11 حاكما عسكريا على مصر!

11 حاكما عسكريا على مصر!

".. في الساعة السابعة اجتمع مجلس الوزراء للبحث وتطورات الموقف، ونظر في القوانين العاجلة التي توجب الظروف اتخاذها لحماية البلاد." كانت الاحداث تتلاحق، والنار تكاد تشتعل لتلتهم كل شيء. .
وكان رفعة رئيس الوزراء علي ماهر باشا يرقب تطور الحوادث.

واجتمع مجلس الوزراء، واتخذ قراراته، وعقد حكمدار القاهرة اجتماعا في مكتبه، حضره كبار ضباط البوليس للبحث فيما يجب اتخاذه من التدابير.. وحوالي الظهر، انتقل كبار ضباط المحافظة الى حديقة الازبكية، وقد اقيمت عدة خيام لهم..
ووزعت جميع قوات بلوك النظام على اقسام البوليس، وعسكر بعضها في حديقة الازبكية.. واستأجرت الحكمدارية عدة سيارات من انواع مختلفة لتنقلات الجنود، على ان تظل هذه السيارات وهي تصرف الضباط..
ولما كان بعض افراد الجاليات الاجنبية يحملون سلاحا، فقد بدأت الحكمدارية في بحث ما يتخذ من اجراءات بشأن هذه الاسلحة.. وقد قضى رفعة علي ماهر بتصريح قال فيه:
"ان البلاد مستعدة لمواجهة اي طارئ، وان مجلس الوزراء يدرس كل الاحتمالات ويستعد لها جميعا استعدادا تاما. وهو لا يزال يرقب الموقف عن كثب، ويتتبع مجرى الامور في يقظة واهتمام، وعلى اساس هذا كله يصدر ما يراه من القرارات في الوقت المناسب."
في هذا الجو الذي كانت فيه الانفاس تتلاحق، والعالم يرفض على بركان، والنار توشك ان تبتلع كل شيء، اعلن علي ماهر باشا الاحكام العرفية في اول سبتمبر سنة 1929.. وكانت اول مرة يرى فيها ابناء هذه الفترة من الحياة، اعلان الاحكام العرفية وكان علي ماهر باشا اول حاكم عسكري مصري يعلن الاحكام العرفية، فمنذ وضعت الحرب العظمى الاولى اوزارها حتى عام 1939 ، لم تعرف مصر معنى هذه الاحكام ولا لونها.. ثم استقال علي ماهر باشا..
الحاكم العسكري رقم2
وفي 20 يونيو وضع جلالة الملك المرسوم الملكي بتعيين حسن صبري باشا حاكما عسكريا عاما، خلفا لرفعة علي ماهر باشا..
وظل حسن صبري باشا حاكما، له الكلمة العليا في ظل الاحكام العرفية، اربعة اشهر ونصف شهر، مضت هي الاخرى وكان شيئا جديداً لم يحدث، وكان حكما عرفيا لم يفرض..
ووقف الحاكم العسكري في يوم الخميس 14 نوفمبر سنة 1940 على منصة مجلس النواب يتلو خطب العرش وانصت نواب الامة وشيوخها الى صوت الحاكم العسكري، ولكن الصوت انحرف من تلاوة الخطاب ليقول في صوت مبحوح:
- امسكني يا محمود بك..
وحدث كل شيء فجأة وفي سرعة خاطفة اذهلت الحاضرين، وقع الحاكم العسكري مغشيا عليه.. ومضت لحظات رهيبة، والملك يعلوه التأثر من اجل وزيره الاول.. وتوفى حسن صبري باشا.. الحاكم العسكري الثاني.
من سري باشا الى النحاس!
وصدر الامر الملكي ..
"عزيزي عبد الحميد سليمان باشا .. الى ان يتم تأليف وزارة جديدة نطلب اليكم والى زملائكم الوزراء القيام بالاعمال الجارية كل في وزارته.. ويتولى محمود فهمي القيسي باشا تصريف شئون وزارة الداخلية على ان يقوم بالشئون الجارية فيما يتعلق بتنفيذ الاحكام العرفية..
