من كتابات الدكتور نوري مصطفى بهجت..اللياقة البدنية والقوام للإنسان

من كتابات الدكتور نوري مصطفى بهجت..اللياقة البدنية والقوام للإنسان

نعني باللياقة البدنية إمكانية الإنسان المتعافي على القيام بأعماله اليومية الاعتيادية و متطلبات ملاء أوقات فراغه , على مدى مناسب من الحيوية والنشاط , دون التعرض إلى تعب واضح.... يعتمد ذلك بالإضافة إلى التمتع بصحة عامة مناسبة, إلى توفر حد أدنى من القوة في العضلات والمرونة في حركات المفاصل و كفاءة في عمل القلب والدورة الدموية وفي جهاز التنفس. إن تمتع الإنسان بحد أدنى من اللياقة البدنية هو أمر طبيعي لمجابهة متطلبات الحياة اليومية الاعتيادية,

كرفع الأم طفلها من الأرض أو النهوض من كرسي واطئ , أو رفع قنينة غاز مثلا , ألا انه إذا أريد رفع هذا المستوى فلابد من المساهمة في برنامج تدريبية أكثر فاعلية ليتسنى التأثير على العضلات و أجهزة الجسم الأخرى والتوصل إلى المستوى المطلوب. والطريقة المثلى للتوصل إلى ذلك هو المشاركة في برامج تدريبية والعاب رياضية مثل كرة السلة والطائرة و لعبة التنس والهرولة والمشي و ما شاكل كتمارين الايروبك والتي سيأتي ذكرها فيما بعد...... لذا يمكن القول إن مستوى تمتع الإنسان بنعم الحياة و معانيها يتناسب مع مستوى اللياقة البدنية التي يتمتع فيها . كما أن جميع البحوث تظهر أن متابعة برنامج رياضي تدريبي وبشكل مستمر يمكن أن يقلل من احتمالات الإصابة بالمشاكل والنوبات القلبية والدماغية كما سيأتي ذكره.
وعلى الرغم من وجود تباين واضح في مستوى اللياقة البدنية بين الناس , فمن غير الممكن تقسيم الناس إلى لائق أو غير لائق بدنيا . كما أن أي مستوى جيد من اللياقة لا يمكن أن يعد أمراً ثابتاً ما لم يتسن المحافظة عليه بالالتزام ببرنامج رياضي تدريبي و غذائي مستمر

قياس اللياقة البدنية
عند البحث في موضوع اللياقة البدنية تظهر لنا التساؤلات الآتية :
1- هل هناك ما يعتبر لياقة بدنية مطلقة تتضمن جميع مهارات و قدرات الإنسان أم أنها تتعلق بفعاليات معينة؟
2- هل هناك طريقة أو طرق لقياس اللياقة البدنية بشكل كمي؟
نظرا لسعة شمولية قدرات الإنسان وقابليته البدنية و تداخل الكثير من التأثيرات النفسية على فعالياته فانه من غير الممكن إيجاد برنامج خاص يمكن استعماله لقياس اللياقة البدنية إلى كل الناس . فمثلا هناك شخصا في تمام الصحة وبالرغم عن ذلك فانه قد يجد صعوبة عند قيامه بعمل لا يتطلب أكثر من جهد بسيط , كصعود سلم اعتيادي مثلا. أن هذا الشخص تعوزه فقط (الهمة) أو الاندفاع , قد يعزى ذلك إلى ما يمكن أن يسمى اللياقة النفسية. من ناحية أخرى قد نجد شخصا يتمتع بمهارات ممتازة في عمل الذراعين بالرغم عن كونه فاقدا إلى الطرفيين السفليين. من ناحية أخرى , من غير المعقول استعمال نفس المعايير عند تقييم اللياقة البدنية للإنسان الاعتيادي مقارنة مع هؤلاء الرياضيين الأبطال الذين يرومون التوصل إلى مستوى عالي من اللياقة البدنية. و بالرغم من ذلك فهناك طرق خاصة لقياس قوة (عضلات اليد ) مثلا, حيث يمكن قياس هذه القوة بالكيلوغرامات باستعمال الجهاز المسمى الديناموميتر , أم بالواط , باستعمال ايركوميتر .
