وودي ألن : لا أفهــم ما يكتبه النقاد عن أفلامي وأنـال المــدح أكثر مما أستحق

وودي ألن : لا أفهــم ما يكتبه النقاد عن أفلامي وأنـال المــدح أكثر مما أستحق

محمد رضا
قبل عرض فيلم "نهاية هوليوودية" على جمهور «كان"ونقاده، شاهده الأميركيون وبدا التفاوت واضحا بين استقبال النقاد واستقبال الجمهور. معظم النقاد هاجموا الفيلم ووصفوه بأنه «عادي»، «مقلد»، «خال من الجديد"و«غير قابل للتصديق"(لكنه فيلم خيالي تماما- كيف يكون قابلا للتصديق؟) واعتبروا أن وودي ألن بحاجة ليبحث عن مشروع يعيده الى صرح «مانهاتن» و«آني هول».

اما الجمهور فكان له رأي آخر. صحيح أن الفيلم لم يحقق ايرادات مرتفعة تنافس «سبايدر مان"او «سكوربيون كينغ»، لكنه وقف على قدميه الصغيرتين، مستقلا بروّاده... اولئك الذين يعجبهم فيلم ممهور بتوقيع وودي ألن.
في الواقع «نهاية هوليوودية" ليس فيلما سيئا او ركيكا او ضعيفا. انه حكاية مخرج أسمه فال واكسمان، يقوم به وودي ألن، يعود الى العمل بعد عشر سنوات من الابتعاد اثر فشل آخر أفلامه فشلا ذريعا. سبب عودته زوجته السابقة (تيا ليوني التي يتوقع لها وودي ألن مستقبلا لامعا. ليس هناك من سبب يمنعها أن تصبح بشهرة جوليا روبرتس») التي وجدت أن سيناريو الفيلم الذي ستمثله يصلح له. تقنع خطيبها (تريتي ويليامز) رئيس شركة الانتاج وهذا يأتي به على مضض. قبل يوم من بدء التصوير يفقد فال واكسمان البصر. لكن وكيل أعماله (مارك رايدل ـ وهو مخرج بدوره يظهر في واحد من المرات القليلة التي وقف فيها أمام الكاميرا) يقنعه بأن يتجاوز ذلك وأن أحدا لن يلاحظ اذا ما كان لديه مساعد أمين. من هنا تتوالى الأحداث مغرفة بالفكاهة.
تعليق ألن على هوليوود موجود. خوفه الواصل لحد البارانويا من كل محيطه موجود. حركاته وطريقة كلامه المسجلة عبر أفلامه جميعا موجودة، كذلك حواره الذي يبدو للمستمع اليه جيدا المنطقي الوحيد... والخاسر الوحيد ايضا وسط ما يتم تبادله من حوار. الحديث التالي تم في هوليوود قبل مغادرتنا اياها الى «كان». ووجهته ليست غريبة على من جلس مع وودي ألن من قبل. صريح. متواضع وقلما يبتسم حتى حين يلقي نكتة او يتحدث بطريقته الفكهة. أنت تضحك وهو يبادلك النظر كما لو كان يستغرب سبب ضحكك
* في مقابلتي معك قبل نحو عشرة أشهر، في أعتاب فيلمك السابق «لعنة العنكبوت"لم تشأ الحديث عن فيلمك الجديد هذا. الآن يختلف الأمر كما أرجو.
ـ نعم بطبيعة الحال. الفيلم صار متاحا للجميع وأنا سعيد به.
* يتوجه الفيلم الى «كان"لافتتاحه. كيف تشعر؟
ـ أشعر بأنه تقدير جيد. بيني وبين الجمهور الفرنسي معرفة رغم أنني لم أحقق فيلما واحدا هناك بعد. في «نهاية هوليوودية"يذهب مخرج الفيلم الى فرنسا لتحقيق هذا الفيلم عوضا عني.
* لكنك اذ تقوم ببطولة الفيلم لاعبا دور المخرج فال واكسمان فانك تقترح على المشاهد احتمال أن تحقق فيلمك المقبل هناك؟
ـ او ربما اقترح أنني لا أمانع تحقيق فيلم هناك والفارق كبير بين هذه الرغبة وبين احتمالات تحقيقها. لا توجد هناك عروض. لدي في الدرج عدة سيناريوهات أريد تحقيقها قبل أن يفتر حماسي لها.
* تدور كلها في نيويورك؟
ـ نعم.
