مصرع الملك غازي ودور زوجته الملكة عالية في تنصيب الامير عبد الاله وصيا على العرش

مصرع الملك غازي ودور زوجته الملكة عالية في تنصيب الامير عبد الاله وصيا على العرش

نهلة نعيم عبد العالي

تناقضت الروايات حول مصرع الملك غازي أهي حادث أم ان هناك مؤامرة وراء موته ، فقد ذكر عبد الوهاب عبد اللطيف المرافق الأقدم في القصر الملكي "كنت نائما في بيتي عندما استدعيت هاتفيا من المرافق الخفر في قصر الزهور وبعد وصولي عرفت من الملكة عالية أن الملك بانتظار آلة لتصليح خلل في الإذاعة وبعد أن اخبر بواسطة التلفون بوصول الشخص الذي يحمل تلك الآلة غادر إلى قصر الحارثية ، وبعدها سمعوا بوقوع الحادث " .

أما الدكتور صائب شوكت فكان من بين الأطباء الذين استدعوا لفحص الملك فقد ذكر قائلا " حين وصلت إلى قصر الحارثية ورأيت الملكة عالية والأمير عبد الأله وبعض الوزراء وافراد الأسرة المالكة وعدداً من المرافقين والخدم بدأت بفحص الملك الذي كان فاقد الوعي وإذا بيدي تغور في مؤخرة رأسه وعندما سئلت عن رأيي أخبرتهم بأن الملك مضروب بهيم من الخلف أدى إلى كسر في الجمجمة وتمزق في المخ وأنه سوف لا يعيش أكثر من دقائق معدودة ، وقد أخبرتني الملكة عالية بأنها لاتعرف أكثر من أن صباح نوري السعيد طلبه في الهاتف فترك قصر الزهور متوجها إلى قصر الحارثية" .
أما السيد ناجي شوكت فقد بين في مذكراته بأن الملك أصطدم بعمود الكهرباء نتيجة السرعة الجنونية وحالة الانفعال والاضطراب التي كان يعيشها عند قيادته السيارة في تلك الليلة وهذا يأتي مناقضاً لما ذكره عبد الرزاق الحسني إذ يقول بان السيد ناجي شوكت لازال يعتقد بأن نوري السعيد والأمير عبد الإله لهم إسهام فعلي في فاجعة الملك غازي.
يعد مصرع الملك غازي من أكثر وقائع تاريخ العراق المعاصر غموضاً وإثارة حتى يومنا هذا ، وفي ظل غياب الدليل المادي القاطع للواقعة تبقى القضية تثير تساؤلاً تقليدياً فيما إذا كانت الحادثة مدبرة أو وليدة القضاء والقدر ، وأن كان هناك إجماع من الرأي العام على توجيه الاتهام إلى بريطانيا ونوري السعيد بالاشتراك مع إبن عم الملك الأمير عبد الإله فإن الذي بقي يحتاج إلى إماطة اللثام عنه هو هل أن زوجة الملك بالفعل اسهمت في عملية التخلص من زوجها كما ذكر توفيق السويدي.
ويذكر عبد الحق العزاوي الذي كان يعمل ضابطاً في الحرس الملكي يوم مقتل الملك بأنه سمع الملكة عالية طلبت طرد الدكتور سندرسن باشا من القصر، الذي كان يشرف على علاج الملك وهو في حالة إغماء قائلة " ما كفاه انه قتل أباه حتى جاء ليقتل الولد ".
كانت الملكة مدركة المؤامرات التي تحاك ضد زوجها ويظهر ذلك عن طريق تأكيدها المستمر على المرافقين له بأن يلازموه ويحيطوه بحماية كاملة وحول هذاالامر يروي المحامي هشام الدباغ الذي حكم عليه بالإعدام لقيادته المظاهرات الجماهيرية في الموصل أبان مقتل الملك غازي التي توجهت إلى القنصلية البريطانية وقتل فيها القنصل البريطاني وكان للملكة اثر كبير في أبدال حكم الإعدام الصادر بحقه إلى الأشغال الشاقة وكانت تقدم له المساعدة طوال مدة وجوده في السجن كما كانت تستضيفه بين الحين والأخر بعد خروجه من السجن، وقد ذكر عن إحدى لقاءاته بالملكة عالية في قصر الرحاب قبل وفاتها بأنها قالت له بأن الإنكليز هم وراء مقتل الملك وان اليد التي نفذت ذلك هي يد أحد الآثوريين وأن شقيقها قد علم بعد إتمام الاغتيال ولكنه بناء على نصيحة نوري السعيد قد أسدل الستار عن ذلك.
