إسم الكتاب: الزوجة الصامتة

إسم الكتاب: الزوجة الصامتة

المؤلفة: آسا هاريسون ......... ترجمة: عبدالخالق علي
من الممكن جدا تصديق تفكك الزواج بشكل بطيء و قاتل في هذه الرواية الأولى و الأخيرة للكاتبة آسا هاريسون.
جودي بريت، إمرأة جميلة،غنية و ذكية. تعمل معالجة نفسية، لكنها لا تدرك تماما ان حياتها قد بلغت ذروتها الآن و ان أشهرا قليلة هي كل ما تبقى لها لتتحوّل الى قاتلة، لأن شريكها تود غلبرت البالغ العشرين من العمر ليس مخلصا لها و انه سيتركها لأنه وقع في حب إمرأة أخرى.


تقع الأحداث في شيكاغو، و تتنقل الرواية بين وجهات نظر تود و جودي؛ ليس من السهل الشعور بالراحة معهما فكلاهما نتاج تربية صعبة. هي تتظاهر بالسعادة و بأنها لا تعرف عن خيانات تود الكثيرة في الوقت الذي تحافظ له على منزل مثالي؛ مزهريات مليئة بورود متفتحة، قنينة نبيذ أبيض بارد مفتوحة بإنتظار عودته، مكسّرات مغطاة بالمحار المدخّن في حالة شعوره بالجوع. اما هو فانه غير قادر على رؤية حقيقة الأشياء أو مواجهة حقيقة وضعه، و غالبا ما يقول لنفسه ان حب إمرأة ثانية لا ينقص من حب الأخرى، في الوقت الذي يخفي أفعاله عن كلتيهما.
منذ البداية نعرف ان جودي ستتحوّل الى قاتلة، الا ان المؤلفة تأخذ وقتها في بناء التفاصيل الصغيرة التي تجعل خطوة جودي لإرتكاب ما لا يمكن وصفه قابلا للتصديق. ربما تبدو مثالية في مظهرها، لكن من المثير للقلق ان نراها راضية بنزوات زوجها ثم نراها تثأر منه بسبب طيشه. إنها تعتقد ان من دون بعض الثأر الذي يحقق التوازن بين الأشياء و من دون الرد بالمثل لردع الظلم، فمن المؤكد ان أغلب العلاقات تحترق بنار الإستياء. انها باردة و غير مبالية، تتخيّل اليوم الذي ستشيخ فيه و تتشقق بشرتها. اما تود، الممزق بين رغبته بإمرأتين تفوقانه ذكاءً و قوة، فانه أقل إحساسا بذلك. لكن مع تطور الرواية و تحوّلها الى خيانة، تصبح كلمات هاريسون الأنيقة الثاقبة أكثر قذارة و خطورة، حتى ان الشقّة التي كانت جودي تعتني بها و تبقيها جميلة توصف بأنها"مخبأ لحيوان شارد". هبة جودي هي صمتها و هي تحب هذه الصفة فيها، لكن الصمت هو سلاحها أيضاً. يعتقد تود ان المرأة التي ترفض الإعتراض و البكاء لابد ان تكون إمرأة قوية.
"الزوجة الصامتة"هي أولى روايات هاريسون و للأسف آخرها، حيث توفيت في سن الخامسة و الستين أثناء عملها على رواية مثيرة جديدة. من خلال تفصيل تفكّك العلاقة، فان هذا العمل يمكن مقارنته برواية جيليان فلين"فتاة ميتة"التي لاقت نجاحا كبيرا، لكنه نوع مختلف تماما من الكتب؛ انه أكثر برودة و اقل دراماتيكية، و هو في نهاية المطاف صورة مخيفة محتملة عن الزواج، كتاب عن كيفية إنزلاق الأمور دون إدراك الطرفين، عن كيفية تحوّل القتل، ببطء و دهاء، الى الخيار الوحيد الأفضل.