بواكير الحركة الحزبية في العراق الحديث كيف صدر قانون الجمعيات سنة 1922؟

بواكير الحركة الحزبية في العراق الحديث كيف صدر قانون الجمعيات سنة 1922؟

■ فلاح حسن كزار
سعى العراقيون للتخلص من الانتداب ونيل الاستقلال التام ، وكانت تلك هي أهداف الحركة الوطني بعد عودة السياسيين المنفيين من جزيرة هنجام ، إذ نشطت الحركة الوطنية التي أظهرت التفافها على زعاماتها الدينية والوطنية وتظافرت جهودها في مقاومة الاحتلال. وعلى هذا الأساس وقبيل تتويج الأمير فيصل ملكاً على العراق رأى فريق من العراقيين ضرورة تأسيس حزب سياسي للتعبير عن إرادة الأمة بصورة حرة ، هدفه توحيد الجهود الوطنية ، لذا بدأ النشاط السياسي يظهر بصورة متصاعدة .


يبدو أن المندوب السامي لم يكن راغباً في بعث الحياة الحزبية في العراق ، وفي الوقت ذاته يوجه مجلس الوزراء في الحكومة المؤقتة بضرورة تأجيل النظر في نشاط الحياة الحزبية إلى أجل غير مسمى والدليل على ذلك هو عندما جرت مفاوضات عديدة ومناقشات متواصلة في أروقة مجلس الوزراء في 11/آب/1921 لدراسة كتاب المندوب السامي السابق الذكر ، ومنهاج حزب النهضة العراقية ، واختلاف آراء الوزراء بشأن السماح للأحزاب السياسية بالعمل ، والتي كانت على النحو الآتي:
1- رأي رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب: وأشار فيه أنه لا مانع لديه من تأليف الأحزاب السياسية التي عدّها سنة الحكومات الدستورية ، ولكنه حبذ في الوقت ذاته تأجيلها إلى ان يتم تشريع قانون بهذا الخصوص .
2- رأي وزير المالية ساسون حسقيل، عدّ تأليفها شيئاً ضرورياً وأكد على أنه إذا أضاعت الحكومـة ذلك فسـوف تتألـف جمعيات سريـة ، لذلك يجـب إعطـاء الحرية لتشكيلها مـع ضـرورة تشريع قانون يطبق على هذه الجمعيات ، وقد أيد ذلك وزير الدفاع جعفر العسكـري ، والسيد محمد مهدي بحر العلوم وزير المعارف ، وعزت باشا وزير النافعة (الاشغال والمواصلات) ، والمستر طمسن (TOMSON )المستشار البريطاني في وزارة النافعة .
3- رأي عبد المجيد الشاوي الوزير بلا وزارة: الذي رأى بأن تأليفها في تلك الآونة مضر ، وموجب للتفرقة وعرقلة أمور الحكومة ، لذلك يجب تأجيلها لحين صدور قانون خاص بها ، وقد أيده كل من مصطفى الآلوسي وزير الأوقاف ، وعبد الجبار الخياط الوزير بلا وزارة ، وعبد الرحمن الحيدري الوزير بلا وزارة أيضا ، في حين امتنع كل من عبد الغني كبة ، وداود اليوسفاني ، والشيخ سالم الخيون الوزراء بلا وزارة عن إعطاء آرائهم.
وفي ضوء تلك الاختلافات في الرأي قرر مجلس الوزراء تأجيل تأسيس الأحزاب السياسية لحين سن قانون خاص ينظمها ، وبعث سكرتير مجلس الوزراء إلى دار الاعتماد البريطانية ، ما دار في هذه الجلسة ، والقرار الذي توصلت إليه وأرسلته بكتابها المرقم (657) في 14/آب/1921.
