العثور على الدفتر السري لملاحظات اغاثا كريستي

العثور على الدفتر السري لملاحظات اغاثا كريستي

في شهر كانون الاول من عام 2005، عثر جون كوران على الاكتشاف الكبير في حياته ففي غرفته بالطابق العلوي من منزله الجورجي الطراز، علم ان هذا البيت كان مكاناً أمضت فيه اغاثا كريستي عطلاتها على مدى 33 سنة، جاء ذلك بعد عثوره على صندوق من (الكرتون) يحوي 73 دفتر مسودات


لم يتأثر كوران في بادئ الأمر متصوراً انها أشياء لا قيمة لها قد تباع بأبخس الاثمان ـ ولكنها تحولت بعد تمحيصها الى حقائق فنية وأدبية ذي قيمة نادرة ـ وليس ذلك فحسب، بل انها كانت عن ملاحظات ومسودات وخطوط اولية لأشهر وأفضل كاتبة قصص وروايات ومسرحيات (بوليسية) في العالم.
ومن حسن الحظ أن تلك المجموعة النفيسة من الاوراق وقعت في ايدي من يقدرها تماماً إذ أن جون كوران من أشد المعجبين بالكاتبة أغاثا كريستي.. وكان كوران قد دعي لزيارة المنزل من ساكنه آنذاك وهو ماثيو، حفيد الكاتبة الشهيرة، بعد أن تعرف عليه في العرض الاول لأحدى مسرحيات كريستي.
وبعد قراءة تلك الأوراق، بدا لكوران ان المنزل والذي يسمى ـ غرين واي ـ يذكره كثيراً بالروائية الشهيرة وأحداث روايتها واعمالها المسرحية وقصصها القصيرة. فهناك البيانو الكبير في قاعة الاستقبال، النقوش الملونة بالدولاب الصيني، الجرس الكبير في غرفة المعيشة الذي تعلن دقاته مواعيد العشاء. أما في الطابق السفلي فقد وجد سلماً خلفياً مشابهاً لذلك الذي كانت تستخدمه (مس ماربل)، في ذروة مشاهد الجريمة النائمة.
ولم تكن تلك الاشياء تعني شيئاً، نسبة الى دفتر الملاحظات الذي عثر عليه، ثم القصة القصيرة غير المنشورة للكاتبة الشهيرة بعنوان، العثور على سيربيروس والتي أعدّت لتكون احدى قصص مجموعتها، مهمات هيركيولز، وقد رفضت في حينها من قبل الناشر لأسباب سياسية متعلقة بالنازية، وكانت قد كتبتها كريستي عام 1940، ما يمنحها اهتماماً وقيمة أكبر في الوقت الحاضر، ويظهر فيها بطلها المحقق بوارو، أكثر مرحاً واهتماماً بالنساء.
ويقول كوران في كتابه عن رد فعله إزاء ذلك الاكتشاف، لقد أدركت أني أتطلع الى شيء متميز ونادر بقي حبيس غلافيه منذ 60 عاماً، انه بمثابة العثور على كنز، تماماً كما تطلع هوارد كارتر، منذ عقود من الزمن، الى كنوز توت عنخ آمون.
وقد دفعته حماسته لاعمال كريستي إلى الحرص على المخطوطات وإظهارها بشكل مناسب للمكانة التي تحتلها الكاتبة ومنها، مثلاً، إصدار طبعة جديدة من مسرحية، (مصيدة الفأر)
وقد تفرغ المؤلف اربعة اعوام للبحث وإعادة كتابة تلك الملاحظات التي كتبتها كريستي عن شخصيات روايتها ومسرحياتها: كيفية اختيار الاسماء،
والظروف التي أحاطت بها من خلال تأليفها وكانت نتيجة عمله، دراسة مستيقظة كاملة عن مؤلفات كريستي في جميع مجالات ابداعها، تبين كيفية عمل الكاتبة والآلية التي اتبعتها في التأليف ويبدو لنا أن المؤلفة كانت تبدأ في كتابة الرواية دون ان تحدد مسبقاً في ذهنها النهاية او تحديد المجرم او القاتل من بين ابطالها.. وكانت هذه النقطة ركيزة نجاحها في تضليل القارئ مندهشاً ومرتاباً بالجميع، منجذباً تماماً إلى تحقيقات بطليها المفضلين: بوارو ومس ماربل.
أما الأمر الوحيد الذي لم ترتب فيه الكاتبة، كما تؤكد ملاحظاتها، فهو تفضيلها استخدام السموم المختلفة الانواع كأداة للجريمة، وقد ذهب العديد من شخوصها ضحايا تلك السموم.
ومن الامور المثيرة في هذا الاكتشاف أن بعض تلك الاوراق المكتشفة تعود الى المرحلة التي عملت فيها كريستي ممرضة من خلال الحرب العالمية بمستشفى في مدينة ثوركي ـ انكلترا، واكتسبت إثر ذلك خبرة ملحوظة بالامور الطبية. لذلك نجد أن أصول معظم القتلة في أعمالها تعود إلى ممارستهم مهناً طبية مختلفة.
إن كتاب كوران مثير للجدل وهو بالتأكيد سينال أعجاب جميع المولعين بأعمال أغاثا كريستي.
عن جريدة التايمز