نزهة عند ضفاف التايمس بصحبة نيازي وسميرة!

نزهة عند ضفاف التايمس بصحبة نيازي وسميرة!

د. سيّار الجَميل
في غاليري الكوفة
كنت في آخر زيارة لي الى لندن ، قد قدّمت سيمنارا متخّصصا عن العراق بجامعة اكسفورد صباح يوم الاثنين 19 سبتمبر الماضي 2005 ،وقد التقيت باصدقائي القدماء في كل من بودليان الجديدة وسانت انتوني ، وبعد ان قدمّت في اليوم التالي مساء الثلاثاء 20 سبتمبر محاضرتي في غاليري الكوفة في العاصمة لندن ، والتي نشرتها في ايلاف الشهر الماضي عن محاولتي المتواضعة في كشف تناقضات بنية المجتمع العراقي ( انظر : مكتبة ايلاف او ايقونة محاضرات في هذا الموقع ) .

واشكر كل من جاء وحضر لسماع محاضرتي تلك من مثقفين وساسة وشخصيات عراقية لها دورها المؤثّر في الثقافة العراقية .. انه بالوقت الذي كان تأثير المثقفين العراقيين في لندن كبيرا على عهد صدام حسين ، اذ تعد جماعات لندن مفصلا حيويا في اسقاطه ، فلقد زاد ذلك " التأثير " ونشط كثيرا بعد سقوطه نسوة ورجالا .. وتعد لندن مركزا حقيقيا للمثقفين والساسة العراقيين على امتداد زمن طويل وخصوصا في الربع الاخير من القرن العشرين .. وكانت ولم تزل رئة نقّية للمبدعين العراقيين بعيدا عما كان يحدّثه الطلبة العراقيون والعرب من الحزبيين البعثيين وخصوصا في عقد الثمانينيات من القرن الماضي ..هذا ما قلته لمضيّفي الاستاذ الدكتور محمد مكّية وكل من الاخوين الدكتور رشيد الخيون والاستاذ فاروق رضاعه ونحن على مائدة الاستاذ مكّية اثر انتهاء تلك الامسية الرائعة .. وكان الاستاذ مكّية ( وهو : ابو الدكتور كنعان ) قد نشر مذكراته وخواطره الرائعة التي شغفت بقراءتها قبل اشهر مع ما تضمنته من صور تاريخية ، وكنت اتأمل دوما في تجربته الخصبة بفن العمارة والتخطيط الحضري ، وما كرّس من جهود ومشروعات في العراق وخارجه ستذكره باطيب الذكر ومنذ العهد الملكي في العراق .. ولم يزل يلهج بافكاره الجديدة واهتماماته بصياغة مدننا العراقية العريقة على نوع جديد من الخطط الحضرية وبناء المشروعات الذكية . ولقد حدّثني الرجل عن اشياء حيوية من تاريخه الشخصي خصوصا وان له ذاكرة حية .. وحدثّني ايضا عن دوره في تأسيس جامعة الكوفة فضلا عن مشروع غاليري الكوفة في لندن ، وكيف اختار له تلك العمارة الجميلة بعد ان كانت مكتبة دار الساقي الكائنة في العمارة نفسها والتي كنت قد حضرت افتتاحها في مطلع الثمانينيات .

لندن ليس كما عرفتها !!
لابد لي من القول بِأن لندن كما أراها اليوم هي ليست كما كانت عليه قبل ربع قرن عندما كنت اعيش فيها .. انني اراها اليوم وقد تغّيرت كثيرا عما كانت عليه ابان السبعينيات.. اذ كثر فيها الاجانب من دول اوروبا الشرقية والوسطى وقّل اصحابها ، ولم يبق فيها الا روحها وطبيعتها البيئية الجميلة ، ذلك انني لا استغني عن قضاء قرابة ساعتين من الصباح الباكر في ربوع الهايد بارك بقلب لندن ، ففيه فضاء ساحر لا يمكنني ابدا التخّلي عنه ، وانا احرص على ان اقيم دوما في الفندق نفسه الذي يطّل عليه . كانت لندن ابان السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم ، تعيش اقسى حالات البطالة على عهد مارغريت تاتشر كونها قصمت ظهر الاقتصاد الاشتراكي بالغائها قرارات حكومة كالاهان وهي القرارات التي كانت قد اضرّت باقتصاد بريطانيا .. اليوم الاقتصاد اقوى بكثير مع قوة الجنيه الاسترليني .. الشباب اكثر حيوية والتزاما من الماضي ، اذ لم اجد اليوم جماعات من المشرديّن العبثيين ولا المتمردين ولا الهيبيز ولا اصحاب وصاحبات البانك .. كما كانوا منتشرين بشكل كبير قبل عقدين من السنين .. ولكن كانت لندن وقت ذاك اكثر نظافة ونضارة واتساعا مما هي عليه اليوم .. فلقد ضاقت اليوم على رحبها من كثرة الناس .