رحب المندوب السامي بقرار مجلس الوزراء الذي جاء مطابقاً لرغبته وأمر بإرسال كتاب إلى مجلس الوزراء العراقي برقم 14318/10/28 في 19/آب/1921 ، جاء فيه ((أمرت إذ أشير إلى كتابكم المرقم 657 والمؤرخ في 14/آب/1921 ، المتعلق بتأليف الأحزاب السياسية. والظاهر أن الآراء متفقة على ظهور الأحزاب السياسية عاجلاً أو آجلاً ، لكنه يمكن تأجيلها رسمياً لعدم وجود قانون لها ، وعليه فإن فخامة المندوب السامي لا يشك في الحكمة المكنونة في رأي مجلس الوزراء ، المتعلق بهذا الشأن ويأمل إن المجلس سوف يتخذ الوسائل اللازمة لسن قانون الأحزاب السياسية لذلك لا يكون النظر في الاستدعاءات الفردية العائدة بالأحزاب موافقاً ، إلى أن يتم سن القانون المذكور)).
وهكذا رد طلب الوطنيين بتأليف حزب النهضة العراقية ، وأجل السماح لأي نشاط سياسي ، بحجة عدم وجود قانون خاص بهذا الشأن ، مع أن القوانين العثمانية المطبقة في العراق آنذاك كانت تنظم هذه الأمور بالشكل الذي يكفل للناس ممارسة حقوقهم العامة.
بعد أن رد طلب مؤسسي الحزب بصورة رسمية ، قرروا الاستمرار في ممارسة النشاط السياسي بدون الحصول على الإجازة ، وأخذوا يعملون على تنظيم صفوف الحركة الوطنية ، والسعي لتحقيق الاستقلال التام للبلاد ، وممارسة الضغط على الحكومة لإصدار قانون يجيز عمل الأحزاب الوطنية بصورة علنية ، ولاسيما مع إزدياد المطالبة بضرورة إطلاق حرية الاجتماعات بعد إن رفضت الحكومة الطلب الذي تقدم به جماعة من الوطنيين في 8/آذار/1922 لتأسيس حزب سياسي باسم (الحزب الوطني العراقي) متذرعة الذرائع نفسها التي رفض فيها الطلب السابق المقدم من حزب النهضة العراقية .
وفي هذه المدة شهد العراق إحداثاً سياسية أضفت على البلاد جواً وطنياً حماسياً ، منها:
1- تقدم المباحثات في المعاهدة العراقية-البريطانية الأولى عام 1922 ، ومعارضة الرأي العام العراقي لها بشكل واضح ، وانعكس ذلك على مقالات الصحف العراقية ومنها صحيفتا المفيدوالاستقلال التي طالبت الملك فيصل بأن يكون العراق بلداً مستقلاً استقلالاً تاماً ، وان تسمح الحكومة بإجازة الأحزاب السياسية التي تضم الوطنيين ، من أجل الدخول في مفاوضات مع بريطانيا لعقد المعاهدة بقوة ، وبالشكل الذي يضمن للعراق استقلاله وكرامته ، كما طالبت برفع الأحكام العرفية عن البلاد التي فرضت منذ قيام ثورة العشرين ولم تلغ بصورة رسمية .
واشتدت معارضة الانتداب ورفض كل معاهدة لا تحوي بنودها على الاستقلال التام ، فكانت الاجتماعات السياسية الوطنية تعقد في بغداد والألوية الأخرى بهذا الخصوص ، لاسيما بعد أن صرح وزير المستعمرات البريطانية ونستن تشرشل (Winston Churchill) في مجلس العموم البريطاني يوم 23/آيار/1922 نافياً أن الملك فيصل والوزارة وأهالي العراق قد أبْوا قبول الانتداب ، الأمر الذي حفز العراقيين على عقد الاجتماعات وإقامة المظاهرات التي هاجموا فيها الحكومة والاستعمار ، فاضطر وزير الداخلية توفيق الخالدي إلى إصدار بلاغين في يوم 29/آيار/1922 ، الأول فند فيه رأي تشرشل ، والثاني منع فيه عقد الاجتماعات ، بحجة أن الحكومة في طريقها للتصديق على قانون الاجتماعات ، ومع ذلك استمرت الاجتماعات والمظاهرات المطالبة برفض الانتداب البريطاني .