أما قياس (القوة البدنية العامة )فان الطريقة البسيطة والقديمة المعروفة لهذا الغرض هي استعمال ما يسمى ب قياس الخطوة : يعتمد هذا الفحص على قياس مدى تسرع القلب بعد القيام بجهد عضلي معين , وهو الصعود على والنزول من منصة واطئة ذات ارتفاع و أبعاد ثابتة و خلال مدة محدودة من الوقت ,ثم يحتسب مدى تسرع القلب بعد إجراء هذا الجهد .
هناك فحوصات لتقييم اللياقة البدنية أكثر دقة و تطورا , خاصة بالنسبة إلى قياس كفاءة القلب والدورة الدموية , بما يسمى فحص الجهد . يتضمن هذا الفحص قيام الإنسان بالتدريب على دراجة ثابتة خاصة تسمى (بايسكل ايركوميتر) أو قيامه بالسير على شريط دوار يسمى (تريد مل) بسرعة متزايدة , بحيث يزداد الجهد تدريجيا حسب كفاءة الشخص المتدرب . فعندما يزداد الجهد بحيث يصبح لا يتناسب مع إمكان الأوعية المغذية للقلب بتوفير الغذاء اللازم له لوجود حالة مرضية في القلب أو شرايينه أو غير ذلك ,حينذاك تظهر علامات معينة على شريط التخطيط حيث يوقف التدريب ويتم الفحص. يستفاد من هذا الفحص ليس فقط في تقييم قدرات الرياضيين وإنما لتشخيص أمراض القلب والأوعية الدموية في مراكز أمراض القلب. وبشكل موجز يتميز من يتمتع بلياقة بدنية جيدة عن غيره بما يأتي:
1- تكون عدد ضربات القلب بالدقيقة الواحدة لديه بعد الإجهاد اقل من غيره, مثلا تكون 170 بدلا من 300.
2-عودة ضربات القلب إلى المعدل الطبيعي بعد الإجهاد تكون اسرع من غيره : 1.5 دقيقة بدلا من 20 -25 دقيقة أو أكثر.
3 - مدى ارتفاع ضغط الدم بعد الإجهاد هو اقل من غيره,
4- عودة ضغط الدم إلى المعدل الطبيعي بعد الإجهاد هو اسرع من غيره : 3 دقيقة بدلا من 20 دقيقة أو أكثر.
5- يتحمل مقدار اشد من الجهد و لمدة أطول من غيره.
أهمية التمرين بالنسبة إلى تنمية اللياقة البدنية
من الأمور المهمة في توفير اللياقة البدنية هي ممارسة التمرين الرياضي. ماذا نقصد به ؟ أشكال التمرين, شدته, أسلوب تكراره, كيفية و مدى الاستفادة منه ؟ لابد وان ينال هذا الموضوع ما يستحق من الاهتمام . وعند البحث حول التمرين والرياضة, نتذكر قول القائل الرياضة للجميع, فهي صديقة الطفل الرضيع في لعبه , والشاب في عنفوان شبابه , والشيخ في شيخوخته و حتى المريض في مرضه.
