نجوم اضواء المدينة والويكة في ثالث لقاء مع شعب السودان

نجوم اضواء المدينة والويكة في ثالث لقاء مع شعب السودان

كان اللقاء بين نجوم اضواء المدينة وشعب السودان رائعاً.. كانت الساعة الثالثة والنصف صباحا عندما وصلت بعثة اضواء المدينة الى مطار السودان.. وبالرغم من ذلك خرج آلاف المواطنين من شعب السودان لاستقبال الضيوف المصريين..


هذه هي المرة الثالثة التي تذهب فيها اضواء المدينة الى السودان لاحياء حفلاتها هناك..

كانت المرة الاولى في نوفمبر عام 1960 اثناء عيد الثورة السودانية، اما المرة الثانية فكانت في يناير عام 1962 بمناسبة عيد استقلال السودان.. اما هذه المرة فقد سافرت اضواء المدينة بمناسبة قيام معرض الجمهورية العربية المتحدة بالخرطوم.. وتحت إلحاح الشعب السوداني ورغبته اقامت اضواء المدينة خمس حفلات بدلا من ثلاث..
وصحب الشعب السوداني الفنانين الى الفندق الذي اقاموا به في الخرطوم .. وكانوا يرابطون فيه طوال الايام العشرة التي استغرقتها زيارتهم.
لقد وصلت فايزة احمد الى مدينة الخرطوم قبل بعثة اضواء المدينة بيومين.. فقد اصبحت فايزة تخشى ركوب الطائرات.. وحاول زملاؤها اقناعها بالسفر معهم بالطائرة ولكنها رفضت باصرار قائلة:
- ان الانسان لا يعيش الا مرة واحدة فقط!
وقالوا لها: ان الطائرة اذا اصيبت بسوء او وقعت ستكون فرصة لطيفة.. اذ سنموت كلنا معا.. ولكنها صممت على السفر وحدها.. وسافرت فايزة بالقطار - ثم طريق البحر ووصلت قبل البعثة بيومين..
وقد ارادت فايزة ان تشغل وقتها حتى تحضر بقية البعثة فكانت تنزل اسواق الخرطوم صباحا ومساء لتشتري ما يطرحها.
المذيع النموذجي
وتبين ان جلال معوض محبوب جدا من كل مذيعي السودان.. فهو في نظرهم نموذج حي للميع الناجح.. ان هدف كل واحد منهم ان يكون جلال معرض آخر..
لقد اجروا معه احاديث كثيرة في الاذاعة والتلفزيون ..
سألوه.. كيف تتحدث امام الميكروفون؟
كما سألوه عن تاريخ اضواء المدينة وهذه الحفلات التي قدمها ورأيه في اذاعة السودان..
انها المرة الاولى التي يقف فيها جلال معوض ليستجوبه المذيعون؟ وكان لهم طلب واحد هو رؤية ام كلثوم وفريد الاطرش.. وكان رد جلال.. ان ام كلثوم لا تشترك في اضواء المدينة.. ولكنه وعدهم انهم سيرون فريد الاطرش في حفلات اضواء المدينة القادمة!
وبعد عودته استطاع فعلا ان يقنع فريد الاطرش بالاشتراك معه في رحلات السودان القادمة..
- ان من اهم العوامل التي ساعدت على نجاح هذه الحفلات هو نظام الشعب السوداني.. فقد كان الدخول الى الكواليس غير مسموح به لاي شخص مهما كان مركزه الا اذا كان لديه عمل على المسرح..
الكسرة والملاح والويكة
كان الفنانون يتلقون كل يوم دعوات من المسؤولين وافراد الشعب والفنانين السودانيين.. وعندما دعاهم سيف البزل خليفة سفير الجمهورية العربية المتحدة في السودان لتناول الغداء قدمت لهم زوجته كريمة الكسرة والملاح .. والكسرة اي الخبز عندهم.. اما الملاح فهو يشبه الى حد كبير "الريكة" عندنا.. وهي اكلة شعبية عند اهل السودان.. ولا تؤكل هذه الاكلة الشعبية الا بالايدي.. وفعلا استغنى الفنانون عن الشوكة والسكين وتناولوا الوجبة على الطريقة الشعبية في السودان وفي هذه الحفلة.. طلب الى كل من نجاة وفايزة احمد وشريفة فاضل ان تغني.. واعتذرت نجاة وشريفة فاضل.. اما فايزة احمد فقد نسيت نفسها واخذت تقلد كل الفنانين في طريقة غنائهم.. فقلدت نجاة وشريفة فاضل وعبد الحليم حافظ وصباح وفريد الاطرش.. ولاقت فايزة نجاحاً اكثر من نجاحها على المسرح!
وكانت المرة الاولى التي تسافر فيها نادية لطفي الى السودان وتقول نادية:
