الساعات الاخيرة لشيخ المؤرخين عبد الرزاق الحسني

الساعات الاخيرة لشيخ المؤرخين عبد الرزاق الحسني

زكية المزوري
في الهزيع الاخير من ليلة الخميس الموافق لليوم الرابع والعشرين من شهر كانون الاول لعام 1997 م ، توفي الى رحمة الله تعالى المؤرخ والصحفي الرائد السيد عبد الرزاق الحسني أثر مرض عضال لازمه لاكثر من عشرين عاما .


السيد الحسني من مواليد عام 1898م بينما دوَن في هويته المدنية انه من مواليد عام 1907 م وهذه المعلومة اعلمنا بها رحمه الله تعالى ، وبهذا يكون قد رحل عن تسع وتسعين عاما..
يعد الحسني أول مؤرخ في العالم أجمع تمكن من رؤية مذنب هالي لمرتين ، والذي يظهر كل 67 عاما .
ولع الحسني بالقراءة والكتابة منذ سني عمره الاولى ، فكان يقتني الصحف اليومية والمجلات الادبية على - حد قوله – رحمه الله فيطالعها ويستفيد منها فائدة تمكنه من تحرير خبر محلي او قطعة ادبية او ابيات شعرية .
بدا مسيرته مع الصحافة والادب عام 1922 م فنشر مقالات عدة في صحف معتبرة وقتئذ .. وكانت كتاباته تلمح الى اتجاهاته السياسية والتأريخية ، فكان كتابه الاول ( المعلومات المدنية ) الذي أحدث ضجة في وقتها .. ثم اصدر رواية بعدها توالت كتبه الضخمة الى ان تجاوزت الثلاثين مجلدا في شتى الآداب والعلوم ، ومن اهم مؤلفاته : كتابه ( تاريخ الوزارات العراقية ) ويقع في عشرة اجزاء ضخمة تلاه مؤلفه ( تأريخ العراق السياسي الحديث ) في ثلاثة اجزاء من الحجم الكبير ، في هذا الكتاب ذكر الحسني كل صغيرة وكبيرة من احداث سياسية وبرلمانية مستندا الى وثائق وبيانات صدرت في حينها من الدولة .
عاصر السيد الحسني وشهد كل ما كتب برغم صعوبة تلك المسيرة التي لم يسبقه اليها احد لا من العرب ولا من الاجانب ، كان يجلس الى الساسة والوزراء والملوك الذين حكموا العراق فوثق مؤلفاته بمعلومات دقيقة ومباشرة حتى امست مؤلفاته وثائق تأريخية تكشف للاجيال على مر العصور الاحداث والازمات المتعلقة بالوزارات القائمة في عصره .
عن كتابه ( تأريخ العراق السياسي الحديث ) حصل السيد الحسني على جائزة المجمع العلمي العراقي عام 1948م ، وفي حديث اجريناه مع الحسني رحمه الله قبل اكثر من ثلاثة عشر عاما ونيف ، فسر السيد الحسني ان الجائزة كانت كبيرة وعظيمة يومئذ وكانت الجائزة نقدية ، فقام بشراء مطبعة خاصة به أصدر من خلالها جريدته ( الفيحاء ) عام 1927 م وكان قد اصدر قبل شرائه المطبعة جريدة الفضيلة عام 1925م .
كتب في العقائد والاديان وأكتشف اخبار وأسرار الطوائف والاقليات التي تسكن في كافة انحاء العراق واظهر الغامض من الواضح من خلال تغلغله في صلب وجوهر وعمق المادة التي يشتغل عليها ، فكتب عن الصابئة والبهائية واليزيدية والخوارج ، موضحا رأيه وفكرته وفلسفته الخاصة في تقييمها وتحليلها .