وفي 15 نوفمبر تألفت وزارة حسين سري باشا.. وفي اليوم التالي وقع جلالة الملك المرسوم الملكي بتعيين حسين سري باشا حاكما عسكريا عاما..
ومضت ايام سنة 1940 ثم تلتها ايام 1941 وجاء الحاكم العسكري مصطفى النحاس باشا في 4 فبراير سنة 1942 وسجل التاريخ لرفعة النحاس باشا عامين وثمانية اشهر من الحكم العسكري، تم فيها حل مجلس النواب وانتخاب مجلس جديد.. وكانت هذه اول انتخابات تجري في ظل الاحكام العرفية
الحاكم السادس..
وكان النحاس باشا الحاكم العسكري الرابع على مدى ثلاث سنوات.. . وفي ليلة 8 اكتوبر سنة 1944، اقبلت وزارة النحاس باشا، وخرج رفعته مجرداً من كل سلطان.. من الرئاسة ومن الحكم العسكري، وتولى احمد ماهر باشا سلطة الحاكم العسكري وبعد خمسة اشهر، في 25 فبراير سنة 1945 ، كان الحاكم العسكري في طريقه الى مجلس الشيوخ عندما امتدت يد تصافحه فانطلق منها الرصاص وهوى ماهر باشا بين يدي ممدوح رياض بك والاستاذ سعد اللبان..
ورأس النقراشي باشا الوزارة، واسندت اليه سلطة الحاكم العسكري في فبراير، وفي اكتوبر من نفس العام رفعت الاحكام العرفية من جميع انحاء المملكة المصرية..
وكان النقراشي باشا الحاكم العسكري السادس.. ولكنه لم يكن الاخير!
من جديد!.
مرة ثانية، ومن جديد، شاهدت مصر الاحكام العرفية، بعد مضي اقل من ثلاث سنوات على الغائها..
صدرت الاوامر العسكرية يفرض الرقابة وتعيين احمد مرتضى بك حاكما عسكريا لمنطقة القاهرة..
وبدأت حراسة المصارف والمنشأت، واخذت الحكومة في اعتقال بعض الخطرين، وتبين في الصباح ان عدد الذين تم اعتقالهم نحو 240 شخصا بينهم 22 فتاة وبعض البولنديين واليوغسلافيين والمصريين.. وهم جميعا من الشبان..
وصرح وكيل الداخلية بان الوزارة اتخذت جميع التدابير التي تكفل تماما حماية ارواح جميع من تظلهم سماء مصر، والمحافظة على اموالهم وانها لن تتهاون في الضرب على يد كل من يحاول الخروج على النظام ومقتضيات الامن العام..
واتخذت هذه الاجراءات السريعة بع ما وقع جلالة الملك القانون الذي اقره مجلس الشيوخ والنواب بجواز اعلان الاحكام العرفية..
وصدر المرسوم في 15 مايو سنة 1948 بتعيين النقراشي باشا حاكما عسكريا عاما..
وكانت حملة فلسطين قد بدأت..
سري باشا مرة اخرى..!
كانت هذه هي المرة الثانية التي يتولى فيها النقراشي باشا الحكم العسكري.. وجرت الاحداث متتابعة في فلسطين وفي العالم العربي.. ثم استشهاد النقراشي باشا بعد ان ظل حاكما عسكريا ثمانية اشهر ونصف شهر..
وعين ابراهيم عبد الهادي باشا خلفا له، وظل حاكما عسكريا حتى نهاية يوليو سنة 1949..
ثم حسين سري باشا مرة اخرى.. وفي يناير 1950 ، بعد عام ونصف تألفت وزارة النحاس باشا ولم يصدر المرسوم الملكي بتعيين النحاس باشا حاكما عسكريا..
وفي مساء السبت 26 يناير 1952 اعلن النحاس باشا الاحكام العرفية من جديد.. وقضى ليلة واحدة حاكما عسكريا عاما.. وكان رفعته الحاكم العسكري العاشر.. وبعد ليلة واحدة تغير الحال وعاد الحاكم العسكري الاول ليصبح الحاكم العسكري رقم 11...

آخــر ســاعة/ 1947