يبدو أن البعض من السيدات خاصة ربات البيوت لا يميز بين تأثير التمرين الرياضي و بين الأعمال والفعاليات البيتية اليومية المرهقة . فمثلا تقوم ربة البيت بالكثير من الفعاليات التي تتطلب في أكثر الأحيان الوقوف الطويل والتنقل من مكان إلى آخر, والصعود والنزول , والانحناء بشكل متكرر و مستمر مما يعرضها إلى التعب والإرهاق. وبالرغم عن كون مثل هذا النشاط يتطلب صرف الكثير من الطاقة شانه شان التمرين الرياضي , إلا انه يختلف عنه تماما بشكل واضح . حيث أن التمرين الرياضي يتضمن فعاليات بدنية مدروسة ومصممة بشكل خاص للتوصل إلى أحسن النتائج لتنمية اللياقة البدنية , تتضمن هذه تدريب العضلات و تحريك المفاصل خلال المدى الطبيعي, وتحريك الأنسجة الرخوة و تنشيط عمل القلب والدورة الدموية .
أشكال التمارين و أسلوب ممارستها
هناك الكثير من أشكال التمارين الرياضية وهي تختلف حسب شدتها و شكلها و أسلوب ممارستها و تكرارها . و يتوقف وصف التمرين على طبيعة المتدرب و قدراته و الهدف المتوخى من التمرين. لقد كانت هذه الأمور مدار دراسة و بحوث مستفيضة من قيل متخصصين في الفسلجة والتربية البدنية منذ بداية القرن العشرين, ولا تزال حتى الوقت الحاضر. ونلاحظ ظهور بحوث و مؤتمرات خاصة في ( الطب الرياضي ) تقام في مختلف البلدان و كان من نصيب عراقنا مؤتمران عام 1970 و عام 1982 , و قد تم الاتفاق دوليا على انه للحصول على أفضل النتائج تجرى التمارين ثلاثة أيام في الأسبوع أو بين يوم و آخر , ويفضل البعض التدريب بكثافة أكثر وقد يكون ذلك مقبولا ما لم يؤدي إلى نتائج عكسية . أما بالنسبة إلى شدة التمرين فان ذلك كان أيضاً مدار بحوث طويلة نظرا لأهمية معرفة أو تقييم مقدار شدة التمرين التي تناسب قدرة المتدرب دون تعرضه إلى المخاطر, خاصة بالنسبة إلى إرهاق القلب . وقد تم الإجماع بأنه للتوصل إلى أفضل النتائج تكون شدة التمرين معادلة إلى 50 % من القدرة القصوي لذلك الإنسان المتدرب. تظهر هنا أهمية إيجاد طريقة لتقييم القدرة القصوى للإنسان بالنسبة إلى شدة التمرين. وحيث أن أي جهد بدني أو رياضي يسبب نوعا من التسرع في معدل ضربات القلب في الدقيقة الواحدة وان هذا التسرع يتناسب مع شدة التمرين وعمر المتدرب , لذا فقد اعتبر أن مقدار هذا التسرع هو المعيار المعتمد لتقييم شدة التمرين و حسب العمر. وضع أخصائي التربية المعادلة التالية : ( ينقص من 220 عمر المتدرب بالسنوات) الناتج ( يضرب ب 65% ) . فبالنسبة إلى شاب بعمر 40 سنة تكون شدة التمرين المناسبة إلى قدرته البدنية هي: ( 220- 40 = 180 ) يضرب هذا الناتج في 65% فيكون 117 نبضة بالدقيقة.

تمارين الايروبك
كثيرا من نسمع بهذا المصطلح لدى العامين بالتربية البدنية وفي النوادي الرياضية . أن أصل الكلمة (ايروبك) مشتقة من كلمة الهواء الانكليزية , والحقيقة فانه يراد بهذه الكلمة الأوكسجين, المادة التي هي مصدر الحياة على الكرة الأرضية لجميع المخلوقات الحية من الأميبة ذات الحجيرة الواحدة حتى الإنسان
ولكي يستمر الإنسان في الحياة فان أجهزة الجسم كالقلب و جهاز التنفس والدماغ وغيرها لابد لها من توفر الطاقة اللازمة و الأكسجين . ويصح ذلك حتى في حالة الراحة التامة كما في حالة الاستلقاء والاسترخاء أو النوم...إلا انه عندما تتزايد الحركة شدة والى مدى معيين فان الهواء المستنشق بشكل اعتيادي يستمر بكونه كافيا لتوفير الطاقة اللازمة لمثل هذا الجهد الاعتيادي والذي يمكن الاستمرار به إلى فترة من الوقت إلى أن يشعر الإنسان بالإرهاق. يسمى هذا النشاط البدني بالتمرين الهوائي أو الاايروبك.