كان كتابه ( ثورة النجف بعد مقتل حاكمها الكابتن مارشال ) وثيقة وتدوينا مفصلا ومهما عن تلك الثورة وما تلاها او سبقها من احداث ومؤامرات برغم ما لاقى هذا الكتاب من نقد لاذع من قبل نقاد يشار لهم بالبنان ومن يقرأ او يطلع على هذا الكتاب سيكتشف وبلا ادنى شك ان هؤلاء النقاد كانت لهم نية وغرض في تلك الضجة او ما يمكن ان نسميه بـــ ( الازمة النقدية ) .
لم يؤرخ السيد الحسني الاحداث السياسية والوزارات العراقية في العهد الجمهوري لعدة اسباب اهمها ان الحسني كان قد تعدى السن التي تسمح له بالبحث والتقصي والتدوين والسبب الاكثر اهمية بالنسبة اليه ان الاحداث السياسية والبرلمانية والازمات الحاصلة في ذلك العهد لم تصدر عنها بيانات او حجة او وثيقة يستند اليها في تأريخ وتدوين الوزارات .
كم من مرة تمنى العلامة الحسني امامي واعرب عن امله في ان يظهر من بين فتيان العراق المتعلم والناهض من يكمل ما بدأه في هذا المجال العلمي الدقيق .
حصل ( رحمه الله تعالى ) على شهادة دكتوراه فخرية بالتاريخ من كلية الآداب بجامعة بغداد عام 1992م ، كما حصل على الوسام الذهبي من الاتحاد العام للكتاب والمؤلفين في العراق عام 1996 م .
حفل موكب جنازة السيد عبد الرزاق الحسني بالوزراء وكبار الشخصيات الاعلامية والادبية ووجهاء الدولة ، بينما لم يجد الحسني احدهم يطرق بابه او يمد له يد العون حتى لحظة احتضاره الاخيرة ، ولولا رعاية وعناية الله سبحانه وتعالى ورعاية ابنته احلام التي تكفلت بمعيشته وعلاجه وعلاج زوجته الفاقدة لبصرها لمات جوعا ، ( حسب قوله لنا ) ، بينما كان بعض الشعراء والصحفيين من المداحين يتمتعون بحياة غاية في البذخ والثراء ولا سيما حملة لقب ( المبدع ) .
كان للحسني زوجة واحدة وكانت سيدة فاضلة من اصل ومقام رفيع تزوجها وكان عمره ستة وعشرين عاما بينما لم يزد عمرها عن ثمانية عشر عاما ، احبها واحبته واحسن معاشرتها برغم التفافه حول كتبه وبحوثه وادبه مما جعل الزوجة تتذمر وتقضي معظم ايامها في حزن وبكاء لشعورها انه يفضل علمه وادبه عليها ولمرض اصاب عينيها فقدت الزوجة بصرها وامست لا ترى الا بنسبة واحد بالالف حسب ما اكده الاطباء ، ورغم العمليات الجراحية الكثيرة التي اجريت لعينيها الا انها لم تاتي بجدوى وتوقفت عن العلاج والمراجعة لضنك الحال التي كانت تعيشه العائلة .
عودة النظر لعينيها كانت احدى امنياته التي لم تتحقق في حياته ولا بعدها وامنية اخرى لطالما انتظر تحقيقها وهي نشر مخطوطتيه الضخمتين ( اسرار عايشتها ) و ( الاسرار الخفية ) اذ لم يكن بامكانه نشرهما لعدم تمكنه ماديا فبقيا ضمن ما خلفه السيد الحسني لوارثيه علما ان المخطوطتين اصبحتا في غياهب الجب ولم يظهر لهما اثر حتى هذه الساعة .
بعد بلوغ الحسني السنة الرابعة والثمانين من عمره الذي قل او زاد عن المئة عام ، اصابه الهزال وضعف العظام فلزم فراشه وكان بالكاد يتمكن من الخروج لنزهة قصيرة او زيارة الاقارب ، بعدها اقعده المرض وداهمته الشيخوخة بوحشيتها وظلالها القاسية وحوطته بسلاسل وقيود سجنها المريع فسكن بين اربعة جدران لا يغادرها الا حين دخوله المشفى للمعالجة او لقضاء حاجته ، الا ان حالته الصحية تفاقمت وازدادت سوءا اذ تم تشخيص ما به من امراض حتى وصلت الى اكثر من سبعة امراض كتوقف احدى الكليتين وذات الرئة وتوقف الرئة اليمنى وارتفاع ضغط الدم وضعف القلب اضافة الى مضاعفات كثيرة نتجت عن توقف الكلى والرئة .