وبعد وفاة الملك غازي فضلت الملكة عالية إبقاء المرافقين المخلصين والمقربين للملك لمرافقة أبنه الملك فيصل الثاني ويشير محمد حسين الزبيدي بأن المرافق سامي عبد القادر قد أخبره ، بأنه بعد مقتل الملك غازي بقي مرافقاً للملك فيصل مدة طويلة وفي أحد الأيام طلب منه الوصي عبد الإله بأن يرافقه إلى قصر الزهوروفي اثناء لقائه بالملكة عالية طلبت من الأمير عبد الإله أبقاء سامي عبد القادر مرافقاً للملك فيصل الثاني قائلة له " أن سيدي الملك غازي أمرني بأن سامي هو الذي يربي الملك فيصل "لكن عبد الإله لم يجبها وبعد مدة نقله إلى البصرة .
وبعد مقتل الملك غازي بدأت الأحداث والتطورات السياسية تتفاقم وظهر دور الملكة عالية السياسي عن طريق إسناد الوصاية إلى شقيقها ، حرصاً منها على ضمان بقاء العرش لكن اختيارها كان السبب في كثير من الاضطرابات السياسية ، فأشتد العداء للأسرة المالكة ، فقد جاء في مذكرات محمد مهدي كبة " كان عهد وصايته عهد شؤم ونحس على البلاد وأبنائها وعلى الملك القاصر ".

دور الملكة عالية في وصاية الأمير عبد ألأله على عرش العراق
على أثر إعلان وفاة الملك غازي تولى مجلس الوزراء حقوق الملك الدستورية على وفق المادة الثانية والعشرين من الدستور، حتى تعيين وصي على العرش ،وفي الرابع من نيسان 1939عقد اجتماع في البلاط الملكي برئاسة رئيس الوزراء نوري السعيد ورئيس مجلس الأعيان السيد محمد الصدر ورئيس مجلس النواب السيد مولود مخلص ورئيس الديوان الملكي رشيد عالي الكيلاني وعدد من الوزراء ، وأقروا حصر الوصاية بالبيت الهاشمي وعرضت الأراء والمقترحات حول المرشحين وهم كل من الأمير عبد ألله أمير شرق الأردن والأمير زيد بن الحسين عم الملك غازي والأمير عبد الإله خال الملك فيصل الثاني وشقيق الملكة عالية.
وبعد ساعات قليلة من الاجتماع حضرت الملكة عالية وأعلنت أمام مجلس الوزراء بأن الملك غازي أكد في مناسبات عدة بأنه في حالة حدوث أي شيء فأن الأميرعبد الإله هو الذي سيكون وصياً على إبنه فيصل .
وقد أيدت الأميرة راجحة شقيقة الملك غازي هذه الشهادة ، وأخبر نوري السعيد مستشار السفارة البريطانية بأن الملكة عالية سوف تعلن عن وثيقة كتبها الملك غازي يعلن فيها عن رغبته في وصاية الأمير عبد الإله ، أذا ما حصل له أي حادث لأن أبنه ما زال قاصراً، ولكن هذه الوثيقة لم تظهر فيما بعد ، وقدمت الملكة عالية بياناً عاماً وبناءً على هذا البيان أعلن مجلس الوزراء تنصيب فيصل الثاني ملكاً على العراق وبتسمية الأمير عبدا لإله وصياً عليه بالنظر لعدم بلوغ فيصل الثاني سن الرشد القانوني.
