اقتصاديات :للفساد أوجه عدة!

اقتصاديات :للفساد أوجه عدة!

عباس الغالبي
لم يكن هنالك وجه واحد للفساد، بل أوجه متعددة منها مايكون معلن واضح المعالم، ومنها مايكون مبطن تحت مسسوغات قانونية.ولعل مسودة قانون رواتب كبار موظفي الدولة المعدة الى مجلس النواب تنطوي على كثير من المسوغات القانونية لتكريس الفساد والتصرف

بالمال العام تحت مبررات تبيحها السلطة التشريعية.
حيثيات مسودة القانون تتحدث عن ارقام للرواتب الاسمية لكبار موظفي الدولة فضلاً عن ما يسمى بمخصصات المنصب التي هي الاخرى قريبة من الرواتب الاسمية، مايخلق بوناً شاسعاً بينها وبين رواتب صغار موظفي الدولة والتي تكرس لتباين اجتماعي واقتصادي ومعيشي تخلقه قوانين مجلس النواب.
كثير من المتابعين والمراقبين والخبراء تباحثوا معي من خلال الانترنت والاتصالات الهاتفية والايميلات، ومثلما أصابتني الدهشة أصابتهم كون هذا الاتجاه والمنحنى في القانون الجديد لم يمثل أدنى مطالبات متظاهري يوم الجمعة الفائت والتي كان عنوانها الابرز مكافحة الفساد المستشري في جسد الدولة والوضع المعيشي والاقتصادي، حيث كان هذا القانون تكريس واضح للفساد وتحقيق لمكتسبات وامتيازات بطرق قانونية، وتجسيد لمنطق تحقيق المغانم من خلال المناصب والمواقع الحكومية والرسمية الاخرى في الدولة، والنأي عن الهدف الاسمى الذي يفترض ان تعبر عنه تلك المسميات والعناوين والمواقع.
ندعو البرلمان الى اعادة النظر بحيثيات مسودة القانون الذي لاينسجم مع تطلعات السواد الاعظم من النس ولاسيما ممن يرزحون تحت خط الفقر، والغريب في الامر ام ديباجة مشروع القانون تحمل في الاسباب الموجبة لتشريعه: (ان الهدف منه تحقيق العدالة والمساواة في توزيع الرواتب والمخصصات بما ينسجم والمعايير الوظيفية وبغية تقليص الفوارق في الرواتب بين الموظفين)، أي ضحك على الذقون هذا، وأية عدالة هذه التي تعمل على خلق هذه الفوارق في الامتيازات والتي لم تتصل بالعدالة والمساواة في الامتيازات والفرص بصلة، بل كانت لهاث وراء المكاسب وعدم اكتراث يالطبقات الفقيرة ومستواها المعيشي.
ومن اللافت للنظر ان مسودة القوانين ان المادة الخاصة بمخصصات الخطورة وضعت مساراً لتحقيق الاضافت المالية على فقرة الراتب الاسمي التي بدت وكأنها مخفضة بدرجة كبيرة، حيث تتقاطر نسب الاضافات في مخصصات الخطورة من 40% من قيمة الراتب الاسمي الى 250% منه، وهذه حالة فساد بحماية قانونية وتحت مسوغ قانوني.
من هنا لابد لمجلس النواب كجهة تشريعية ان تضع بنظر الاعتبار هذه النسب وغيرها وخلق موازنة بين المواد والابواب التي تضمنتها مسودة هذا القانون ولاسيما نسب مخصصات الخطورة والعلاوات ومخصصات المنصب وكلها تندرج في اطار التسويغ والتبرير لمجموعة من الحيثيات القانونية تؤدي بالمحصلة النهائية الى مكاسب فيها من الفوارق وانعدام العدالة الاجتماعية مالم تحمله قوانين دول العالم المتطلع الى تحقيق العدالة الاجتماعية والعمل على دثر الفوارق الالجتماعية.
ويبقى السؤال الاهم هل ان الفساد ينحصر في بوتقة واحدة ام هنالك للفساد أوجه عدة؟