على هذا قضى السيد الحسني ما يقرب الخمسة عشر عاما اسير حجلته الرباعية الاقدام والمصنوعة من ارخص المعادن وكانت تعاني هي الاخرى من اعوجاجات وكسور تم تركيعها بالحبال ، رافقته هذه الحجلة الوفية حتى اواخر ايامه ، رغم حالته تلك كان مزدهيا بعلمه مواظبا على لقاء طلابه في داره فلم ييأس يوما ولم يعتذر عن مقابلة احد طرق بابه في سؤال ، بل داوم على القراءة والكتابة واستطلاع اخبار العلم والعلماء والاداب والفنون والعلوم من كل من يقابله وكان يجلس بين ضيوفه وطلبته سعيدا يرد على اسئلتهم واستفساراتهم فيزيدهم تعلقا بالعلم ويحثهم على الاصرار في طلب العلم حتى اخر لحظة من الحياة ، واذا ما تذمر فرد من عائلته من كثرة زواره وطلابه كان يرد غاضبا : العلم اثمن ما يمكن ان يمنحه المرء لغيره فجلوسي وجوابي عليهم لا يكلفني شيئا وابخل الناس من بخل بعلمه على الناس ، على هذا احبت عائلته زواره ومريديه من طلاب وطالبات وصحفيين وكنت احدى المحظوظات بلقائه ومجالسته فتعلمت منه ما تعلمت ولم اكف عن زيارته حتى وفاته وتابعت اخبار عائلته حتى اواخر عام 1998 بعدها انقطعت اخبارهم عني
وحتى اقل من اسبوع من وفاته كان يستقبل ( رحمه الله تعالى ) طالبة دكتوراه في داره في الكرادة ببغداد ويفسر لها كل ما طلبته منه خدمة للعلم وللطالبة وهذا يفسر لنا سخاء وعظمة هذا العلامة الذي لا يمكن ان نتجاهل دوره الكبير في النهضة بالثقافة المعرفية والعلمية في مجال التاريخ والتدوين .
للحسني ابنة واحدة هي احلام ، تزوجت وانجبت بنتا واحدة كانت الونيس الوحيد للحسني في ايامه الاخيرة وكانت قريبة الى نفسه وخصها بعطفه وابوته بعد رحيل والدها ، كان الحسني راضيا عن ابنته احلام التي تكفلت رعايته والعناية به وبوالدتها وكان يدعو لها بالتوفيق والرضا واوصى ان تتكفل بامور دفنه ومراسيم جنازته وان تنزله في قبره بيديها وعملت بوصيته .
وله خمسة اولاد هم حسب الولادة قاسم ومحمد امين وانور وطارق وسليم وكان انور من اقربهم الى قلبه واعطفهم عليه ، وله حصيلة لا باس بها من الاحفاد فقد وصل عددهم حتى عام 1998 الى ستة وثلاثين حفيدا معظمهم تلامذة وطلبة في المعاهد والكليات والجامعات ببغداد وغيرها .
للحسني دار واحدة تقع في جانب الرصافة في منطقة كرادة داخل وهي من الطراز القديم جدا ، وكم تمنى لو ان الدولة تولت رعاية الدار من بعده واتخذتها معلما ومتحفا يجمع اثاره وكتبه ومقتنياته الاثيرة الى نفسه وبدوري لجأت حينها الى وزارة الثقافة وبطلب منه وقابلت الوكيل الاقدم وطرحت عليه الفكرة فرحب بها واكد على القيام بكل ما يسعه لتحقيق امنية السيد الحسني ليكون بيته مرجعا للتاريخ السياسي في العراق ، لكن ازداد خوفي على هذه الدار حين اخبرتني ابنته احلام انها ستعرض الدار ودارها الملاصقة للبيع بعد انتهاء مراسيم الجنازة والفاتحة وشراء منزل صغير تسكنه مع والدتها وابنتها لتضمن العيش لهم بمبلغ الفرق ، بعدها علمت ان رجلا مهما في الدولة حينذاك قد طلب من ابنة الحسني ان تبقي على الدار لتكون اثرا يخلد اسم وتاريخ الحسني وقال ان هذا اقل ما يمكن ان تقدمه الدولة لرجل مثل الحسني .