وقد كانت للملكة عالية أسبابها لتنصيب شقيقها الأمير عبد الأله وصياً على العرش حيث يذكر الدكتور سندرسن باشا بأن الملكة عالية كانت جريئة جداً عندما أصيب الملك غازي وقد طلبت منه أعطاء الملك زرقة أملاً في أن يصحو بما يكفي لكي يقول بأنه يرغب بتخويل عبد الأله بالوصاية على الطفل وقد نفذ الدكتور سندرسن ما طلبت منه ولكن دون جدوى ، لم يسترجع الملك وعيه حتى وفاته الأ مر الذي يجعلنا نستبعد ما ذكره العقيد(جيرالد دي غوري Gerald De Gaury) الذي يشير فيه إلى أن النسوة اللائي خفضن رؤوسهن عليه سمعنه يئن ويتمتم باسم عبدالإله وهذا يعني بأن الملك غازي حاول أن يوصي للأمير عبدا لإله من بعده بحسب تفسيره .
كان للملكة عالية دور كبير في إسناد الوصاية لأخيها ، فقد طلبت من سعيد حقي ناظر الخزينة الملكية الخاصة الذي حضر في أحد مجالس الأسرة المالكة الذي ضم الملك غازي والأمير عبد الإله ونوري السعيد عندما أفصح الملك عن رغبته في تولي عمه الأمير زيد الوصاية على إبنه فيصل فيما لو حدث شيء على حياته ، وبعد وفاة الملك غازي طلبت الملكة عالية من سعيد حقي عدم ذكر ما سمعه في تلك الجلسة العائلية كما طلبت منه أن يدلي برأيه لصالح الأمير عبد الإله ، ولكن سعيد حقي طلب من الملكة عالية إستبعاده ، وقد حظي موقفه هذا بتقدير الملكة على عكس الأمير عبد الإله الذي ظل يمقته ولا يرتاح اليه . ويذكر محمد حسين الزبيدي نقلاً عن السيد سامي عبد القادر مرافق الملك غازي عن دور الملكة عالية في تنصيب عبد الإله للوصاية على العرش"عقد في قصر الزهور اجتماع ضم رئيس الوزراء لإقرار فيصل الثاني ملكاً على عرش العراق ومناقشة من يكون وصياً على العرش وقد شاءت الأقدار أن اجلس مع الأمير زيد في أحدى غرف قصر الزهور التي تقع عند مدخل باب القصر ، وأن أتتبع سير الأجتماع ، فقد كان يطمح لتولي منصب الوصاية ، وبينما كنت في غرفة الاجتماع دخلت الملكة عالية يصحبها الأمير عبد الإله وتحدثا باللغة التركية التي كنت أجيدها فسمعت الملكة تعاتب شقيقها قائلة له لماذا جعلت من طفلي يتيما : فأجابها قائلاً، أتركي هذا الموضوع الآن وعليك أن تشهدي بأن غازي أكد أكثر من مرة بأن عبد الإله يكون وصياً على فيصل من بعدي لذلك أفادت الملكة عالية في الاجتماع بما أراد ولم تحلف اليمين ، وهكذا أستطاعت عالية تثبيت من كانت تريده وصياً ".
لم تكن الملكة عالية ترغب في ترشيح عمها الأمير زيد الذي يعد الشخص الأنسب لكونه احد أنجال الملك حسين ، وقد أشترك في الثورة العربية الى جانب أخيه الملك فيصل الأول كما ناب عنه في مناسبات عديدة في سوريا والعراق ، ويبدو أن الملكة لديها سبب خاص في تفضيل أخيها حرصاً على بقاء العرش لها ، كما أن شقيقها كان أعرف بأمور العائلة المالكة، فضلاً عن العلاقة السيئة بين الملكة عالية والأميرة راجحة المعروفتين بحفاظهما على العادات والتقاليد مع زوجة عمهن الأمير زيد التي كان سلوكها لا يتناسب مع طبائع العائلة المالكة ، فقد كان معروفاً عنها موالاتها للألمان فضلاً عن تأثيرها الشديد في شخصية الأمير زيد وهذا ما يجعل الملكة عالية بعيدة عن المركز الرئيس لأتحاذ القرار. ولعل مشاعر الكراهية تجاهها هي التي أبعدت الأمير زيد عن الوصاية على الملك فيصل.