الصحبة الجميلة
كنت ازور لندن بين آونة وأخرى منذ مغادرتي اياها في العام 1983 اذ لا يمكن نسيان ذكرياتي الخصبة فيها وقت ذاك .. ولما عرف بعض الاصدقاء انني سازورها في سبتمبر الماضي عام 2005 ، دعاني بعضهم ضيفا وبعضهم الاخر محاضرا وذاك مشاركا .. وكان منهم الاخ الصديق الاستاذ الشاعر والناقد صلاح نيازي وزوجته الروائية الشهيرة سميرة المانع . نعم ، لقد كان يوما جميلا ورائقا ان اقضيه معهما في بيتهما الرائع وبنزهة في حي ريجمونت الراقي قرب لندن .. وفاتني ان اتّصل ببقية اصدقائي وهم كثر .. ووعدت ان اكتب عن هذه " النزهة " الجميلة والتي اتت في آخر يوم من مغادرتي لندن . والحق يقال ، ان لكل من الصديقين نيازي وسميرة مكانة متميزة عندي ، اذ انني احترم جهودهما الابداعية وما انتجه كلاهما عبر عقود طوال من السنين من ابداع ادبي متميز ونصوص رائعة تخلب الالباب ..
ان كلا منهما لا يحتاج الى اي تعريف نظرا لما يمتلكه من سمعة ادبية عريضة في الاوساط الثقافية والاعلامية والابداعية سواء في لندن ام في عالم الاغتراب .. وكنت اتابع انشطتهما منذ زمن طويل وخصوصا من خلال مجلتيهما الرائعة ( الاغتراب الادبي ) التي صدرت عام 1985 – كما اتذكر - وتوقفت عن الصدور حال حدوث التغيير الحاسم في العراق سنة 2003 ، بعد ان تضمنّت سجلا تاريخيا حافلا من ادب الاغتراب وخصوصا من قبل المثقفين والادباء المغتربين العراقيين والعرب الذين تشّردوا في الافاق !!

صلاح نيازي وسميرة المانع
يعد الاخ المبدع الدكتور صلاح نيازي واحدا من ابرز الاعلاميين العرب ، وهو من جيل المبدعين العراقيين الذين برزوا بعد الحرب العالمية الثانية وكان من اكفأ المذيعين العرب سواء في اذاعة بغداد ام في اذاعة البي بي سي في لندن .. وهو مثقف من نوع خاص له باعه في الادب العربي ، وبنفس الوقت كان قد نجح في اختراق الادب الانكليزي وتوّغل في مضامينه الصعبة .. وهو شاعر مجيد ومفكر رائع وفي حديثه حلاوة وطلاوة كما انه متمكن في معرفة الاشخاص وسيرهم وخفاياهم .. وهو خريج افضل مؤسسة علمية عراقية اسمها ( دار المعلمين العالي ) الذي تخرج في أروقته جملة من المثقفين العمالقة .. وهناك في تلك الدار العلمية المتميزة ، التقى زميلة اعجبت بطريقته في القاء شعره ، ونشأت علاقة حب عارم بين الاثنين فتزوجا وكان مهر سميرة قصيدة اسمها " باص رقم 7 " لم تزل تحتفظ بها حتى اليوم .. وكان ذلك " الباص " هو الذي كان يوصلهما معا الى باب المعّظم ببغداد !
نعم ، لقد حظي صلاح نيازي بزوجة مبدعة تتميز بشهرتها في كتابة الرواية وهي سيدة هادئة ومثقفة ثقافة عالية وقد جاءت من اقصى جنوب العراق من البصرة وبالذات من قضاء الزبير الوديع حيث يلتقي العراق مع الجزيرة العربية في تلك العقدة الجغرافية الاصيلة.. ان سميرة المانع اسم لم يأخذ حقّه من الاهتمام حتى اليوم .. وكنت قد قرأت بعضا من اعمالها الروائية ، ومنها : " السابقون واللاحقون " و " حبل السّرة " و "القامعون " وغيرها . وسميرة من ابرز الروائيات العربيات وهي اول من كتب الرواية الفنية العراقية منذ اكثر من ثلاثين سنة .. تعشق الطبيعة والاشجار والهدوء ومن سعادتي ان احّل ضيفا على هذين المثقفّين العراقيين وان اقضي معهما نهارا جميلا لا يمكن ان ينسى من ذاكرتي ابدا .