أما عندما يستمر الإنسان بالتمرين بشدة متزايدة فان الهواء المستنشق يصبح غير كافيا لتوفير الطاقة اللازمة , حينذاك تظهر الحاجة إلى توفير الطاقة باستدانة الأوكسجين من أماكن معينة من الجسم على أن يرد هذا الدين وقت الراحة. يطلق على هذا النمط من العمل العضلي بالعمل الغير هوائي أي (أن ايروبك). يتم ذلك بتحويل مادة متوفرة في الدم تسمى (الكلايكوجين ) إلى حامض اللبنيك مع تحرير الطاقة.من الجدير بالذكر هنا أن القلب والدماغ لا يتسنى لهما العمل باستدانة الأوكسجين , وفي حالة عدم توفر بالمقدار اللازم من الأوكسجين قد يتعرض القلب أو الدماغ إلى الكوارث الخطيرة.
التربية البدنية
كثيرا ما نسمع بهذا المصطلح ونعني به جميع الممارسات الفيزيائية التي تمارس لغرض تنمية اللياقة البدنية.... وفي جميع الأحوال فان هذا المصطلح لم يكن معروفا في السابق بالرغم من وجود بعض النشاطات التي كانت تمارس في مختلف أنحاء العالم والتي من شانها التوصل إلى مثل هذا الهدف. ترى كيف نمت و تطورت هذه المؤسسات ومنذ بداية التاريخ الميلادي ظهر في اليونان اهتمام كبير بالرياضة و الفروسية والمصارعة ...... كما مارس الهندوس منذ القرن الثاني الميلادي ما يسمى ( باليوغا ), احد أشكال فلسفتهم الستة, والتي تركزت حول العبادة و تنمية الإرادة للسيطرة على الجسم و تقوية العضلات . إلا أن مثل هذه الممارسات لا ترقى لان تكون ضمن التربية البدنية, حيث أنها تركزت حول العضلات والفكر فقط دون الاهتمام بأعضاء الجسم المهمة الأخرى كالقلب والدورة الدموية .
من ناحية أخرى كانت وما تزال ممارسات الصيد والرقص الديني والشعبي تمارس في بعض بلدان أفريقيا و غيرها ..... على الرغم من كون مثل هذه النشاطات لم تصمم بالأصل لتنمية اللياقة البدنية , إلا أنها لابد وإنها تؤدي إلى مثل هذه النتائج.
إن أهم مثل هذه النشاطات هي تلك التي بدأت في أوربا منذ القرن السابع عشر , حيث ظهرت مفاهيم تتعلق بالعلاقة بين الفكر والجسم . انتشرت الملاعب الرياضية في البلدان الأوربية بالتدريج باسم (الجمنازيوم) , حيث افتتح أول مركز في الدنمارك عام 1799 , وأعقبه مركز في ألمانيا باسم (حركة الترنفين) التي انتقلت مع المهاجرين إلى الولايات المتحدة . و يبدو أن أهم جميع هذه النشاطات هو البرنامج الأكاديمي المعروف في التربية البدنية الذي أسسه السويدي (برلنك ) في ستوكهولم عام 1814 , ولا يزال هذا البرنامج مطبق حتى الوقت الحاضر في الكثير من دول العالم وهو المعروف في بلدنا باسم التمارين السويدية. نلاحظ الآن أن دروس التربية البدنية تعتبر من الدروس اللاصفية و تطبق في المدارس الابتدائية والإعدادية في بلدنا وفي معظم مدارس العالم خاصة تلك التي تلتزم بالتعليم الإلزامي, وتمارس سواء داخل الصفوف أو خارجها.