2- كان لهجوم الأخوان على المدن العراقية في 11/آذار/1922 ، الأثر الهام في زيادة إيقاظ الحس الوطني العراقي في تلك المدة ، إذ طالب الرأي العام بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن المدن العراقية ، ولاسيما الجنوبية منها ، فتعددت المواقف واتفقت الآراء على عقد مؤتمر عام في كربلاء ، ووجهت الدعوة لرجال الدين ورؤساء العشائر ووجهاء المدن ، وعقد في المدة من 11-13 نيسان 1922 وحظي بتأييد الملك فيصل .
هذه الأحداث جعلت المواطنين يشعرون بضرورة تنظيم النشاط السياسي وتنسيق الجهود الفردية في تنظيمات حزبية وقد أيدت الصحف الوطنية ذلك ودعت الملك فيصل وحكومته التعجيل بإجازة الأحزاب السياسية ، ولاسيما مع اقتراب موعد إجراء انتخابات المجلس التأسيسي ، فطالب بعضها بإجازة حزب واحد لا أكثر ، إذ نشرت صحيفة الاستقلال مقالاً جاء فيه ((..نحن نعرف وتعرف الحكومة نفسها حاجتها الشديدة إلى وجود حزب سياسي لاسيما والانتخابات على الأبواب ... ويسرنا أن لا تسمح الحكومة بإجازة أكثر من حزب سياسي واحد)) في حين طالبت صحف أخرى بضرورة تعدد الأحزاب ومنح الإجازة لها ، ومنها صحيفة العراق التي اعتبرت تعدد الأحزاب في البلاد وحق تأسيسها من أول مظاهر الحرية السياسية ووصفتها بأنها كالمطر الذي يسقي الزرع .
وبعد مصادقة الملك فيصل على قانون انتخابات المجلس التأسيسي ، نشرت صحيفة المفيد ذلك وساندت رأي الوطنيين بضرورة تأسيس حزب سياسي لمراقبة سير الانتخابات وحفظها من التدخل والتلاعب ، وأشارت إلى أن الحياة الدستورية في البلاد تصاب بشلل عظيم إذا لم تكن الأحزاب السياسية عاملة فيها ، وأشارت صحيفة دجلة إلى أهمية الأحزاب السياسية ، ودعت الأمة العراقية لتشكيل أكثر من حزب واحد ، وعدّت صحيفة العراق إن الأحزاب السياسية بمثابة الدواء للداء.
وفي ضوء هذه التوجهات الوطنية ، وجدت الحكومة العراقية أنها ملزمة بوضع قانون لإجازة الجمعيات والأحزاب السياسية ، ولاسيما بعد أن زار العراق اللورد إيبسلي (Ebesly) صاحب صحيفة المورنيك (Almorneek) اللندنية ، وواحد من أبرز البريطانيين الذين استنكروا وعد بلفور الجائر وطالبوا حكومتهم بعدم إسناد فكرة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
فانتهز العراقيون هذه الفرصة وأقاموا للزائر مآدب مختلفة ، وحضي بحفاوة الوجيه عبد الحسين الجلبي الذي أقام له حفلة ألقيت فيها الخطب الحماسية والقصائد الوطنية ، أما وزارة الداخلية فقد كثفت إجراءاتها لوضع حد للاجتماعات التي كانت تعقد في دور الوطنيين وأنديتهم ، ولتقف على ما كان يدور في الخفاء ، فسارعت إلى إعلان قانون الجمعيات في الثاني من تموز عام 1922 الذي سمحت بموجبه للمواطنين بتشكيل أحزابٍ سياسية .

قانون الجمعيات لعام 1922
بعد أن أصدرت السلطة الحاكمة قانون الجمعيات في 2/تموز/1922 ، نشرته بعض الصحف المحلية منها صحيفتا المفيد ودجلة ، وقد تضمن فصلين احتوى الفصل الأول على عشرون مادة ، أهمها المواد الثالثة التي أشارت إلى أن الجمعية المراد تأسيسها هي "الهيئة المؤلفة من عدة أشخاص موحدين معلوماتهم أو مساعيهم بغير قصد الربح..." ، والرابعة التي نصت على إنه "لا يجوز تأسيس جمعية بدون إذن الحكومة" ، أو "تأسيس جمعية ترمي إلى غرض منافٍ للقوانين والآداب العامة" ، أو "لها مقاصد مخلة بالأمن العام أو وحدة البلاد" ، أو "تقصد لإثارة الفتن الطائفية بين السكان" ، أو "تقصد تغيير شكل الحكومة المقرر" ، كما حذرت من تشكيل جمعيات على أسس القوميات أو المذاهب العراقية ، كما أشارت إلى أنه سيتم رفض طلب أية جمعية سياسية لا تحمل عنوان يستدل منه على غرضها.
