومراقبة التدريسات .
وعندما تولى توفيق السويدي مسؤولية وزارة المعارف لفترة من 14 كانون الثاني 1928 –23 اذار 1930 ، رفع شعارا باصلاح المعارف وتنفيذا لهذا الشعار قام بتشكيل عدد من اللجان الصلاحية كلجنة اصلاح المناهج الدراسية للمرحلتين الابتدائية والثانوية ولجنة اصلاح كلية الحقوق. كما تم ايضا استحدثت منطقة معارف الديوانية لتتولىادارة المعارف الوية منطقة الفرات الاوسط بدلا من مديرية معارف بغداد، فضلا عن منطقة معارف ديالى التي استحدثت سنة 1931 وهي أخر منطقة معارف تستحدث في عهد الانتداب .
وفي عهد حكومة عبد المحسن السعدون الثالثة ( 17 كانون الثاني 1928 –28 نيسان 1929 ) صدر في 17 نيسان 1928 قانون المعارف رقم 28 ، وعلى الرغم من ان القانون يعد واحدا في ابرز الانجازات التربوية على مدى عهد الانتداب ، الا انه لم يكن ذا اهمية من الناحية الادارية، لانه لم يشرع بوصفه نظاما اداريا، ولم يتطرق الى التشكيلات والاجهزة الادارية وانما تناول مواضيع تتعلق بنظام التعليم والتدريسات في المدارس الرسمية والخصوصية.
نستنتج من ذلك بان الادارة التعليمية وعلى الرغم من عدم وجود نظام اداري تسير بموجبه فانها قطعت شوطاً مهماً في مضمار تطورها ، إذ تم استحداث وزارة متخصصة للمعارف ،ومديرتين اداريتين وهما مديرية المعارف ومديرية مفتشيه التدريسات ، كما تم استحداث عدد من مديريات معارف المناطق .
لقد ادى هذا التطور الاداري فضلاً عن تحسين التخصيص المالي الذي ارتفع من 3.30% بين مجموع تخصيصات الميزانية لعام 1921 الى 6.9% في عام 1931 الى تحسين من الوضع التعليمي للعراق اذا ازاداد عدد المدارس الابتدائية من 88 مدرسة في عام 1920-1921 الى 390 مدرسة في عام 1932/1933 وازداد عدد المعلمين والمعلمات من 471 معلماً و 15 معلمة في عام 1920 /1921 الى 1233 معلماً ، و378معلمة في عام 1932/1933 . كما أزداد عدد الطلاب من 7539 طالب و 462 طالباً في عام 1920/1921 الى 33265 طالب و 10912 طالبة في العام 1932/1933.
اما المدارس المتوسطة والثانوية فقد ازداد عددها من 3 مدرسة للبنين في عام 1920 / 1921 الى 20 مدرسة للبنين و 6 للبنات في العام 1932/1933 وازداد عدد المدرسين في 34 مدرسا في العام 1920 /1921 الى 153 مدرسا و 26 مدرسة في العام 1932/1933 كما ازداد عدد الطلاب من 110 طالب في العام 1920/1921 الى 3027 طالب و 417 طالبة في العام 1932/1933 .

عن رسالة (النظام الاداري
في العراق)