* خلال تقديمك الفيلم التوثيقي عن نيويورك في حفلة الأوسكار الأخيرة تحدثت عنها كما لو كانت المدينة الوحيدة الممكن للسينمائي الأميركي المفكر العيش فيها. هل هذا هو اعتقادك؟
ـ هناك مخرجون جادون يعملون في كل مكان بما في ذلك هوليوود. لكن علاقتي بنيويورك، أنا وبعض المخرجين الآخرين، وطيدة لأن هوليوود تبدو كما لو كانت مدينة نشأت من دون قواعد. لا أقول أن لا قواعد اجتماعية او تاريخية لها لكن نيويورك هي العقل والفن والثقافة. هذا ليس رأيي وحدي.
* لكنك ومارتن سكورسيزي على الأخص تواصلان التعامل مع هوليوود. كيف يمكنك شخصيا المحافظة على استقلاليتك وعدم تعريض نفسك للضغوط على النحو الذي يتعرض اليه فال واكسمان؟
ـ عبر ابقاء ميزانياتي منخفضة.
* فقط؟
ـ أساسا وقبل كل شيء. لو كانت أفلامي مرتفعة الكلفة لما تمكن المنتجون من استرداد استثمارهم ولحدث معي كما حدث مع فال واكسمان... عشر سنوات من دون عمل
* لكن هناك ايضا الصيت. انت مخرج معروف يهتم بك النقاد كلما أطلقت فيلما جديدا؟
ـ أعتقد أنني انال من المدح أكثر مما استحق.
* ربما أقل اذا ما راجعنا عددا كبيرا من المقالات النقدية التي تحدثت عن «نهاية هوليوودية"بصورة سلبية؟
ـ الذي قرأته من نقد سلبي دار في معظمه حول شخوص النقاد. لم أقرأ حتى بين الذين أعجبوا بالفيلم من طرح المسألة ببساطة: الفيلم كوميديا لا يريد معالجة أوضاع ولا يريد انجاز حكاية كبيرة ولا طرح أفكار ميتافيزيقية. انه قصة مخرج عاد الى العمل وفقد بصره خلال التصوير... أمر أقرب الى الخرافة لكن الناتج هو موقف مضحك
* قالوا ان الفيلم يخلو من جديد؟
ـ اي جديد؟ لست في سباق مع أفلامي الماضية، لكن حتى هذا ليس صحيحا... هل أخرجت فيلما يحكي القصة ذاتها من قبل؟ أحد النقاد ذكر أنه من غير المعقول أن تقع النساء في حب بطل الفيلم لأنه عجوز وهن أصغر سنا، لكن من قال إنهن وقعن في حبه... لا أرى أنه يتحدث عن الفيلم نفسه. لا أريد أن أدافع عن فيلمي. أنا أحترم النقد ولا يهمني موقفه من الفيلم طالما أنه يبحث فيما هو على الشاشة.
* يبدو أن هذه مسألة منتشرة في كل أنحاء العالم، من حيث أتيت هناك مشاكل كثيرة كهذه. أفلامك الأخيرة كلها تذكرنا بحركاتك الكوميدية في أفلامك الأولى. هناك تأثير معين بباستر كيتون، شارلي شابلن، هارولد لويد... هل توافق على ذلك؟
ـ هناك اعجاب بمن ذكرت بالطبع. باستر كيتون كان عملاق الحركة الكوميدية الواحدة. لكن تأثري الذي لم يشر اليه أحد على حسب علمي هو بالكوميدي بوب هوب. في «نائم» (1973) كان الفيلم مبنيا على مشاهد صامتة، يمكن الربط بين ادائي واداء كيتون او شابلن اذا أردت، لكن في معظم أفلامي كنت أحاول تقليد بوب هوب.
* كيف ذلك؟
ـ كنت أريد أن أضحك باستخدام عبارات ذكية كتلك التي يستخدمها في حديثه. كل الجمل الحوارية في أفلامي مبنية بذات الغاية التي بنيت عليها جمل بوب هوب في أفلامه. تقول البطلة له شيئا فيرد عليها بشيء مضحك. حاولت ذلك، لكني أعتقد أنني لم أنجح كثيرا. هو سيد هذا النوع من الحوار.
* لكن الحوار الذي تكتبه عادة مضحك؟
ـ شكرا، لكن اذا شاهدت بوب هوب ستضحك أكثر.
عن الشرق الأوسط اللندنية