حشيش وحناء.. في لندن!

حشيش وحناء.. في لندن!

عبد الله السفرجي
يعمل الاستاذ محمد نجيب مراسلا للصحافة المصرية بلندن منذ ثلاثين عاماً، ويفد على مكتبه في عمارة جريدة التايمس يومياً خليط من السائحين والطلبة والبحارة للاستفهام عما يهمهم عن مصر، وهو يقص علينا بعض الطرائف.


قضى عبد الله السفرجي – وهو كهل سوداني – حوالي نصف قرن بين فرنسا وانجلترا، واقترن بسيدة فرنسية انجبت له ولدين: احدهما ضابط في الجيش الفرنسي.
وفي ذات يوم تلقيت منه خطابا، بانه محبوس في سجن "بركستون" ويرجو ان اصنع شيئا لانقاذه فبادرت بزيارته هناك واذا به يقص علي حكاية غريبة مجملها ان احد البحارة الصوماليين زين له الاتجار بالمخدرات وباعه فعلا نحو اربعين كيلو من الافيون فلما حاول ان يبيعها بدوره، وسأل شخصا انجليزيا قابله في حانة عن المكان الذي يمكن بيعها فيه، اكد له الرجل انه تاجر مخدرات، واتفق معه على شرائها ثم اتضح انه بوليس سري، واعتقله ومعه البضاعة!
وعرضت على عم عبد الله توكيل محام يتولى الدفاع عنه، ولكنه سخر من هذا العرض، وطلب ان اسارع الى مقابلة حاكم السودان العام – وكان حينذاك في اجازة بلندن – ثم ابلغه نبأ سجنه.. فانه سيسعى الى اطلاق سراحه، لانه يعرفه.
ولم اقم بهذه المهمة طبعا، وقدمت القضية الى المحاكم، فاثبت التحليل الكيمائي ان المادة المضبوطة حشيش لا افيون، ثم نطق القاضي بالحكم فاذا به البراءة لان استيراد الحشيش في ذلك الحين كان غير محظور.
وخرج العم عبد الله من السجن وهو يعتقد انهم اطلقوا سراحه بسبب وساطتي لدى الحاكم العام للسودان.
وكان هذا الحادث سببا في ان الحكومة الانجليزية سنت قانونا قدمته الى البرلمان بادخال مادة الحشيش في باب المخدرات الممنوعة والتي يعاقب محرزها بالسجن.

ذات الشعر الأحمر

ووفدت على المكتب ذات يوم سيدة رائعة الجمال، شعرها احمر، وذكرت انها تعمل في صحيفة "الديلي ميل" وانها تريدني في مسألة سرية وعاجلة ولما انتحينا جانبا، اذا بهذه المسألة هي انني الشخص الوحيد الذي يستطيع معاونتها على الاحتفاظ بجمال شعرها الاحمر المذكور، بان استحضر لها من مصر كمية من الحناء!
فقلت لها: انا تاجر اخبار ولست اتاجر في الحناء!
قالت: اذن اتصل بالجريدة التي تمثلها وقل لمديرها ان يرسل اليك كمية من الحناء وانا كفيلة بدفع كافة النفقات.
ولم ينقذ الموقف إلا ان الملحق التجاري بالسفارة المصرية كان يحتفظ بكمية من الحناء على سبيل العينة فأخذتها منه وقدمتها الى السيدة.

الأثنين والدنيا / آذار- 1946