حسين علي الحمداني
تبدو الأحداث الأخيرة التي شهدتها عدد من الدول العربية ستؤثر بشكل كبير جدا على مجمل الحياة الاقتصادية في هذه البلدان وفي مقدمتها مصر والأردن وسوريا، وعندما نحدد هذه البلدان بالذات فإننا نعني هنا الإشارة لحجم الاستثمارات العراقية الخاصة ورؤوس الأموال الكبيرة التي تدفقت لهذه البلدان بعد عام 2003 نتيجة للأوضاع الأمنية الصعبة التي كان يعيشها البلد
آنذاك مضافا إليها انعدام فرص التنافس بين القطاع الخاص المحلي والبضائع المستوردة، ولعلنا هنا علينا أن نشير بأن الأوضاع السياسية في الكثير من البلدان العربية تضع الاستثمار بصورة عامة في وضع محرج للغاية بالنسبة لهذه الدول وبالتالي فإننا قد نشهد في الأشهر القادمة عودة للرأس المال العراقي للعمل والاستثمار داخل البلد مستفيدا بالتأكيد من تحسن الوضع الأمني من جهة ومن جهة ثانية تفعيل التعرفة الكمركية على البضائع المستوردة، مضافا إلى هذا وذاك ما اكتسب من خبرات نتيجة العمل في دول تمتلك بالتأكيد رؤية فعالة في ميدان في الاستثمار.
فإذا كانت الصورة غامضة سياسيا واقتصاديا في بلدان كمصر وتونس والأردن وسوريا وحتى اليمن التي يتواجد فيها رجال أعمال من العراق بنسبة ضئيلة، نقوم غموض مستقبل هذه الدول في ظل الانتفاضات المستمرة مع وضوح أو بعض الوضوح والتفاؤل بمستقبل العمل في العراق، كل هذه عوامل جذب من شأنها أن تضع حدا لهجرة رؤوس الأموال العراقية للخارج.
وعلينا أن نعرف جيدا بأن الأسباب التي دعت أصحاب رؤوس الأموال للهجرة من العراق وهي أسابا أمنية بحتة، نجد هذه الأسباب متوفرة الآن في الدول التي يقيمون بها ويستثمرون مواردهم فيها وبالتالي فإنهم بالتأكيد تعرضوا لجملة من الخسائر صغيرة كانت أم كبيرة إلا إنها بالتأكيد مؤثرة على أوضاعهم الاقتصادية حيث يعرف الجميع بأن أهم عوامل نجاح الاستثمارات هو توفر بيئة أمنية صالحة من شأنها أن تديم هذا العمل وتفعله وتتفاعل معه.
لهذا أجد من الضروري جدا أن تتحرك الهيئات والمؤسسات المعنية بالاستثمار بإيجاد آليات وحوافز من شأنها أن تستقطب هؤلاء وتحفزهم على إعادة أموالهم لكي تأخذ دورها في تنمية البلد بالشكل السليم والصحيح، وبالتأكيد هذا يحتاج لعوامل عدة أهما القوانين ومدى ملائمتها مفهوم الاستثمار مع الأخذ بنظر الاعتبار آراء ووجهات نظر رجال الأعمال الذين هم بالتأكيد لديهم خبرات مضافة أكتسبوها من سنوات عملهم في دول عديدة، مع ضرورة إجراء دراسة كاملة بالمشاريع المطلوبة وأولوياتها بما يؤمن وجود منافذ تسويقية تؤمن انسيابية إنتاجية هذا القطاع المهم والحيوي.
لهذا أجد بأن الاقتصاد العراقي خاصة ما يتعلق منه بالجانب الاستثماري أمامه فرصة كبيرة ليس بعودة رأس المال العراقي ورجل الأعمال العراقي فقط، بل حتى من خلال تدارس هذا الأمر أمام المستثمر العربي الذي خسر أكثر من 30 مليار دولار في أزمة مصر الأخيرة وأغلب هذه الخسائر كانت لرؤوس أموال خليجية، وهي تتطلع الآن للبحث من مناطق استثمارية جديدة، ووجدت بعض الشركات مكانا لها في إقليم كوردستان العراقي حيث تتوفر عوامل نجاح الاستثمار بشكل كبير جدا.
وبالتالي فإن القائمين والمسؤولين على الاستثمار والتجارة وحتى الصناعة وتكنولوجيا المعلومات والإسكان وغيرهم أن يهيئوا الأرضية السليمة والصحيحة التي من شأنها أن تلبي طموح المستثمر العراقي والعربي والأجنبي لولوج الساحة العراقية وهو مطمئن على ما سيقوم به من مشاريع وما سيجنيه من أرباح جراء الخدمات التي سيقدمها، ويعرف الجميع بأن العراق يحتاج لهذه الاستثمارات خاصة ما يتعلق منها بالإسكان والبنى التحتية والكهرباء وغيرها، يضاف إلى ذلك إعادة تأهيل عشرات المصانع المتوقفة عن العمل والتي من الممكن أن تكون أرضا خصبة لتنمية البلد وتحقيق نمو اقتصادي كبير جدا وتوفير فرص عمل كبيرة.