خطب النحاس باشا هذا الاسبوع مرتين!

خطب النحاس باشا هذا الاسبوع مرتين!

كثرت خطب النحاس باشا هذه الايام..!
وفي هذا الاسبوع فقط خطب رفعته مرتين، مرة في حفلة المحامين في الاسكندرية، والثانية في القاهرة بمناسبة عيد الهجرة وكانت الخطبتان.. كمعظم خطب النحاس باشا الرسمية: تسلية ممتعة، لاقى الكلام الذي جاء فيهما، ولكن في الجو الذي التقينا فيه.. والذي لا شك فيه انه مهما اختلفت الآراء في قيمة الخطب التي يلقيها رفعة النحاس باشا فان الاجماع يلتقي على ان الجو الذي تلقى فيه هذه الخطب جو ممتع مسل.. يتفجر بالضحك والمرح!


خطبة مهمة!
والذين لم تتح لهم الظروف حضور خطب النحاس باشا سيصابون بالذهول اذا سنحت الظروف يوما واتيحت لهم الفرصة!
فان احدا منهم لا يتصور ان النحاس باشا يخطب هكذا.. ولو ان شريطاً سينمائيا سجل حركات رفعته وتعبيرات وجهه واشارته ونكاته التي تتخلل الخطب لكانت النتيجة: اعظم الافلام اثارة للمرح منذ بدأت السينما الى اليوم!
بدأ رفعته خطبة اخيرة فقال للمستمعين:
- اسمعوا.. بقى خطبة النهاردة خطبة مهمة قوي.. اسمعوها كويس: ولازم تفهموها.. واللي ما يفهمهاش.. وانثنى رفعته انثناءة عنيفة ورفع يده في الهواء وقال: آن.. ثم استطرد.."اللي ما يفهمهاش بقى.. ملعون.."ثم ذكر رفعته كلمة تمس آباء المستمعين جميعاً..
وسادت المكان عاصفة من الضحك وعقب رفعته قائلا في نفس حركات التثني العنيف والاشارات الواسعة المدى:
- آه.. أهو كده.. احنا ما عندناش غير كده.. واللي موش عاجبه يعمل ايه.
ويرفع رفعته يده في الهواء ماداً سبابته ثم يصيح:
- هيه.. اللي موش عاجبه يعمل ايه؟
وترتفع عشرات الاصوات ترد ويقول رفعته:
- لا.. هيه.. مفيش حد نبيه.. اللي موش عاجبه يعمل ايه؟
واخيراً يهتدي احدهم الى الجواب المنشود فيصيح:
- يشرب من البحر..
ويقفز رفعته في الهواء ثم يقول: تمام.. تمام.. الواد ده جدع.. عرف يجيبها..
ثم يسكت ويشد قامته الى الامام ثم يتجه ببصره الى السقف ويشير بيديه الى الارض: عرف يجيبها.. اللي موش عاجبه يشرب من البحر!
ثم يبدأ رفعته خطبته المهمة:
أنا..
وحدث في خطبة النحاس باشا الاخيرة في حفلة المحامين ان وصل رفعته الى الجزء الذي يحوي اسماء اعضاء وفد مصر في مؤتمر مونترو وبدأ رفعته يتلو الاسماء ثم قال:
- اولهم انا.. حضرة صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا..
وافتر ثغر رفعته عن ابتسامة عريضة ثم اردف قائلا:
- يعني... انا..!
اشارة التصفيق!
وذكر رفعته اسم مكرم باشا ودوى التصفيق واشار احد منظمي الحفلة الى المصفقين وقال: كفاية كده!
وسمع رفعته فتوقف عن اكمال الخطاب واتسعت الابتسامة، ثم قال وهو يندفع بقامته الى الوراء.
- كفاية كدة.. ليه بقى يا سيدي..
واعتدل وهو ينثني الى الامام وقال:
- لا موش كفاية.. صفقوا له كمان.. كما ما عليهش.. سقف يا واد انت وهوه!
ولما وصل رفعته الى الجزء الذي يقول فيه:
"ولم تكن مصر في نهضتها الوطنية تشكو الاحتلال البريطاني وحده.."
قاطعه المستمعون في عاصفة من التصفيق..
ورفع رفعته بصره الى اعلى ثم قال:
-"ايه المناسبة.. بتسقفوا ليه.. يا ناس"التسقيف"عند الضرورة بس.. ايوه.. بس عند الضرورة.. اسمع يا جدع انت وهوه اوعى حد منكم"يسقف"الا لما انا اقول له.. انا اديكو الاشارة للتسقيف.!
من الذي كشف نفسه!
وحدث اخيراً وكان رفعته يخطب ان تعالى الهتاف باسمه فصاح رفعته: موش عاوز حد يهتف دلوقت.. مش عاوز.. مش عاوز حد شريكي.. هو اسم مين موش اسمي.. انا مصطفى النحاس موش عاوز..
وفجأة هتف احدهم باسم احد النواب الوفديين وقال رفعته اخص الله يكسفك.. دلوقت كلنا فهمنا"وذكر رفعته اسم النائب الوفدي"هوه اللي جابك هنا.. كشفت نفسك يا تور.. ثم اخذ رفعته يردد الكلمة الاخيرة وهو ينثني الى اليمين والى اليسار قائلا: تور.. آه تور.. تور آه يا تور!
الذين يفهمون!
ووصل رفعته في خطبة اخيرة له الى مقطع يعلق عليه اهمية كبيرة، ويبدو ان المستمعين لم يشاركوا رفعته في تقدير اهمية هذه الفقرة، فقد فرغ رفعته منها وتوقف ولم يصفق احد ونحى رفعته الاوراق وقال:
- ما حدش فهم.. ما حدش فهم.. بقى دى ما تستاهلش تسقيف..
ودوى المكان بعاصفة من التصفيق.
وتوقف التصفيق اخيراً واذا رفعته يقول:
- بعد ايه.. بقى.. بعد ايه؟ ولا حد فهم.. بقى دي ما تستاهلش تسقيف؟
وللمرة الثانية دوى المكان بالتصفيق.. ثم هدأت العاصفة واذا رفعته يقول:
- برضه موش كفاية
وهتف احدهم بحياة رفعة النحاس باشا ورفع رفعته يده في الهواء وهو ينثني ثم قال:
- لا يا خيبان.. انا عاوز تسقيف موش عاوز هتاف!!
تسقيف.. ما تعرفش تسقيف يعني ايه؟ ويرفع صاحب الرفعة يديه ثم يصفق بحماسة!

آخــر ســاعة/
تشرين الاول - 1951