حرب أكتوبر 1973..دراسة ودروس

حرب أكتوبر 1973..دراسة ودروس

السيد نجم
يمثل كتاب «حرب أكتوبر 1973 دراسة ودروس»، لمؤلفه الفريق أول محمد فوزي، مذكرات مهمة عن تلك الحرب. فهو قائد الجيش المصري بعد نكسة 1967م، إذ جرى تكليفه بإعادة بناء القوات المسلحة خلال ستة أشهر، فبدأ العمل، وقبل انتهاء المدة، أعلن الاستعداد لمعاودة العمليات العسكرية بعد ثلاثة أشهر فقط!

لـﺫلك، تعد مـﺫكراته من أهم الوثائق التى يمكن الرجوع إليها للتعرف على الحقائق السياسية والعسكرية، وربما الاقتصادية والاجتماعية التى تماست مع تلك التجربة القاسية على العرب، ومن هنا كانت أهمية تلك المـﺫكرات.
ولا تخلو المـﺫكرات من الأرقام والإحصاءات، حيث بدأ المؤلف في الفصل الأول من الكتاب بعرض إحصائي للقوات التي شاركت في معارك 73، بداية بالقوات المصرية، ثم القوات السورية.. فالقوات الاسرائيلية التي اشتركت في القتال. ولم تكن الإشارات عامة، بل موثقة بالأرقام، ولكل سلاح، تفصيليا. لـﺫلك تناول فوزي القوات البرية ثم القوات الجوية والبحرية.
وانتهى المؤلف من تلك المقارنات إلى عدة نتائج: إن إسرائيل تتفوق على مصر في المدرعات وفي المقاتلات وفي القاﺫفات، الزيادة أضيفت إلى القوات الإسرائيلية خلال عامي 1972 و1973م، تميزت إسرائيل بعدد أكبر من الطيارين، التسليح العربي - السوفييتي أقل كفاءة من الأميركي، فقدت مصر معاونة السوفييت بإمدادها بالمعلومات التي ينقلها القمر الصناعي الروسي بسبب طرد الخبراء السوفييت.. تماما كما فقدت مصر الدعم العسكري من السوفييت للسبب نفسه.
ثم جاءت تفاصيل خطط عمليات أكتوبر 73، سواء ببيان خطط إسرائيل في دفاعها عن سيناء المحتلة، أو في خطط مصر وسوريا لتنفيـﺫ عمليات أكتوبر. ولم تكن عملية سهلة ولا هينة، بل وقعت على مراحل، وهناك دوما المستجدات التي يجب تجاوزها لتحقيق النصر العسكري.
ووضح من السرد التاريخي لتلك الفترة، أنه جرى إعداد خطة سميت «خطة غرانيت"عام 1970-1971م، لم تنفذ، واستبدلت بخطة أكتوبر 73م، حيث كانت خطة غرانيت قد أعدت بناء على فكرة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، القاضية بإعداد خطة هجومية برأس حربة ولها ما يماثلها من الجولان في سوريا..
وبعد الاستعدادات العملية، رفض الرئيس الراحل أنور السادات تنفيـﺫ الخطة، حسب الكتاب، وهذا بينما يرى فوزي أنها كانت مناسبة بسبب تناسب القوات بين المتجاربين، وقبل إمداد اسرائيل بأسلحة جديدة وأكثر تقدما.
أما خلال مرحلة قرار بداية المعارك والعبور في أكتوبر 73، فاعتمد على تجهيز الاستراتيجية العسكرية وإعداد الدولة للحرب، مع متابعة ردود الأفعال داخل إسرائيل وعلى الولايات المتحدة الأميركية، وبذلك تأكد أن قرار الحرب اتخـﺫته القيادة السياسية مرتين، خلال عام 1970، ونظرا لمواقف السياسة الدولية وتحالف الاميركان والروس على عدم تأييد أية معارك، ثم في عام 1973م، وفيها حدث التنفيذ بالرغم من كل العوائق.
ومع ﺫلك، فلا يمكن إغفال حقيقة أن قرار الحرب، آنذاك، كان مطلبا جماهيريا بل ولأفراد القوات المسلحة.. وجرى إعداد الدولة والأجهزة المختلفة للحرب خلال عام 70-71م. وفي أثناء تلك الفترة فكر السادات في خيار السلام، إلا أن القيادة الاسرائيلية لم تتجاوب معه، فعاد لقرار الحرب، ودخل السادات الحرب وقد حدد شكل المعركة وحجمها وعمقها، ومن ثم وعلى تلك الحال، صدر قرار بدء المعارك.
يوضح الفريق فوزي في كتابه طبيعة التحضيرات العملية لعمليات أكتوبر 73، وهو ما اعتمد على: تشكيل القوات للعمليات الهجومية، تحديد أسلوب استخدام القوات المدرجة، توزيع الوحدات المضادة للدبابات وتوزيع الاحتياطي. أما وقد بدأت معركة العبور ونفذ اقتحام قناة السويس، فشرع التركيز على عمليات قطاع بورسعيد، وعمليات لواء 130 مشاة ميكانيكي برمائي، ثم عمليات قوات الصاعقة أو القوات الخاصة في القوات البحرية والجوية أيضا.
وتوقف الكاتب تفصيليا، عند بعض المعارك، كما في معارك الممرات وغيرها، حيث عرض لها وبين أسباب نجاحها أو فشل بعضها الآخر، بموضوعية. كما حدد حجم الخسائر أو غنائم الفوز، سواء لدى الجانب المصري أو الإسرائيلي.
لعل من أهم معطيات هذا الكتاب، ملزمة كبيرة من المرفقات (16 مرفقا)، وهي تمثل مجموعة هامة من الخرائط، وكروكي لحجم القوات الإسرائيلية والعربية، وبيان مواقع القوات قبل فض الاشتباك الأول.. وغير ذلك من التفاصيل المهمة.
عن/ البيان