جماليات ريجمونت
وصلت منطقة ريجمونت حسب الموعد المضروب ، وريجمونت تذّكرني دوما بالعراقة التاريخية وجمالية المكان وسحره .. وكنت اعرفه منذ زمن طويل ، ولكنني لم اعد أميّز منه الا محطة القطار ، فكل شيئ قد تغّير والوجوه في مقدمتها علما بأن ريجمونت باقية على اهلها الطيبين من الانكليز القدماء .. وقد عدت بذاكرتي الى تلك الايام وانا في مطلع شبابي وتساءلت : كم يغّير الزمن من اشكال المكان لينتقل من جمالية معينة الى جماليات اخرى ؟ استقبلني الاخ صلاح نيازي استقبالا حارا عند محطة ريجمونت المكتظة بالمارة والسيارات .. ومضينا نحو بيته الجميل الذي كان قد امتلكه منذ اربعين سنة ، وهو يقع في مكان هادئ جميل من حي ريجمونت في ريف لندن الراقي .. وهناك كانت سميرة المانع واختها في استقبالي وهي تشكرني على ما قدمته في الليلة السابقة عن بنية المجتمع العراقي .. ثمّ رحنا جميعا منذ اللحظة الاولى في حديث طويل متشّعب فيه ادب ونقد وذكريات واشعار واخبار اصدقاء وتاريخ وسياسة ومجتمع .. البيت كله كتب واوراق ورسوم وصور واشياء تثير الذكريات ..

ذكرى الناقد الراحل نجيب المانع
ثم دلفت سميرة لكي تطلعني على تركة أخيها الصديق القديم الراحل نجيب المانع ، وهو الناقد العراقي الشهير .. وكانت ثروته التي تركها بعد رحيله المبكّر ، مكتبته الرائعة التي تحتوي على مجموعة مختارة من روائع الادب العالمي والقواميس والموسوعات وكتب النقد والفلسفة واللغة واروع الروايات في القرن العشرين وكلها بالانكليزية .. مع بعض اشيائه وصوره واوراقه واقلامه .. انه متحف صغير جدا يقع في زاوية من بيت سميرة . كان نجيب المانع واحدا من امهر المثقفين العراقيين واغزرهم عطاء وقد مهر في الترجمة ونشر ترجمات رائعة فضلا عن ابداعات مهمة في النقد والادب العالمي ..
وتحمل شقيقته سميرة اجمل الذكريات عن اخيها وهي تطمح ان تهدي مكتبته الى واحدة من الجامعات العراقية ، فأشرت عليها ان تؤجّل مشروعها الى حين استقرار العراق اذ لابد ان تستفيد الاجيال من العراقيين من تركة نجيب المانع .. اخذنا طريقنا بعد ذلك ، كي نذهب الى واحد من المطاعم الجميلة الهادئة .. فمشينا طويلا على ضفاف نهر التايمس باتجاه واحد من المطاعم المطلة على اجمل المناطق .. كانت نزهة رائعة في مكان يمر وسط طريق للمشاة تضلله الاشجار الباسقة ، بدأ الطريق في بدايته ببيت عالي الجدران له موقعه الممتاز ، علمت انه بيت الاستاذ المهندس رفعت الجادرجي ويطل على التايمس .. مضينا نمشي الهوينا في حدائق غنّاء وكانت السماء صافية الاديم ولا يقطع الصمت الا حفيف الاشجار وسقسقات العصافير .. كان ذلك الطريق بكل موجوداته واشجاره يعشقه نجيب في الصباح والمساء ..

