حرب المئة عام

حرب المئة عام

على مدى ما يزيد على قرن من الزمن ما بين عام 1337 وعام 1453 استمرّت تلك الحرب التي يطلقون عليها «حرب المئة عام بين فرنسا وإنجلترا. ذلك العداء الفرنسي ـ الإنجليزي التقليدي متأصل في النفوس أبعد من تلك الفترة، كما يقال ويتردد على لسان الكثيرين..

والجنرال شارل ديغول هو القائل عام 1962 ما مفاده:«إن عدوّنا الأكبر الموروث ليس ألمانيا بل كان إنجلترا. ومن حرب المائة عام حتى الفاشودة ــ حادث دبلوماسي بين انجلترا وفرنسا في الفاشودة، جنوب السودان ــ لم تتوقف عن مقارعتنا.. وهي لا تميل بالفطرة إلى أن تتمنّى لنا الحظ السعيد». ومن الملاحظ أن العديد من المؤرّخين أولوا اهتمامهم في الفترة الأخيرة للعودة إلى"حرب المائة عام".
ومن بين هؤلاء المؤرّخ دافيد غرين، الأستاذ في جامعة مدينة نيويورك ومؤلف العديد من الكتب عن حقبة العصور الوسطى، الذي يقدّم كتابا تحت عنوان "حرب المئة عام". وهو يقدّم فيه "تاريخا شعبيا" لتلك الحرب، كما جاء في العنوان الفرعي.
يشير المؤلف بداية أن نشر هذا الكتاب يتزامن في واقع الأمر مع الذكرى 600 لنشوب معركة "أزيكورت"التي دارت بتاريخ 25 أكتوبر من عام 1415 بين الفرنسيين والإنجليز. ومما يتم ذكره أن تلك الحرب دارت في معظم الوقت على الأرض الفرنسية وليس على الطرف الإنجليزي.
والإشارة أيضا أن المؤرّخين الفرنسيين يتفقون على القول إن آثارها كانت"مأساوية"بالنسبة لبلادهم. ذلك أوّلاً من حيث استمرارها أكثر من قرن من الزمن، وثانياً من حيث إن الاستراتيجية الإنجليزية تركّزت في أغلب الوقت على تدمير فرنسا.
بل تتم الإشارة إلى أن أحد المؤرّخين الفرنسيين تحدّث عامّ 1976 عن أنه في نهاية سنوات 1430 وبداية عقد الأربعينيات التالي كانت نتائج "التدهور الاقتصادي" و"الاحتلال البريطاني "أشبه بـ"هيروشيما في النورماندي ، الموجودة على الشاطئ الفرنسي لبحر المانش.
ويشرح المؤلف أن الإنجليز الذين انتصروا في مختلف المعارك الكبرى "خسروا الحرب". مع ذلك يُظهرون قدرا أكبر من الرؤية الإيجابية والقول إنها ساهمت في "رفع معنويات المجتمع". يتعرّض دافيد غرين لـ"الفروسية" ولـ" طبقة الفلاحين"و النبلاء و دور الكنيسة و الجنود و "النساء ".
ولعل من أكثر الفصول إثارة في هذا الكتاب ذلك الذي يكرّسه المؤلف للسلوك»غير العقلاني«الذي لجأ إليه ملكا فرنسا هنري السادس وشارل السادس. هذا ويكرّس المؤلف عددا من الصفحات في هذا السياق لـ»أولئك الذين أرادوا التفاوض من أجل إبرام معاهدة سلام«. تلك الجهود الرامية لإحلال السلام تشكل موضوع الفصل الأخير من الكتاب.