دور القلب والدورة الدموية و جهاز التنفس في التمرين
على الرغم من كون (التقلص العضلي) هو السمة الأساسية في النشاط الفيزيائي , إلا أن أجهزة مهمة أخرى في الجسم تشارك في هذا النشاط الحيوي.... إذ يتوجب على القلب ضخ المقدار الكافي من الدم المشبع بالأوكسجين إلى مناطق النشاط العضلي ليتسنى حرق المقدار اللازم من المواد الغذائية و توفير الطاقة اللازمة لهذا العمل كما يلزم على الدورة الدموية في نفس الوقت رفع فضلات هذا التفاعل الكيميائي المعقد إلى مناطق أخرى من الجسم للتخلص منها ...... أما بالنسبة إلى جهاز التنفس فان دوره يتضمن توفير المقدار اللازم من الأوكسجين الضروري للعمل العضلي بالإضافة إلى التخلص من فضلات التفاعل إلى الجو, والتخلص من الحرارة الزائدة الحاصلة من العمل العضلي بنقلها بواسطة الدم من الموقع إلى أماكن أخرى من الجسم ومن ثم إلى الجو لتبريد الجسم . إن مشاركة هذه الأجهزة الثلاثة يؤدي بالتالي إلى تنمية قدراتها و تدريبها بشكل عام فوائد التمرين الرياضي
من الممكن للإنسان الذي يروم تنمية لياقته البدنية متابعة البرنامج الرياضي الذي يناسبه و بصورة منتظمة . أما الذي يعاني من إرباك في عمل القلب فلابد له من استشارة الطبيب قبل ممارسة نشاطه الرياضي .... و بشكل عام فان بإمكان الإنسان الاستمرار في التمرين مازال لا يشعر بنوع من ضيق في التنفس أو إجهاد في القلب أو الشعور بعدم إمكان الاستمرار في التمرين بسبب التعب أو الألم, وذلك لتحاشي تأثير الإجهاد على القلب.
تشير البحوث انه عندما تجرى التمارين بشكل منتظم فإنها تقلل من احتمال التعرض إلى النوبات القلبية والذبحة الصدرية والجلطات الدماغية وحتى الوفاة المسببة عن مثل هذه الحالات . بالإضافة إلى تحاشي الكثير من الأمراض مثل داء السكر في البالغين وبعض الأورام .كما أن اللياقة البدنية تساعد في تقوية العظام وتنمية المناعة ضد بعض الأمراض.
تأثير العوامل النفسية والفسلجية المحفزة للرياضة
عند القيام بأي نشاط فيزيائي بدني فان ذلك لابد وان يرتبط بالحالة النفسية والعاطفية للإنسان و حسب نوع النشاط و شدته وبنية المتدرب ..... فعندما يكون الهدف من التمرين هو فقط تنمية اللياقة البدنية للشخص الاعتيادي , كممارسات السباحة والتمارين السويدية والألعاب الرياضية المختلفة , فان مجرد الترويح عن النفس والشعور بالراحة والاسترخاء المصاحب لهذا النشاط يكون كافيا من الناحية النفسية كحافز مشجع للاستمرار في مثل هذه الممارسات .... أما بالنسبة إلى الرياضيين الأبطال فقد ظهرت صعوبات كثيرة جدا لتقييم الحالة النفسية لديهم ذلك لصعوبة تقييم عوامل نفسية معقدة , كالاندفاع الشخصي للمتسابق عند منافسته للآخرين و محاولته مقارعة الأرقام القياسية, خاصة لدى المشاركين في السباقات الفردية و سباقات الساحة والميدان. أما السباقات الجماعية ككر ة القدم وما شابه فتظهر حينذاك علاقة المتسابق بالجمهور, و عامل التخوف من الفشل و عامل التأثير النفسي للمشجعين على المتسابقالمنشطات
لا مجال للدخول في هذا الموضوع الذي هو خارج نطاق هذا البحث.

