جولة في أقاليم اللغة والأسطورة

جولة في أقاليم اللغة والأسطورة

بغداد/ أوراق
للّغة والأسطورة علاقة برمز التناسل والخصوبة تعود جذورها الى اقدم وسائل التعبير لدى الانسان. دراسة تضمنها كتاب (جولة في أقاليم اللغة والأسطورة) للباحث علي الشوك والصادر عن دار (المدى) للثقافة النشر. مشيراً الى ان النخلة كانت رمزاً للولادة لدى شعوب جنوب غربي آسيا وشمال افريقيا، بما في ذلك الشعوب السامية وموقع النخلة عندهم.

ثم يتحدث عن العلاقة الروحية بين الانسان قديماً وبقية الاشجار كالصفصاف والبلوط والزيتون والآس والكرم والتفاح وغيرها مع محاولة ربطت عبادة المرأة منذ العصور الحجرية القديمة بعبادة الأرض، لأنهما كلتيهما ترمزان للخصوبة واستمرار الحياة. وطوال مرحلة الانتقال من طور جني القوت الى طور إنتاجه كانت عبادة الأنثى طاغية على الذكر لأنها هي التي تلد وتحافظ على الجنس البشري، اضافة الى دورها في العملية الاقتصادية لا يقل اهميمة عن دور الرجل. فيذكر ان المرأة هي التي اكتشفت الزراعة في العصور الحجرية الوسيطة، وهي التي كانت تنهض بأعبائها بادئ الأمر. ومن رقة المرأة جاء مفهوم الرحمة لأن حمل الجنين في الرحم هو أعلى مظاهر الحب والحدب عند المرأة.. فيقول: اذا علمنا ان مهد النخيل هو خط العرض الذي يشمل جزر الكناري وأفريقيا الشمالية والجزيرة العربية بما فيها العراق وجنوب ايران وشمال باكستان والهند، فان الاسبان نقلوا النخيل الى أميركا أواخر القرن الثامن عشر وأوائل ما بعده. واذا علمنا ان النخيل كان مقدساً عند آلهة الحب والولادة إيزيس المصرية التي تقابل عشتار، نجد ايضاً في الآية 22 من سورة مريم اشارة الى ان المخاض جاءها عند ولادة ابنها يسوع المسيح تحت نخلة. وكان أهل نجد يذكرون النخيل بينما في الحجاز يؤنثونه كما جاء في حديث الرسول (ص) "اكرموا عماتكم النخل". وكان العرب يعبدون نخلة نجران ويكسونها الملابس ويزينونها بالزينة النسائية. وقد عبدت قبيلة حنيفة التمر، وصنعت منه تمثالاً أكلته حين ألم بها الجوع.. ثم يتحدث عن الجذور المشتركة بين الألفاظ الدالة على معنى المعزى في اللغات السامية واللغات الهندية والأوروبية، والعلاقة بينها وبين الكلمة الدالة على منطقة وبحر ايجة وعن عبادة شعوب منطقة البحر المتوسط للمعزى وعلاقة ذلك بالكلمات الدالة على المعبود آيل. ويتسع الحديث ليشمل مفردات رعوية أخرى كالخروف والبقرة والكلب والأيل، والكلمات الدالة على الراعي وصلتها بالمفردات التي تفيد معنى الحكم او الملك.. وفي الطبيعة بين الاسطورة واللغة نجد موضوعات عديدة تبين من منظور اسطوري ان الكون كان عند الانسان القديم اقرب الى صورة الخيمة او بيت كبير قاعدته الارض وسقفه السماء، وعند السومريين والبابليين كانت فكرة السماوات والارض انعكاساً لهندسة البيت من طابق ارضي وطوابق اخرى عددها سبعة. مشيراً الى ان في ميثولوجيا العديد من الشعوب ان السماء والارض كانتا منطبقتين بعضهما على بعض، ثم انفصلتا فيما بعد بواسطة الهواء وبفعل قوة إلهية كما تقول الاساطير السومرية والبابلية والمصرية. ويذكر عن ظاهرة الخليقة في التوراة بانها استغرقت ستة أيام، وتمت استراحة الرب في اليوم السابع. وكما ورد عن البابليين ان الاحد هو اليوم الأول من قصة الخليقة وفيه كان النور، وهذا يقابل الشمس، وفي اليوم الثاني فصل الرب المياه العليا عن السفلى، وهذا يقترن بالقمر عند البابليين، فالاثنين القمر هو الذي يتحكم بالمياه كما تقول الاساطير القديمة، والثلاثاء يوم المريخ وفيه خلفت اليابسة والأعشاب والاشجار لأنه هو الذي يتحكم فيها، والاربعاء يوم عطارد وفيه خلقت الاجرام السماوية وهو إله الفلك. اما الخميس وهو اليوم الخامس فقد تم فيه خلق وحوش البحر والطيور، وهذا يتفق مع اسطورة ان إله شجرة البطم عند العبريين هو ابن إلهة البحر التي يعتبر النسر والحمامة مقدسين عندها، وهو الإله نفسه الذي يتخذ هيئة حيوان بحري يدعى التنين. وخلق الرجل والمرأة يتفق مع يوم الإلهة الزهرة او عشتار او فينوس عند اليونان والرومان. ويتفق مع يوم السبت استراحة الرب عند العبريين ما ينسب لزحل من طبع الكسل والاسترخاء. ويشير الباحث الى ان الدورة الزمنية قوامها سبعة ايام في قصة الطوفان البابلية، وكان الاسبوع المصري عشرة ايام والروماني ثمانية، وقد اظهرت آثار بومبيي الرومانية ان الاسبوع السباعي كان معروفاً عندهم قبل عام 79 ميلادية. وتجدر الاشارة الى ان التقويم المعاصر يرجع الى وادي الرافدين ومصر، فالسومريون هم أول من قسم الليل والنهار مجتمعين الى اثنتي عشرة ساعة مضاعفة، ومنها جاءت ساعاتنا الاربع والعشرون فابتكروا ادوات لقياس الزمن مثل الساعة الشمسية التي تعرف بالمزولة والمائية والرملية.