كانت الملكة عالية متحمسة وإيجابية في تأكيدها الوصاية ، فقد كانت شهادتها ومدى صحتها موضع شك من عمومتها الأمير زيد والأمير عبد الله اللذين كانا من المفترض على وفق التقاليد الإسلامية ان يكونا المناسبين للوصاية لكنهما أجبرا على أخفاء كيدهما ، فليس هناك أي سبب حقيقي للافتراض مسبقاً بأن الملك الراحل قد توقع موته المبكر حتى قام بترتيبات مؤقتة فيما يتعلق بأبنه الصغير ومستقبله.
تطابقت رغبة الملكة عالية في تنصيب شقيقها مع رغبة البريطانيين ونوري السعيد الذي ساندها في ذلك فقد كانت الملكة سنداً قوياً لنوري السعيد عند الملك غازي ، وذلك لأن بامكانها السيطرة على عبد الإله لخموله وقلة ثقافته وعدم معرفته بالأمور السياسية ، وطلب نوري السعيد من الملكة عالية رفع كتاب إلى مجلس الوزراء للنظر في إقامة وصي على العرش، تشهد فيه بالوصاية لشقيقها .
جرت محاولات عدة مع الأطباء لإقرار الوصاية للأمير عبد الإله ويذكر عبد الرزاق الحسني نقلاً عن الدكتور صائب شوكت الذي فحص الملك غازي وتأكد من وفاته بأن رئيس التشريفات الملكية تحسين قدري طلب منه بأن يدلي بشهادته لصالح الأمير عبد الإله أذ كان يائساً من نجاة الملك ، لكنه رفض الاستجابة لهذا الطلب الأمر الذي أغضب الأمير عبد الإله وقال بأن أخته سوف تشهد بذلك ، وكرر المحاولة ذاتها وزير المالية رستم حيدر مع الدكتور سندرسن باشا لحمله على القول بأن الملك قد عبر عن رغبته قبل وفاته بأن يكون الأمير عبد الإله وصياً على إبنه من بعده ، لكن الدكتور سندرسن رفض ذلك لأن الملك غازي لم يستعيد وعيه لحظة واحدة بعد الحادثة وإذا ما أقر مثل هذا الادعاء الكاذب فلابد أن يكون هناك الكثير من المستعدين لتكذيبه.
ومن الجدير بالذكر أن الوصاية أحدثت انشقاقاً في الأوساط السياسة العراقية فجميل المدفعي مثلاً كان ميالاً لتولي الأمير زيد،لكنه في النهاية أستسلم إلى رأي الأغلبية.أما طه الهاشمي فقد ساند وصاية الأمير عبدا لإله وقد برر ذلك بقوله أنه خال الملك وأخو الملكة وانه يميل إلى الصدق والعفة والوقار وعدم شيوع ما يسيء الى سمعته، أما الأمير زيد فأنه متزوج من تركية. ويتبين لنا من هذه الآراء والأحداث التي أثيرت حول وصاية العرش بأن للملكة عالية الدور الكبير في إسناد الوصاية إلى شقيقها بإعلانها أمام مجلس الوزراء بأنها رغبة الملك وبأنه أعلنها قبل وفاته. وبما أن هناك انقساماً في الأوساط السياسية إذ ان هناك من أيد وهناك من مال إلى الأمير زيد فان هذا الانقسام في الرأي أثار الشك في صحة الوصية فقد وصفها طالب مشتاق في مذكراته " أنها وأيم الحق ملفقة لحمتها الكذب وسداها التزوير والافتراء
ان الذي جعل الملكة عالية موضع شك هو ان طبيعة العلاقة بين الملك غازي وإبن عمه لم تكن ودية ، فقد أمر سامي عبد القادرعدة مرات بمنعه من دخول القصر.