المرأة والرياضة
لابد من التطرق إلى هذا الموضوع ولو بإيجاز , ولاسيما لوجود اختلافات بين الجنسين من الناحية الفسلجية والنفسية و بناء الجسم .إن هذه الفروقات تفسر تفوق قابلية الرجل على المرأة جسميا . ... يبدأ التباين الفسلجي النفسي بوضوح بعد سن البلوغ والنضوج الجنسي .و تشمل هذه الفروقات عدا تركيب بنية الجسم , الدم والقلب وجهاز التنفس والدوران وحتى العظام. إن تركيب العظام في جسم الرجل يجعله أكثر تقبلا للجهد البدني من المرأة يشكل وزن العضلات لدى الرجل 41.8 % من وزن جسمه بينما تكون هذه النسبة لدى المرأة هي فقط 35.3% أما طول القفص الصدري فهو اقصر في المرأة منه لدى الرجل وهو العامل الذي يفسر انخفاض مركز ثقل المرأة بالمقارنة مع مركز ثقل الرجل, وما إلى ذلك من التأثير على التمارين الرياضية خاصة الجري السريع والقفز. إن كمية الدم في الدورة الدموية لدى الرجل هي 4 لترات بينما عند المرأة هي 3.5 لتر . معدل السعة الرئوية لدى الرجل هي 3.5 لتر يقابلها 2- 2.5 لتر عند المرأة. أما نسبة الشحوم في الجسم فان المرأة تتفوق على الرجل في هذا المجال حيث أن هذه النسبة تبلغ 28.2% من الوزن لدى المرأة, بينما هي لدى الرجل فقط 18% نتيجة لهذه الفروقات الفسلجية بين الجنسين , نرى أن قوة المرأة الجسدية بشكل عام تعادل 3/2 ثلثي قوة الرجل الجسدية لعضلات البطن أهمية واضحة بالنسبة إلى المرأة خاصة عند الحمل والولادة, حيث إن هذه العضلات ترتخي و تتمدد إثناء الحمل و أثناء نمو الجنين , و تظهر صعوبة واضحة عند محاولة إعادتها إلى حالتها الطبيعية . تظهر هنا أهمية التمارين و اللياقة البدنية عند المرأة . تشير البحوث إلى إن ولادة المرأة الرياضية هي أسهل و اقل إيلاماً من الأخريات.

البدانة واللياقة البدنية
تحصل البدانة في الغالب نتيجة تناول أغذية ذات طاقة غذائية بسعرات تفوق حاجة الجسم حيث يتجمع الزائد من هذه الطاقة ويخزن كدهون على سطح الجسم وفي داخله . من الناحية الفسلجية لا يعد الإنسان بدينا إذا ازداد وزنه فقط بمقدار 20% فوق المعدل الطبيعي حيث أن الإنسان قد يبدو بدينا بسبب ضخامة العظام وكتلة العضلات و ليس بالضرورة زيادة نسبة الدهون . إن استعداد الإنسان في تقنين غذائه حسب حاجته هو أمر معرض إلى الكثير من العوامل منها ما يتعلق بعمل الغدد الصماء والهرمونات. وبالرغم عن أن هذه العوامل تشكل فقط 5 % من المسببات الأخرى إلا أنها تتهم كونها العامل الأساسي من قبل الكثير من الناس . وعلى الرغم من الاعتقاد السائد أن البدانة وراثية فان هناك في نفس الوقت دلائل تشير إلى أن الإفراط في تغذية الأطفال في دور الرضاعة من قبل أمهاتهم البدينات حرصا على صحتهم يشكل عاملا لانتقال البدانة من جيل إلى آخر. ومن جهة أخرى فان طبيعة المجتمع وطريقة تصرف أفراده والرخاء وسهولة الحصول على الغذاء الغني بالطاقة مضافا إليه الحالة النفسية الهادئة للفرد دون الحاجة إلى بذل مجهود بدني كما هو الحال لدى العاملين في المكاتب, هذه الأمور جميعها تشكل سببا واضحا للبدانة . كما أن ضغط الحياة عندما تكون صعبة على الفر د تشكل مخرجا مشجعا للتوجه نحو التغذية المفرطة كحالة عصبية تؤدي بالنتيجة إلى البدانة.
