دكتور جيفاكو

دكتور جيفاكو

بغداد/ أوراق
طبيب وشاعر وعاشق أرّقه الحب وعذّبه البحث والفراق، ولد أواخر القرن التاسع عشر، أنهى دراسته اثناء الحرب العالمية الأولى التي كانت تدور رحاها وسط ظروف قلقة بسبب الأوضاع والاضطرابات الدموية التي تشهدها روسيا. احداث نطلع عليها في رواية (دكتور جيفاكو) للروائي بوريس باسترناك والصادرة عن دار (المدى) للثقافة والنشر بترجمة نخبة من الأدباء..

يقع جيفاكو في بداية حياته بحب تونيا وينجب منها طفلة.. ثم يتركها متوجهاً للخدمة كطبيب إبان الحرب، وهناك يتعرف على الفتاة الشابة لاريسا فيودوروفنا فيعشقها رامياً بنفسه بين أحضانها. وفي اثناء ذلك تظهر لارا، وحكايتها ان عشيق والدتها الجنرال سترينيكوف كوماروفسكي يحاول اغواءها، لكنها تتخلص منه بالزواج من محبوبها في فترة الطفولة بافلوفيتش آنتيبوف والذي تفقده مجموعته خلف خطوط العدو، ثم تعده ضمن الاموات لكنه في واقع الأمر يكون اسيراً بين جدران السجن، وبذلك تنقطع حياته معها فيتركها وحيدة. واثناء الحرب العالمية الاولى تتطوع لارا للعمل كممرضة، وتأتي للبحث عن زوجها فيجمعها لقاء مع يوري أندرييفيتش جيفاكو وينشأ بينهما شعور بالانجذاب ولكن من دون ان يصرحا لبعضهما او يعبر احدهما للآخر عن مشاعره.. وعندما تحدث الثورة الروسية يلجأ جيفاكو وزوجته الى قرية من الريف الروسي في منطقة الاورال، وهناك يلتقي مرة اخرى بلارا التي كانت تبحث عن زوجها في نفس المنطقة فتتفجر مرة اخرى مشاعر الحب والحنان التي كانت تجمعهما، والتي تتعرقل مرة اخرى بسبب احداث الثورة وبسبب الجنرال سترينيكوف كوماروفسكي الحبيب السابق للارا.. يبتعد يوري أندرييفيتش جيفاكو لفترات عديدة عن حبيبته لارا لكن العلاقة بينهما لم تتأثر برغم كل ما يحصل.. ومن جانب آخر يركز الكاتب على الناس الذين تجرفهم الاحداث السياسية من دون ان تكون لهم القدرة على احداث اي تغيير فيما يدور حولهم. وكيف تتغير المواقف وتتبدل الأفكار بين الثوار قبل السلطة وبعدها، وماذا تفعل السلطة في البشر.. يعود الدكتور جيفاكو إلى موسكو في عام 1922 ليعيش في فقر مدقع.. ويستغل الشتاءات الطويلة للعودة إلى كتابة الشعر.. وإبان قيامه بزيارة محلية، يلتقي بلارا ويبدأ معها علاقة عاطفية، ويتشاركان في بهجة وجودهما معاً، ويخبر زوجته بعدم إخلاصه لها ويطلب منها السماح. وذات مرة وبينما هو يتأهب للعودة الى منزله تقوم مجموعة مشاركة في الحرب الأهلية الروسية باختطافه وإجباره على العمل في خدمتها كطبيب. ويمكث هناك لسنوات عدة إلى أن يهرب في أحد الأيام ويمشى عائداً إلى لارا. وبعدها تكتشف زوجته بأنه لم يعد في مخيم السجن وبأنه اتخذ لنفسه اسماً قلمياً هو ستريلنك، وبأنه صار عضواً في الحكومة الجديدة المحصنة. وعلى الرغم من استقراره هناك لفترة وجيزة إلا أنه لم يقم بزيارتها أو بزيارة ابنته، معتزماً إنهاء المهمة أولاً. وتنتقل لارا للعيش مع جيفاكو، لكنهما يكتشفان بأنهما ملاحقان فيسافران إلى مزرعة كان جيفاكو قد عاش فيها مع عائلته سابقاً، ويعود إلى كتابة الشعر معبراً عن مخاوفه وشجاعته وحبه للارا من جهة، وعن مخاوفه مع ظهور حبيب لارا القديم كوماروفسكي، الذي بدوره يخبرهما بأن الثوار يعلمون بمخبئهما وبأنهم سيقتلونهما من دون ريب، ونصحهما باصطحابهما إلى الخارج، وكان بإمكانه اللحاق بعائلته نظراً لاشتياقه، لكنه يفضل البقاء مع لارا من أجل إنقاذ حياتها. لكنها برغم ذلك تتركه وراءها وتذهب.. وفي أحد الأيام من عام 1929 يشعر بالغثيان متأثراً بكل ما يدور حوله، وحين يكون في عربة الترام وبلحظة خاطفة قاتلة يلمح عن بعد حبيبته لارا تمشي على الرصيف المحاذي للشارع الذي يعبره الترام، فيحاول اللحاق بها، ولهث وراءها كحلم، ويلفت انتباهها من دون أن تدرك أنه حبيب عمرها يسرع جاهداً للحاق بها، وعلى مسافة بضع خطوات منها يقع أرضاً وتباغته سكتة قلبية ليموت على الرصيف الذي كانت قد عبرته لارا لتوها.. ثم تعود لارا لتراه، فتدخل إلى المنزل لتجد جسده مسجى هناك من دون حراك. فتصاب بالانهيار.. إلا أنها تساعد أخاه على جمع كتاباته. ويعمل أصدقاء جيفاغو على جمع أشعاره بعد مرور خمس أو عشر سنوات على الحرب العالمية الثانية، حينما فكر أصدقاء جيفاكو القدامى ملياً بمصير بلادهم.


الكاتب في سطور

بوريس باسترناك شاعر وروائي روسي ولد عام 1890، عرف بروايته المؤثرة عن الاتحاد السوفيتي (دكتور جيفاكو)، ومن اشهر قصائده ما تضمنته مجموعته الشعرية (حياة شقيقي) والتي تعد من أهم ما كتب في روسيا خلال القرن الماضي.. خلال الحرب العالمية الأولى درس في مختبر للكيميائيات في الاورال، وهي التجربة التي قدمت له مادة أولية للرواية، وفي عام 58 منح جائزة نوبل للآداب، لكنه رفضها.. وفي عام 1960 توفي ولم يحضر جنازته سوى بعض المعجبين المخلصين.. ولم تنشر روايته في روسيا الا بعد عام 87 مع بداية البيريسترويكا والغلاسنوست.