حلو الحديث وانها لحلاوة شّقت مرائر
طالما اردد دوما بيت شعر للشاعر ابن الفارض والذي يثير عندي شهوة احلى الاحاديث مع الاخرين وخصوصا في موضوعات مريرة ، فلا يكلّوا منه ابدا وتجدهم يعشقونه عشقا .. تحدّثنا عن العراق وتحولاته وعن سر قوة ثقافته على ايدي ابنائه في القرن العشرين.. واعلمني الاخ صلاح بمعلومات ممتازة عن مجتمع جنوب العراق الذي اود ان اعرف عنه المزيد .. تحّدث لي عن مدينة العمارة واطرافها وقال بأنها الوحيدة التي كان الاقطاع يقسو على فلاحيها ! وهو يناقشني في نص محاضرتي التي القيتها قبل يوم واحد في غاليري الكوفة حيث ذكرت بأن العراق لم يشهد " ظاهرة اقطاع " بالمعنى التاريخي الاوروبي ، بل كان يشهد ظاهرة العشيرة والاستبداد الشرقي الذي عرفه التاريخ الاسيوي .. تحدّثنا عن مدينة البصرة وسر قوتها كثغر باسم للعراق كله على شط العرب عبر التاريخ ، وما تعيشه اليوم من حياة صعبة ، وقد تخيلت البصرة الفيحاء سيدة قديرة للبحار ، وهي تقف حائرة على ابواب المستقبل وهي تبكي وجودها بسبب موقعها الجغرافي الصعب .. وهناك عند القطب الاخر في الشمال ممثلا بالموصل الحدباء التي تعيش سيدة جميلة اما للربيعين ، وهي الاخرى ظروفا صعبة جدا اليوم ولا يعرف مصيرها بسبب بنيويتها الاجتماعية المتنوعة وهي تربض في موقع استراتيجي صعب هو الاخر !!
تحدّثنا عن العراق كّله وكيف ذبح على مهل عبر العقود الاخيرة واختلفت مع الاخ صلاح حول تقييم كل من العهدين الملكي والجمهوري ورموز كل منهما وما قدّمه الرجال الاوائل للعراق مقارنة بما اقترفه الضباط العراقيون الاحرار بحق العراق ودور جمال عبد الناصر ومصر ، وحجم تدخلاته السافرة في الشأن العراقي .. كنّا ننتقل من السياسة الى المجتمع ومن الثقافة الى التاريخ .. ونسأل انفسنا : كيف سيخرج العراق من مخاضه الصعب بعد ان اخذ يرقص في بركة مخيفة من الدماء ! ناقشنا سير بعض الشخصيات العراقية .. تذكّرنا بعض الاصدقاء القدماء من المثقفين العراقيين اللامعين في الشعر والفن والغناء والتشكيلي .. تحدّثنا عن شعراء العراق في القرن العشرين : السيّاب ونازك وعاتكة ولميعة والبياتي وبلند .. وغيرهم كثر ، ويبدو ان الاستاذ صلاح يعرفهم واحدا واحدا ويحتفظ باسرار كثيرة عنهم وعن علاقاتهم وشخصياتهم ، وانه يمّيز بين قابلياتهم وانشطتهم واخلاقياتهم .. ثم تناولنا الشاعر محمد مهدي الجواهري ، وكان لكل من صلاح وسميرة رأي خاص فيه وبالاخص اللغة وطبيعتها ، فضلا عن طبيعة اللغة التي استخدمها الجواهري في نظم شعره الى جانب مواقفه السياسية المضطربة على امتداد عهود القرن العشرين .