إن تداعيات البدانة واضحة للجميع . و بصرف النظر عن معايير الجمال المتباينة لدى المجتمعات المختلفة والزمان والمكان, بالنسبة إلى تفضيل الرشاقة أو البدانة في القوام , فان البدانة مرتبطة بالكثير من التداعيات... . تشير البحوث إن معدل عمر البدين هو اقصر من عمر الرشيق أو المعتدل . كما أن احتمال تعرض البدين إلى أمراض القلب والدورة الدموية وأمراض الكلية و داء السكر لدى البالغين هو أكثر احتمالا....و بالإضافة إلى ذلك فان احتمال تعرض البدين إلى مخاطر العمليات الكبيرة و اختلاطاتها هي اكبر من نظيره المعتدل..... وحيث أن البدانة تؤدي إلى ضعف اللياقة البدنية فبالتالي فان البدين قد يتعرض إلى الإرهاق بعد مجهود بسيط . وأخيراً فان ثقل الجذع بطبيعة الحال يسبب ضغطا ميكانيكيا على مفاصل الساقين والعمود الفقري وما يتسبب عن ذلك من التداعيات خاصة على مفاصل الفقرات القطنية و مفصل الساقين والاختلاطات المعروفة . و أخيراً فان للبدانة تأثير على الصحة النفسية والفكرية تتراوح بين ظهور البدين بين مظهر الخجل والانطواء وبين ومظهر المبالغة بالثقة والحزم.
قوام الإنسان واللياقة البدنية
لوحظ ومنذ زمن طويل وجود علاقة وثيقة بين تركيب الجسم وبين مقدرة الإنسان الفيزيائية وحالته النفسية. وقد ذكر (ايبوقراط ), أبو الطب اليوناني, عام 400 قبل التاريخ أن البشر يختلف عن بعضه في تركيبه الجسمي.- وان هناك نوعان من الأجسام , قصير- ثخين, مع أطراف قصيرة و إنسان طويل رفيع مع أطراف طويلة كان هذا الاعتقاد موضع جدل مستمر في العصر الحديث بين العاملين في الفسلجة و علم النفس وغيرهم، فقد جاء (هالة) في عام 1797 , ومن ثم (كرجمر) عام 1925ى , و(روستر) عام 1928 , وأخيراً ظهر (شيلين) الذي تناول الموضوع بشكل واف وحصل على الكثير من المؤيدين.... والمهم انه استنتج وجود علاقة وثيقة بين المقدرة الفيزيائية البدنية وبين الحالة النفسية ... وميز ثلاثة أشكال من تركيب الأجسام:
1- الاندوموورف: تتميز أجسامهم بنمو الأحشاء الداخلية مع ضخامة الجسم المفرط أحياناً, و ضخامة البطن وعادة متوسطي القامة مع ميل إلى البدانة . يأخذون الحياة بسهولة. لا يميلون إلى المشاركة في الفعاليات الرياضية . يحتفظون على شكل القوام العام حتى بعد صيامهم .
2- الميزوفورم : يمتازون بهيمنة الجزء الأوسط من الجسم. نمو جيد للعضلات والقلب والدورة الدموية , متوسطي القامة , الأكتاف عريضة, الصدر عريض, لا يتعبون بسهولة , يميلون إلى الألعاب الرياضية و يبرعون فيها.