ومن استعراض هذه المادة نلاحظ بأنها ألزمت مؤسسي الجمعيات استخدام الطرق القانونية والسلمية في عملهم ، فضلاً عن المحافظة على النظام الحكومي ، كما إنها حذرت من تشكيل أية جمعية على أساس طائفي أو عنصري.
وأشارت المادة الخامسة إلى "عدم السماح للأجانب بتأليف جمعيات في العراق أو الانضمام إلى جمعية سياسية عراقية" ، وأشارت المادة السادسة منه إلى آلية تقديم الطلب بتأسيس الجمعية والتي تضم "أسماء طالبي التأسيس على أن لا يقل عددهم عن سبعة" ، كما أوجبت أن يشمل الطلب (عنوان الجمعية) ، وأن توضح مقاصدها بالتفصيل ، و"تحديد مركز الجمعية مع الأسماء التي تؤلف منهم لجنة الإدارة وصفاتهم وعناوينهم" شرط "أن يرفق مع طلب التأسيس صورة من نظام الجمعية الذي يراد وضعه" ، واشترطت "على الأعضاء الذين ينتمون إلى الجمعيات أن تكون أعمارهم عشرون عاماً فما فوق ، وأن لا يكونوا ساقطين من الحقوق المدنية.
وأعطت المادة السابعة -بعد تقديم طلب التأسيس- الصلاحية لوزير الداخلية بإصدار قرار قبول الطلب أو رده أو تعديله في مدة أقصاها خمسة عشر يوماً من وصول الطلب ، وإذا لم يصدر قراره بالقبول أو الرد فللمستدعين الحق أن يرفعوا الأمر إلى مجلس الوزراء ليتخذ فيه قراراً قطعياً ، وفي حالة صدور القرار من وزير الداخلية أو مجلس الوزراء فعلى الهيئة المؤسسة أن تدعو أعضاء الجمعية إلى اجتماع عام ينتخب فيه لجنة إدارية للجمعية وتبليغ نتيجة الانتخاب إلى وزير الداخلية.
لقد أعطت هذه المادة والمواد الثامنة والتاسعة والعاشرة من القانون صلاحيات واسعة لوزير الداخلية ، إذ أصبح له الحق في الإشراف والمراقبة على كافة أمور الجمعيات ومعاملاتها ، وله الحق أيضاً أن يعطل الرخصة إذا تعاطت الجمعية أحد الأمور الممنوعة في المادة الرابعة ، مع إعطاء الجمعية الحق في حالة سحب إجازتها الاعتراض ورفعه إلى مجلس الوزراء.
وألزمت مواد الفصل الأخرى الجمعيات بأن "تمسك دفاتر وسجلات محاضر الاجتماعات ودفاتر تحتوي على الواردات والمصروفات" ، على أن تعرض هذه إلى لجنة التفتيش في وزارة الداخلية في أي وقت تشاءه الأخيرة.
أما الفصل الثاني من القانون والذي وقع تحت عنوان (شخصية الجمعيات وتصرفاتها) فقد تضمن تسع مواد ، أعطت فيها حق تصرف الجمعية في مبالغ الإعانات المقدمة إليها ، وحق أعضاء الجمعية بالانسحاب من الجمعية في أي وقت شريطة دفع ما بذمتهم من أموال للجمعية ، كما وألزمت الجمعيات تزويد وزارة الداخلية بأسماء الأشخاص الذين يتابعون المعاملات باسم الجمعية.
