الأعظمية عبر التاريخ

الأعظمية عبر التاريخ

علي الحفاجي
كان اسم بغداد معروفاً قبل اتخاذها عاصمة من قبل المنصور، حيث كان فيها سوق عظيم يجتمع في المواسم عنده التجار من مختلف الأنواع ويسمى سوق بغداد ..وهنالك في التاريخ دلائل تشير إلى تسمية بكَداد و وبكَدادا على ألواح طينينة قديمة قبل وأثناء الحكم الساساني، وقد بنى المنصور مدينته على الجانب الغربي(الكرخ)، ويقع في المقابل منه (الرصافة) قرية تسمى سوق الثلاثاء

وكانت عند الشمال من القرية منطقة تدعى قطيعة المخرم.. والتي كان إلى الشمال منها مقبرة قديمة...والمنطقة هذه هي: الأعظمية الحالية. وكان يجاورها منطقة الشماسية التي تسكنها النصارى وتكثر فيه الأديرة.. وبعد إعمار بغداد وقت العباسيين بدأ جانب الرصافة يتوسع شمالا.. وقد دفن الإمام ابو حنيفة (رضي الله عنه) هناك وصارت فيما بعد تسمى: محلة الإمام أبي حنيفة .وكانت تجاورها محلة تسمى (سوق يحيى) هي محلة السفينة حاليا...كما نشأت محلتا الخضيرية والشماسية شمالا.وقد اشتهر موقع باب الشماسية المؤدي الى طريق (سر من رأى) وهي سامراء بشهرة قصور خالد وابنه يحيى..كما اشتهر ايضا" العهد البويهي بشهرة القصر الذي بناه معز الدولة هنا وهو الشهير باسم الدار المعزية..وكانت في محلة الشماسية (دار الروم) واكثر مساكن المسيحيين.وسميت دار الروم نسبة إلى الأسرى الروم الذين انزلوا فيها بعهد الخليفة العباسي المهدي.
وقد وصف ابن جبير في رحلته إلى بغداد سنة 580هـ1184م الجانب الشرقي بما يلي:((وبأعلى الشرقية خارج البلدة محلة كبيرة بإزاء محلة الرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط وفي تلك المحلة مشهد حفيل البنيان له قبة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الإمام لبي حنيفة (رض) وبه تعرف المحلة.))
ووصف ابن بطوطة بغداد بزيارته 727هـ 1327م وذكر المساجد التي تقام الجمعة فيها وهي جامع الخليفة وجامع السلطان وجامع الرصافة (بالأعظمية) وبينه وبين جامع السلطان نحو الميل وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة (رض).
ويسمى الجانب الشرقي من بغداد بباب الطاق (نسبة إلى أسماء بنت منصور) وجانب الرصافة ويسمى عسكر المهدي ..والآن لم يبق من المكان سوى الجامع ومقابر الخلفاء ومحلة أبي حنيفة.
أما سوق يحيى فيشير المقدسي إلى أنها كانت قرب مشهد الإمام أبي حنيفة، وكانت الدكاكين عالية، وفيه دقاقون وخبازون وحلاقون.. وعلى امتداد الطريق الصاعد شمالا من سوق يحيى يقع سوق خالد وهو الآخر لا يبعد عن مرقد الإمام أبي حنيفة.. وعلى مقربة منه سوق صغير. وهناك أسواق أخرى في الأعظمية: سوق الثلاثاء وسوق باب الطاق وسوق العطش الذي هو بين الشماسية والرصافة تتصل بمسناة معز الدولة.
أما الباب الشمالي فيسمى باب السلطان نسبة إلى السلطان طغرل بيك الذي دخل بغداد من هناك.. وكان هذا الباب يقع عند باب المعظم الحالي على مسافة من جامع السلطان في المخرم (العيواضية) وعنده سوق يدعى سوق السلطان...وقد سمي باب المعظم بهذا الاسم لكونه يعتبر ابتداء الشارع المؤدي لمحلة الإمام الأعظم.. وبقي الباب حتى عام 1923م حين هدم.. ومحل الباب تحديدا اليوم بين قاعة الشعب وجامع الأزبك.
وفي سنة 653هـ 1255م وقبل سقوط بغداد وقعت فتنة بين أهل محلة الرصافة ومحلة أبي حنيفة.
وفي 614هـ 1271م زاد نهر دجلة وغرقت مناطق من بغداد منها مشهد أبي حنيفة وبعض الرصافة وجامع السلطان وبعض مناطق في جانب الكرخ.
ومحلات الأعظمية القديمة هي :-
* محلة الرصافة،ومحلة باب الطاق، ومحلة الدور، ومحلة الامام ابي حنيفة ومحلة سوق يحيى (السفينة) والخضيرية.. وتعتبر هذه المحلات مركز أو حي الأعظمية حالياً.
* محلة الشماسية ..وهي شارع الضباط والصليخ والكريعات والدهاليك وسبع ابكار ..وكان فيها مساكن المسيحيين.
* محلة المخرم ، وتضم محلة نجيب باشا والكسرة والعيواضية.
وقد اقيم سور يدعى سور المستعين سنة 251هـ 865م وهو سور منطقة الاعظمية الذي ضم المحلات الثلاثة اعلاه..وهدم في القرن الرابع الهجري.
و بعد سقوط بغداد 656هـ 1258م خرب الجانب الشرقي ،من الشماسية الى المخرم وخرب السور...وامتزت تلك الفترة بالاوبئة والفيضانات والطاعون وسوء الحال واضطراب الآمن.