3- الاكنوفورم: يتميزون بهيمنة الجزء الخارجي من الجسم (الجلد وليس العضلات ) . نحافة و هزال. ضعف الكتفين , الصدر اكبر من البطن ,لا يميلون إلى الألعاب أو المشاركة فيها . وعلى الرغم من التباين الواضح في تركيب الجسم بين الناس وفي اندفاعاتهم نحو النشاط الرياضي والتباين بين حالاتهم النفسية, فان مسؤوليات التربية البدنية هي ليست فقط تنمية قدرات الرياضيين, وتهيئة الأبطال ليتسنى لهم الحصول على المزيد من الجوائز والميداليات , وإنما العمل مع الجميع بغض النظر عن تركيب أجسامهم , للتوصل إلى أفضل النتائج بالنسبة إلى اللياقة البدنية.

قوام الإنسان و وضع الوقوف
يعد اتخاذ الإنسان وضع الوقوف منتصبا على قدميه هو أسمى أشكال ظهوره أمام العالم والتعبير عن وجوده وانطباعه حول نفسه , حيث انه عندما ينتصب الإنسان واقفا فانه يواجه العالم بشخصه والذي يمثل إلى درجة كبيرة انطباعه حول شكله و قوامه و مظهره الخارجي, مضافا إليه تأثيرات كيانه الداخلي الفكري والنفسي وحتى تأثير العادات والتقاليد . كما أن وضع الوقوف يشمل أيضاً حركات الجذع والذراعين والرأس وتعبير الوجه وحركات العينين ,وطريقة الامائة و كل ما يحمله ذلك الإنسان في دواخل شخصيته. وعندما يفقد الإنسان قابليته على الوقوف فانه سيضطر الاستعانة بالآخرين لتمشية أموره, و هكذا يكون وضع الوقوف رمزا للقوة والمقدرة والسيطرة والشموخ ويظهر لنا ذلك بشكل بوضوح في لعبة المصارعة , حيث يعتبر المتسابق خاسرا عندما يستطيع خصمه من طرحه أرضاً على ظهره فيبقى على هذا الحال منتظرا رحمه المنتصر في السماح له بالوقوف ثانية . إن وقوف الإنسان متوازنا على قدميه يتطلب صراعا مستمرا مع الجاذبية الأرضية التي تعمل على سحب هذا الكيان وكل شيء آخر نحوها بدون استثناء وبشكل مستمر ,
ولولا مقاومة هذا الجذب الأرضي لبات الإنسان بشكل كتلة مكورة ما أشبهها بوضع الجنين وهو في رحم الأم. يتطلب وضع الوقوف توفر القوة الكافية في العضلات الجذع والساقين مع السيطرة العصبية عليها، و يستطيع الإنسان الاستمرار بالوقوف والسير والهرولة والقفز متوازنا ما دام لا يزال يمتلك القوة في العضلات والنشاط والهمة ليتسنى له مصارعة الجاذبية. أما الشيخوخة فإنها تحصل نتيجة عملية هدم و تدهور تدريجي في تركيب الجسم حيث تصبح الطاقة شحيحة وعندها قد يتحاشى الإنسان بذل ما يتطلب من الجهد ليتسنى له الوقوف مفضلا الارتخاء أو الاستلقاء والراحة. وبذلك يستمر في التدهور فيزيائيا. قد يصل الإنسان إلى هذه المرحلة وهو في الأربعين من العمر, وقد لا يمر بها وقد تجاوز المائة عام. وختاماً, فان الإنسان الذي خلقه الرب على الأرض مع ورقة التوت فقط , عاش في الغاب يتسلق الأشجار ويصارع الوحوش بعضلاته المتينة, ثم تطور فكريا و تقنيا فصنع العجلة ثم الآلة , وطورها لراحته وتنقلاته , لابد له الآن من دفع ثمن هذه الراحة وذلك بالعودة إلى عضلاته وكيانه البدني وإدامة لياقته البدنية.