سخر السيد الحسني كثيرا من زمانه وكان يسأل اهل داره عن الادباء والعلماء ممن استقوا علمهم من معين نهر علمه ، ولما كان الاتحاد العام للادباء والكتاب ووزارة الثقافة والاعلام والمؤسسات الثقافية الكبيرة تكرم احدهم كانت عائلته تخفي الخبر عنه ، فلطالما تسائل عن سبب اعراض هذه المؤسسات عن استذكاره بامسية او اصبوحة تقدير او تكريم ، غير ان ذلك لم يحصل حتى وفاته ، كان يتألم ويقلق كثيرا على وضع الثقافة المزري في العراق ثم يضحك قائلا : شر البلية ما يضحك .
لم يزد عدد زائريه عن ثلاثة أصدقاء خلال اعوام عمره الاخيرة ، حسب ما اخبرتني ابنته احلام وزوجته ام قاسم وهم الدكتور علاء جاسم محمد وكان رئيس قسم الـتاريخ في كلية التربية الجامعة المستنصرية ، وعلي تايه وكان موظفا سابقا في الاذاعة ، وعبد المحسن شنشل اخو صديق شنشل ، وكان للحسني صديقة حميمة كانت بمثابة الابنة والام والاخت الرؤوم وكان يتمكن من خلالها من معرفة اخبار الدنيا واحداثها المختلفة فتقرأ له الصحف والاصدارات واخبار الادب والعلم وتعينه على حاله وطعامه وتمازحه في ساعات الكدر الكثيرة وتختلق الاعذار لاحبائه ان اعرضوا عنه وكانت تلك الصديقة هي جارته ليلى انيس سليم تلك النبيلة التي كرست وطوعت نفسها لتكون ممرضة واما وابنة لهذا العلامة فقد قالت عنه :
كان بالنسبة لي الاب والاخ والصديق ، كان من العظماء حمل في اعماقه الكثير من الاسرار الحزينة ، كنت اجلس اليه لساعات طويلة بحكم جيرتنا وعلاقتنا الابوية فاكون بقربه معظم نهاري احدثه ويحدثني ، يطلب مني شراء الصحف وقراءتها بصوت عال ، باح لي بالكثير من الاسرار التي عايشها في ظل حكومات واوضاع وظروف شتى ولو كنت امتلك قلما لكتبت الان صحفا من تلك السيرة النيرة ، منحني هذا العالم حنان الاب الذي افتقدته في صغري ، ما يحزنني حقا هو خسارتنا الكبيرة فيه فالزمان لا يجود بامثاله كثيرا ، وسابقى اتذكر حزنه وحسرته على كتبه التي ابتلعها البحر والنسيان تلك الكتب التي كلفته الكثير من الوقت والجهد والثمن .
قالت عنه زوجته ام قاسم : عشت مع الحسني اجمل وازهى ايام حياتي منحني الكثير من العاطفة والاحترام ، كان فكها كثير المزاح حتى اني في احيان كثيرة لم اكن افرق بين جده ومزاحه ، كان يهون علينا كل الصعاب حتى تلك التي لم نجد لها حلولا ، امضى جل عمره بين كتبه وتلامذته حتى صرت اغار وابكي ولم اكن اتمكن من التحدث اليه لايام طويلة رغم وجودنا معا تحت سقف واحدة ، كان ينسى طعامه ونومه ، رغم كل ذلك وقفت الى جانبه واعنته على ايامه فقد كنت اعرف واعي ممن تزوجت ، وكنت احرص على ان يصل الى اعلى درجات النجاح وان يحقق جميع طموحاته ، وللان ورغم رحيله الا انني ما زلت اسمع صوته وسعاله وحركته الواهنة وهو يتنقل هنا وهناك فلم تعينني عيناي على رؤيته خلال السنوات العشرين الاخيرة فقد فقدت بصري تماما .