وفي الحقيقة أن هذا القانون ما هو إلا تعديل لقانون الجمعيات الذي شرعته الوزارة الاتحادية على ما فيه من الصرامة والقسوة إذ احتوى على تسعة عشر مادة ، وقامت الوزارة بتعديله فحذفت بعض المواد فيه وأضافت إليه موادً أخرى ليسن بالشكل الذي يجعل مقدرات الأحزاب بيد وزير الداخلية ، مع ملاحظة إن نص قانون الجمعيات نجد بأنه لم يمنع موظفي الحكومة من الانتساب إلى الجمعيات.
على الرغم من أن قانون إجازة الجمعيات السياسية الذي أقرته الحكومة العراقية في الثاني من تموز عام 1922 قد وضع الكثير من القيود على الأحزاب المراد تشكيلها ، فإن دعاة الأحزاب لم يتأخروا في تقديم طلباتهم إلى وزارة الداخلية ، فقدم الحزبان (الوطني العراقي ، والنهضة العراقية) مرة أخرى طلبين إلى وزارة الداخلية للحصول على الإجازة ، ألا أن الوزارة أخذت تسّوف وتماطل في إجابة هذين الطلبين ، بحجة الدعوة إلى تأسيس حزب واحد يضم عناصر الحزبين، ولعل هذا الأمر هو رغبة المندوب السامي ، ولاسيما إذا علمنا أنه طلب من الملك فيصل قبل إصدار قانون الجمعيات والأحزاب بالسماح بإجازة حزب سياسي واحد يضم جميع المشتغلين في الأمور السياسية ، وتذكر المس بيل في رسالتها المؤرخة في 12/آذار/1922 ((إن برسي كوكس كان قبل مدة وجيزة من هذا التاريخ قد قام بزيارة الملك فيصل ليقدم له المشورة (اللازمة) حول قضية الأحزاب ، وضرورة أن يتوصل الحزبان إلى اتفاق بينهما لتشكيل حزب واحد)) ، وذكرت أنها زارت الملك فيصل وتحدثت معه في تشكيل الأحزاب السياسية بمناسبة اقتراب موعد انتخابات المجلس التأسيسي ، وأشارت إلى أن الملك كان راغباً بأن يجتمع الناس من مختلف الآراء على تشكيل حزب واحد ، له سياسة واحدة في الانتخابات .
يتضح من ذلك تأثير المندوب السامي على الملك وحكومته بهذا الشأن ، إذ أدرك البريطانيون قوة العناصر الوطنية من أعضاء حزب النهضة العراقية من خلال ضغوطهم على وزارة الداخلية لترخيصهم بتشكيل حزب سياسي ، لاسيما إذا ما علمنا بأن تلك الضغوطات استمرت بعد أن رفض طلبهم الأول المقدم في 6/آب/1921 ، وقد أشارت المس بيل إلى ذلك بالقول ((.. قد شكل المتطرفون حزباً لهم.. يمكن أن يسبب إساءة جازمة ، وربما ثورة ما لم نستطع إقناع الملك بضبطهم)) ، وأضافت قائلة ((سيكون مؤكد أن يفعلوا كل شيء ممكن لرفض المعاهدة)) .
ومهما كانت الرغبات والأمنيات ، فإن إصرار زعماء الحزبين بأن يكون لكل منهما الحزب الذي يريد قد دفعت وزارة الداخلية للموافقة على الطلب الذي قدم لتأسيس الحزب الوطني العراقي في 28/تموز/1922 ، وسمحت الوزارة بتأسيسه وإجازته في 2/آب/1922 ، علماً أن قسماً من أعضائه قد انظم إلى حزب النهضة العراقية الذي أجازته وزارة الداخلية وصادقت على نظامه الأساسي بموجب الكتاب المرقم 12388 والمؤرخ في 19/آب/1922 ، إذ أصبح أمين الجرجفجي معتمد الحزب والمفوض المطلق لمراجعة الجهات العليا والدوائر الرسمية ، فقد أبلغ الحزب وزارة الداخلية بذلك .
وهكذا ظهر حزبان سياسيان علنيان للوجود مثلا التوجهات الوطنية التي طالبت بالاستقلال التام للبلاد ورفض المعاهدة العراقية-البريطانية.