الأعظمية في العصور الحديثة:
جاء العثمانيون إلى بغداد عام 1534م بعد طردهم للفرس منها.. ولم يهتموا بالاعظمية ولا بمحلاتها، سوى عنايتهم بفترات منقطعة بمشهد الإمام الأعظم ومدرسته التي بنيت عام 459هـ 1066م من قبل الملك محمد بن منصور الخوارزمي.. وجدد البناء عدة مرات وشهد الجامع إصلاحات زمن السلطان سليمان القانوني 941هـ 1534م والسلطان مراد الرابع 1048هـ 1638م حيث جاء إلى الأعظمية بعض من قبيلة العبيد وهم على الغالب من البو علي والبو حسن.. وفي عهد الوالي سليمان باشا 1757م ، وعام 1874م بأمر السلطانة أم السلطان عبد العزيز.
وعند دخول الانكليز بغداد عام 1917م كان نفوس الأعظمية /المركز حوالي الفين ونيف (في محلاتها الرئيسية وهي الشيوخ والنصة والحارة والسفينة) عدا الأطراف..وكانت الأعظمية إدارياً ناحية في العهد الملكي ..وقد بدأ التوسع في المركز عام 1930م من جهة السفينة حيث انشئت محلة هيبت خاتون، ومن جهة النصة حيث محلة راغبة خاتون.. وافتتح شارع عشرين عام 1931م وبدأ العمران يتوسع تدريجيا".وفي العهد الجمهوري أصبحت الأعظمية قضاء".. وتضاعف سكانها ليكون عام 1947م أكثر من 58الف نسمة، وفي عام 1977م أكثر من 150 ألف نسمة. واليوم فان سكانها يبلغ أكثر من 300الف نسمة.
من تاريخ الأعظمية المعاصر
1905 نصب أول ماكنة ماء في الأعظمية من قبل السيد مراد سليمان شقيق حكمت سليمان في محلة الصليخ على نهر دجلة لسقي البساتين والمزارع العائدة لهما .
1910 قبل بداية الحرب العالمية الأولى أقام الوالي ناظم باشا سداداً حول بغداد الشرقية لحماية الجزء الشرقي من المدينة من الفيضانات ، وتعرف بسدة ناظم باشا
1919 إهداء ساعة الحضرة الكيلانية ذات الوجهين إلى جامع الإمام الأعظم لتصليحها ونصبها فيه ، وقد قام الحاج عبد الرزاق محسوب الاعظمي بالتعهد بتصليحها ولم تنجح محاولاته .
1920 حصلت موافقة الأوقاف لصنع ساعة جديدة بدلا من الساعة القديمة التالفة ، وبدأ تنفيذ المشروع في بيت ( معمل ) الحاج عبد الرزاق محسوب الاعظمي في الاعظمية محلة الشيوخ . وقد وضع تصميما جديدا لساعة ذات أربعة وجوه ، وبعد عمل دؤوب استمر عدة سنوات وبمساعدة أولاده محمد ورشيد وعبدالهادي تم إكمالها بتاريخ 28/12/1929 وقدمها هدية إلى الأوقاف بدون مقابل .
1920 احتفل الاعظميون بثورة العشرين في مقهى (فرج بوش) وكانت المقهى على (مياه وهاب) في شط الباشا وان أول من رفع راية الثورة هو المرحوم (محي الدين الحلي).
1921 في نيسان احتفل الاعظميون في حديقة قصي ناجي الخضيري وأعلنوا مبايعة الأمير فيصل الأول ملكا على العراق ، وهي أول بيعة صدرت في العراق . وفي اليوم الثاني ذهب وفد من أهالي الاعظمية برئاسة رئيس البلدية الشيخ علي ظريف لمقابلة الملك واطلاعه على توقيع الناس وقد شكرهم الملك ..وفي الجمعة التالية جاء الملك لزيارة جامع الإمام الأعظم والكلية.
1922 وضع الملك فيصل الأول حجر الأساس لجامعة آل البيت (دار المعلمين الابتدائية سابقا) والحجر الأساس للمقبرة الملكية لتكون قبة الجامعة وان يدفن الملك تحت قبة الجامعة تكريما للعلم.
1922 تم إنشاء مشروع ماء الاعظمية وهو مشروع أهلي أنشأه رئيس البلدية المرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي.
1923 بناء البلاط الملكي في منطقة الاعظمية على ضفاف نهر دجلة وعلى شارع الإمام الأعظم في الكسرة
1924 تم انشاء ملعب الكشافة ، وهو الملعب الوحيد الذي زرعت أرضيته بالثيل ، وكان يسمى ( نادي الكشافة والألعاب الرياضية ) وظل حتى يومنا هذا يواكب الرياضة الكروية والألعاب الأخرى ويعرف باسم )ساحة الكشافة .
1925 تم إنشاء مشروع كهرباء الاعظمية وهو أيضا مشروع أهلي للمرحوم مصطفى السيد أمين الاعظمي (المشروع بدأ سنة 1932).
1928 تم إنشاء (نادي الرياضة والأدب) في الاعظمية وكان أعضائه المرحومون عبد الرزاق نعمان الاعظمي والشاعر حسين علي الاعظمي وكمال إبراهيم وعبد الحميد حمدي وعواد معروف وحسين علي ظريف وإسماعيل الغانم.
1930 بدأت أول دائرة للبريد وتقع بين جامع الإمام الأعظم وباب كلية الشريعة ، وهي عبارة عن غرفة صغيرة . بعد الحرب العالمية الثانية شيدت لها بناية جديدة ، وقد هدمت وأصبحت الآن ساحة لوقوف السيارات.