عمران الشبلاوي شاب بغدادي قاوم الانكليز واستقر جسده عند جبل حمرين!

عمران الشبلاوي شاب بغدادي قاوم الانكليز واستقر جسده عند جبل حمرين!

جواد كاظم البيضاني
في منطقة سميت قديماً (كوردله)، وعند سدة حمرين انتصب مزار (قبر) ، يمارس الوافدين طقوساً تتسم بالغرابة وتختلف جذرياً عن الشعائر المتبعة في الأضرحة المقدسة ..فما قصة هذا المزار ؟ وكيف يمارس مريدوه وطقوسهم ؟

قبل الاجابة عن هذين السؤالين لابد من التعرف على صاحب هذا القبر (المزار) ، فالرجل لم يكن هاشمي النسب ، ولم يكن من الزهاد او العباد .. بل مارس حياته كباقي عامة الناس الا انه جسد معاني الرجوله والمروءة والايثار وحب المساعدة فأصبح مثلاً يحذى به ..
الاشخاص الذين يفدون هذا القبر ربما لا يعرفون الاسم الصريح لصاحبه واكتفوا بكنيته (عمران الشبلاوي) فمن هو عمران الشبلاوي؟
انه عمران عيسى حمود النجم القيسي ، لقب بالشبلاوي نسبة الى منطقة (البو شبل) الواقعة في شارع غازي ببغداد ، اذ بدأت حكاية الشبلاوي عندما كان صغيرا لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر ، حيث تبرع بريع البساتين الاربعة التي ورثها من والدته امينة علوان النجم التي عرفت ببساتين (السودة) بمحافظة ديالى الى الفقراء من اهل محلته او ابناء قريته التي ينحدر منها حيث سطر معاني الكرم والسخاء بعينه ، وكان مثالاً يحتذى به في معاني الجود التي وصف بها العرب يوم كان العراق خلال تلك الفترة يمر بمرحلة دقيقة من تاريخه ، فالحرب قد اندلعت وتمكنت القوات البريطانية من اجتياح بغداد.
كان الشبلاوي ابن العشرين ربيعاً قد حمل هموم الفقراء وبؤس الاطفال والاحتلال الذي اجتاح بلده .
قرر الشبلاوي قتال الانكليز دون الاعتماد على اية مساعدة من احد وبدأ يقود وحدات صغيرة من المقاتلين حتى اثقل الانكليز بالخسائر الامر الذي دفعهم لاقاء القبض على شقيقتة (كطاية) وهذا ما دفعه الى الاستسلام ، حيث اودع في سجن (خان دله) بشارع النهر ولم يمكث في السجن طويلاً فقد هرب اليه السلاح عن طريق اقاربه الامر الذي مكنه من الهرب .. وعبر نهر الزاب سباحة في كانون الثاني متجهاً صوب اقاربه في جبل (حمرين) الامر الذي تسبب في اعتلال صحته وأصابته بداء (الجنب) ذات الرئه وقد توفي وه في ريعان الشباب بعد ان اثقل خصومه جراحاً . ومما رثى به :
مضى عمران داهية الرجال
أذاق الانكليز شراب موتاً


تحدثنا بسيرته الليالي
مسببه المزمجر في القتال
فلم تعرف سواه من الرجال
ويقول بعض اقاربه انه صاحب روح مرحة ، وهو من الشعراء الشعبيين فقد غنى له الفنان الراحل محمد القبانجي رائد المقام العراقي قصيدته التي يقول فيها : «لمن جفن سواعد المجد مني».
وحدثني السيد موسى حياوي عيسى القيسي ، ان عمران الشبلاوي ثار على الانكليز قبل ان تنطق ثورة العشرين ، وان العثمانيين وعدوه برتة عسكرية الاانه آثر واجبه الوطني على وعود الآخرين ، وانه قتل القائد الانكليزي (دادينا) قبل ان تنطلق الرصاصة الاولى للثورة .
مات الشبلاوي وترك ذكرى جميلة حمل له اهل (حمرين) الذين يتفاخرون بفتوته وشجاعته ، فقد اصبح من الطقوس المعمول بها في منطقة حميرن ، ان الشاب الذي يبلغ الحلم في هذه المناطق يطوف به والده حول القبر ثم يطلق عيارات نارية في الهواء وهو نوع من الموروث الشعبي الذي يدل على حب الشجاعة والفتوة التي جسدها الشبلاوي هذا الشاب البغدادي الاصيل الذي عاش وترعرع في بغداد ودفن هناك عند سفح (حمرين) ليظل رمزاً للفتوة والشجاعة والاندفاع الوطني .
بيد ان رموز التكفير ازالوا رمز الشبلاوي ظناً منهم ان ينسى العراق طقوسه الوطنية .