- عندما طلب مني جلال معوض ان اسافر مع بعثة اضواء المدينة الى الخرطوم لاقدم الفنانين في الحفلات.. وافقت في الحال بالرغم من انني لم انته تماماً من العمل في فيلمي الاخير.. فانا احب السفر.. كما احب ان ازداد ثقافة ومعرفة بكل الشعوب وبمجرد وصولي الى السودان احسست انني صديقة لهذا الشعب.. لقد شعرت بأن هذا الشعب صديق عزيز غاب عني مدة طويلة ثم التقيت به مصادفة لقد حدث تبادل اعجاب بيننا..
وكانت نادية كلما سارت في شوارع الخرطوم تسمع الناس وهم ينادونها باسمها..
- نادية!
حتى فرشو الفندق التي كانت تقيم به كانوا يقولون لها نادية..
وتقول نادية لطفي..
- انني احسست انني اعرف هؤلاء الناس منذ زمن بعيد بالرغم من انه لم تمضي ساعات على معرفتي بهم. .. فقد احسست انه "مفيش تكليف" بيننا.. وبالرغم من ذلك فهم قوم مهذبون!
وعندما وقفت على المسرح في أول يوم لالقي كلمة لم اكن اتوقع كل هذه الحفاوة.
صديقتي آمنة!
وتقول نادية لطفي:
- وقد لاحظت ان المرأة السودانية عندها شخصية قوية.. فهي تبدي رأيها بشجاعة وبساطة ودون اي خجل.. وفي احد الايام وبينما انا جالسة في بهو فندق السودان.. جاءني ثلاث فتيات وعلى رأسهن فتاة رفيعة اسمها آمنة.. جئن ليسلمن علي.. وآمنة من الفتيات التقدميات في السودان واول امرأة تقود سيارة – وتعمل في تربية الثروة الحيوانية.. لقد تركت آمنة عملها وجاءت لتلتقي بي في الفندق.. كانت تصاحبني في كل مكان أذهب اليه وهي فتاة خفيفة الظل..
لقد شعرت بالاسى وانا اودعها عندما رأيت دموعها تنهمر بغزارة وهي تقول لي.. يجب ان اراكي مرة اخرى.. ووعدتها ان احضر المرة القادمة مع بعثة اضواء المدينة.. وكانت اول برقية تسلمتها عقب وصولي الى القاهرة برقيا من آمنة تقول فيها:
"ان الحزن تملكني لفراقك.. وايامك الجميلة ذكراها باقية مدى الحياة.. املي في لقاء قريب.. لقد فارقني النوم وانت بعيدة والدمع ما زال ينهمر مني .. وفي القلب حسرة.. ولكن هذه سنة الحياة ان تفرق الحبايب!".
صديقتك: آمنة
حب في حب
وكانت مفاجأة عندما خرجت نادية لطفي على المسرح ليلة الوداع.. في الثوب السوداني الابيض وهو الزي الوطني عندهم.. ان الثوب اسمه "حب في حب" لقد ظلت نادية اسبوعا تتعلم كيف ترتدي الثوب حتى اليوم الاخير لتظهر به على المسرح والاثواب عندهم لها اسماء.. منها الدلوعة.. وحب في حب.. والسودان!
لقد خرجت نادية بعد ذلك تتجول في شوارع الخرطوم بهذا الزي.. وذهبت الى السوق لتشتري ثوبين.. وقد وقف الشاعر محمد الخليفة طه الريفي ليقول كلمة فيها فقال:
كأنها في الثوب اذا فيها
الوردة البيضاء في كمها
من خدها من ثغرها.. يا لها
تدفق النور على رسمها
الجمهور يحتج على نجاة
وعندما ظهرت نجاة الصغيرة في اول يوم على المسرح استقبلت بعاصفة من التصفيق استمرت اكثر من 5 دقائق.. غنت اغنية واحدة.. واحتج الجمهور طالبا المزيد من الاغاني.. وان اغنية واحدة من نجاة لا تكفي.. واضطرت نجاة امام رغبة الجمهور ان تغني في كل حفلة اغنيتين.. وكانت الاغنية التي اعجب بها الشعب السوداني جدا هي اغنية شكل تاني حبك انت!
التصفيق على الواحدة لشريفة فاضل
أما شريفة فاضل فكانت كلما وقفت لتغني على المسرح طلب منها الجمهور ان تغني "مبروك ليك يا معجباني" وهي الاغنية التي طغت على كل اغاني الزفاف بما فيها زفة العروسة المشهورة..
تقول شريفة:
- ان الشعب السوداني فرح جدا.. كان يمسك لي الواحدة كلما غنيت هذه الاغنية.. كما طلبو مني ايضا ان اغني "الولد جه وسأل عليه.." واغنية "مش واخد باله..".
وقد اهدى اليها المطرب احمد مصطفى الشهير عبد الوهاب السوداني كل اسطواناته وعدته شريفة انها سترسل له كل اسطواناتها..