في مطعم نهر التايمس
جلسنا في الطابق العلوي من مطعم يطّل على الجانب الاخر من نهر التايمس ، ورحنا نتحدث عن التجربة السياسية الجديدة في العراق وما يصادفه اليوم من تحديات .. قلت : بأن المخاض صعب وسيبقى العراق في خضم هذا المخاض لسنوات اخرى .. انتقلنا للحديث عن الادب والشعر وتذكرنا مجلة الاغتراب الادبي التي قدّمت خدمات لا تنسى على مدى سنوات طوال .. تحدّثنا بعد ذلك عن البي بي سي ودورها وما قدّمته الى العالم العربي وجيل قوي من المذيعين المبدعين على امتداد خمسين سنة .. تذكّرنا مديحة رشيد المدفعي وماجد سرحان وسامي حداد وغيرهم .. وتذكرنا صديقنا المشترك الدكتور احمد عبد الله الحسو .. الذي كان وهو المثقف الموصلي والاديب الحالم والمذيع الرائع حلقة وصل بيني وبين صلاح نيازي.. وقد عّلق صلاح قائلا : بأن الحسو كان يمتلك صوتا اذاعيا نادرا بتأثيره على المتلقي .. وتكلمنا عن سر اختفاء الاصوات القوية في الاعلام العربي .. وانتقلنا الى التضليل الاعلامي وما يمارس اليوم من اساليب وبرامج . واخذنا حديث طويل عن غرابة اطوار المذيع والاديب العراقي الراحل يونس بحري ونخبة من المثقفين والمبدعين العراقيين المتمردين .. واخبرني نيازي بأن مقالتي عن ادب عبد القادر الجنابي قد اعجبته كثيرا ، وقد قمنا بتحليل ثقافة التمرد العراقي عند الجنابي ثم انتقلنا للحديث عن ايلاف ودورها المؤثر اليوم في الحياة الاعلامية العربية من خلال زيارة الملايين لموقعها الدولي ..

العودة الى البيت مرة أخرى
عدنا الى البيت ثانية وجلسنا في غرفة المكتب الامامية واخذ الاستاذ صلاح يطلعني على بعض اعماله وطريقته في الكتابة ، وهو لم يزل يكتب اعماله بخط يده ويسلمها للنشر مخطوطة بخطه الجميل .. اطلعني على بعض كتبه وقد اهداني بعض اعماله الجديدة وقد قرأت الكثير .. لقد ارتشفنا الشاي ونحن نتحدث عن ملحمة كلكامش ، ورحنا في حديث عن اللغات الشرقية ويسرني ان اشيد بثقافة صلاح نيازي اللغوية ، فهو بارع في التصنيف اللغوي كما وبرع جدا في تحليل المصطلحات وراح يحيل بعضها الى جذورها ، فهو قادر على الربط بين المتداول وبين ما كان سائدا في الماضي السحيق .. لقد اطلعني الاخ صلاح نيازي على مهارته في تحليل النصوص القديمة وحفرياته بتأصيل الماضي الكلاسيكي العراقي الذي يّعد فعلا منبعا اساسيا لاديان واساطير وثقافات ولغات لا حصر لها .. ومن الموجبات ان يلتفت العراقيون اليوم الى تاريخهم ليجدوا اين يكمن سر قوتهم من خلال تكويناتهم الحضارية المتنوعة ..
بعد ذلك رحنا نتحدث عن دور النشر ومعاناة المثقف العربي كتابا ومؤلفين وقراء منها جميعا .. كما واشتكت السيدة سميرة من بعض تلك الدور .. ثم تناولنا ما الذي ستغدو عليه الثقافة العربية مستقبلا .. ازفت المغادرة فاستأذنت بها مع الحاح الصديقين بنصف ساعة اخرى ، فقضيناها معا ثم ودعتهما على امل لقاء جديد وحملتهما تحياتي الى كل الاصدقاء وحملوني تحياتهما الى كل الاصدقاء .. وانقضى يوم الاربعاء 21 سبتمبر 2005 بعد ان سجلته في ذاكرتي وقررت ان يغدو صفحة جميلة من فصول كتابي :
نسوة ورجال : ذكريات شاهد الرؤية!