وعن ساعاته ولحظات حياته الاخيرة قالت ابنته احلام : في عصر يوم الثلاثاء الموافق 23/11/1997 م ، أصيب والدي بنوبة سعال لم يسبق لها مثيل فاسرعت اليه بالطبيب وبعد الكشف عليه اعلن عن خطورة حالته واعلمنا ان احدى رئتيه قد توقفت تماما عن اداء وظيفتها اضافة الى عجز الكليتين وارتفاع ضغطه الى عشرين درجة فيما وصلت درجة حرارته الى 40 درجة مئوية ، في اليوم الثاني استقرت حالته وفتح عينيه وراح يبحث ويسال عن الجميع ، امسك بيدي واغرورقت عيناه بالدموع وتشبث بي وبوالدتي ولم تكن عيناه تفارقنا جميعا حتى منتصف ليلة الخميس ، بعدها اصيب بنوبة سعال شديدة واختناق اخذته في غيبوبة عميقة عرفت حينها ان والدي سيفارقنا ، استمرت النوبة هذه المرة وازرق خلالها وتوقف عن التنفس وبردت اطرافه وما هي الا ثوان واذا به يتقيأ كتلة دم كبيرة اغرقت كل ما حوله ثم اسلم الروح وسط ذهول وصراخ ونواح والدتي واخي انور وصديقتنا وجارتنا الحميمة ليلى ، وكما اوصاني اخذته الى مغتسل الكاظمية وكفن هناك وطفنا بجثمانه بالاعظمية والكاظمية ، ووردني خبر من الوزراء ان لا ادفن ابي الا بعد حضورهم الى بيت والدي بالكرادة لتشييعه وتصوير الجنازة تلفزيونيا ، لقد حفل موكب جنازة ابي بالكثير من الوزراء والمسؤولين في الدولة , وتحركت الجنازة من البيت الى حسينية الحاج عبد الرسول علي في الكرادة ، بعد توديع الوزراء وتقديم تعازيهم لنا ، طفت بجثمان والدي جميع المراقد المقدسة في بغداد مرة ثانية في الاعظمية والكاظمية وكربلاء والنجف كما اوصاني ، ثم انزلته الى قبره بيدي والحمد والفضل لله تعالى الذي اعانني على خدمته ورعايته وتنفيذ وصاياه .
نعم رحل العلامة الوثائقي والصحفي والشاعر والمؤرخ الرائد السيد عبد الرزاق الحسني وسط كل هذه الوجاهة والتكريم والاضواء سوى انه مات وحيدا لم يحتكم على ثمن الدواء ، وثمن صحيفة يومية يطلع من خلالها على اخبار واحداث الدنيا ، رحل السيد الحسني حزينا وفي نفسه حسرات كثيرة شأنه شأن علماء وادباء العراق ممن مات في العهد البعثي السابق والعهود اللاحقة والحاضرة ، فحال الاديب والعالم والمثقف لم يتغير ولم تحقق الحكومات الحالية العدالة والانصاف للنهوض بواقعهم المزري حتى هاجر منهم من هاجر ومات منهم من مات لتضم مقابر الغربة اجسادهم ولتظل ارواحهم تطوف وتدور في فلك الدنيا ولتتناثر احبارهم واثارهم في مشارق الارض ومغاربها دون ان تظهر حكومة عراقية واحدة تحفظ لهم كرامتهم المهدورة وتعيد لهم حقهم المضاع ولو امواتا ، وفي الوقت الذي تحترم البلدان المتقدمة والمتحضرة علمائها وتقدمهم على ساستها وتعين لهم الموارد وتسهل عليهم حياتهم وتكرمهم احياء واموات .