كيف تشكلت مديرية الموسيقى في الجيش العراقي

كيف تشكلت مديرية الموسيقى في الجيش العراقي

■ مهيمن إبراهيم
تشكلت مديرية صنف الموسيقى خلال عام 1925م ، وعهدت إمرتها إلى النائب الضابط البريطاني (كل فيلد الذي منح رتبة رائد في الجيش العراقي) فاستقدم ضابطي صف من الجيش الهندي لمعاونته في ذلك وقد منحا رتبة نائب ضابط في الجيش العراقي وهما كل من النائب ضابط (عبد الغني) الذي توفي بعد مدة وجيزة من التحاقه بالجيش العراقي وجاء بدلاً عنه النائب ضابط (نصر الله مظهر الله) وهو من اصل باكستاني ، والذي استقر في العراق ثم تجنس بالجنسية العراقية ومنح رتبة ملازم في الجيش العراقي ثم نقل إلى الشرطة العراقية لتدريب جوق موسيقى الشرطة ،

وفي (18/5/1965م) أعيد إلى الجيش برتبة ملازم أول لتدريب جوق موسيقى القرب في الجيش. والنائب ضابط (نواب خان) الذي عاد إلى وطنه بعد انتهاء خدماته في العراق. ولما زاد عدد المتطوعين في صنف الموسيقى ، ارتئي تأسيس جوق موسيقي ثاني يرسل إلى الموصل وعين لكل جوق احد النواب الضباط الهنود. وهكذا نقل معظم ضباط الصف والجنود من أبناء الموصل إلى الجوق المذكور ، وبذلك تألفت مديرية الموسيقى في الجيش العراقي مطلع عام 1926م برئاسة الرئيس الأول (كل فيلد) – أي برتبة رائد – وبإمرته:-
الجوق الموسيقي الأول (جوق الحرس الملكي) في بغداد.
الجوق الموسيقي الثاني الذي ألحق في الموصل.
نجد مما ذكر أن تأليف صنف الموسيقى في الجيش العراقي جرى في منتصف عام 1923م بشكل عفوي ، دون أن تكون له تخصيصات مالية كافية ، لذلك لم يوضع له تنظيم أو ملاك دائم حتى عام 1926م.
تم وضع الملاك المقترح للجوق الموسيقي الذي كان عدد المنتسبين إليه لا يتجاوز الخمسين عازفاً مع آمر الجوق ، ولما كانت الآلات لدى الجوق محدودة النوع كما هو واضح ، كان الجوق قابلاً للتجزئة إلى قسمين (جوق كبير) و(جوق صغير) والجوق الثاني يعادل نصف الجوق الأول.
كان الجوق الموسيقي حين بدأ تأليفه يقيم الحفلات لغرضين ، هما: أولا تدريب الجوق وغرس الثقة في نفوس المنتسبين إليه ، وكذلك لأجل جمع بعض المال اللازم لشراء ما يحتاج إليه الجوق. وثانياً ، إرسال الجوق للمشاركة في الحفلات والمناسبات التي تقام في الجيش وخارجه ، فكان يعزف أسبوعيا في النادي العسكري لقاء مبلغ زهيد وفي بعض الأحيان بلا مقابل ، وفي الحفلات التي يقيمها الجيش في مناسبات مختلفة أحيانا ، كما شارك في الحفلات الأخرى غير الرسمية مقابل ثمن. وكانت مشاركات جوق موسيقى الحرس الملكي مقتصرة على استقبال ملوك ورؤساء الدول الصديقة وعزف السلامات الوطنية فضلا عن احتفالات السفارات والجاليات الأجنبية في الأعياد والمناسبات الوطنية والقومية.
من الملاحظ إن صنف الموسيقى العسكرية لم يحظ بالمساعدات المالية التي كان يحتاجها لتأسيس أجواق جديدة أو إرسال البعثات إلى الخارج لزيادة المعلومات الفنية الحديثة عند المنتسبين إليه ، لذا بقي على وضعه هذا مؤلفاً من مقر رمزي يرأسه (كل فيلد) وجوقين لا يتجاوز تعداد رجالهما مئة عازف في عام 1932م.
في الفترة الواقعة بين عام 1925 والعام 1934 كثر عدد الجنود الموسيقيين المدربين في جوق الحرس الملكي مما اضطر المشرفون عليه الى تقسيمه الى جوقين هما (جوق الحرس الملكي) وهو الجوق الأساسي الذي خصص للقيام بواجبات المراسيم الملكية ، وبعد ثورة (14 تموز 1958م) الغي هذا الجوق ونسب عازفيه إلى قيادة الفرقة الثالثة في الحبانية حيث أسسوا بعد ذلك جوق موسيقى صلاح الدين ، و(جوق المقر العام) الذي تم تأسيسه عام 1934م ، وأطلق عليه (جوق موسيقى موقع بغداد) ومن ثم أصبح المدرسة التي ترتبط بها جميع الأجواق العسكرية وهو القاعدة والنواة التي ترفد باقي الأجواق بالموسيقيين والمعلمين.
