مونتاج العرض المسرحي... سينمائياً

مونتاج العرض المسرحي... سينمائياً

عرض: بشار عليوي
(عباس عبد الغني كاتب ومخرج وممثل وباحث واستاذ ومنظر مسرحي عراقي بنزعة انسانية وكونية عامة وشاملة وهو فنان من هذا الزمان وهو يمتاز برؤية تجريبية جديدة ومجددة , يعمل هذا المسرحي الشامل مع العاملين المسرحيين في العراق والعالم العربي من اجل تطوير هذا الفن المركب والصعب , ومن اجل تجديد لغاته وادواته

وهو يقترح علينا اليوم كتاباً في موضوع جديد ويدخل بنا في عوالم لم يألفها النقد المسرحي العربي التقليدي والذي عودنا على المواضيع والمضامين المألوفة والمعروفة وموضوع هذا الكتاب هو (المونتاج السينمائي في العرض المسرحي) والذي يجعلنا في مواجهة فنيين او امام صناعتين مختلفتين ولكنهما في رؤية هذا الكاتب الباحث , وفي مشروعه المسرحي , من الممكن ان يلتقيا وان يتكاملا وان يتبادلا المصطلحات والاليات والتقنيات وهذا ما يمكن ان يكشف عنه هنا الكتاب) هكذا يصف المخرج المسرحي المغربي"د.عبد الكريم برشيد"منجز الباحث والمخرج المسرحي العراقي د. عباس عبد الغني عبرَ كتابهَ (المونتاج السينمائي في العرض المسرحي) الصادر حديثاً عن دائرة الثقافة والاعلام في الشارقة 2015 , يقع الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط , والكتاب في أصلة رسالة ماجستير نوقشت بكلية الفنون الجميلة جامعة بغداد , وعن كتابه يقول المؤلف د. عبد الغني ان وظيفة المخرج المسرحي قد خرجت من تحت عباءة ممول الفرقة المسرحية والمؤلف في المسرح الاغريقي حيث انيطت بهما مهمة العملية الاخراجية بكل مميزاتها التي تجعلها تتحكم في الصورة الابداعية , ويعّد (الدوق ساكس ميننغن) من وجهة نظر الباحثين، بداية ظهور المخرج في المسرح العالمي وتنبع فلسفته في العرض المسرحي من حركة الممثل داخل الصورة المسرحية , وبمجيء (ستانسلافسكي) تطورت العملية الاخراجية في البحث عن الجديد. فقد أثار (بسكاتور) و (برخت) بعروضهما التي استخدما فيها التقنيات السينمائية كإسقاط الشرائح والمشاهد السينمائية في تحقيق نظرية المسرح السياسي والملحمي (التغريب) والتي استخدماها من اجل قطع الإيهام لدى المتلقي ففي اوقات مناسبة تعرض شرائح على شاشة تحمل رسالة في تأكيد معنى المشهد , وبمجيء الاساليب الحديثة التي تميز بها العرض المسرحي والتغييرات التي طرأت على اماكن العرض والفضاء المسرحي المفتوح ظهر مسرح (بيتربروك)، وبوصف المونتاج تقنية سينمائية (قطع ولصق) فقد اعتمدها (بروك) في الاختزال على مستوى الفعل فالفعل لديه مجموعة من الحركات والاشارات يتم توظيفها وفقا لضرورات التعبير. وظهرت محاولات للخروج بالعرض خارج العلبة وخارج قاعات العرض المسرحي، إذ كانت عروض (بيتر شومان) تقدم في الشوارع وتأخذ شكلاً يلائم بيئة العرض ومكانه المفتوح، ومع دخول التقنيات الحديثة في عملية الاخراج ومنها السينما تكمن اهمية هذا الموضوع من وجهة نظر المؤلف باعطاء التقنيات السينمائية مكانها على المسرح لبعث الروح ولاختصار الزمن في بعض المشاهد المنبثقة من رؤية المخرج المسرحي والتي كان من المتعذر وتقديمها على الخشبة من قبل المخرج لسببين:
1. ضيق المسافة بين الستارتين.
2. اهمية الوقت وضيقه في عملية اعداد دخول وخروج المجاميع الكبيرة.
يبحث الكتاب في تقنية الاخراج السينمائي والتي استعرضها الكتاب مميزات الإخراج السينمائي، متناَولاً بعض المخرجين الذين أسهموا في تطور المونتاج مثل كريفث وبودفيكن وايزنتشتاين ونظام اللقطة وأنواعها وعلاقتها بالإخراج المسرحي من خلال عملية التأكيد على الشخصية وتناول بعض المخرجين المسرحيين الذين وظفوا التقنيات السينمائية في بعض عروضهم المسرحية أمثال مايرهولد وبرخت وبسكاتور والطريقة المونتاجية في تقديم تلك العروض وتأثير المونتاج في الأفعال داخل النص ومن ثم العرض فما تتحدث به الشخصية يمكن أن يخلق تأثيراً في ذهن المتلقي تتجسد تفاصيله من خلال الحوار , كما أستعرض المؤلف تقنية المونتاج السينمائي في العرض المسرحي عبرَ تناول تعريف المونتاج وعلاقته بالمسرح من خلال بداية ظهوره ومراحل تطوره وأنواعه والسبب الذي دعا أنظار المخرجين المسرحيين إلى توظيفه وكيف أسهم المونتاج في عملية تكثيف الحدث واختزاله، في السينما وأنتقاله إلى المسرح من خلال توظيفه على أيدي (برخت) الذي استفاد منه في نظريته عن (التغريب)، أن العناوين التي تظهر على الشاشة السينمائية تغني عن معركة حدثت , وإِستخدام الرواة والموسيقى في غير مكانها كما كانت تؤكد المعنى من خلال فرض العلاقات بين المشهد المقدم والموسيقى التي لا علاقة لها بموضوع المشهد وثيمته، وتَمثُل المونتاج المتوازي من خلال العرض المسرحي بعرض حدثين يجريان في الوقت نفسه على المسرح.
وعن تقنية (السينوغرافيا)ء(مشهدية الصور)ء في العرض المسرحي ,يتم استعراض التطور السينوغرافي تاريخياً من الاغريق إلى الآن وكيفية دخول (السينوغرافيا) إلى المسرح من خلال عناصرها المتعددة عند الإغريق والرومان والقرون الوسطى وعصر النهضة والقرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر متنأَولاً عناصر (السينوغرافيا) من ممثل وديكور وإضاءة وأزياء وماكياج وعملية التوظيف لهذه العناصر في العرض المسرحي.إحتوى الباب الثأني على ثلاثة فصول هي الفصل الأَول:المونتاج السينمائي في مسرحية (هبوط الملائكة) , و الفصل الثاني: المادة الفيلمية في مسرحية (المتنبي).والفصل الثالث: توظيف الفلم السينمائي في مسرحية (ليلة دفن الممثلة جيم).
جدير بالذكر أن المؤلف د. عباس عبد الغني , من واليد مدينة الموصل 1976 ,حاصل على شهادة البكالوريوس في الفنون المسرحية من كلية الفنون الجميلة ــ جامعة الموصل 2001م , والماجستير من ذات كلية فنون بغداد, ودكتوراه فنون مسرحية من جامعة ابن طفيل بالمملكة المغربية , أُستاذ مُساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة الموصل , أخرج وكتب عدد من الاعمال المسرحية فضلاً عن إصداره لعدد من المؤلفات المسرحية.