وأيد ذلك السيد فؤاد عارف حول العلاقة بين الملك وأبن عمه قائلا "كانت علاقة الملك بأبن عمه فاترة ، ففي احد الأيام مرض الأمير عبد الإله فقلت للملك غازي سيدي آلا تزور خال الأمير فيصل فقال لي لا أرغب في زيارته وقد كلفني بزيارته نيابة عنه ، كما كان قليل الاختلاط به " ،إما رأيه في صحة الوصاية ، فقد ذكر بأنه لو أراد الملك أن يترك وصية لما نطق بها شفهيا أمام زوجته وأخته بل أستعد لها ودونها ، وأن الملك غازي كان يردد دائما بأنه لو حصل له مكروه فأن عمه الأمير زيد سيكون وصياً على إبنه .
وبناءً على تحليلنا المصادر نستبعد ما ذكرته الأميرة بديعة في مذكراتها بشأن الوصية حيث ذكرت "حينما نودي على أختي عالية وسئلت عما إذا كان زوجها قد أوصاها بشيء ، أجابت على الفور ومن دون تردد وعلى سجيتها بمحضر من الجميع وهي بتلك الحالة بأن الملك عندما كان يلاحظ بعض الاضطرابات في الأوضاع السياسية في العراق يكرر القول دائما إذا ما حصل لي مكروه لا سامح ألله فأن وصيتي هي أن الذي يستلم من بعدي الأمور هو عبد الإله وقد أقسمت الملكة عالية اليمين على شهادتها" علماً بأن معظم المصادر تؤكد بأنها لم تقسم اليمين .
أما فيما يتعلق بشهادة الأميرة راجحة فلا تتوافر عنها معلومات تفصيلية سوى إشارات قليلة لاتكفي لرسم صورة واضحة عن الدافع الحقيقي لشهادتها لصالح إبن عمها فمعظم الذين كتبوا عن وصاية العرش تجنبوا شهادتها وركزوا على شهادة الملكة عالية فحسب ، ويعلل السيد فؤاد عارف شهادة الأميرة راجحة الى جانب الأمير عبد الإله بأن الأميرة راجحة بعد أن فقدت والديها وفيما بعد شقيقها لم يبق لها أحد وقد وجدت الأطراف السياسية كلها إلى جانبه، لاسيما نوري السعيد الذي كان له اثر كبير ، فلم تستطع أن تقف بوجه هذه المساندة المدعومة ، ويعتقد السيد فؤاد عارف بأن شهادتها ربما تكون ملفقة عليها . ويذكر السيد إسماعيل حسن مرافق الملك غازي بأن زوج الأميرة راجحة أخبره بعد موت الملك غازي بأن السفير البريطاني أول من أحيط علماً بالحادث وان الذي أخبره هو السيد نوري السعيد ، حيث أجتمع بالملكة عالية والأمير عبد الإله وأتفقوا على تنصيبه وصياً على العرش ، ويذكر السيد إسماعيل بأن زوج الأميرة راجحة قد أخبره ذلك في تكتم شديد لأنه كان يخشى عبد الإله .
وعلى العموم يمكن القول بأن الملكة عالية على الرغم مما قيل عن صدقها وعلو أخلاقها وسماحتها وتواضعها ....ألا أن تفاصيل موضوع الوصية المذكورة ومداخلات الساسة وآراء المرافقين لزوجها الراحل والمقربين الى البلاط الملكي يشير بشكل واضح لاغموض ولا لبس فيه أن الملكة عالية لم تكن صادقة في هذا الامر الذي رتب في عجالة وبخطة بارعة اسهم في وضعها بعض السياسيين الذين أرتبط مصيرهم ومستقبلهم بالعائلة المالكة وفي مقدمتهم نوري السعيد ورستم حيدر.
كان وضع وصاية الأمير عبد الإله في مدة وصايته على عكس ما كان عليه عمه الملك فيصل الأول الذي حظي بحب وأحترام السياسيين والشعب ، كذلك الملك غازي الذي أحبه الشعب ،أما وصاية عبد الأله فقد تميزت بابتعاده عن الشعب وتجاوبه مع الساسة البريطانيين ولم تكن الملكة عالية راضية عن تصرفات شقيقها وكانت تخشى بأن هذه التصرفات ستعود بالوبال على وحيدها الملك فيصل وقد صدق حدسها.