فرانسوا ميتران..  من الشخصي إلى السياسي

فرانسوا ميتران.. من الشخصي إلى السياسي

شكّلت سيرة حياة الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران موضوع العديد من الكتب. ولكن يبدو أنه لا يزال هناك ما يقال حول المسار الاستثنائي للرئيس الرابع للجمهورية الفرنسية الخامسة التي أرسى أسسها الجنرال شارل ديغول عام 1958. وبعد أن كان المؤرّخ والكاتب الفرنسي «اريك روسيل» قد قدّم سير حياة الرئيسين «شارل ديغول» وخليفته «جورج بومبيدو» يكرّس كتابه الأخير لسيرة حياة الرئيس الفرنسي الأسبق الراحل فرانسوا ميتران.


ذلك تحت عنوان «فرانسوا ميتران، من الشخصي إلى السياسي». يتمثّل أحد المصادر الهامّة التي يعتمد عليها المؤلف، إلى جانب الأراشيف الفرنسية والأجنبية وسلسلة المقابلات التي أجراها، في المراسلات الخاصّة التي كان ميتران قد تبادلها مع رجال ــ «فرانسوا دال» صديق سنوات الشباب ــ ونساء ــ إحدى قريباته، ماري كلير سارازان. وهذه الرسائل أيضا يتم الكشف عنها، كما عن العديد من المعلومات الأخرى، للمرّة الأولى. ومن خلال ما تكشف عنه تلك الرسائل يرى كاتب السيرة أن ميتران "تحوّل من شخص مبهم، وقريب سياسيا من أقصى اليمين ومحب للأدب إلى رجل سياسة ورجل دولة".
ذلك التحوّل هو بالتحديد وراء «ولادة أسطورة ميتران، رجل الدولة الذي أحاط به الغموض باستمرار». والتأكيد بهذا الصدد أن ميتران كان منسجما باستمرار مع نفسه فيما يتعلّق بمفهوم «الشرف» الشخصي جدا بالنسبة له. والتأكيد في هذا السياق أن ميتران كان وفيّا باستمرار أيضا لقناعاته ولأصدقائه بعيداً عن انتماءاتهم الإيديولوجية. ومما ينقله مؤلف السيرة عن الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي قوله «في نهاية أحد اجتماعات الحكومة ــ أثناء فترة التعايش بين رئيس اشتراكي وحكومة يمينية ــ طلب منّي ميتران أن أمكث قليلا وقال لي: "لقد شاهدتك البارحة على شاشة التلفزيون. لديك موهبة كبيرة في النقاش وكان يسرّني أن تكون وزيرا في إحدى حكوماتي. فقلت له: لكنني لست اشتراكيا. فأضاف: لا أهميّة لذلك." من المحطات الشخصية الأساسية التي يتوقف عندها المؤلف ويرى أنها لعبت دورا كبيرا في حياته هي تلك العلاقة التي عاشها مع «ماري لويز تيرّاس»، تلك الفتاة التي أحبّها وارتبط بها باعتبارها خطيبته عام 1940. لكنه لم يستطع أبدا أن يقبل انفصالهما بعد عامين من ذلك التاريخ. بل ويرى المؤلف أن ذلك الانفصال ترك آثاره على ميتران طيلة مسيرة حياته.

عن البيان