إن الآلات الموسيقية التي كانت تستخدم في الموسيقى العسكرية العراقية كانت كلها من نوع الآلات الهوائية النحاسية والتي ينقصها الكثير من الآلات المهمة في الجوق العسكري كآلة الترومبون واليوفونيوم والبيز(بومبوردون) وغيرها.
أصبح الرائد ألبير رزوق شفو مديراً لصنف الموسيقى العسكرية في العراق للفترة من (8/6/1938م) حتى (31/1/1952م) والذي أفاد صنف الموسيقى العسكرية من خلال المارشات الكثيرة التي مرن عليها أعضاء الصنف آنذاك، وكان عازفاً جيداً على آلة الكمان والبيانو.
في عام 1940م تم إدخال الآلات الهوائية الريشية إلى الأجواق العسكرية ، وفي العام نفسه جرى فتح أول دورة موسيقية في تاريخ الموسيقى العسكرية العراقية للضباط كان ذلك بتاريخ (25/10/1940م) وبعد ذلك توالت الدورات وأرسل العديدون من الضباط إلى خارج العراق وحصولهم على شهادات مختلفة في العلوم الموسيقية.
في صيف عام 1952م تقلد العقيد سعيد قاسم العبيدي منصب مدير الموسيقى العسكرية خلفاً للرائد ألبير رزوق شفو ، إذ استمر في منصبه حتى عام 1968م ، وكان عازفاً جيداً على آلة اليوفونيوم.
في عام 1956م استقدم البريطاني الميجور (سي نيل) وهو خبير وموسيقي عسكري ليتولى مسؤولية تدريب (جوق المقر العام) فنياً بحيث وصل الجوق على يده إلى أعلى درجات الكمال تنظيماً وعزفاً وأداءً ، وقد اهتم الميجور (سي نيل) بصورة خاصة بالمشاركة في احتفالات التي تقيمها السفارات وبشكل خاص السفارة البريطانية والأمريكية في بغداد ، وبعد ثورة (14 تموز1958م) تم تسفير الميجور (سي نيل) إلى خارج العراق.
تقلد منصب مدير الموسيقى العسكرية العقيد عبد المجيد نوري الحيالي في العام 1968م ، إذ أصبحت مديرية الموسيقى العسكرية وأجواقها ، ومدرسة الموسيقى العسكرية رافدا فنيا مهما يعزز الحركة الموسيقية في قطرنا العزيز حيث تم تجهيز هذا الصنف الحيوي بكل ما يحتاجه من آلات موسيقية بجميع أنواعها وأحجامها على وفق متطلبات أحدث الأجواق للموسيقى العسكرية فضلا عن دعم مدرسة الموسيقى العسكرية بأساتذة أكفاء للتدريس فيها مع تجهيزها بكل ما تحتاجه من الوسائل التعليمية الحديثة وبذلك أصبح صنف الموسيقى العسكرية من الأصناف الفعالة والمؤثرة في ازدهار الحياة الموسيقية في العراق لذلك برزت العديد من الواجبات الملقاة على عاتق مديرية الموسيقى العسكرية كالإشراف العام على جميع أجواق الموسيقى العسكرية في العراق وتأسيس أجواق جديدة على وفق الحاجة والأهمية مع دراسة كل مشاكلها ومتابعة تطويرها وتجهيزها بجميع الاحتياجات من آلات موسيقية وموادها الاحتياطية ومتطلبات العمل الموسيقي فضلا عن الإشراف على مدرسة الموسيقى العسكرية ومتابعة الدراسة فيها وتجهيزها بجميع المتطلبات والوسائل التعليمية والتعاون مع المؤسسات الموسيقية كافة في العراق ، وتزويدها بكل ما تحتاجه من عازفين أكفاء وآلات موسيقية والمشاركة في جميع الاحتفالات الوطنية والقومية والمهرجانات والمؤتمرات الدولية للموسيقى العسكرية داخل العراق وخارجه مع تقديم حفلات موسيقية عامة ومتنوعة عبر مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومؤسسة السينما والمسرح.