فايزة يغمى عليها
وقد لاحظت نادية لطفي وهي تقدم المطربين على المسرح ان نجاة لا تحب ان تسير امام الجمهور على المسرح.. وانما تحب ان تفتح عليها الستار وطلبت نادية من جلال معوض ان يقدمها بصوته من وراء الكواليس.. ولاحظت فايزة احمد هذا.. فطلبت هي الاخرى ان يقدمها جلال قائلة ان نجاة رفضت ان تقدمها نادية لطفي..
وحدثت مشادة بين فايزة احمد ونادية لطفي واغمي على فايزة احمد التي اسعفوها بعد ذلك واعتذرت لنادية لطفي!
ويقول جلال معوض معلقاً على هذا:
- لقد كانت فايزة احمد.. هي فايزة احمد!

تبادل القبلات بين سامية صادق وآمال فهمي
ولاول مرة التقت سامية صادق وامال فهمي كصديقتين.. فقد نزلت الاثنتان في جناح واحد في الفندق.. كانت تلازمان بعضهما طوال الرحلة..
وقد اضطرت آمال فهمي ان تقطع رحلتها لتعود الى القاهرة للسفر الى باريس مع بعثة الافلام التي سافرت بمناسبة افتتاح خط الطيران الحديث وعودة العلاقات مع فرنسا.. ووقفت امال لتودع سامية بالقبلات في ارض المطار..
سامية والأسرة البيضاء
وقد سجلت سامية صادق حديثا مع الدكتور احمد علي زكي وزير الصحة السوداني الذي اهدتها حرمة الثوب السوداني..
وقد عاش هذا الوزير جزءاً كبيرا من حياته في الاسكندرية عندما كان الطبيب المشرف على فرع الهيئة الصحية العالمية في الاسكندرية.
وسألته سامية عن احلى ذكرياته في الاسكندرية فقال:
- ان احلى ذكرياتي هو كورنيش النيل ساعة الغروب!
وعندما سألته سامية عن الاغنية التي يريد ان يسمعها قال:
- ست الحبايب..
وعندما كان محمد قنديل يغني لاحد المرضى.. طلب منه المريض ان يأخذ له امرا عاجلا بالخروج من مدير المستشفى وايقاف الدواء.. فقد شفي تماما على اثر هذه الزيارة..
وكانت ليلى ابنة مدير المستشفى واقفة تستمع الى الحديث فردت قائلة:
- بالطريقة دي.. وبعد زيارة اضواء المدينة سيشهر ابي افلاسه بعد خروج كل المواطنين..
لقد سجلت سامية صادق 6 حلقات لبرنامج حول الاسرة البيضاء من مستشفيات السودان..
وكان الشيء الوحيد الذي نشرته سامية من هناك هو جلد الثعبان الذي ستصنع منه جاكيت..
ليلة الوداع
وقال لي جلال معوض ان هذه الحفلات لاقت نجاحا كبيرا جدا عن الشعب السوداني.. لم يحدث ابدا ان استقبل فنانونا بهذه الحفاوة في المرات التي حضرت فيها اضواء المدينة من قبل .. ويقول:
- وفي ليلة الوداع .. عندما كنا في طريق العودة الى الفندق استعداداً للسفر قالت لي نجاة الصغيرة التي اشتركت في المرتين السابقتين في احياء حفلات اضواء المدينة في السودان..
- كان هذا انجح العروض الثلاثة التي قدمها اضواء المدينة..
ويقول جلال معوض الذي ظل يعمل ليل نهار طوال الايام العشرة التي عاشها في السودان لانجاح هذه الحفلات:
- هذه هي المرة الثالثة التي تحيي فيها اضواء المدينة حفلات في السودان .. والذي لمسته في كل مرة ايمان الشعب السوداني بالقومية العربية وكل العاملين من اجلها وان السودان جزء من افريقيا التي يجب ان تتحرر كل شعوبها وتتخلص نهائياً من الاستعمار..
وركب الفنانون الطائرة بعد ان عاشوا 10 ايام في السودان كلها افراح...
وخرج لوداعهم آلاف المواطنين في ارض المطار بالسودان..
وفي المطار .. اعتذرت فايزة احمد لنادية لطفي مرة اخرى..
وتبادلنا القبلات..
وصعدت نادية على سلم الطائرة وانطلقت فايزة الى السكة الحديد!..

آخــر ســاعــة/
كانون الاول- 1963